بدأت خلافة علي (عليه السلام) في أواخر سنة خمس وثلاثين للهجرة, واستمرت حوالي أربع سنوات وتسعة اشهر, وكان في سيرته مماثلا لسيرة النبي الأكرم (صلى الله عليه واله), أعاد معظم المسائل التي وجدت في زمن الخلفاء السابقين إلى حالتها الأولى, وعزل الولاة غير الكفوئين وفي الحقيقة, أحدث انتفاضة ثورية, كانت تنطوي على مشاكل متعددة.
والإمام علي (عليه السلام) في الأيام الأولى من خلافته وقف مخاطبا الناس قائلا: (ألا وان بلادكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة, ولتغربلن غربلة ولتسلطن سوط القدر, حتى يعود أسفلكم أعلاكم, وليسبقن سابقون كانوا قصروا, وليقصرون سباقون كانوا سبقوا).
استمر الامام علي (عليه السلام) في حكومته الثورية, فرفعت أعلام المعارضة من قبل المخالفين, كما هي طبيعة الحال لكل ثورة, إذ لابد من مناوئين, يرون مصالحهم في خطر, فأشعلوا حربا داخلية دامية, بحجة الأخذ بثأر دم عثمان والتي استمرت طوال خلافة الامام علي (عليه السلام) تقريبا ويعتقد الشيعة أن المسببين لهذه الحروب لم يريدوا سوى منافعهم الخاصة, ولم يكن الثأر بدم عثمان إلا ذريعة يتمسكون بها, ليحرضوا عوام الناس للمعارضة والنهوض أمام الأمة وخليفتها, إذ إن هذه المعارضة لم تحدث عن سوء تفاهم.