Header


  • الصفحة الرئيسية

من نحن في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • معنى الشيعة (13)
  • نشأة الشيعة (24)
  • الشيعة من الصحابة (10)
  • الشيعة في العهد الاموي (10)
  • الشيعة في العهد العباسي (4)
  • الشيعة في عهد المماليك (1)
  • الشيعة في العهد العثماني (2)
  • الشيعة في العصر الحديث (1)

من نحن في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الشيعة في أحاديث النبي(ص) (1)
  • الشيعة في احاديث الائمة (ع) (0)
  • غدير خم (0)
  • فدك (3)
  • واقعة الطف ( كربلاء) (0)

سيرة اهل البيت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

عقائدنا (الشيعة الامامية) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في اصول الدين (0)
  • في توحيد الله (8)
  • في صفات الله (32)
  • في النبوة (9)
  • في الانبياء (4)
  • في الامامة الالهية (11)
  • في الائمة المعصومين (14)
  • في المعاد يوم القيامة (16)
  • معالم الايمان والكفر (30)
  • حول القرآن الكريم (22)

صفاتنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الخلقية (2)
  • العبادية (5)
  • الاجتماعية (1)

أهدافنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في تنشئة الفرد (0)
  • في تنشئة المجتمع (0)
  • في تطبيق احكام الله (1)

إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في توحيد الله (41)
  • في صفات الله (17)
  • في التجسيم (34)
  • في النبوة (1)
  • في عصمة الانبياء (7)
  • في عصمة النبي محمد (ص) (9)
  • في الامامة (68)
  • في السقيفة (7)
  • في شورى الخليفة الثاني (1)
  • طاعة الحكام الظلمة (6)
  • المعاد يوم القيامة (22)
  • التقمص (3)

إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد النبي (ص) (14)
  • في عهد الخلفاء (20)
  • في العهد الاموي (14)
  • في العهد العباسي (3)
  • في عهد المماليك (5)
  • في العهود المتأخرة (18)

إشكالاتنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • كيفية الوضوء (4)
  • كيفية الصلاة (5)
  • اوقات الصلاة (0)
  • مفطرات الصوم (0)
  • احكام الزكاة (0)
  • في الخمس (0)
  • في الحج (2)
  • في القضاء (0)
  • في النكاح (7)
  • مواضيع مختلفة (64)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عقيدة التثليث (32)
  • على التناقض بين الاناجيل (41)
  • صلب المسيح (17)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • عدم تصديقهم الانبياء (6)
  • تشويههم صورة الانبياء (8)
  • نظرية شعب الله المختار (1)
  • تحريف التوراة (0)

إشكالاتنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التفسير المادي للكون (1)
  • نظرية الصدفة وبناء الكون (0)
  • النشوء والارتقاء (0)
  • اصل الانسان (0)

ردودنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد الرسول(ص) (9)
  • في عهد الخلفاء (12)

ردودنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول توحيد الله (2)
  • حول صفات الله (7)
  • حول عصمة الانبياء (3)
  • حول الامامة (34)
  • حول اهل البيت (ع) (45)
  • حول المعاد (1)

ردودنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول النكاح (2)
  • حول الطهارة (0)
  • حول الصلاة (3)
  • حول الصوم (0)
  • حول الزكاة (0)
  • حول الخمس (0)
  • حول القضاء (0)
  • مواضيع مختلفة (6)

ردودنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • اثبات وجود الله (0)
  • العلم يؤيد الدين (2)

كتابات القراء في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في العقائد :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في التربية والأخلاق :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء العامة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

  • القسم الرئيسي : من نحن في التاريخ .

        • القسم الفرعي : نشأة الشيعة .

              • الموضوع : القول بفارسية التشيع وبيان منشأه .

