اعتراف الفخر الرازي بضرورة عصمة اولي الامر
بسم الله الرحمن الرحيم
ان عقيدة العصمة في الامام التي تقول بها الامامية هي من الامور الواضحة والضرورية لكل ذي عقل حصيف للادلة الواضحة في ذلك ومنها اية (ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم )لان الطاعة على قسمين فهي اما طاعة مقيدة بان يأمر الله بطاعة انسان لكن بقيود كالامر بطاعة الوالدين فهي مقيدة بعدم امرهم بالكفر او المعصية (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )(1) او طاعة مطلقة كالامر بطاعة الله ورسوله وبما ان الامر بطاعة اولى الامر معطوف على الامر بطاعة الله ورسوله فتكون طاعة اولي الامر مطلقة ومن المحال ان يامرنا الله تبارك وتعالى بطاعة مطلقة لانسان وهو يمكن ان يعصي او يخطأ لانه حينئذ يكون امرا بالمعصية والعياذ بالله والله لايامر بها .وقد يعرف هذا الدليل بدليل التضاد بان يامر الله بطاعة انسان وهذا الانسان يرتكب المعصية فيكون امرا بالمعصية فيكون الامر بالطاعة هو امر بالمعصية وهذا مالتفت اليه الفخر الرازي في تفسيره فقال:
(والدليل على ذلك أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ومن أمر الله تعالى بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بُدَّ أن يكون معصوماً عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ والخطأ لكونه خطأ منهي عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وأنه محال، فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ، فثبت قطعاً أن أولي الأمر المذكور في هذه الآية لا بُدَّ وأن يكون معصوماً) انتهى.
وهنا نقول ان من نصب نفسه للخلافة والولاية بعد رسول الله (صلى الله عليه واله ) من الخلفاء الثلاث لم يدع انه معصوماً اطلاقاً بل هناك كثير من الذنوب التي ارتكبوها سواء كانت في حياة رسول الله او بعد مماته وبالتالي هم ليسوا بمعصومين والفخر الرازي يشترط ان يكون الخليفة او الولي معصوماً وعليه فتكون خلافتهم باطله باقرار الفخر الرازي ويبقى الحق الى علي ابن ابي طالب فهو ادعى العصمة ولم يدعيها غيره من الخلفاء ولم يوجد في التاريخ ما يعارض عصمته من الذنوب فيكون هو اهلا للولاية بعد رسول الله دون غيره وهو المطلوب.
(1) العنكبوت اية8
(2) التفسير الكبير ج 1 ص 144