سياسة عمر الطائفية
بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في كتاب سلمان الفارسي التالي: ان السياسة الطائفية تعد من خصائص الخليفة الثاني ولهذا الامر شواهد كثيرة في التاريخ وقد بذر اول بذور التفرقة القومية مما اثار حفيظة بعض المسلمين من غير العرب الذي تطور لاحقا في زمن بني امية بعد ان التزموا بهذه السياسة ايضا فمثلا نجد اتهاماً صريحاً موجهاً من قبل العباس بن عبدالمطلب إلى عمر بن الخطاب ، بانه كان ينطلق في مواقفه من أبي سفيان حينما طالب بقتله في فتح مكة من الروح القبلية والتعصب لعشيرته ، فقد قال له العباس: مهلا يا عمر ، أما والله ، ان لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا ، ولكنك عرفت: انه من رجال بني عبدمناف (1).
نعم.. عدا عن ذلك ، فان لدينا الكثير من النصوص التي تدل على أنّ الخليفة الثاني كان يصر على تمييز العرب على كل من عداهم ، وأن كل همه كان منصرفاً إلى تأكيد ذلك وتثبيته؛ ليكون سياسة متبعة بعده ، يأخذها الخلف عن السلف. ومن جهة اُخرى فإنه كان يبخس غير العرب حقوقهم ، ويمتهن كراماتهم ، ويعتدى على شخصيتهم في سياساته ، وتشريعاته ، ومواقفه ، في الظروف ، والمناسبات ، والاُحوال المختلفة.
ولبيان طرف من ذلك نشير إلى سياساته هذه في مجالين :
المجال الاول تفضيل العرب:
فبالنسبة إلى سياسته في تفضيل العرب ، فاننا نشير إلى ما يلي :
إن من كلماته المعروفة والمأثورة عنه ، قوله: « ليس على عربي ملك(2).
ويقول : « إنّي كرهت أن يصير السبي سنة على العرب» (3). وقد اعتق سبي اليمن ، وهن حبالى ، وفرق بينهن وبين من اشتراهن .(4) واعتق كل مصل من سبي العرب ، وشرط عليهم : أن يخدموا الخليفة من بعده ثلاث سنين .(5)
وكان في وصيته: أن يعتق كل عربي في مال الله. وللامير من بعده عليهم ثلاث سنوات ، يليهم مثلما كان يليهم عمر .(6)
ولا ندري سرّ هذا الشرط ، ولا مبرراته بالتحديد ، إلا إذا كان يقصد خليفة معينا لديه ، يعدّ العدة لفرضه على الناس ، عن طريق اختراع شورى الستة اشخاص ، الذين اختارهم بعناية فائقة ، مما جعله يطمئن إلى حقيقة النتيجة ، التي سوف ينتهون إليها. وحدد فداء العربي مقداراً معيناً من الإبل ، ولكن ما حدده قد اختلف أيضاً (7) ولعل ذلك يرجع إلى أنه قد تقلب رأيه وتبدل من وقت الآخر.. ولذلك نظائر في آرائه وفي قراراته ، كما في بعض مسائل الارث .(8) ومما يروي عنه: أنه لما ولي قال: إنه لقبيح بالعرب أن يملك بعضهم بعضاً ، وقد وسع الله عزّوجل ، وفتح الاُعاجم ، واستشار في فداء سبايا العرب في الجاهلية والاسلام ، الاّ امرأة ولدت لسيدها... إلخ .(9) ورد سبي الجاهلية ، واولاد الاماء منهم احراراً إلى عشائرهم ، على فدية يؤدونها إلى الذين اسلموا وهم في أيديهم ، قال: وهذا مشهور من رأيه (10). كما أنه قد أمر بردّ سبي مناذر ، وكل ما أصابوه منهم ، على اعتبار : أنها من قرى السواد .(11) وردّ سبي ميسان ، رغم أن بعضهم قد وطأ جاريته زماناً ، فردّها ولا يعلم إن كانت حاملاً منه أم لا (12). وكان إذا بعث عماله شرط عليهم شروطاً منها: « .. لا تضربوا العرب؛ فتذلوها ، ولا تجمروها فتفتنوها ، ولا تعتلوا عليها ؛ فتحرموها» (13). كما أنه قد أخذ من نصارى بني تغلب العشر ، ومن نصارى العرب نصف العشر .(14) ولعل سياسة عمر هذه ، هي التي دفعت البعض ، لان يبادر إلى نسبة بعض الاقوال إلى رسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، تتضمن الاُمر بحب العرب ، وتحذر من بغضهم (15). وبعضها يدعي ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد اختص سلمان بالنهي عن بغض العرب .(16) كما أن سياسة عمر هذه تجاه العرب ، لعلها هي التي جعلته يأمن جانبهم ، حتى إنه ليقول : « قد كنت أظنّ : أن العرب لن يقتلني» (17) وفي لفظ آخر : « ما كانت العرب لتقتلني » (18).