القول بفارسية التشيع وبيان منشأه

هذا الموضوع من المواضيع التي كثر الحديث حولها وهي في واقعها تكوّن جزءاً من محاصرة التشيع. إنّ خصوم الشيعة ومن تبعهم من المستشرقين وكل يضرب على وتر يستهدفه، جعلوا هذه القضية من الاُمور المسلمة وضلع تلامذتهم في ركابهم وحشدوا كل وسائلهم لترسيخها في الأذهان فما تركوا وسيلة لإِثبات أنّ التشيع فارسي شكلاً ومضموناً إلا وأخذوا بها مع تفاهة هذا المدعى كما سنرى ومع أنّه من قبيل رمتني بدائها وانسلت والغريب أنّ هذه الفرية تعيش للآن مع وضوح الرؤية وانتشار المعارف وانكشاف الحقائق وسأبحث هذا الموضوع مفصلاً نظراً لأهميته.
إنّ التشيع في معناه اللغوي: المناصرة والموالاة، وبالمعنى الإصطلاحي هو الإعتقاد بأفكار معينة يشكل مجموعها مضمون التشيع، فكيف والحالة هذه أن نتصوّر كون التشيع فارسياً؟
وحتى نستوعب النقاط المتصورة في هذا الموضوع لا بد من شرح اُمور ننتهي معها إلى مقدار ما في هذا الإِدعاء من نسبة علمية أو تهريج فلا بد من ذكر اُمور:
أولاً:
إنّ المضمون الفكري للتشيع هو نفس المضمون الإِسلامي، وأي مضمون يشذ عن المضمون الإِسلامي في العقيدة والأحكام فالشيعة منه براء بدليل أنّ مصادر التشريع عند الشيعة هي أربعة أذكرها لك على التوالي:
أ ـ الكتاب الكريم:
وهو ما اُنزل بمضامينه وألفاظه وأسلوبه واعتبر قرآناً وهو هذا المجموع بين الدفتين المتداول بأيدي المسلمين المنزه عن النقص والتحريف والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والمتواتر بكلماته وحروفه بالتواتر القطعي من عهد النبوة حتى يومنا هذا وقد جمع على عهد النبي بوضعه الحالي وكان جبرئيل يعرضه على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كل عام.
ب ـ السنة الشريفة:
وهي قول المعصوم وفعله وتقريره الواصلة إلينا بالطريق الصحيح عن الثقات العدول، والتي لا يتم لنا الوصول إلى ملابسات الأحكام بدونها والتي جاء دليل حجيتها من القرآن الكريم بقوله تعالى:
(وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فنتهوا) 7/ا الحشر.
ج ـ الإِجماع:
الذي يكشف ضمناً عن قول المعصوم سواء قل المجمعون أم كثروا وسواء كان دليلاً مستقلاً مقابل الكتاب والسنة والعقل أم أنّه طريق وحاك عن رأي المعصوم، وأدلة حجيته مفصلة في الكتاب والسنة والعقل.
د ـ دليل العقل:
ويرجع إليه وإلى قواعده عند فقدان النصوص أو تعارض الأدلة في تفصيل لا داعي لشرحه هنا: وملخصه: هو إدراك العقل بما هو عقل للحسن والقبيح في بعض الأفعال الملازم لإِدراكه تطابق العقلاء عليه وذلك ناتج من تأدب العقل بذلك وبما أن الشارع سيد العقلاء فقد حصل إدراك حكم الشارع قطعاً وليس وراء القطع حجة.
إن هذه المصادر التشريعية هي المكونات العضوية لهيكل الشريعة الاسلامية باتفاق جمهور المسلمين على اختلاف بسيط في بعض تفاصيلها ولما كانت هي مصادر التشريع عند الإِمامية فما معنى وصف التشيع بالفارسية.
إذا كان الباحثون في التشيع يقصدون من الفارسية مضمون التشيع الفكري. وهذا ما أَستبعده فإنّه لا يمكن أن يقول به قائل، إذ لا يتصور أنّ إنساناً يفترض لأحكام شرعية نوعاً من العرقية، وعليه فلا بد من استبعاد هذا الفرض من فارسية التشيع والرجوع إلى فروض اُخرى في هذا الموضوع يفترضها الباحثون.
هناك فرض آخر لتصور فارسية التشيع: هو أن هناك مفاهيم معينة بالحضارة الفارسية انتقلت إلى التشيع بمعناه الإِصطلاحي عن طريق من اعتنق التشيع من الفرس ولم يستوعب التشيع كل أبعادهم فجاء من تصور هذه المعتقدات جزءاً من ماهية التشيع. وبقيت هكذا يتداولها خلف عن سلف. وهذا الفرض قد صرح به أكثر من باحث كما سأذكره لك بعد قليل. وفيما يخص هذه الصورة وهذا الفرض لا بد من الإِشارة لاُمور:
تعقيب
أ ـ إنّ هذا الإِشكال بناءاً على فرض حدوث مضمونه، فإنّه يرد على المضمون الإِسلامي نفسه حيث نص على ذلك معظم من كتب في الحضارة الإِسلامية وخصوصاً في الفترة الأولى من العهود الإِسلامية والتي شكلت مضامين العقيدة فيها جدولاً انصب فيه أكثر من رافد ورافد عن طريق الاُمم التي اعتنقت الإِسلام جماعات منها ودخلت وهي تحمل أفكارها وعقائدها التي لم تتخلص منها وظهرت في الأفكار والسلوك كجماعات الروم والفرس والصينيين والعبريين ولعل اليهود أكثر الجماعات تأثيراً في الحضارة الإِسلامية حيث تبدو روحهم واضحة في هذه الميادين. وذلك لأنّهم استأثروا بالتفسير بالقصص الديني لأنّهم أهل كتاب وفيهم كثير من الأحبار الذين يحفظون أحكام التوراة وقصص الاُمم التي حفظتها الحضارة العبرية والأساطير التي رافقت تلك القصص، ولما كانت الجزيرة العربية فقيرة إلى الأفكار الدينية والمضامين الثقافية لعب الفكر اليهودي دوراً هاماً في ملء هذا الفراغ وخصوصاً في الفكر السني الذي حاول أن يتخلص من هذا الرداء ويخلعه على الشيعة عن طريق الشخصية الوهمية عبدالله بن سبأ كما سنبرهن لك وهمية هذه الشخصية قريباً. ولكن حقائق الاُمور والبحث الدقيق يثبت عكس ما ادعاه هؤلاء القوم وما نسبوه للشيعة.
أجل إنّ آراء اليهود انتقلت إلى الفكر الإِسلامي عن طريق كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وغيرهم وأخذت مكانها في كتب التفسير والحديث والتاريخ وتركت بصماتها على كثير من بنود الشريعة. إنّ بوسع أي باحث الوقوف على ذلك في كتب كثيرة مثل تاريخ الطبري، وتفسيره جامع البيان، وفي كتاب البخاري وغيره من المؤلفات مما سنشير إلى مصادره عند ذكره. وستجد فصلاً ممتعاً في تعليل العداوة بين الإِنسان والحية يذكره الطبري في تفسيره بسنده عن وهب بن منبه وذلك عند تفسيره للآية السادسة والثلاثين من سورة البقرة وهي قوله تعالى: (قلنا اهبطوا منها بعضكم لبعض عدو) الخ، يقول الطبري وأحسب أنّ الحرب التي بيننا ـ أي نحن والحيات ـ كان أصله ما ذكره علماؤنا الذين قدمنا الرواية عنهم في إدخالهنّ ـ يعني الحيات ـ إبليس الجنة بعد أن أخرجه الله منها، ويستمر في سرد أفكار عجيبة يستحسن أن يقرأها من يريد الفائدة من تفسيره ويقول الطبري في تاريخه عند شرح الذبح العظيم الذي فدى به إبراهيم ولده إسماعيل بأمر الله تعالى:
ان الكبش الذي ذبحه إبراهيم هو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبِّل منه.
وينقل في تاريخه قصصاً تلمس عليها الروح اليهودي واضحاً ومن ذلك ما ذكره فقال: تزوج اسحق امرأة فحملت بغلامين في بطن واحد فلما أرادت أن تضعهما اقتتل الغلامان في بطنها فأراد يعقوب أن يخرج قبل عيص فقال عيص والله لئن خرجت قبلي لأعترضنّ في بطن اُمي ولأقتلنّها فتأخر يعقوب وخرج عيص قبله وأخذ يعقوب بعقبه فمسي عيص عيصاً لأنّه عصى وسمي يعقوب يعقوباً لأنه خرج بعقب عيص، وكبر الغلامان وكان عيص أحب إلى أبيه ويعقوب أحب إلى اُمه وكان عيص صاحب صيد فلما عمي إسحق قال لعيص أطعمني لحم صيد واقترب مني حتى أدعولك، وكان عيص أشعر ـ أي كثير الشعر ـ ويعقوب أجرد فخرج عيص يتصيد وقالت اُمه لإِسحق إذبح كبشاً ثم اشوه والبس جلده وقدمه لأبيك كي يدعو لك فلما مسه قال من أنت؟ قال: عيص، فقال: المس مس عيص والريح ريح يعقوب فقالت اُمه: هو ابنك عيص فادعو له الخ ولست أدري كيف كان يعقوب لا يعرف أصوات أولاده وكيف تطلب الاُم البركة من دعوات إسحق وهي تكذب وكيف يكذب أبناؤها وأي بيت نبي هذا البيت الذي يكون أعضاؤه من هذا النوع، ثم أي اسم مشتق مثل يعقوب أو إسحق أو عيص لا يصلح لأن يشتق منه أمثال هذه الخزعبلات وهذا الهراء والسخف.
