Header


  • الصفحة الرئيسية

من نحن في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • معنى الشيعة (13)
  • نشأة الشيعة (24)
  • الشيعة من الصحابة (10)
  • الشيعة في العهد الاموي (10)
  • الشيعة في العهد العباسي (4)
  • الشيعة في عهد المماليك (1)
  • الشيعة في العهد العثماني (2)
  • الشيعة في العصر الحديث (1)

من نحن في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الشيعة في أحاديث النبي(ص) (1)
  • الشيعة في احاديث الائمة (ع) (0)
  • غدير خم (0)
  • فدك (3)
  • واقعة الطف ( كربلاء) (0)

سيرة اهل البيت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

عقائدنا (الشيعة الامامية) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في اصول الدين (0)
  • في توحيد الله (8)
  • في صفات الله (32)
  • في النبوة (9)
  • في الانبياء (4)
  • في الامامة الالهية (11)
  • في الائمة المعصومين (14)
  • في المعاد يوم القيامة (16)
  • معالم الايمان والكفر (30)
  • حول القرآن الكريم (22)

صفاتنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الخلقية (2)
  • العبادية (5)
  • الاجتماعية (1)

أهدافنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في تنشئة الفرد (0)
  • في تنشئة المجتمع (0)
  • في تطبيق احكام الله (1)

إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في توحيد الله (41)
  • في صفات الله (17)
  • في التجسيم (34)
  • في النبوة (1)
  • في عصمة الانبياء (7)
  • في عصمة النبي محمد (ص) (9)
  • في الامامة (68)
  • في السقيفة (7)
  • في شورى الخليفة الثاني (1)
  • طاعة الحكام الظلمة (6)
  • المعاد يوم القيامة (22)
  • التقمص (3)

إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد النبي (ص) (14)
  • في عهد الخلفاء (20)
  • في العهد الاموي (14)
  • في العهد العباسي (3)
  • في عهد المماليك (5)
  • في العهود المتأخرة (18)

إشكالاتنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • كيفية الوضوء (4)
  • كيفية الصلاة (5)
  • اوقات الصلاة (0)
  • مفطرات الصوم (0)
  • احكام الزكاة (0)
  • في الخمس (0)
  • في الحج (2)
  • في القضاء (0)
  • في النكاح (7)
  • مواضيع مختلفة (64)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عقيدة التثليث (32)
  • على التناقض بين الاناجيل (41)
  • صلب المسيح (17)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • عدم تصديقهم الانبياء (6)
  • تشويههم صورة الانبياء (8)
  • نظرية شعب الله المختار (1)
  • تحريف التوراة (0)

إشكالاتنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التفسير المادي للكون (1)
  • نظرية الصدفة وبناء الكون (0)
  • النشوء والارتقاء (0)
  • اصل الانسان (0)

ردودنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد الرسول(ص) (9)
  • في عهد الخلفاء (12)

ردودنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول توحيد الله (2)
  • حول صفات الله (7)
  • حول عصمة الانبياء (3)
  • حول الامامة (34)
  • حول اهل البيت (ع) (45)
  • حول المعاد (1)

ردودنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول النكاح (2)
  • حول الطهارة (0)
  • حول الصلاة (3)
  • حول الصوم (0)
  • حول الزكاة (0)
  • حول الخمس (0)
  • حول القضاء (0)
  • مواضيع مختلفة (6)

ردودنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • اثبات وجود الله (0)
  • العلم يؤيد الدين (2)

كتابات القراء في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في العقائد :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في التربية والأخلاق :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء العامة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

  • القسم الرئيسي : من نحن في التاريخ .

        • القسم الفرعي : نشأة الشيعة .

              • الموضوع : الشيعة و معرفة النبي (صلى الله عليه واله) .

الشيعة و معرفة النبي (صلى الله عليه واله)

