التبرك والاستغاثة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين,
والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين:
يقول الوهابية ان الاستغاثة بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شرك اكبر وعلى أساس ذلك أباحوا دماء المسلمين من غير دليل ومزقوا الأمة من غير دليل والأدلة دالة على جواز الاستغاثة كما قال يوسف (عليه السلام): (اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)(1).
وقد اخرج عدة من الحفاظ بسند صحيح منهم أبي يعلي في مسنده قال: حدثنا أحمد بن عيسى حدثنا بن وهب عن أبي صخر أن سعيدا المقبري أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول والذي نفس أبي القاسم بيده لينزلن عيسى بن مريم إماماً مقسطاً وحكماً عدلاً فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليصلحن ذات البين وليذهبن الشحناء وليعرضن عليه المال فلا يقبله ثم لئن قام على قبري فقال يا محمد لأجيبنه) قال حسين سليم أسد: إسناد صحيح(2).
فهل يعلمنا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الشرك الأكبر حيث يقول: لو ان نبي الله عيسى (عليه السلام) أتي على قبري وقال يا محمد لأجبته وهل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يتجاوب مع الشرك الأكبر.
الأمر الثاني: قلتم إن التبرك بآثار الرسول شرك وأن التبرك بقبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شرك فنرى سيرة الصحابة التبرك والاستشفاء بآثار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هل يمكن ان يقال على مبانيكم أنهم مشركون؟
كما اخرج مسلم في صحيحه قال: حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا خالد بن عبد الله عن عبد الملك عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر وكان خال ولد عطاء قال أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة العلم في الثوب وميثرة الأرجوان وصوم رجب كله فقال لي عبد الله أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد وأما ما ذكرت من العلم في الثوب فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إنما يلبس الحرير من لا خلاق له) فخفت أن يكون العلم منه وأما ميثرة الأرجوان فهذه ميثرة عبد الله فإذا هي أرجوان فرجعت إلى أسماء فخبرتها فقالت هذه جبة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخرجت إلى جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج فقالت هذه كانت عند عائشة حتى قبضت فلمــا قبضت قبضتها وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها(3).
هذا قول النووي: وفى هذا الحديث دليل على استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم(4).
وقال الذهبي: (ومن آدابه: قال عبد الله بن أحمد - بن حنبل - رأيت أبي يأخذ شعره من شعر النبي (صلى الله عليه وسلم) فيضعها على فيه يقبلها وأحسب أني رأيته يضعها على عينه ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به ورأيته أخذ قصعة النبي (صلى الله عليه وسلم) فغسلها في حب الماء ثم شرب فيها ورأيته يشرب من ماء زمزم يستشفي به ويمسح به يديه ووجهه قلت: أين المتنطع المنكر على أحمد وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي (صلى الله عليه وسلم) ويمس الحجرة النبوية فقال: لا أرى بذلك بأساً. أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع)(5), الذهبي يعتبر من يقول بحرمة التبرك انه من الخوارج وأهل البدع.
الأمر الرابع: نداء الغائب، فيقول البيهقي: (أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج اثنتين راكب وثلاث ماشي أو ثلاث راكب واثنتين ماشي فضلت الطريق في حجة وكنت ماشياً فجعلت أقول يا عباد الله دلوني على الطريق قال: فلم أزل ذلك حتى وقفت على الطريق أو كما قال أبي)(6), فهل الإمام أحمد مشرك؟
__________
(1) سورة يوسف: 93.
(2) مسند ابي يعلي: ج11 ص462 ح6584, مجمع الزوائد: ج8 ص387 ح13813 قال الهيثمي رواه ابو يعلي ورجاله رجال الصحيح, المطالب العالية لابن حجر العسقلاني: ج15 ص585 رقم 164 و ج18 ص401 رقم4505, الخصائص الكبرى للسيوطي: ج2 ص490 ح62 السلسلة الصحيحة للألباني: ج6 ص236 رقم 2733 قال الألباني إسناده جيد.
(3) صحيح مسلم: ج13 ص1461 ح2069.
(4) شرح النووي لصحيح مسلم: ج14 ص43.
(5) سير أعلام النبلاء: ج11ص212.
(6) شعب الايمان للبيهقي: 6\128.