وأما الإِمام البخاري فإنّك تلمس الروح الإسرائيلي في كثير من رواياته
وإليك نماذج من تلك الروايات التي يتضح فيها هذا الروح:
يقول البخاري بسنده عن أبي هريرة: ما من بني آدم مولود يولد الا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان غير مريم وابنها وما أدري إذا كان هذا فضيلة فلم حرم منها نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهو سيّد الأنبياء وإذا لم يكن ذلك فضيلة فما قيمة ذكرها، وما ذنب الأنبياء الباقين يمسهم الشيطان.
ويقول البخاري بسنده عن عائشة اُم المؤمنين: إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) سحر حتى كان يخيل إليه أنّه كان فعل الشيء ولا يفعله.
ويروي البخاري قصة موسى حين نزل إليه ملك الموت لقبض روحه فصكه موسى على عينه حتى فقأها إلى أن قال: قال الله تعالى لملك الموت ارجع إليه وقل له ليضع يده على جلد ثور فله بكل شعرة غطتها يده عمر سنة الخ.
وفي الواقع إنّ هذه العملية طريفة فإنّ الشَّعر الذي يغطيه الكف ربما يصل إلى خمسة آلاف شعرة، وعمر نبي الله موسى معروف فإما أن نكذب الرواية أو نكذب التاريخ.
وذكر البخاري بسنده عن اُم المؤمنين عائشة أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) مكث كذا وكذا يخيل إليه أنّه يأتي أهله ولا يأتي إلى أن قال لي: يا عائشة إنّ الله أفتاني في أمر استفيته فيه أتاني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رجلي للآخر ما بال الرجل ؟ قال: مطبوب ـ أي مسحور ـ قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم الخ أن ذهب عنه أثر السحر بعد مدة.
ومعنى هذه الرواية أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) اُصيب بفقدان الذاكرة أو بالفصام وما أدري ما هو حال الوحي خلال هذه المدة فإذا جاز أن يصاب النبي بمثل هذا المرض فما هو مقدار الثقة بالوحي وعلى كل تبقى مسؤولية الرواية على عاتق أم المؤمنين والبخاري، ولقد حفل كتاب البخاري بمثل هذا اللون من الفكر اليهودي وذلك من قبيل ماذكره في كتاب الإِستئذان باب بدء السلام قال:
بإسناده عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) خلق الله آدم على صورته ـ الضمير يعود لله تعالى إذ لا معنى لعوده لآدم قبل أن يخلق آدم وتعرف صورته ـ طوله ستون ذراعاً فلما خلقه قال: إذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنّها تحيّتك وتحية ذريتك فقال: السلام عليكم فقالوا: السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقصون حتى الآن إلى أمثال ذلك من هذه الروايات العبقرية، ومع هذا اللون من الفكر الغريب عن روح الإِسلام للزومه التجسيم والهرطقة فما وجدنا من ينبر حملة هذا الفكر بالخروج عن الإِسلام أو باليهودية لنقلهم هذا الفكر الإِسرائيلي إلى الإِسلام أما إذا قدر أن شخصاً تشيع وحمل معه شيئاً من أفكاره للتشيع تحول التشيع فوراً إلى يهودية أو نصرانية مع أن تبعة كل فكر تقع على حامله وقد أسلفنا أن كل ما ينافي الإِسلام يأباه التشيع جملة وتفصيلاً.
وعلى تقدير أن هناك مجموعة من الأفكار نقلها الفرس الذين تشيعوا معهم للفكر الشيعي: كالقول بالحق الإِلهي الذي يقول به الفرس بالنسبة لملوكهم ويقول به الشيعة بالنسبة لأئمتهم ـ مع وجود فوارق بين الأمرين ـ وحتى أي مفهوم يحصل به التقاء بين الفكرين كما يصوّره البعض فإنّ ذلك لا يوجد قدحاً في العقيدة ما دامت الاُصول التي يتحقق معها عنوان الإِسلام محفوظة عند الشيعة بحيث إذا وجدت كان الإِنسان مسلماً باعتناقها ونحن نعلم أنّ الأصول التي تحدد إسلام المسلم هي ما حدده النبي نفسه كما في صحيح البخاري عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : من صلّى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا الله في ذمته، كما أخرج البخاري عن عليٍّ عليه السلام، أنه سأل النبي صلى (الله عليه وآله وسلّم) يوم خيبر: على ماذا اُقاتل الناس؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم.
وقال الإِمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) : الإِسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث, وعلى ظاهره جماعة من الناس فصفة الإِسلام ثابتة لمن قال الشهادتين سواء اعتقد أنّ الإِمامة نص من الله تعالى فهي حق إلهي، أو بالشورى فهي حق للجماعة يضعونه حيث تتوفر المؤهلات، حتى لولم يكن لمعتقد الإِمامة بالنص شبهة من دليل بل لو ذهب إلى أبعد من ذلك فابتدع وكان من أهل البدع فإنّ علماء المسلمين لا ينبزونه ولا يكفرونه. فقد عقد ابن حزم فصلاً مطولاً في كتابه الفصل في باب من يكفر أو لا يكفر وقد قال في ذلك الفصل: ذهبت طائفة إلى أنّه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فعل، وأنّ كل من اجتهد في شيءٍ من ذلك فدان بما رأى أنّه الحق فإنّه مأجور على كل حال إن أصاب فأجران وإن أخطأ فأجر واحد وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداوود بن عليّ وهو قول كل من عرفنا له قولاً في هذه المسألة من الصحابة لا نعلم خلافاً في ذلك أصلاً(3).
ويروي أحمد بن زاهر السرخسي وهو من أصحاب الإِمام أبي الحسن الأشعري وقد توفي الأشعري بداره وقال: أمرني الأشعري بجمع أصحابه فجمعتهم له فقال اشهدوا عليَّ أنيّ لا أكفِّر أحداً من أهل القبلة بذنب لأنّي رأيتهم كلهم يشيرون إلى معبود واحد والإِسلام يشملهم ويعمهم.
وبعد ذلك كله فما هو وجه ربط التشيع باليهودية لأنّ فيه أفكاراً فارسية أو نعته بأنه أثر فارسي إذا كان هناك بضعة آفكار نقلها معه بعض من أسلم منهم ودان بها وهي لا تتعدى رأياً أخذ به بشبهه من دليل أو حتى ببدعة كما مر عليك وقد عرفت آراء العلماء في ذلك.
إنّ هذا التهور على المسلمين والتهريج عليهم من خطل الرأي وسنوقفك عن قريب على مصادر ما ذهب إليه الشيعة من الكتاب والسنة وإن حسبه البعض أنه اقتباس من الفرس أما لقلة اطلاع أو لسوء قصد والله من وراء القصد.
ج ـ إنّ هذه الدعوى المقلوبة وهي فارسية التشيع سنوقفك قريباً على إثبات عكسها وأقول على فرض صحتها فما هو البأس في ذلك إذا كان الفارسي مسلماً ونحن نتكلم بلغة الإِسلام طبعاً وشعارنا كما يقول الله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم ذكر واُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم) 13/ الحجرات.
فلماذا هذا الموقف وكيف ينسجم مع روح الإِسلام ولو كان نتكلم من منطلق قومي فإنّ لغة اُخرى ستكون لنا حينئذٍ ولا يكون لنا أيّ مناقشة مع المتكلم بها هذا مع أنّ العقل والمنطق القومي السليم يحتم احترام القوميات الاُخرى إذا أراد احترام قوميته وما أروع كلمة الإِمام الصادق (عليه السلام) في هذا المقام إذ يقول:
ليس من العصبية أن تحب قومك ولكن من العصبية أن تجعل شرار قومك خيراً من خيار غيرهم، إنّ لغة الإِسلام لا تفرق بين جنس وجنس فلا يعتبر مسلماً من يتكلم بهذه اللغة، أما إذا كان له دوافع وراء هذه اللغة غير إسلامية فلا تخفى على القارئ الفطن إنّ من يعتبر الناس مغفلين لهو المغفل الأكبر وسنرى عن قريب الدوافع من وراء هذه المزاعم.
هناك فرض آخر في تصور فارسية التشيع وهو أنّ كل أو غالبية الشيعة فرس وقد طغت أفكارهم الفارسية على التشيع حتى غطته وربما أدت إلى الإِصطدام مع الشريعة الإِسلامية لمخالفة تلك العقائد للإِسلام هذا الفرض صرح به بعضهم كما ستقرأه مع ما نعرضه من آراء في هذا الموضوع ـ وسترى أنّ هذا الرأي باطل ويعلم بطلان ذلك كل من له إلمام بتاريخ المسلمين وعقائدهم وبطلانه للأسباب التالية:
أ ـ إنّ عقائد الشيعة تحفل بها مئات الكتب والمراجع وهي ميسورة تحت أيدي الباحثين والكتّاب في كل مكتبات العالم، وإنّ عقائد الشيعة مصدرها الكتاب والسنة وفقه الشيعة مصدره الكتاب والسنة والإِجماع والعقل كما مر علينا وأشرنا إلى الكتب التي تشرح ذلك مفصلاً ونضيف إليها كتاب أوائل المقالات للشيخ المفيد و عقائد الصدوق و الدرر والغرر للسيد المرتضى و أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين، ومن كتب الأخبار والأحاديث الكتب الأربعة وهي الاُصول المعتمدة عند الشيعة بالجملة وهي من لا يحضره الفقيه للصدوق، و الكافي اُصولاً وفروعاً لمحمد بن يعقوب الكليني و التهذيب و الإستبصار للشيخ الطوسي، مع ملاحظة أن ليس كل ما فيها معتمداً عندنا ولكل رواية حساب ولذلك قلت إنها معتمدة بالجملة وقد تعرضت كتب التقريرات لنقد كثير من مضامين الكتب المذكورة.
ب ـ إنّ الفرس لا يكوَّنون إلا جزءاً قليلاً من ناحية الكم الشيعي فالتشيع منتشر عند العرب والهنود والترك والأفغان والكرد والصينيين والتبتيين والخ ويشكل الفرس جزءاً من الشيعة ليس كما يصوره البعض عن سوء فهم أو سوء نية.
ج ـ إنّ بذرة التشيع نشأت في مهد العرب في الجزيرة العربية وإنّ الرواد الأوائل للتشيع يشكلون مؤشراً واضحاً في ذلك، وما كان من غير العرب في الرواد الأوائل من الشيعة عدى واحداً هو سلمان المحمدي كما سماه النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكان فارساً. وقد ذكرنا الطبقة الأولى من الشيعة الذين تتوزع وشائجهم على مختلف البطون والقبائل العربية، وأنت إذا تتبعت الطبقة الثانية والثالثة من الشيعة فسوف تجدهم عرباً في الأعم الأغلب ولا اُريد الإِطالة في هذا المورد فذلك مكانه من كتب السير والتراجم، وسيرد في نهاية هذا الفصل ما يثبت دعوانا من آراء الباحثين والمنقبين.
ومع ما أسلفناه من كلام فما هو وجه نسبة التشيع للفارسية والذي أصبح يرسل عند بعضهم إرسال المسلمات كأنّه من الاُمور المفروغ منها. ولأجل أن نستوعب الموضوع سنضطر إلى الخوض في جوانب متنوعة ونستعرض آراء كثيرة وما بررت به هذه الآراء صحة هذه النسبة للتشيع وهي لا تختلف في مستواها من العلم عن أصل صحة هذه النسبة ولا أشك أنّك ستضحك كثيراً عندما تقرأ هذه الأسباب ويأخذك العجب كيف أنّ مثل هؤلاء الباحثين وهم على منزلة من العلم والتحقيق لا يستهان بها: يقتنعون بوجاهة هذه الأسباب فضلاً عن أنّهم يسوقونها لإِقناع غيرهم لولا الهوى والعصبية أعاذنا الله تعالى وإياك منها، ولولا الأسر الذي يقع فيه من نشاء على عقيدة ولا يسمح للضوء أن يسلط على عقيدته ومسبقاته حتى يرى منها ما كان ناتجاً من مجرد تقليد أعمى ويصطدم بالمقاييس الصحيحة فينبذه وما كان على أرض صلبة ويلتئم مع قواعد الشرع فيتمسك به.
أقوال الباحثين في فارسية التشيع:
إنّ نسبة التشيع إلى الفارسية نشأت في عصور متأخرة ولأسباب وظروف سياسية خاصة أهمها: أنّ الفرس لما كانوا ولأسباب سنشرحها غير مرغوبين من قبل العرب ولما كان الشيعة فئة معارضة للحكم طيلة العهود الثلاثة الصدر الأول والأموي والعباسي، وكوجه من وجوه محاصرة التشيع أرادوا رمي التشيع بما هو مكروه عند العرب وهذه الدعوى هي واحدة من مجموعة دعاوى سترد علينا ولا تتعدى هذا الهدف بل هي جزء من المخطط. أما الأسباب التي أدت إلى النفرة بين القوميتين العربية والفارسية فهي:
1ـ أنّ الفرس ما كانوا يفرقون بين الإِسلام والعروبة وحيث أنّ الإِسلام قضى على دولتهم واجتاحهم فإنّهم بعد إسلامهم كانوا ينزعون لا سترداد مجدهم باُسلوبين أحدهما سليم إيجابي والآخر سلبي حتى إذا جاء دور الأمويين استعان الحكام بهم لتنظيم شؤون الدولة نظراً لخلفيتهم الحضارية وللإِستعانة بهم أحياناً لدعم جناح مقابل جناح، ولا ستيلاء جماعة منهم على مناصب هامة في العهدين مما مكنهم من فرض نفوذهم كل ذلك أدى إلى احتكاك شديد بين العرب والفرس، إذ رأى العرب أنهم حملة الإِسلام والسبب في هداية الاُمم وهم العمد الذي قام الإِسلام عليه فلماذا يزاحمهم غيرهم، ويقدم عليهم ويلمع نجمه ويحتل مناصب كبيرة، ورأى الفرس أنّهم أبناء حضارة عريقة وأنّهم أكثر علماً ودراية بسياسة العرب وإدارة شؤون الحكم فلماذا يقدم عليهم من لا يملك هذه المؤهلات. فأدّى ذلك كله للإِحتكاك ونجمت عنه ظاهرة الشعوبية وترك خزيناً كبيراً من الحقد في تاريخ القوميتين كما أدى إلى مواقف سلبية متبادلة.
2ـ أنّ فتح الثغرة التي دخل منها الفرس أدى إلى دخول عناصر غير عربية اُخرى مثل الترك وغيرهم مما كان له بعد ذلك آثاره السلبية الفظيعة وقد عصب كسر النطاق هذا بالفرس لأنّهم أول من فتح هذا الباب وأدى إلى تدمير الخلافة بعد ذلك.
3ـ لعب الإِستعمار دوراً بارزاً فيما خلقه من النفخ بالأبواق التي يحسن صنعها وذلك لتحقيق مصالحه عن طريق فتح أمثال هذه الفجوات واختلاف خصائص للجنسين زعم أنّها تصطدم مع بعضها وآراء لا تتلاقى وتأثر بهذه الآراء فريق من هؤلاء وفريق من هؤلاء ممن عاش على موائد المستشرقين ولم يتفطن إلى أهدافهم وغرّته الصبغة العلمية الظاهرية في أمثال هذه المزاعم فنسج على منوال هؤلاء وكان صدى لهم وسلاحاً بأيدي هؤلاء لضرب أبناء دينه ولهدم عقيدته حتى خلقت من ذلك تركة كبيرة تحتاج إلى جهد كبير لإِزالة هذا التراكم.
إنّ أسباب الكره استغلت لينتزع منها كما ذكرت سبباً من الأسباب التي تبغض التشيع وتنفر النفوس منه. ولذلك لا نرى هذه التهمة عند أوائل السنة وأسلافهم فيما قدّموه من قوائم الأسباب التي ينعت بها التشيع لأنّ أسبابها لم تكن قائمة آنذاك.
ومن الغريب أنّ الألسن السليطة التي تشتم الشيعة هي ألسنة السنة الفرس كما سيرد ذلك قريباً.
إنّ أصحاب الغرض الأصلي في الضرب على هذا الوتر كثيرون ومن أكثرهم حماساً في ذلك المستشرقون وتلاميذهم حيث يستهدف المستشرقون مصالح لا تخفى ويضرب تلاميذهم على نفس الطبول ولمختلف الغايات والأهداف وبالإِضافة إلى من يهتز على هذا الإِيقاع وإليك آراء بعضهم:
1 ـ المستشرق دوزي:
لقد قرر المستشرق دوزي أنّ أصل المذهب الشيعي نزعة فارسية وذلك لأنّ العرب تدين بالحرية والفرس تدين بالملك والوراثة ولا يعرفون معنى الإِنتخاب ولما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد انتقل إلى الرفيق الأعلى ولم يترك ولداً فعليّ أولى بالخلافة من بعده.
2 ـ المستشرق فان فلوتن:
ذهب هذا المستشرق إلى نفس الرأي في كتابه اسيادة العربية ولكنّه رجح أخذ الشيعة من آراء اليهود أكثر من أخذهم من رأي الفرس ومبادئهم.
3 ـ المستشرق براون:
قال إنّه لم تعتنق نظرية الحق الإِلهي بقوة كما اعتنقت في فارس ولمح إلى أخذ الشيعة منهم.
4 ـ المستشرق ولهوزن:
إنّ هذا المستشرق أشار إلى فارسية قسم كبير من الشيعة ضمناً حيث ذكر أنّ أكثر من نصف سكان الكوفة من الموالي ولما كان معظمهم شيعة فقسم كبير منهم من الفرس.
5 ـ المستشرق بروكلمان:
الذي يقول وحزب الشيعة الذي أصبح فيما بعد ملتقى جميع النزعات المناوئة للعرب واليوم لا يزال ضريح الحسين في كربلا أقدس محجة عند الشيعة وبخاصة الفرس الذين مابرحوا يعتبرون الثواء الأخير في جواره غاية مايطمعون فيه. وبالجملة فإنّ مراجعة أي بحث للمستشرقين في هذا الموضوع يظهر منه أنّ كثيراً منهم يذهبون إلى هذا الرأي ولأسباب لا تخفى.
وقد ربطوا بفارسية التشيع أثراً آخر يكون بمثابة النتيجة للسبب وذلك الأثر هو أنه لما كان أكثر الفرس شيعة وكانوا يسمون بالموالي وحيث أنّهم يرون أنّ العرب انتزعوا دولتهم منهم ولما كانت الدولة الأموية يتجسد فيها المظهر العربي فقد زحف عليها الموالي وأسقطوها وأعلنوا بدلها دولة العباسيين التي دعمت الفرس والتي زحف معها بالتالي الفكر الشيعي فتغلغل أيام العباسيين، وأنت واجد هذه الأفكار عند معظم من كتب في العصور الإِسلامية وخصوصاً الكتّاب المصريين ويتلخص من هذه المقتطفة ثلاثة اُمور:
1 ـ تصوير الزحف الذي جاء من خراسان للقضاء على الدولة الاُموية بأنّه زحف دوافعه قومية وليست دوافع اجتماعية أو إنسانية وقد اجتمعت فيه أكثر من قومية واحدة وبذلك يطمس الهدف الإِجتماعي الذي كان من وراء تلك الحملة.
2 ـ أنّ العنصر الرئيسي في الحملة والفاعل هم الفرس وبذلك تكون الحملة إنتقامية تستهدف إعادة مجد الفرس الذي قضى عليه العرب، وبذلك يطمس الدور الرئيسي الذي قام به العرب في الحملة وتولوا فيه القيادة.
3 ـ أنّ الفكر الشيعي زحف بزحف هؤلاء وانتصر في العهد العباسي؛ إنّ كل هذه الاُمور غير مسلم بها ولم تقم على واقع بل هي تغطية في محاولة مكشوفة.
تعقيب على الأقوال
أما الزعم الأول:
فيبطله أن القادة الذين قادوا الحملة إنّما قادوها لتخليص الناس من جور الاُمويين وبإمكان أي قارئ أن يستبين الحقيقة باستقراء أحوال الحكم الاُموي الذي سايره الجور والظلم من أيامه الاُولى حتى سقط أيام مروان بن محمد آخر حكام الاُمويين ومن الخطأ أن نورد شاهداً أو شاهدين للتدليل على ذلك محاولة إضاح الظلم والجور فإن كل أيامهم كانت مليئة بالظلم والجور وإنّي لاُحيل القارئ إلى تتبع التاريخ من أيام معاوية الأول حتى نهاية الدولة وفي كتب كل المسلمين لا الشيعة وحدهم فربما يقال إنّ الشيعة خصوم الاُمويين وهم يحقدون عليهم وهذه كتب الطبري وابن الأثير وابن كثير وابن خلدون وما شئت فخذ لترى إلى أين وصلت الحالة حتى بلغ الأمر حداً يوجزه أحد الشعراء بقوله:
واحربا يا آل حرب منكم * يا آل حرب منكم واحربا
منكم وفيكم وإليكم وبكم * ما لو شرحناه فضحنا الكتبا
وأما الزعم الثاني:
فيبطله أنّ قادة الحملة ووجوهها هم العرب وقد أفاض في ذلك الجاحظ برسالته المسماة مناقب الأتراك، وقد ذكر من قادة الحملة، قحطبة بن شبيب الطائي، وسليمان بن كثير الخزاعي، ومالك بن الهيثم الخزاعي، وخالد بن إبراهيم الذهلي، ولاهز بن طريف المزني، وموسى بن كعب المزني، والقاسم ابن مجاشع المزني، كما نص المؤرخون على أسماء القبائل العربية التي كانت مقيمة في خراسان والتي كونت الزحف في معظمه وهم خزاعة وتميم، وطي، وربيعة، ومزينة وغيرها من القبائل العربية وللتوسع في معرفة أسماء القادة والقبائل العربية التي جاءت في الحملة للقضاء على الحكم الاُموي يراجع كتاب ابن الفوطي مؤرخ العراق لمحمد رضا الشبيبي فقد توسع في إيراد النصوص التاريخية من
اُمهات الكتب وشرح أهداف الحملة ونوعية الجيش والأقطاب الذين اشتركوا بالحملة وبالجملة بكل ملابسات الموضوع.
والشق الثاني الوارد في الزعم وهو أن العناصر غير العربية أرادت الإِنتقام لأنّها كانت محرومة من الإِشراك بالمناصب فهو بالجملة غير صحيح لأنّ كثيراً من العناصر الأجنبية والموالي شغلوا مناصب كبيرة في العهد الأموي على امتداد هذا العهد ولم يكن وضعهم أيام العباسيين يختلف كثيراً عن وضعهم أيام الاُمويين وقد أشار لذلك الدكتور أحمد أمين بقوله: فسلطة العنصر الفارسي كانت تنمو في الحكم الاُموي وعلى الأخص في آخر ولو لم يتح لها فرصة الدولة العباسية لاُتيحت فرص اُخرى مختلفة الأشكال.
لقد تولى جماعة من غير العرب مناصب هامة ومنهم سرجون بن منصور كان مستشاراً لمعاوية ورئيس ديوان الرسائل ورئيس ديوان الخراج، ومرداس مولى زياد كان رئيس ديوان الرسائل، وزاذا نفروخ كان رئيس خراج العراق، ومحمد بن يزيد مولى الأنصار كان والياً على مصر من قبل عمر بن عبدالعزيز، ويزيد بن مسلم مولى ثقيف كان والياً على مصر، وكان منه القضاة والولاة ورؤساء دواوين الخراج وقد تغلغلوا في أبعاد الدولة وشعبها بصورة واسعة.
هذا من ناحية ومن ناحية اُخرى إنّ وضع العرب لم يكن يستأثر باهتمام الاُمويين إلا بمقدار ما يحقق مصالح الاُمويين أنفسهم فإذا اقتضت مصالحهم أن يضربوا العرب بعضهم ببعض فعلوا كما حدث ذلك أكثر من مرة في حكم الاُمويين فراجع. وقد تعرض الدكتور أحمد أمين إلى ذلك وشرحه مفصلاً وبينّ كيف كان العرب يضرب بعضهم بعضاً إذا اقتضى الأمر ذلك فراجع.
وأما الزعم الثالث:
وهو انتشار الفكر الشيعي عن طريق الموالي وتعاظم نفوذهم وامتداده تبعاً لذلك فيكذبه أنّ هذا المضمون بجملته غير صحيح فقد نكب الفرس أيام العباسيين وضرب نفوذهم أكثر من مرة، ومن أمثلة ذلك القضاء على أبي مسلم وأتباعه أيام المنصور والقضاء على البرامكة أيام الرشيد، والقضاء على آل سهل أيام المأمون وهكذا، يبقى أنّ الموالي لمعوا في ميادين اُخرى فذلك صحيح بالجملة، وتصور نفوذ الفرس إنما هو من أيام السفاح حتى أيام المأمون وهي كما ترى لا تثبت للفرس والموالي نفوذاً خارج دائرة العباسيين وإنّما ضمن دائرتهم بحيث يستطيعون احتواءهم في أي وقت. أما الفترة التي تبدأ من عصر المتوكل حتى نهاية الحكم العباسي فإنّ الحكم العباسي ضعف نفوذه حتى انقض عليه حكام الأطراف. ولا يعني ذلك استشراء نفوذ الفرس فقط بل هو شأن الكيان الضعيف الذي ينهشه كل طامع. إنّ العوامل التي أدت إلى ضعف الحكم العباسي أشبعها الباحثون بالتفصيل.
إنّ التصوير نفوذ الفرس بالشكل الذي أورده بعضهم ونفوذ الموالي مبالغ فيه غاية المبالغة فإذا كانت الشعوبية قد وجدت أيام العباسيين فإنّها امتداد لنزعة الشعوبية منذ أيام الأمويين وإذا كان للفرس نفوذ فلم يصل إلى الحد الذي ينتزع نفوذ العرب، بل كان ذلك النفوذ ملحوضاً من قبل الدولة ومسموحاً به لأهداف كثيرة استهدفها العباسيون من السماح بذلك ـ.
يقول فلهوزن عن نفوذ الفرس في العصر العباسي: أما أنّ النفوذ الفارسي كان هو الراجح فهو أمر غير مؤكد.