معرفة النبي (صلى الله عليه واله), نحو هدف الهداية العامة:
تبدأ حبة الحنطة بالنمو عند توفر العوامل المساعدة لها, بعد أن توضع في التربة, وبمرور الزمن تتحول من حالة إلى أخرى, وفي كل لحظة تتخذ حالة وشكلا غير ما كانت عليهما قبل لحظات, وتسلك طريقا وفقا لنظام خاص, حتى تزداد نموا, فتصبح سنبلة, وإذا ما سقطت حبة قمح على الأرض, سلكت الطريق ذاته, حتى تصل النهاية وهكذا, وإذا ما سقطت بذرة فاكهة على الأرض, تبتدئ بالحركة والنمو فيخترق الغشاء نتوء اخضر, ويسلك طريقا خاصا منتظما, حتى يزداد في نموه ويصبح شجرة مثمرة.
وإذا ما استقرت نطفة حيوان في بيضة أو في رحم أم, تشرع بالنمو والتكامل, وتسلك سلوكا, تختص به تلك النطفة لذلك الحيوان, حتى تصل إلى فرد كامل من ذلك النوع.
أن هذا السلوك الخاص والمنتظم يشاهد في كل من أنواع الكائنات الحية في العالم, ويعتبر من مميزاتها وفطرتها الخاصة, ولن تجد في الحياة, نقيضا لهذه السنة, أي يستحيل أن تتبدل حبة قمح إلى حيوان, ولا نطفة حيوان إلى شجرة, وإذا ما حدث تغيير في تكوين حيوان أو نبات بان ينقصها عضو أو جزء فان السبب في ذلك يعود إلى مرض أو ما شابه.
أن النظام القائم والمستمر في الكون, وخلقة الأجسام المتنوعة, واختصاص كل نوع منها في سلوك خاص, نحو التطور والتكامل, يحتاج إلى نظام خاص به, لا ينكره أي محقق متتبع, ومن هذه النظرية البيّنة نستنتج موضوعين:
1) أن في جميع المراحل التي يطويها نوع من أنواع الكائنات الحية في العالم, اتصالا وارتباطا قائما بينها, وكان هناك قوة تسيرها هذا المسير الخاص في كل مراحلها التطورية.
2) أن هذا الاتصال والارتباط المتتالي يهدف في مرحلته الأخيرة إلى تكوين بني نوعه, فكما ان البذرة عندما توضع في التربة تهدف في طريقها منذ مراحلها إلى أن تنشأ شجرة, وكذا النطفة في رحم الأم, تهدف من مراحلها الأولية إلى أن تكون حيوانا متكاملا, وللوصول إلى التكامل نراها تسلك نهجا خاصا في حياتها.
والقرآن العظيم في تعليماته يؤيد هذه الحركة وهذا الاندفاع, كما أن أنواع الكائنات الحية في العالم تهتدي بهدى اللّه تعالى في طريق تكاملها وكمالها, ويستدل بآيات من الذكر الحكيم في هذا الشأن كما في قوله تعالى : ((الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)).
وفي سورة الأعلى , الآية 2 و3 يقول جل ذكره : ((الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى)).
وكذا يشير إلى النتائج التي ذكرت آنفا في سورة البقرة الآية 148: يقول جل شأنه : ((ولكل وجهة هو موليها)).
ويقول جل من قائل في سورة الدخان الآية 38 و39 ((وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون)).

الهداية الخاصة:
بديهي أن النوع الإنساني لا يستثنى عن هذه الهداية التكوينية التي تهيمن على جميع الكائنات في العالم, أنها تسيطر على الإنسان أيضا, وبما أن كل كائن يستمر في طريقه نحو التكامل بما لديه من قدرة وقابلية, فكذلك الإنسان يساق نحو الكمال الواقعي بواسطة الهداية التكوينية .
قد يشترك الإنسان في كثير من صفاته ومميزاته مع سائر أنواع الكائنات الحية من حيوان أو نبات, لكنه يتميز بخصيصة خاصة به, تجعله يمتاز عن غيره, إلا وهو العقل.
فالعقل يدعو الإنسان إلى التفكر والتدبر, وان ينتفع من كل وسيلة ممكنة, لتحقق أهدافه وأغراضه, فهو يعرج إلى السماء حينا, فيسير في الفضاء اللامتناهي, ويغوص في أعماق البحار أحيانا, فهو يدأب في استثمار أنواع الحيوان والنبات والجماد على ظهر البسيطة, وقد يتجاوز هذا الحد بان يتجه إلى استثمار بني نوعه.
والإنسان حسب طبعه الأولي, يرى حريته المطلقة في سعادته وكماله, وبما أن وجوده وجود اجتماعي, ومتطلباته في الحياة متعددة, والتي لا ينالها لوحده وبنفسه فحسب, بل بالتعاون مع ابناء نوعه وهم يتصفون بالغرائز ذاتها, بما فيها حب الذات والحرية, إذ تفرض عليه طبيعة المجتمع أن يضحي بقسط من حريته في هذا السبيل قبال المنافع التي يحصل عليها من الآخرين, فهو يقدم خدمة, وينتفع بما يقدمه الآخرون من خدمات, أي انه يتقبل الحياة الاجتماعية التي تتصف بالتعاون, بإكراه وفرض.
وهذه الحقيقة تظهر جلية لدى الأطفال والفتيان, إذ أنهم في البداية, يحققون ما تصبو إليه نفوسهم بالفرض تارة والبكاء تارة أخرى فهم يرفضون كل قانون أو عادة أو ما شاكل ذلك, ولكن على مر الزمان, وحسب تطورهم الفكري يدركون أن الحياة لا تتلائم مع الفرض والطغيان, فيمارسون ما يمارسه الفرد في المجتمع بشكل تدريجي, حتى يصلوا إلى ما يصل إليه الفرد في مجتمعه, من إتباع العادات والسنن والقانون, وبالتالي يصبحون وهم يألفون المجتمع.
والإنسان بعد تقبله الحياة الاجتماعية التي قوامها التعاون, يرى ضرورة القانون الحاكم على الحياة, وهو الذي يعين واجبات كل فرد من أفراد المجتمع, ويضع الجزاء لكل من يخالف القانون, فإذا عم القانون وساد المجتمع, عندئذ ينال كل من أفراد المجتمع السعادة المطلوبة, التي طالما تمناها.
هذا القانون هو القانون العملي الذي ما برح البشر منذ نشأته والى يومنا هذا يرجوه ويرغب في الوصول إليه, وطالما كان يستهل به أهدافه وأغراضه, ويسعى في تحققه, ومن الطبيعي إذا كان الأمر يستحيل تحققه على البشرية, ولم يكن مفروضا عليها, لما كانت تهدف إليه دوما.
واللّه جل شأنه يشير إلى حقيقة المجتمع البشري بقوله : ((نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا)).
وقد أشار الذكر الحكيم إلى حب النفس والأنانية بقوله تعالى : ((ان الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا)).

