الكشف عن مزعمة التوراة بنسبة الكذب إلى موسى وهارون
بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في سفر الخروج من التوراة، في الأصحاح الثالث، من العدد الثالث إلى آخر السابع عشر ما حاصله:
إن الله كلّم موسى في جبل حوريب حينما كان موسى يرعى الغنم وحده، فقال الله له: قد رأيت مذلّة بني إسرائيل فنزلت لأنقذهم من أيدي المصرّيين، وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيّدة وواسعة تفيض لبناً وعسلا، إلى مكان الكنعانيّين والحثيّين والأموريّين والفرزّيين والحويّين واليبوسيّين، وأعطى موسى علامة على أنه أرسله، وهو أنه حينما يخرجون من مصر يعبدون الله على جبل حوريب الذي هو جزء من جبل سينا.
ولا يخفى أن الأمكنة المذكورة إذا قسناها إلى منازل بني إسرائيل في رعمسيس من أرض مصر، فإن أقربها إليهم يبعد عنهم نحو طريق سبعة أيام أو ثمانية بالسير الحثيث، سيّما إذا كان السائرون مشاة مع عيالاتهم وأطفالهم وغنمهم; وإن المسافة إلى أواسط الأمكنة المذكورة تبلغ طريق اثني عشر يوماً; وإلى أطرافها تبلغ طريق خمسة عشر يوماً! وأيضاً أن حوريب يبعد عن منازل بني إسرائيل في مصر بطريق ثمانية أيام أو أكثر، والتوراة تقول: إنّ بني إسرائيل قطعوه بثلاثة عشر منزلا في أكثر من شهرين، كما يعرف ذلك من الأصحاح التاسع عشر من سفر الخروج، والثالث والثلاثين من سفر العدد. فإذا عرفت أن وعد الله لموسى هو إخراجهم إلى أرض فلسطين وشرقي الأردن، وعرفت المسافات التي ذكرناها، فاعلم أن التوراة تذكر أيضاً في الأصحاح الثالث، في العدد الثامن عشر، على أثر الكلام المتقدّم ذكره، أنّ الله قال لموسى ما نصّه: " فإذا سمعوا لقولك(1) تدخل أنت وشيوخ بني إسرائيل إلى ملك مصر وتقولون له: إله العبرانيّين التقانا، فالآن نمضي طريق ثلاثة أيام ونذبح لله إلهنا ".
وإذا عرفت أنّ الله قد كلّم هذا الكلام موسى وحده في حوريب ولم يلق شيوخ بني إسرائيل فكيف يقول لموسى: " تدخل أنت وشيوخ بني إسرائيل إلى ملك مصر وتقولون له: إله العبرانيّين التقانا ".. متى التقى الله شيوخ بني إسرائيل؟! وإذا عرفت أن وعد الله لموسى هو إدخال العبارانيّين إلى أرض فلسطين، وعرفت المسافات المذكورة، فكيف يأمر الله موسى وبني إسرائيل أن يكذبوا ويقولوا: " نمضي طريق ثلاثة أيام "؟! مع أن التوراة ذكرت في الأصحاح الثالث والثلاثين من سفر العدد، في العدد الثامن، أن ما بين معبر بني إسرائيل من البحر وبين "مارّة" هو طريق ثلاثة أيام، ولا يخفى أنه لا يزيد على العشرين فرسخاً، فأين يكون طريق الثلاثة أيام، فيما يزيد على الثمانين فرسخاً، إلى أن يبلغ في أرض فلسطين وعبر الأردن نحو مائة وخمسين فرسخاً؟! فيا للعجب!! أفليست هذه التوراة تقول: إنّ الله افتتح إرساله إلى موسى بالتعليم بالكذب الصريح مرّتين؟!
وتقول التوراة في الأصحاح الخامس من سفر الخروج، في العدد الثالث: إن موسى وهارون قالا لفرعون: إنّ إله العبرانيّين التقانا، فنذهب طريق ثلاثة أيام في البرّية، ونذبح للربّ إلهنا لئلاّ يصيبنا بالوباء أو بالسيف ".
فتقول التوراة: إن موسى عمل بالتعليم بالكذب بطريق الثلاثة أيام وزاد من عنده قوله: لئلاّ يصيبنا بالوباء أو بالسيف; وكذا هارون، مع أن الله لم يلتقه حينما أمر موسى بالذهاب إلى فرعون!!
____________
1- يعني بني إسرائيل.