أما الشق الثاني من هذا الزعم وهو تنفس التشيع أيام العباسيين فهو غير صحيح بل العكس هو الصحيح فإنّ العباسيين أولعوا بدم الشيعة وأئمتهم وتعرض التشيع في مختلف أدوارهم إلى محن وخطوب مروّعة عدى فترات بسيطة مرت مرور الغمام كما هو الحال في فترة البويهيين وبالجملة إنّ كتب التاريخ قد حفظت لنا صوراً مروعة من تعرض الشيعة للإبادة أيام العباسيين وبوسع القارئ الرجوع إلى أي كتاب من كتب التاريخ الرئيسية ليرى ذلك واضحاً.
وبعد هذا التعقيب البسيط على هذه المزاعم: أعود إلى تلاميذ المستشرقين الذين نسجوا على منوال أساتذتهم فقلدوهم في هذا الزعم وهو فارسية التشيع ومنهم:
1 ـ الدكتور أحمد أمين:
يذهب الدكتور أحمد أمين إلى استيلاء الفكر الفارسي على التشيع برغم قدم التشيع على دخول الفرس فيه وذلك لأنّ أكثر الشيعة فرس ـ على زعمه ـ فغلبت نزعاتهم على التشيع وصبغته بالفارسية ولنستمع إلى قوله حرفياً:
(والذي أرى كما يدلنا التاريخ أنّ التشيع لعليٍّ بدأ قبل دخول الفرس في الإِسلام ولكن بمعنى ساذج ولكنّ هذا التشيع أخذ صبغة جديدة بدخول العناصر الاُخرى في الإِسلام وحيث أنّ أكبر عنصر دخل الإِسلام الفرس فلهم أكبر الأثر بالتشيع.
ويقول في مورد آخر: فنظرة الشيعة في عليٍّ وأبنائه هي نظرة آبائهم الأولين من الملوك الساسانيين، وثنوية الفرس كانوا منبعاً يستقي منه الرافضة في الإِسلام فحرك ذلك المعتزلة لدفع حجج الرافضة.
إنّي أطلب من القارئ هنا التأمل في هذه اللهجة الحادة التي يفح منها الشرر والنار حتى يعرف مدى موضوعية أحمد أمين ونظرائه، وقد دأب أحمد أمين على اجترار هذه الفكرة وترتيب الآثار عليها كما يظهر ذلك واضحاً في كل مؤلفاته، إنّ التركيبة التي تكوّن منها أحمد أمين هي الحقد والكراهية للشيعة، زائداً تقليد المستشرقين فيما يقولونه عنهم.
2 ـ محمد أبو زهرة:
يذهب الشيخ محمد أبو زهرة إلى نفس رأي أحمد أمين ويضيف له: إنّ أكثر الشيعة الأوائل فرس ولنستمع إلى ما يقوله في هذا الموضوع وهو يستعرض آراء المستشرقين ويعقب عليها قال: وفي الحق أنا نعتقد أنّ الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك ووراثته ويزكي هذا أنّ أكثر أهل فارس إلى الآن من الشيعة وأنّ الشيعة الأولين كانوا من أهل فارس ورحم الله أبا الطيّب المتنبي إذ يقول:
ودهر ناسه ناس صغار * وإن كانت لهم جثث ضخام
وأبو زهرة مورد انطباق هذا البيت، إنّه يقول إنّ الشيعة الأولين كانوا من أهل فارس وأنا أطلب من كل قارئ أن يستخرج لي من الشيعة الأولين خمسة من الفرس وأنا متأكد سلفاً أنّهم لا يجدون هذا العدد، فهل تبقى بعد ذلك قيمة لأقوال مثل أبي زهرة وكم لأبي زهرة من أقوال لا تعرف التحقيق وعلى كل حال لقد لقي الرجل ربه وأسأل الله تعالى له العفو.
3 ـ أحمد عطية الله:
وهذا الرجل ممن نسج على منوال المستشرقين بنسبة التشيع للفارسية فهو يرى أنّ الأفكار الشيعية تأثرت بالفارسية عن طريق عبد الله بن سبأ الذي نقل للتشيع أكثر من رافد فكري ومن هذه الروافد: الفارسية فقد قال بالحرف الواحد:
وإنّ ابن السوداء انتقل إلى المدينة وبث فيها أقوالاً وآراء منافية لروح الإِسلام نابعة من يهوديته، ومن معتقدات فارسية كانت شايعة في اليمن وبرز في صورة الداعية المنتصر لحق الإِمام عليٍّ (عليه السلام) وادعى أنّ لكل نبي وصياً وأنّ علياً وصي محمد الخ. هذه مجرد عينة من النماذج التي نسجت على منوال المستشرقين، وإنّك لتجد هذه الفكرة عند المتأخرين من كتاب السنة شائعة يتلقاها الخلف عن السلف ثم يحاول تعميقها وترسيخها بما يملكه هو من عبقرية وسوف لا أتعجل الرد على الفكرة إلا بعد أن أستوفيها فأذكر لك أقوالهم في تعليل دخول الفرس للتشيع فإنّ ذلك يكون بمثابة الروح للبحث. إنّ أبرز هذه التعليلات التي ساقوها واعتبروها مبرراً لدخول الفرس إلى التشيع ثلاثة اُمور:
أسباب دُخول الفُرس للتشيع
في نظر السُّنّة
1 ـ الأمر الأول:
إصهار الحسين إلى الفرس لأنّه تزوج ابنة يزدجرد وهو أحد الملوك الساسانيين واسمها شاه زنان فولدت له عليَّ بن الحسين الذي اجتمعت في الخواص الوراثية للأكاسرة وخواص الإِمامة من آبائه كما يقول أبو الأسود الدؤلي:
وإنّ وليداً بين كسرى وهاشم * لأكرم من نيطت عليه التمائم
وفي ذلك تقول سميرة الليثي معقبة على رأي أرنولد توينبي في انتشار الإِسلام بين الفرس:
الذي أدى إلى انتشار الإِسلام هو زواج الحسين من شاهبانو إحدى بنات يزدرجرد وقد رأى الفرس في أولاد شاهبانو والحسين وارثين لملوكهم الأقدمين فزواج الحسين على رأي هؤلاء أحد العوامل التي أدت إلى انتشار التشيع لأهل البيت عند الفرس.
2 ـ الأمر الثاني:
التقارب في الآراء بين الشيعة والفرس ومن تلك موضوع الحق الإِلهي فكل منهما يرى أنّ الحق الإِلهي ثابت لمن يتولاه من القادة فالفارسي يراه للملوك الفرس والشيعي يراه للإِمام الذي يقول بإمامته، وهذا المعنى وإن صوّره بعضهم بأنّه تأثر من الشيعة بالفرس، ولكن لما كان التشيع أقدم من دخول الفرس فيه ولما كان الرواد من الشيعة كلهم عرب كما أثبتنا ذلك فيما سلف ولما كانت نظرية الشيعة في الإِمام لم تختلف عند زرارة عما كانت عليه عند أبي ذر وعمار ينتج من ذلك أنّ نظرية الحق الإِلهي التقى بها الشيعة مع الفرس ولم تكن نتيجة تأثر بآراء الفرس بحكم إيمان الشيعة بأن علياً وصي النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأنّه منصوص عليه، وقد دأب على ذكر هذا التقارب كثير من المستشرقين وتلاميذهم يقول محمد أبو زهرة:
وبعض العلماء ومنهم دوزي المستشرق قرر أنّ أصل المذهب الشيعي نزعة فارسية إذ أنّ العرب تدين بالحرية والفرس تدين بالملك وبالوراثة ولا يعرفون معنى الإِنتخاب، إلى أن قال إنّ الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك ووراثته.
وكذلك يذهب إلى هذا الرأي أحمد أمين وجملة من المستشرقين ذكرهم هو من الذاهبين لهذا الرأي، وقد أفاض في شرح هذا المعنى في كتابه فجر الإِسلام معززاً رأيه بآراء المستشرقين.
3 ـ الأمر الثالث:
إرادة هدم الإِسلام عن طريق الدخول في المذهب الشيعي التستر بحب أهل البيت ثم نقل أفكارهم الهدامة للإسلام كالقول بالوصية والرجعة والمهدي وغير ذلك. وفي ذلك يقول أحمد أمين: الحق أنّ التشيع كان مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإِسلام لعداوة أو حقد ومن كان يريد إخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزرادشتية وهندية ومن كان يريد استقلال بلاده والخروج على مملكته كل هؤلاء كانوا يتخذون حب أهل البيت ستاراً وأرجو ملاحظة نغمة استعداء
السلطة على الشيعة فهي نغمة ضرب عليها الكثيرون من قبله ومن بعده كصاحب المنار مثلاً إنّ هذا الإِتجاه في تصوير التشيع بأنّه أثر فارسي واضح عند كثير من المتأخرين مثل محب الدين الخطيب، وأحمد شلبي، ومصطفى الشكعة وغيرهم.
ولأجل إلقاء الضوء على صحة أو عدم صحة هذه الدعاوى التي نسبت للتشيع وبالذات الاُمور الثلاثة التي عللوا بها دخول الفرس للتشيع لا بد من ذكر اُمور:
1 ـ الرد على الاُمور الثلاثة.
2 ـ تحديد هوية التشيع عرقياً.
3 ـ تحديد هوية التشيع فكرياً.
4 ـ تحديد هوية السنة من نفس المنطلق والعلل التي أخذ بها كتاب السنة.
وسنبحث هذة الاُمور.
الإجابة على أسباب دخول الفرس للتشيّع