العقل والقانون :
لو تأملنا جيدا, لرأينا أن القانون الذي ما برح البشر ينتظره, والناس مع ما لديهم من إدراك فطري الهي, ويدركون لزوم إجرائه كي يضمن لهم سعادتهم, هو القانون الذي يستطيع أن يسير البشرية إلى السعادة دون انحياز أو تبعيض وان ينشر بينها الكمال, ويرسي قواعده ومن البديهي لم تدرك البشرية حتى ألان طوال أجيال متعاقبة مضت من حياة البشرية, مثل هذا القانون الذي قوامه العقل, ولو قدر أن يصدر إلى حيز الوجود لفهمته البشرية في حياتها الطويلة بما تمتاز به من تعقل وتدبر, وكانت تلتزم به في مجتمعاتها.
وبعبارة أوضح, لو كان هناك قانون كامل عام, بحيث يستجيب لما تصبوا إليه البشرية من سعادة, ويرشد البشرية من حيث الفطرة والتكوين, لأدركه كل إنسان بما لديه من إمكانات عقلية, كما يدرك ما ينفعه أو يضره, وكذا سائر الضروريات في حياته, ولكن لم يتحقق مثل هذا القانون بعد والقوانين التي توضع من قبل شخص حاكم أو أشخاص, أو جوامع بشرية, نجدها مورد احترام وتصديق لدى فئة, ومورد رفض واعتراض لدى آخرين وهناك من اطلع عليها وعرفها, وآخرون لم يطلعوا, ولن تجد وجه اشتراك في المجتمعات البشرية بما أنهم يشتركون في كونهم بشر, وأنهم يتصفون بالفطرة الإلهية ـ في إدراك هذه القوانين.

الشعور المرموز, أو ما يسمى بـ(الوحي) :
ومما تقدم يتضح, أن القانون الذي يضمن السعادة للبشرية, لا يدركه العقل, وبمقتضى نظرية الهداية العامة, التي ترى ضرورة هذا الإدراك في النوع البشري, لابد من وجود جهاز آخر بين النوع الإنساني يدرك ذلك, كي يرشده إلى الواجبات الواقعية للحياة, وتكون في متناول يد الجميع, وهذا العوز والإدراك هو غير العقل والحس, انه ما يسمى بـ((الوحي)) ومن الطبيعي أن وجود مثل هذه القوة في البشر لا يتحتم أن يكون في جميع أفراد البشر, كما هو في القوة المودعة في الإنسان للتناسل, في حين أن إدراك لذة الزواج, والتأهب له, يتحقق في الأفراد عند بلوغهم, وشعور((الوحي)) الذي لا يظهر لدى الأفراد, هو شعور مرموز, كما هو الحال في إدراك وشعور اللذة في الزواج عند من لم يصل إلى سن البلوغ, فيبقى هذا الإدراك غير معروف لديه.
واللّه تعالى يشير في خطابه عن (الوحي) بالنسبة إلى الشريعة وعجز العقل, بقوله : ((انا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده)) ((رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على اللّه حجة بعد الرسل )).

الأنبياء وعصمة النبوة:
أن ظهور الأنبياء يؤيد نظرية (الوحي) التي سبق ذكرها أن أنبياء اللّه تعالى كانوا ممن ادعوا ((الوحي)) والنبوة, وفي ادعائهم هذا أقاموا الحجج والبراهين, وبلغوا الناس ما تحتويه شريعة اللّه سبحانه, إلا وهو القانون الذي يمنحهم السعادة وجعلوه في متناول أيدي الجميع, ولما كان الأنبياء يمتازون بـ((الوحي)) والنبوة, فعند ظهورهم في كل زمن كانوا قلة, فجعل اللّه هداية الناس على عاتق هؤلاء, بما أمروا من دعوة وإبلاغ, وما ذلك إلا لتعم وتتم وتكتمل تلك الدعوة.
ومن هنا يتضح وجوب عصمة الأنبياء, فهم مصونون من الخطأ في تلقي ((الوحي)) من جانب اللّه تعالى , وفي حفظه وإيصاله إلى الناس, فإنهم بعيدون كل البعد عن المعصية والخطأ, لان تلقي الوحي كما ذكر وحفظه وإبلاغه, يشتمل على الأركان الثلاثة للهداية التكوينية, ولا معنى بان يكون هناك خطأ في التكوين.
فضلا عن أن المعصية والتخلف عن أداء الدعوة والإبلاغ, عمل يخالف الدعوة, ويوجب سلب ثقة الناس واطمئنانهم, بصحة الدعوة وصدقها, ونتيجة لذلك ينتفي الغرض والهدف الأساسي للدعوة.
والخالق جل شأنه يشير إلى عصمة الأنبياء في كتابه المجيد بقوله : ((واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم)).
وهو القائل أيضا: ((عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا, ليعلم أن قد ابلغوا رسالات ربهم)).

