هو ولي كل مؤمن بعدي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن نقطة الخلاف بيننا وبين أهل السنة هي في تفسير كلمة (ولي) فالشيعة تفسرها بتفسير يختلف عما يفسرها به السنة. وفيما يلي نلقي نظرة حول تفسير هذه الكلمة وكما يتناولها علماء أهل السنة. ذكر في منهاج السنة: حدثنا عباس بن الوليد النرسي وأبو كامل قالا: حدثنا جعفر بن سليمان عن يزيد الرشك عن مطرف عن عمران بن حصين قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي (1).
أما سنداً فهذا تعليق الألباني: (1187 إسناده صحيح رجاله ثقات على شرط مسلم والحديث أخرجه الترمذي 2 297 وابن حبان 2203 والحاكم 3 110 111 وأحمد 4 437 من طرق أخرى عن جعفر بن سليمان الضبعي به وقال الترمذي حديث حسن غريب وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم وأقراه الذهبي وله شاهد من حديث بريدة مرفوعا به أخرجه أحمد 5 356 من طريق أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة وإسناده جيد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أجلح وهو ابن عبد الله بن جحيفة الكندي وهو شيعي صدوق).
وأما متناً ودراية فنتركه لابن تيمية، قال في منهاج السنة النبوية : ( وكذلك قوله " هو ولي كل مؤمن بعدي " كذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بل هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن كل مؤمن وليه في المحيا والممات فالولاية التي هي ضد العداوة لا تختص بزمان وأما الولاية التي هي الإمارة فيقال فيها والي كل مؤمن بعدي كما يقال في صلاة الجنازة إذا اجتمع الولي والوالي قدم الوالي في قول الأكثر وقيل يقدم الولي فقول القائل علي ولي كل مؤمن بعدي كلام يمتنع نسبته إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فإنه إن أراد الموالاة لم يحتج ان يقول بعدي وإن أراد الإمارة كان ينبغي أن يقول وال على كل مؤمن)(2). ولكن ابن تيمية تناسى أن (ولي) مشترك لفظي من معانيها (من ولي أمر قوم)، كما في لسان العرب وغيره فتأملوا هذه الموارد: لسان العرب : (وفـي الـخبر أَن عبد الـملك بن مَرْوان خطب يوماً فقال ولِيَكُم عُمَرُ بن الـخطاب وكان فَظًّا غَلِـيظاً مُضَيِّقاً علـيكم فسمعتم له الـمِسمَع موضع العُروة من الـمَزادة ) (3). وفي النهاية في غريب الحديث: وفي حديث قُتَيبة لمَّا وَلِي خُراسان قال لهم إنْ وَلِيَكم والٍ رَؤوفٌ بكم قُلْتم قُبَاع بن ضَبَّة هو رجُل كان في الجاهلية أحْمَق أهل زَمانِه فضُرِب به المَثَل هـ وقال الفراء فـي قوله تعالـى: فهل عَسيتم إِنْ تَوَلَّـيْتُمْ أَن تُفْسِدوا فـي الأَرض أَي تولـيتم أُمور الناس، والـخطاب لقريش؛ قال الزجاج: وقرىءَ: إِنْ تُوُلِّـيتُمْ، أَي وَلِـيَكُمْ بنو هاشم. ويقال: تَوَلاَّكَ أَي وَلِـيكَ او الوَلِـيُّ: ولـيُّ الـيتـيم الذي يلـي أَمرَه ويقوم بكِفايته. ووَلـيُّ الـمرأَةِ: الذي يلـي عقد النكاح علـيها ولا يَدَعُها تسْتَبِدُّ بعقد النكاح دونه. وفـي الـحديث: أَيُّما امرأَة نكحت بغير إِذن مولاها فنِكاحُها باطل، وفـي رواية: وَلِـيِّها أَي مُتَوَلِّـي أَمرِها. وفـي الـحديث: أَسأَلُك غِنايَ وغِنى مولاي. وفـي الـحديث: من أَسْلـم علـى يده رجل فهو مولاه أَي يَرِثه كما يَرِث من أَعتقه. وفـي الـحديث: أَنه سئل عن رجل مُشْرِك يُسْلِـم علـى يد رجل من الـمسلـمين، فقال: هو أَولـى الناس بمَـحْياه ومـماته أَي أَحَقُّ به من غيره؛ قال الفراء: الـمَوالـي ورثَةُ الرجل وبنو عمِّه، قال: و الوَلِـيُّ و الـمَوْلـى واحد فـي كلام العرب. قال أَبو منصور: ومن هذا قول سيدنا رسولُ الله،، أَيُّما امرأَةٍ نَكَحَتْ بغير إِذن مَوْلاها، ورواه بعضهم: بغير إِذن وَلِـيِّها، لأَنهما بمعنى واحد"(4). وفي مسند أحمد والسنن الكبرى : " أخبرنا قتيبة بن سعيد قال حدثني جعفر يعني بن سليمان عن يزيد عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن حصين قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب فمضى في السرية فأصاب جارية فأنكروا عليه وتعاقدوا أربعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا لقينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخبرناه بما صنع وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدؤوا برسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم فلما قدمت السرية سلموا على النبي (صلى الله عليه وسلم) فقام أحد الأربعة فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم قام يعني الثاني فقال مثل ذلك ثم قام الثالث فقال مثل مقالته ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا فأقبل إليهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والغصب في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟!، إن عليا مني وأنا منه، وهو ولـي كـل مـؤمـن مـن بـعـدي". (5).
وهذا تقييم سنده على مباني أهل السنة:
قال ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب (قتيبة بن سعيد بن جميل. ثقة ثبت) (6).
تقريب التهذيب (جعفر بن سليمان الضبعي. صدوق زاهد) (7).
تقريب التهذيب (يزيد بن أبي يزيد الضبعي. ثقة عابد، وهم من لـيّـنه)(8).
تقريب التهذيب (عبد الله بن مطرف بن عبد الله بن الشخير. صدوق) (9).
وهذا قول الألباني في صحيحته : " وإسناده حسن ". (10).
فلحديث صريح في أن الولاية هنا بمعنى الأولى بالمؤمنين من أنفسهم لا بمعنى المحبة والنصرة لأن المحبة والنصرة ثابتة لعلي (عليه السلام) في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد وفاته، لا أن تثبت بعد وفاته فقط! وهل لاحظتم كيف كرر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( وهو وليكم بعدي ) وأكد عليها مرتين؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
(1) منهاج السنة 1 ج: 2 ص: 564 1187
(2) منهاج السنة النبوية ج7 ص391
(3) لسان العرب ج: 8 ص: 166
(4) النهاية في غريب الحديث ج: 4 ص: 7
(5) مسند أحمد ج5 ص356 ح23062، السنن الكبرى ج5 ص132ح8474:
(6) تقريب التهذيب ت5522
(7) تقريب التهذيب ت942
(8) تقريب التهذيب ت7793
(9)تقريب التهذيب ت3624
(10) ج5 ص262