1 ـ الأمر الأول:
إصهار الحسين (عليه السلام) إلى الفرس.
إنّ من القواعد المسلم بها أنّ حكم الأمثال فيها يجوز أو لا يجوز واحد، وبناءاً على هذا فإنّ العلة التي ذكرها هؤلاء الكتاب في اعتناق التشيع من قبل الفرس وهي إصهار الحسين (عليه السلام) للفرس موجودة عند عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعند محمد بن أبي بكر، فقد ذكر الزمخشري في ربيع الأبرار وغيره من المؤرخين، أنّ الصحابة لما جاؤا بسبي فارس في خلافة الخليفة الثاني كان فيهم ثلاث بنات ليزدجرد فباعوا السبايا وأمر الخليفة ببيع بنات يزدجرد فقال الإِمام عليّ: إنّ بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهنّ, فقال الخليفة كيف الطريق إلى العمل معهنّ فقال: يقوَّمن ومهما بلغ ثمنهنّ قام به من يختارهنّ فقوِّمن, فأخذهنَّ عليٌّ فدفع واحدة لعبد الله بن عمر واُخرى لولده الحسين واُخرى لمحمد بن أبي بكر، فأولد عبد الله بن عمر ولده سالماً، وأولد الحسين زين العابدين وأولد محمد ولده القاسم فهؤلاء أولاد خالة واُمهاتهم بنات يزدجرد. وهنا نسأل إذا كانت العلة في دخول الفرس للتشيع هي مصاهرة الحسين للفرس فلماذا لا تطّرد هذه العلة فيتسنن الفرس لإصهار عبد الله بن عمر لهم ومحمد بن أبي بكر كذلك؟ وكل من محمد وعبد الله أبناء خليفة كما كان الحسين ابن خليفة. بالإِضافة لذلك إنّ كلاً من يزيد بن الوليد بن عبدالملك واُمه شاه فرند بنت فيروز بن يزدجرد ومروان بن محمد آخر خلفاء بني اُمية اُمه ام ولد من كرد إيران فلماذا لا تطَّرد العلة هنا أيضاً وبالعكس لماذا لا يميل العرب السنة لأهل البيت الذين اُمهاتهم عربية في حين نجد قسماً من العرب يبغض أهل البيت كالنواصب مثلاً. هذا سؤال يوجه للعقول التي تقول ولا تفكر.
2 ـ الأمر الثاني:
التقارب في الآراء بين الشيعة والفرس. وأن كلاً منهما يقول بنظرية الحق الإِلهي، ويقول بالوراثة ولا يعرف الإِنتخاب، وفي هذا الأمر شيئان الأول الإِتحاد في الآراء الذي يسبب الدخول للتشيع وهذا الأمر لا يقول به من يحترم عقله فمتى كان مجرد الإِشتراك في رأي دافعاً للإِتحاد بالعقيدة، إنّ كل باحث يعلم أنّ كل اُمة أو جماعة لا تخلو من الإِتحاد مع بعض الاُمم الاُخرى، في رأي من الآراء أو مسألة من المسائل ومع ذلك فلا يقوم ذلك سبباً للإندماج ولنعد لأحمد أمين نفسه ونلزمه بنتائج رأيه إذا وجد السبب فإنه يقول عند بحثه لمسألة الجبر والإِختيار:
إنّ مسألة الجبر والإِختيار تكلم فيها قبل المسلمين فلاسفة اليونان ونقلها السريانيون عنهم وتكلم فيها الزرادشتيون كما بحث فيها النصارى ثم المسلمون.
وقد توزع هؤلاء بين القول بالجبر والقول بالاختيار، وبناءاً على منطق أحمد أمين فإن المسلمين نصارى لأنّهم اتحدوا مع النصارى في شق من الرأي، وإلا فما هو مبرر أحمد أمين في اعتباره الشيعة فرساً لأنّهم اتحدوا مع الفرس بالقول ينظرية الحق الإِلهي.؟
أما الشق الثاني من الدعوى وهو أن كلاً من الفرس والشيعة يقولون بالوراثة فهو باطل فيما يخص الشيعة لأن الشيعة لا تعتبر الإِمامة متوارثة ولا تقول بالإرث في ذلك بل تذهب إلى أنّ الإِمام منصوص عليه من قبل الله تعالى عن طريق النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو الإِمام وكتب الشيعة طافحة بذلك.
وليست مسألة النص على الإِمام من المسائل المتأخرة عندهم بل هي معلومة من الصدر الأول عند الطبقة الأولى وذلك لوضوح النصوص التي اعتبروها مصدرهم في مسألة الإِمامة. وللتدليل على ذلك أذكر محاورة طريفة حدثت بين الخليفة الثاني وعبدالله بن عباس وكان الخليفة الثاني يأنس بابن عباس ويميل إليه كثيراً فقال له يوماً: يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتها هل بقي في نفس عليٍّ شيء من الخلافة. يقول ابن عباس: قلت نعم، قال: أو يزعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) نص عليه؟ قلت: نعم، فقال عمر: لقد كان من رسول الله في أمره ذروة من قول لا تثبت حجة ولا تقطع عذراً، ولقد كان يربع في أمره وقتاً ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة على الإِسلام فعلم رسول الله أني علمت ما في نفسه فأمسك, إنّ المنع الذي أشار إليه الخليفة عمر هو عندما طلب النبي من أصحابه في ساعاته الأخيرة دواة وكتف وقال: عليَّ بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً, فقال الخليفة عمر: إنّه يهجر وقد غلب عليه الوجع.
وعلى العموم إن هذه المحاورة وأمثالها توضح رأي الشيعة في موضوع
وفي هذا المعنى يقول أحد الشعراء:
أوصى النبي فقال قائلهم * قد راح يهجر سيد البشر
لكن أبا بكر أصاب ولم * يهجر وقد أوصى إلى عمر
لأنّ كلاً منهما كانت وصيته في مرض الموت.
الإِمامة وأنّها بالنص وليست بالوراثة فمن أين جاء المستشرقون وتلاميذهم بنظرية الوراثة لولا عدم الإِحاطة بالتشيع أو التحرف واتباع الهوى.
3 ـ الأمر الثالث وهو دخول الفرس في الإِسلام إرادة هدمه ثم لتحقيق مأربهم ونقل نظريات أسلافهم وهو ادعاء طريف ولا بد من الوقوف قليلاً حوله فنقول:
أولاً:
إنّ مؤلفات هؤلاء القوم في الدفاع عن الإِسلام ومساجدهم ومؤسساتهم الدينية وجهادهم في سبيل الله كل ذلك يشكل شواهد قائمة على كذب هذه الدعوى.
وثانياً:
لا بد من سؤال لهؤلاء القائلين بهذا القول في أنّ إرادة الإِلحاد والهدم عند الفرس هل هي مختصة بالفرس الذين اختاروا الإِسلام ودخلوا في التشيع أم أنّها عند كل الفرس من كل من كان من السنة منهم أو من الشيعة، ولابد أن تكون الإِجابة بالعموم لأن إرادة الإِلحاد جاءت من كونهم فرساً لا من أمر آخر وإذا كانت كذلك فلماذا انصبت الحملات على الفرس الشيعة فقط دون الفرس السنة.
وقد يقول قائل إن ذلك انتقل للفرس من الشيعة وهنا ينتقل الكلام إلى عقائد الشيعة وقد ذكرنا أنّ مصدر عقائدهم الكتاب والسنة فلا سبيل لرميهم بما ينافي الكتاب والسنة هذا إذا كان هؤلاء يبحثون عن الحقيقة ـ وهم أبعد الناس عنها ـ ولو لم يكونوا بعيدين عن الإرادة الخيرة لما بضّعوا شمل الاُمة وفرقوها شيعاً ولخجلوا من المفارقات في أقوالهم لأننا سنوقفك عن قريب على أنّ تاريخ وفقه وعقائد أهل السنة أبطاله الفرس أنفسهم ونحن لا نرى بذلك أي عيب أو غضاضة ما دمنا نعلم أننا كلنا من مصدر واحد وما دام قرآننا يصرح آناء الليل وأطراف النهار بشعار الوحدة وتوحيد المصدر! بقوله تعالى: (ألم نخلقكم من ماء مهين) 20/المرسلات.
ثالثاً:
إنّ المسائل التي أوردها القوم واعتبروها مما يهدم الدين ورموا بها
الشيعة الفرس مثل الوصاية والرجعة والقول بالمهدية يشاركهم بها أو بمثلها أهل السنة وما سمعنا أحداً ينبزهم بها أو يعتبرها عليهم سبة، كما أنّ هذه القضايا وردت في روايات أهل السنة بطرق موثوقة وسنذكر ذلك قريباً إن شاء الله، هذا بالإِضافة إلى أن هذه الآراء ليست من ضروريات الإِسلام عند الشيعة وقد تكون من ضروريات المذهب كالقول بالمهدي، فلماذا كل هذا الضجيج المفتعل ولماذا كل هذا الصرف للطاقات الذي يخلق فجوات بين أهل القبلة فضلاً عن عدم جدواه؟ ولماذا هذا الحماس المفتعل ازاء امور لا ينفرد بها الشيعة بل يقول بها السنة أنفسهم؟