الأنبياء والشرائع السماوية:
أن ما حصل عليه الأنبياء عن طريق (الوحي) وإبلاغهم الناس على سبيل الخبر والأحكام الإلهية هو الدين, وباتخاذه نهجا لهم في سبيل الحياة والوظائف والواجبات الإنسانية, يضمن لهم السعادة.
يشتمل التشريع الإلهي بشكل عام على جانبين: ألاعتقادي والعملي: فالجانب ألإعتقادي يحتوي على مجموعة معتقدات أساسية, تفرض على الإنسان أن يتخذها أساسا لحياته, وهي الأسس العامة الثلاثة: التوحيد والنبوة والمعاد, وإذا أهمل احدها لم يتحقق إتباع الدين.
والجانب العملي, يتألف من مجموعة وظائف أخلاقية عملية تحتوي على وظائف معينة يتقيد بها الإنسان أمام اللّه تعالى وأمام المجتمعات البشرية.
ومن هنا تنقسم الواجبات الفرعية في الشرائع السماوية, والتي نظمت للإنسان على قسمين: الأخلاق والأعمال, وكل من هاتين, تنقسم إلى قسمين أيضا.
فأما الأخلاق والأعمال التي ترتبط باللّه الخالق فهي, الخلق وصفة الإيمان والإخلاص والتسليم والرضى, والخشوع, وكذا الصلاة والصوم والفدية وغيرها, وهذه المجموعة من الاعمال تسمى العبادات, وتعبر عن خشوع الإنسان وعبوديته لربه.
وأما ما يتعلق بالمجتمع من الأخلاق والأعمال, فهي الصفات الحسنة, كحب النوع, والمساعدة, والعدالة, والسخاء وما يرتبط بدأب المعاشرة, والمعاملة وغيرها, وهذه الاعمال الخاصة هي ما تسمى بـ((المعاملات)).
ومن جهة أخرى فان النوع الإنساني يتجه نحو الكمال بصورة تدريجية, والمجتمع البشري يتكامل بمرور الزمان, وان ظهور هذا النسخ من التكامل ضروري في الشرائع السماوية, ويؤيد القرآن الكريم هذا التكامل التدريجي (إذ يمكن الوصول إليه عن طريق العقل), ومما يستفاد من آياته, أن الشرائع اللاحقة أكمل من الشرائع السابقة, بقوله تعالى : ((وانزلنا عليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه)).
ومما تبينه النظريات العلمية, ويصرح به القرآن الكريم , أن حياة المجتمعات البشرية في هذا العالم ليست أبدية, ومن الطبيعي أن التكامل لبني نوعها لم يكن غير متناه, فمن هذه الجهة, ستتوقف جميع الوظائف الإنسانية من حيث الاعتقاد والعمل في مرحلة معينة, وتبعا لهذه الحقيقة, فان النبوة والشريعة أيضا يوما ما ستصل إلى آخر مرحلة من مراحل الكمال والاعتقاد, وبث القوانين العملية, وبذلك تكون النهاية والخاتمة لها.
ومن هنا نرى أن القرآن الكريم يوضح هذه الحقيقة ويصرح بان الإسلام, الدين الذي اختاره لمحمد (صلى الله عليه واله) هو آخر الأديان السماوية وأكملها, والكتاب العزيز لا ينسخ, والنبي الأكرم (صلى اله عليه واله) هو خاتم الأنبياء, والإسلام يحتوي على جميع الوظائف والواجبات, كما في قوله تعالى: ((وانه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)).
ويقول أيضا: ((ما كان محمد أبا احد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النبيين)).
وقوله تعالى: ((ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء)).