المجال الثاني: تجني الخليفة على غير العرب :
أما رأي عمر وسياساته تجاه غير العرب ، فرغم أنه هو نفسه يقول : « إني تعلمت العدل من كسرى ، وذكر خشيته وسيرته» (19). ولم يتعلم ذلك من أي شخصية عربية ، حتى من النبيّ الاعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
ورغم أننا لا نجد في سيرة كسرى هذا العدل المدعى ، الذي تعلمه عمر ، ولا تلك الخشية التي نسبها إليه !! وإن كنا ربما نجد اليسير من الظواهر الخادعة ، التي تخفي وراءها الكثير من الظلم والجور ، والفساد ، والقسوة..
نعم.. إننا رغم ذلك نجد سياسة عمر تجاه غير العرب قد كانت قاسية وظالمة ، وليس فيها ما يصحح وصفها بالعدل والإنصاف.. هذه السياسة التي طبقها الامويون بعده بحذافيرها ، واستمرت آثارها تتفاعل ، وتتلاقح قروناً من الزمن بعد ذلك ، بل إننا لا نزال نجد هذه الاثار تظهر بصورة أو باخرى حتى يومنا هذا ..
ونحن نذكر فيما يلي بعض النصوص التي توضح هذه السياسة ، وهي التالية :
سياسة الخليفة بالتفضيل:
1 ـ تحريم المدينة على غير العرب :
« كان عمر لا يترك أحداً من العجم يدخل المدينة..» (20)
وحين طعن عمر ، وعنف ابن عباس ، لحبّه وأبيه كثرة العلوج بالمدينة ، قال له أن شئت فعلت ؛ أي قتلناهم . قال : كذبت . بعد ما تكلموا بلسانكم ، وصلوا إلى قبلتكم ، وحجوا حجكم ؟! (21).
2-ـ بيع الجار النبطي :
وقد نقل المأمون العباسي : أن عمر بن الخطاب كان يقول : من كان جاره نبطياً ، واحتاج إلى ثمنه فليبعه (22).
3-ـ لاقود لغير العربي من العربي :
وقد طلب عبادة بن الصامت من نبطي : أن يمسك له دابته ، فرفض ، فضربه عبادة؛ فشجه ؛ فأراد عمر أن يقتص له منه؛ فقال له زيد بن ثابت : أتقيد عبدك من أخيك؟.
فترك عمر القود ، وقضى عليه بالدية .(23)
4ـ زيّ العجم :
وقد كتب عمر إلى من كان مع عتبة بن فرقد بآذربايجان : « .. وإياكم والتنعم ، وزيّ العجم» (24).
وليس ذلك لاجل أن في ذلك تشبهاً للمسلم بغير المسلم ، فانه لم يكن بينهما هذا التمايز الواضح في الزي ، بحيث يعدّ هذا زيّ مسلم ، وذاك زيّ كافر ، فإن الناس كانوا يتوافدون على الدخول في الاسلام من جميع الامم ، وما كانوا يؤمرون بتغيير زيّهم إلى زيّ آخر خاص بالمسلمين..
بل لقد ادعى ابن تيمية : ان الشريعة حين تنهى عن مشابهة الاعاجم ، دخل في ذلك الاعاجم الكفار والمسلمون معاً .(25)
5ـ رطانة الاعاجم ، ونقش الخاتم بالعربية :
وعن عمر بن الخطاب ، أنه قال : « لا تعلموا رطانة الاعاجم» (26).
وسمع ـ وهو يطوف ـ رجلين خلفه ، يرطنان؛ فالتفت إليهما ، وقال : ابتغيا إلى العربية سبيلاً .(27)
وعنه أنه قال : تعلموا العربية؛ فانها تزيد في المروءة .(28)
فاذا كان التكلم بالعربية يزيد في المروءة بزعمه؛ فان التكلم بالفارسية يوجب ذهاب المروءة بنظره أيضاً.
فقد رووا عنه قوله : « من تكلم بالفارسية؛ فقد خبّ ، ومن خبّ ذهبت مروءته» (29)
قال الكتاني : وقد استفسد ابن رشد ما جاء عن مالك ، وعن عمر ، من ذم تعاطي لغة الاعاجم .(30)
وبعد.. فان الخليفة قد نهى أيضاً ؛ أن ينقش في الخاتم بالعربية (31)ولعله ترفعاً باللغة عن الابتذال!!
