لو نظرنا إلى الإنسان مثلا من زاوية العقل, سنرى له ذاتا, وهذه الذات هي عين إنسانيته الخاصة به, ويمتاز بصفات أيضا, وهذه الصفات التي تعرف كنه ذاته, فمثلا انه ابن لفلان, عالم قادر, طويل, جميل, أو صفات أخرى مغايرة.
فبعض هذه الصفات, كالأولى, لا تنفصل عن الذات, وبعضها الآخر, كالعلم مثلا, يمكن أن تنفصل عن الذات أو تتغير, وعلى أية حال, فان كلا من هذه الصفات, ليست بالذات, كما أن كل واحدة منها غير الأخرى.
وهذا الموضوع (الذات مغايرة للصفات, والصفات تختلف فيما بينها) خير دليل على أن الذات التي تتصف بصفة, والصفة التي تعين وتعرف الذات, كلاهما محدودتان ومتناهيتان, لان الذات إذا كانت غير محدودة وغير متناهية, لكانت تشمل الصفات وكذا الصفات كانت كل واحدة منها تشتمل على الأخرى, فتصبح في النتيجة كلها شيئا واحدا, فمثلا لو كانت الذات الإنسانية هذه تنحصر في القدرة, وكانت القدرة والعلم وكذا طول القامة, والجمال كل واحدة منها عين الأخرى, لكانت كل هذه المفاهيم لا تعدوا لمفهوم الواحد.
يتضح مما سبق, انه لا يمكن إثبات صفة (بالمعنى السابق) لذات اللّه عز وجل,لان الصفة لا تتحقق من غير تحديد لها, وذاته المقدسة منزهة من أي تحديد (حتى من هذا التنزيه الذي يعتبر في الحقيقة إثبات صفة له).