الأنبياء ودليل (الوحي) والنبوة:
إن الكثير من علماء اليوم الذين حققوا في موضوع (الوحي) والنبوة, قد فسروا موضوع (الوحي) والنبوة والأمور المرتبطة بهما, على الأسس التي يقوم عليها علم النفس وعلم الاجتماع, بقولهم إن الأنبياء كانوا أناسا أطهارا, ذوي همم عالية, محبي البشرية, ولغرض تقدمها وتطورها من الناحية المادية والمعنوية, وكذا تزكية المجتمعات المنحطة خلقيا, نظموا ووضعوا قوانين خاصة, ودعوا الناس إليها, ولما كان الناس في ذلك الوقت لم يخضعوا أمام المنطق والعقل, فما كان منهم إلا أن ينسبوا أفكارهم وأنظمتهم إلى العالم العلوي كي يستطيعوا بذلك أن يجلبوا رضى الناس, ويخضعوهم لقيادتهم وكان اعتقاد بعض أن روحهم هي روح القدس, وما الفكر الذي يتجلى إلا ((الوحي والنبوة)) وما الوظائف والواجبات التي تستنتج من ذلك إلا (الشريعة السماوية), والكلام الذي يتضمن ذلك كان يسمى ((الكتاب السماوي)).
فالذي ينظر بتأمل وإنصاف إلى الكتب السماوية, وخاصة القرآن الكريم, وكذا إلى الشرائع التي جاء بها الأنبياء, لا يشك في بطلان هذه النظرية, وذلك أن الأنبياء لم يكونوا رجال سياسة, بل كانوا رجالا يتصفون بالصدق والصفا و الخلوص, وكلما كانوا يدركونه يتفوهون به, وكلما كانوا يقولون به كانوا يعملون به, وكلما كانوا يزعمونه هو أن هناك شعورا مرموزا, وإمدادا غيبيا, يفيض عليهم, وأنهم عن هذا الطريق يتلقون الوظائف الاعتقادية والعلمية من جانب اللّه تعالى , لإبلاغ الناس وإرشادهم.
ومن هنا يتضح أن ادعاء النبوة يحتاج إلى حجة ودليل , ولا يكفي أن تكون الشريعة التي جاء بها النبي توافق العقل , فان صحة الشريعة لها طريق آخر للإثبات ,وهو انه على اتصال بالعالم العلوي (الوحي) والنبوة, وقد أنيطت به هذه المسؤولية من قبل اللّه تعالى, وهذا الادعاء يفتقد إلى دليل عند إقامته.
وعلى هذا, نجد أن السذج من الناس (كما يخبر به القرآن الكريم) كانوا يطالبون الأنبياء بالمعجزة لصدق دعواهم.
ويستنتج من هذا المنطق الساذج والصحيح هو أن (الوحي) والنبوة, اللذين يدعيهما المرسل, لم يكونا ليحصلا في سائر الناس, والذين هم مثله, ولابد من قوة غيبية قد أودعها اللّه تعالى نبيه بنحو يخرق العادة به, والتي بواسطتها يصغى إلى كلام اللّه تعالى, ويوصلها إلى الناس وفقا لمسؤوليته, وإذا كان هذا المعجز صحيحا, فالرسول يريد من اللّه تعالى أن يعينه على معجز آخر, كي يصدق الناس نبوته ومدعاه.
ويتضح أن مطالبة الناس الأنبياء بالمعجزة أمر يوافق المنطق الصحيح, وعلى الأنبياء لإثبات نبوتهم أن يأتوا بالمعجزة أما ابتداءً أو وفقا لما يطالب به المجتمع.
والقرآن الكريم يؤيد هذا المنطق, ويشير إلى معاجز الأنبياء أما ابتداء أو بعد مطالبة الناس إياهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من المحققين مع أنهم لم ينكروا المعجزة (خرق العادة), إلا أن كلامهم لم يكن مدعما بدليل, وهو أن العلل والأسباب للحوادث التي حصلنا عليها حتى ألان كانت بالتجربة والفحص, وليس لدينا أي دليل أنها دائمية, ولن تتحقق أية حادثة أو ظاهرة إلا بعللها وأسبابها, وأما المعاجز التي تنسب إلى الأنبياء لم تكن مخالفة للعقل أو يستحيل إقامتها (كزوجية العدد 3), لكنها خرق للعادة في حين أن موضوع خرق العادة يرى ويسمع من المرتاضين أيضا.

عدد الأنبياء :
مما ينقل في تاريخ الماضين, أن أنبياء كثيرين أرسلوا وبعثوا, ويؤيد القرآن الكريم كثرة الأنبياء, ويذكر اسماء بعضهم, إلا انه لم يصرح بعددهم.
ولم نحصل على عددهم من الروايات بصورة قطعية, إلا أن الرواية المعروفة والتي تنقل عن ((ابي ذر الغفاري)) عن النبي الأكرم (صلى الله عليه واله), يبين فيها أن عدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي.

الأنبياء أولو العزم , حملة الشرائع السماوية:
ومما يستفاد من القرآن الكريم, أن الأنبياء كلهم لم يأتوا بشرائع, بل أن خمسة منهم قد جاءوا بشرائع سماوية, وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه واله), وهؤلاء هم أولو العزم, وأما سائر الأنبياء فإنهم يتبعون أولي العزم في شرائعهم.
وقوله تعالى : ((شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى)).
ويقول تعالى : ((واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا)).