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/09   ||   القرّاء : 2257



البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 كيف تأخذون دينكم عن الصحابة واغلبهم مرتدون ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الامامة في ولد الحسين لا الحسن اقصاء له ؟

 ردّ شبهة ان علي خان الامانة بعد ستة اشهر من رحيل رسول الله ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الحسن بايع معاوية وتنازل له عن الخلافة ؟؟.

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 أعتراف الألباني بصحة حديث الحوأب

 الجزاء الشديد لمن نقض العهد الأكيد ؟؟؟

 حديث الثقلين وبعض الحقائق الكامنة

 حديث الغدير/ وكفر من لا يأخذ بكلام رسول الله بحكم ابن باز؟؟

ملفات عشوائية :



 بحث مهم جدا حول التوسل

 أقوال أهل السنة بخروج أزواج النبي من مفهوم أهل البيت في آية التطهير

 هل الاعتقاد بالسلطة الغيبية للأشخاص شرك؟

 أشراط الساعة

 هل يصح استدلال ابن تيمية على صفة العلو بما يعتقده النصارى؟

 مالك بن أنس ينكر والوهابية يثبتون الساق لله!!!

 النبي يجتهد ويخطأ فما بقى للنبوة؟

 مقارنة بين الخوارج وبين معاوية ؟وحكمهم عند اهل السنة والجماعة ؟.

 نص صريح في أن حديث الغدير يعني الولاية

 وكلاء الإمام المهدي (عجل اللَّه فرجه الشريف)

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 24

  • الأقسام الفرعية : 90

  • عدد المواضيع : 841

  • التصفحات : 2343261

  • التاريخ :

Footer