مخالفة الالباني لشيخه ابن تيمية في معنى الاستواء
بسم الله الرحمن الرحيم
قال بن تيمية في كتاب مجموعة الفتاوي(1): وقال اهل السنة في قوله: (الرحمن على العرش استوى) الاستواء من الله على عرشه المجيد على الحقيقة لا على المجاز واستدلوا بقول الله (فاذا استويت انت ومن معك على الفلك) وبقوله (لتستووا على ظهوره) وبقوله (واستوت على الجودي). وقال عبد الله بن المبارك ومن تابعه من اهل العلم وهم كثير: ان معنى (استوى على العرش) استقر. لكننا نجد ان الشيخ الالباني يخالف شيخه بن تيميه في هذا، بل نجده يدعي بان بن تيمية لم يقل ذلك فقال في كتاب مختصر العلو (2) في رده على الامام محمد ابي زهرة عندما نسب القول بالاستقرار للشيخ بن تيمية: فاين رايت بن تيمية يقول بالاستقرار على العرش علماً بانه امر زائد على العلو وهو مما لم يرد به الشرع. وفي كتاب سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة واثرها السيء في الامة (3): مقتضى راي السلف ان نحذف الاستقرار من العلو فهلا قلتم كما قال السلف استوى استعلى ثم جردتم الاستعلاء من كل ما لا يليق بالله تعالى كالمكان والاستقرار ونحو ذلك ولا سيما وذلك غير لازم من الاستعلاء حتى في المخلوق فالسماء فوق الارض ومستعلية عليها ومع ذلك هي غير مستقرة عليها ولا هي بحاجة اليها فالله تعالى اولى بان لا يلزم من استعلائه على المخلوقات كلها استقراره عليها او حاجته تعالى اليها.
ولنا ان نسأل ما وجه مخالفة الالباني لشيخه بن تيمية؟
الجواب: للزوم الاستقرار عدم النزول وقد ثبت نزوله عند الشيخ الالباني ليلة الجمعة الى السماء الدنيا.
ثم بعد ان اثبت الشيخ بن تيمية بانه تعالى مستقر على عرشه لم يكتف بذلك بل اصر على بيان كيفية استقراره تعالى فذكر انه تعالى جالس وقاعد على العرش ففرق بين الاستقرار والجلوس والقعود فمثلا انت تعلم بان فلان مستقر وموجود في البيت لكن لا تعلم كيفية وجوده هل هو قائم او قاعد او نائم فاذاً الجلوس والقعود هما كيفية استوائه تعالى على العرش. يقول الدشتي في اثبات الحد لله وبانه جالس وقاعد على عرشه ص63: ومن معاني الاستواء الجلوس والقعود. ويقول الشيخ بن تيمية في كتاب شرح حديث النزول(4): واذا كان قعود الميت في قبره ليس هو مثل قعود البدن فما جائت به الاثار عن النبي (صلى الله عليه وسلم) من لفظ القعود والجلوس في حق الله تعالى كحديث جعفر بن ابي طالب وحديث عمر بن الخطاب وغيرهما اولى ان لا يماثل صفات اجسام العباد.
وكذلك يقول الشيخ البراك في شرح الرسالة التدمرية(5): وقد فسر الاستواء عند السلف بالعلو والارتفاع والاستقرار والصعود اما لفظ القعود فلم يذكر في الاثار المروية في تفسير الاستواء واما لفظ الجلوس فقد ورد في بعض الاثار وربما اطلق بعض الائمة هذا اللفظ ايضا وسياق كلام الشيخ يشعر بان الاستواء يتضمن القعود ولكن الاولى التوقف في اطلاق هذا اللفظ الا ان يثبت.
ومن الروايات التي اثبتوا فيها لفظ القعود ما ذكره صاحب كتاب اثبات الحد لله(6): عن عمر قال اتت امرأة النبي فقالت ادعو الله ان يدخلني الجنة فعظم الرب وقال ان كرسيه فوق السموات والارض وانه يقعد عليه فما يفضل منه مقدار اربع اصابع ثم قال باصابعه يجمعها وان له اطيطاً كاطيط الرحل الجديد اذا ركب. ثم قال هذا حديث صحيح رواته على شرط البخاري ومسلم.
وايضاً روى هذه الرواية الذهبي في كتابه العرش(7).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجموعة الفتاوي، لابن تيمية: ج3 ص309.
(2) العلو للعلي العظيم ص40 تاليف الحافظ شمس الدين الذهبي تحقيق ناصر الدين الالباني اشرف عليه زهير الشاويش.
(3) سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة واثرها السيء في الامة: ج11 ص506.
(4) شرح حديث النزول: ص400تحقيق وتعليق محمد بن عبد الرحمن الخميس.
(5) شرح الرسالة التدمرية، لابن تيمية شرحها فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك: ص238.
(6) اثبات الحد لله: ص149.
(7) العرش دراسة وتحقيق الدكتور محمد بن خليفة التميمي: ج2 ص 116.