نبوة محمد (صلى الله عليه واله) :
يعتبر نبينا محمد (صلى الله عليه واله) آخر الأنبياء, الذين كانوا يمتازون بالكتب والشرائع, وقد آمن به المسلمون.
ولد النبي محمد (صلى الله عليه واله) قبل بدء التاريخ الهجري القمري بثلاث وخمسين سنة, في مدينة ((مكة)) من مدن الحجاز, في قبيلة ((بني هاشم)) من قريش, والتي هي من اشرف القبائل العربية.
أبوه ((عبد اللّه)) وأمه ((آمنة)) وقد فقد أبويه منذ أوائل طفولته, وتكفله جده لأبيه ((عبد المطلب)) الذي سرعان ما وافاه الأجل, حتى تعهد تربيته عمه ((ابو طالب)) واسكنه معه في داره.
ترعرع ونشأ في بيت عمه, وقد صحب عمه في سفرة تجارية إلى الشام وذلك قبل سن البلوغ كان النبي محمد (صلى الله عليه واله) أميا, ولكنه بعد البلوغ والرشد, اشتهر بعقله وأدبه وأمانته, ونتيجة لذلك, جعلته (خديجة) والتي كانت من أثرى القريشيات, مشرفا على أموالها, وإدارة أمورها التجارية.
سافر محمد (صلى الله عليه واله) للمرة الثانية إلى الشام لغرض التجارة, واثر نبوغه فقد نال أرباحا جمة, ولم تمض فترة, حتى اقترحت خديجة عليه موضوع الزواج, وافق محمد (صلى الله عليه واله) على اقتراحها, وبعد الزواج حيث كان في سن الخامسة والعشرين وحتى بلوغه سن الأربعين, كان يمارس عمله, فحصل على شهرة في تدبيره وأمانته ولم يكن يعبد صنما, (علما بان الدين السائد في ذلك الوقت هو عبادة الأصنام) وأحيانا كان يعتكف للعبادة.
فاختاره اللّه للنبوة في الأربعين من عمره عندما كان متفرغا للعبادة في غار ((حرا)) وأمر أن يبلغ, ونزلت عليه أول سورة من سور القرآن, ورجع إلى بيته في اليوم نفسه, فرأى ابن عمه ((علي بن أبي طالب عليه السلام)) في الطريق, فعرض عليه الإسلام فآمن به, وبعد دخوله البيت, أسلمت زوجته خديجة.
وقد واجه النبي (صلى الله عليه واله) عند بدء دعوته, من الناس مواجهة عنيفة مؤلمة, حتى اضطر إلى كتمان دعوته وجعلها سرية, ثم أمر ثانية أن يبلغ دعوته عشيرته الأقربين, ولكنها لم تجد, إذ لم يؤمن به سوى ((علي بن أبي طالب)) (عليه السلام).
وبعد ذلك , أعلن النبي (صلى الله عليه واله) دعوته بأمر من اللّه تعالى, وما أن أعلن النبي الدعوة حتى شاهد ردود الفعل من أهل مكة مقرونة بالأذى والتعذيب بالنسبة له وللمسلمين الذين اسلموا حديثا, مما اضطر بعض المسلمين إلى ترك ديارهم اثر الاضطهادات التي كانت تقوم بها قريش, فهاجروا إلى الحبشة, و تحصن النبي الكريم (صلى الله عليه واله) مع عمه ((ابو طالب)) وأفراد من قبيلته بني هاشم في ((شعب أبي طالب)) لمدة ثلاث سنين, في غاية من الضغط والشدة, فلم يعاملهم احد, ولم يعاشرهم, ولم يستطيعوا الخروج من الشعب.
ولم ينته كفار مكة و عبدة أصنامها, من الإيذاء والإهانة والاستهزاء بكل أنواعها تجاههم, وكانوا يلتجئون أحيانا عن طريق المسالمة, والوعد بالأموال الطائلة كي يصرفوا النبي (صلى الله عليه واله) عن دعوته, وقد اقترحوا عليه الرئاسة والسلطان أحيانا أخر, وكان وعدهم ووعيدهم سيان عند النبي (صلى الله عليه واله), وكان ذلك مما يزيد في عزمه وإرادته.
وقد اقترحوا عليه مرة المال الكثير والرئاسة, فأجابهم النبي قائلا: ((واللّه لو وضعوا الشمس في يميني, والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره اللّه, أو اهلك فيه, ما تركته)).
خرج النبي من ((شعب أبي طالب)) حوالي السنة العاشرة من بعثته ولم يمض زمن حتى توفي عمه أبو طالب, وتوفيت زوجته الوفية أيضا.
فلم يكن للنبي (صلى الله عليه واله) ملجأ, مما دعا كفار مكة إلى أن يخططوا لقتله, فحاصروا داره من كل جانب, كي يحملوا عليه في آخر الليل, ويقطعوه أربا أربا في مضجعه.
ولكن اللّه جل شأنه أطلعه بالأمر, وأمره بالهجرة إلى ((يثرب)) فاستخلف عليا (عليه السلام) في فراشه, خرج ليلا برعاية اللّه وعنايته من داره واجتاز الأعداء, واختفى في غار يبعد عدة فراسخ عن مكة المكرمة, وخرج من الغار بعد ثلاثة أيام, بعد أن يئس الأعداء من الوصول إليه, وبعد أن بحثوا ونقبوا في تلك المنطقة و حواليها, فعادوا إلى مكة يائسين, عندئذ اخذ النبي (صلى اله عليه واله) يتابع طريقه إلى (يثرب).
أما أهل ((يثرب)) فقد آمنوا به كبارهم وأسيادهم, وبايعوه, فاستقبلوه بحفاوة بالغة, وقدموا له أموالهم وأنفسهم.
فأسس الرسول (صلى الله عليه واله) ولأول مرة, أول مجتمع إسلامي صغير, في مدينة (يثرب) وعقد مع الطوائف اليهودية التي كانت تستقر في المدينة وأطرافها معاهدات, وكذا مع القبائل العربية القوية لتلك المنطقة, وقام بنشر دعوته الإسلامية, وعرفت مدينة ((يثرب))بـ((مدينة الرسول)).
وعلى مر الأيام, قويت شوكة الإسلام, واستطاع المسلمون الذين كانوا يعيشون في اضطهاد من القرشيين أن يتركوا دورهم وسكناهم في مكة, مهاجرين إلى المدينة شيئا فشيئا, والتفوا حول النبي الأكرم (صلى الله عليه واله), وسموا بـ((المهاجرين)) كما اشتهر أصحابه وأعوانه من يثرب بـ((الانصار)).
نال الإسلام تقدما سريعا, لكن عبدة الأصنام من قريش, والطوائف اليهودية المستقرة في الحجاز, لا يزالون حجر عثرة أمام هذه الحركة, فحاولوا القيام بأعمال تخريبية لصد النبي والمسلمين, وذلك بمساعدة المنافقين, الذين كانوا في صفوف المسلمين, ولم يعرفوا بأي شكل من الأشكال, فكانوا يخلقون المشاكل, ويسببون المصائب, والحوادث المستحدثة, حتى آل الأمر إلى الحرب, فنشبت الحروب المتعددة بين الإسلام و عبدة الأصنام و اليهود, فكانت الغلبة غالبا لجيش الإسلام, يقرب إحصاء تلك الحروب من ثمانين ونيف معركة بما فيها المعارك الدامية الكبرى, والصغيرة منها, وفي كل هذه المعارك, كان النبي (صلى الله عليه واله) يشارك المسلمين في قتالهم, كمعركة بدر واحد والخندق وخيبر وغيرها, وكانت الغلبة في معظمها تتم على يد علي (عليه السلام) والإمام علي (عليه السلام) هو الوحيد الذي ما تراجع ولا فشل في أي منها, وطوال هذه المعارك التي دامت عشر سنوات بعد الهجرة النبوية, قتل من المسلمين اقل من مائتين, ومن الكفار ما يقرب الألف ونتيجة المثابرة والتضحية والفداء الذي عرف به المهاجرون والأنصار خلال السنوات العشر بعد الهجرة, عم الإسلام (شبه الجزيرة العربية) وحررت الرسائل إلى ملوك الدول الأخرى مثل ((ايران)) و (الروم) و (مصر) و (الحبشة) تدعوهم إلى الإسلام.
كان النبي (صلى الله عليه واله) يواسي الفقراء في معيشتهم, فلا تختلف حياته عن حياتهم, وكان يفتخر بالفقر, وكان يستغل أوقاته, لا تمر لحظة إلا وهو دائب في عمل, وكان (صلى الله عليه واله) مقسما أوقاته إلى ثلاثة أقسام: الأول للعبادة وذكر اللّه تعالى, الثاني: له ولعياله وبيته, الثالث : للناس, فكان يسعى في نشر المعارف الإسلامية وتعليمها وما يتعلق بشؤون المجتمع الإسلامي, وتصحيح الأهداف والسبل التي تؤدي إليه, وكذا السعي في رفع حوائج المسلمين, وتحكيم العلاقات الداخلية والخارجية, وسائر الأمور المرتبطة بها.
وبعد إقامته (صلى الله عليه واله) عشر سنوات في المدينة, فارق الدنيا اثر سم دس في طعامه على يد امرأة يهودية, طرحه في الفراش أياما, ومما جاء في الروايات أن آخر ما تكلم به النبي (صلى الله عليه واله), وصيته في العبيد والنساء.

النبي الأكرم (صلى الله عليه واله) والقرآن:
كان الناس يطالبون النبي (صلى الله عليه واله) بالمعجزة, كما كانوا يطالبون سائر الأنبياء فكان (صلى الله عليه واله) يؤيد المعاجز لدى الأنبياء, والقرآن الكريم يصرح بذلك.
تذكر للنبي (صلى الله عليه واله) معاجز كثيرة, إلا أن بعضا منها لا تتصف بالقطعية في روايتها, ولم تكن مورد قبول واعتماد, ولكن المعجزة الباقية له (صلى الله عليه واله) والتي لا تزال حية هي ((القرآن الكريم)) كتابه السماوي فالقرآن الكريم كتاب سماوي يشتمل على ستة آلاف ونيف آية, وينقسم إلى مائة وأربع عشرة سورة بما فيها المطولة والقصيرة.
نزلت الآيات القرآنية الكريمة بصورة تدريجية خلال أيام بعثته ودعوته (صلى الله عليه واله) طوال ثلاث وعشرين سنة, وكانت (توحي) إليه (صلى الله عليه واله) بصور مختلفة, من سورة أو آية أو اقل من آية, وفي أوقات متفاوتة, في ليل أو نهار, في سفر أو حضر, في الحرب أو السلم, وفي أيام شدة أو رخاء.
والقرآن الكريم في آيات عدة, يصرح تصريحا, بأنه معجزة وقد تحدى العرب في ذلك اليوم, مع ما كانت من القمة من الفصاحة والبلاغة, هذا ما يشهد به التاريخ , وكان في المقدمة من حيث البيان والتعبير, بقوله تعالى في كتابه العزيز:
(فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين).
((ام يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون اللّه)).
((ام يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله)).
فتحداهم القرآن بهذه الآيات, قائلا إذا كنتم تظنون انه من كلام البشر, أو من عند محمد (صلى الله عليه واله), أو انه قد أخذها من احد, فاتوا بمثله أو بعشر سور منه أو بسورة واحدة من سوره , واستعينوا بأية وسيلة شئتم في تحقق هذا الأمر, وما كان جواب الفصحاء والبلغاء من العرب إلا أن قالوا انه لسحر ويعجز من مثلنا أن يأتي به.
أن القرآن الكريم لم يتحد العلماء من جهة الفصاحة والبلاغة فحسب, بل تحداهم من جهة المعنى أيضا, وتحدى الجن والإنس بما يمتلكون من قدرات فكرية خلاقة, لأنه يشتمل على البرنامج الكامل للحياة الإنسانية, ولو محص تمحيصا دقيقا, لوجد انه الأساس والأصل في مجالات الحياة الإنسانية كلها, بما فيها الاعتقادات والأخلاق والأعمال التي ترتبط بالإنسان فانه يعالج كل جانب من جوانبها بدقة تامة, فهو من اللّه الحق, ودينه دين الحق أيضا.
الإسلام دين يستلهم أحكامه ومواده من اللّه الحق وليس من رغبة أكثرية الناس أو من فكر شخص حاكم قدير.
إن الركن الأساسي لهذا القانون الشامل هو الكلمة الحقة وهو الإيمان باللّه الأحد, وان جميع العلوم تنبثق من التوحيد, ومن ثم تستنبط الأخلاق والإنسانية المثلى من هذه الأصول, وتصبح جزء من هذا القانون, ثم تنظم وتنسق الكليات والجزئيات والتي هي خارجة عن نطاق إحصاء البشر, وتدرس الوظائف التي ترتبط بها, والتي تنبع من التوحيد, وتصدر عنه.
في الدين الإسلامي ارتباط وثيق بين الأصول والفروع على نحو يرجع كل حكم فرعي من أي باب, إذا ما محص إلى كلمة التوحيد وينتهي إليه, وكلمة التوحيد مع ارتباطها بتلك الأحكام والمواد تصبح فرعا منه.
وطبيعي أن التنظيم والتنسيق النهائي لمثل هذا القانون الوسيع الشامل, مع ما يمتاز به من وحدة وارتباط كهذه, خارج عن نطاق شخص متظلع في علم الحقوق والقانون, وان كان من اشهر مشاهيرهم, فضلا من أن الفهرست الابتدائي له ليس بالأمر اليسير, فكيف برجل يعيش في زمن يتصف بالحياة البدائية, في خضم الآلاف من المشاكل والمصائب التي تهدد الأموال والأرواح, والعام والخاص, وتنشئ الحروب الدامية, والفتن الداخلية والخارجية, وفي النهاية يبقى منفردا أمام العالم اجمع.
هذا فضلا من أن النبي (صلى الله عليه واله), لم يتعلم القراءة والكتابة عند معلم, لقد قضى ثلثي عمره وحياته قبل دعوته في بيئة تفتقر إلى حضارة, ولم تسمع بمدينة أو حضارة, كانوا يعيشون في ارض صحراء قاحلة, وجو مهلك, مع أتعس الظروف الحياتية, علما بأنها كانت تستعمر من قبل الدول المجاورة بين آونة وأخرى, ومع كل هذه الظروف والأحوال نجد القرآن الكريم يتحدى من طريق آخر, وهو انه انزل بصورة تدريجية مع ظروف متفاوتة مختلفة, في أيام الفتن والأيام الاعتيادية, في الحرب والصلح, وفي أيام القدرة وأيام الضعف وغيرها, خلال ثلاث وعشرين سنة.
ولو لم يكن من كلام اللّه تعالى, وكان من صنع البشر, لوجد فيه تناقضا وتضادا كثيرا, فلابد أن يأتي آخره أجود وأحسن من أوله, وأكثر تطورا, وهذا مما يؤيده التكامل التدريجي للبشر, في حين نرى أن الآيات المكية والمدنية على نمط واحد, لم يختلف آخرها عن أولها, كتاب متشابه الأجزاء, يحير العقول في قدرة بيانه ووحدة تنسيقه.

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/07   ||   القرّاء : 2148



البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 كيف تأخذون دينكم عن الصحابة واغلبهم مرتدون ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الامامة في ولد الحسين لا الحسن اقصاء له ؟

 ردّ شبهة ان علي خان الامانة بعد ستة اشهر من رحيل رسول الله ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الحسن بايع معاوية وتنازل له عن الخلافة ؟؟.

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 أعتراف الألباني بصحة حديث الحوأب

 الجزاء الشديد لمن نقض العهد الأكيد ؟؟؟

 حديث الثقلين وبعض الحقائق الكامنة

 حديث الغدير/ وكفر من لا يأخذ بكلام رسول الله بحكم ابن باز؟؟

ملفات عشوائية :



 الشيعة والبويهيّون

 تصريح ابن تيمية بجواز القول بالتشبيه!!

 الإعجاز القرآني دليل نبوة النبي محمد (صلى الله عليه واله)

 تكفير السلفية للدولة العثمانية!!

 مراحل الحساب والقيامة

 هل تثبتون الشفاعة لليهود والنصارى وتحرمون منها بني هاشم؟!

 من المحرف يامنصفين؟

 معنى البنوة الصحيح

 المؤلفون من الشيعة في عهد التابعين

 مبدأ التشيُّع وتاريخ نشأته

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 24

  • الأقسام الفرعية : 90

  • عدد المواضيع : 841

  • التصفحات : 2343570

  • التاريخ :

Footer