تحفظ لابد منه: وبعد.. فاننا نعتقد : أن أبا هريرة أراد التزلف إلى الخليفة وإلى من يسيرون على خطه ، ويتبعون سياسته ، حينما روى الحديث المرفوع : « أبغض الكلام إلى الله الفارسية» (32).
وذلك لاُن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد تكلم بالفارسية مع أبي هريرة بالذات (33)، فضلاً عن موارد اخرى رويت عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ..
كما أننا لا نكاد نصدق ما يروى : من أن الملائكة حول العرش يتكلمون بالفارسية .(34)
6ـ ولاية المولى على العرب:
عن عبدالرحمان بن أبي ليلى ، قال : خرجت مع عمر (رض) إلى مكة؛ فاستقبلنا أمير مكة : نافع بن علقمة (رض) ، فقال : من استخلف على أهل مكة؟
قال : عبدالرحمن بن أبزى (رض). قال : عمدت إلى رجل من الموالي ؛ فاستخلفته على من بها من قريش ، وأصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؟.
قال : نعم. وجدته أقرأ للكتاب ، ومكة أرض مختصرة؛ فاحببت أن يسمعوا كتاب الله ، من رجل حسن القراءة.
قال : نعم ما رأيت ، إن عبدالرحمن بن ابزى ممن يرفع الله بالقرآن .(35)
فنراه يعتبر : أن كونه من الموالي من موجبات ضعته ونقصه ، لولا أن رفعه الله بالقرآن.
7ـ التفضيل بالعطاء :
وفيما يرتبط بتفضيله العرب على العجم في العطاء ، فانه أمر معروف ، ومشهور أيضاً (36) فانه كتب الناس على قدر انسابهم؛ فلما انقضت العرب ذكر العجم .(37)
قال ابن شاذان : « .. فلم تزل العصبية ثابتة في الناس ، منذ ذاك ، إلى يومنا هذا» (38).
وقد أجرى سياسة التمييز هذه حتى بالنسبة لنساء النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، قال الجاحظ : « فضل القرشيات من نساء النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على غيرهن» (39).
ويكفي أن نشير هنا إلى أنه قد أعطى جويرية ستة آلاف درهم ، بينما أعطى عائشة اثني عشر ألف درهم ، وقال : لا أجعل سبية كابنة أبي بكر الصديق .(40)
8ـ الكفاءة في النكاح : أضف إلى جميع ما تقدّم : أنه نهى : أن يتزوج العجم في العرب ، وقال : لامنعن فروجهن إلا من الاكفاء (41). وعند الجاحظ أنه قال : « زوجوا الاكفاء. وكان أشد منه (أي من أبي بكر) في أمر المناكح(42)
وصاروا يفرقون بين العربية والموالي .(43)
وقد انعكس ذلك على الفقه أيضاً ، فقد : قالت الحنفية : « قريش بعضها اكفاء لبعض ، ومن كان له أبوان في الاسلام فصاعداً من الموالي ، فهم اكفاء .(44) وفي التذكرة : أن الحنفية ، وبعض الشافعية ، قد أفتوا بأن العجم ليسوا اكفاء للعرب. أما الثوري ، فكان يرى التفريق بين المولى والعربية وشدد فيه وله فتاوى عجيبة اخرى لا مجال لذكرها هنا (45) .
وقال ابن رشد : « قال سفيان الثوري وأحمد : لا تزوج العربية من مولى ، وقال أبو حنيفة واصحابه : لا تزوج قرشية إلا من قرشي ، ولا عربية الا من عربي» (46). كما ويلاحظ هنا : أنهم قد وضعوا بعض ما يسمى بالروايات ، ونسبوها الى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم). (47). ونكاد نظن : أن الخليفة الثاني ، قد استفاد ذلك من كسرى ، الذي تعلم منه العدل أيضاً .. وذلك لان أنوشيروان اشترط على معدي كرب شروطاً ، منها : أن الفرس تزوج باليمن ، ولا تتزوج اليمن منها. وفي ذلك يقول الشاعر:على أن ينكحوا النسوان منهم * ولا ينكحوا في الفار سينا(48) وبعد .. فاننا نجد عمر بن عبدالعزيز الاموي يقتفي خطى عمر بن الخطّاب في هذا المجال؛ فهو يقول : لا يتزوج من الموالي في العرب إلا الاشتر البطر ، ولا يتزوج من العرب في الموالي إلا الطمع الطبع ، وقال :لا خير في طمع يهدي الى طمع * وغفة من قوام العيش تكفيني (49).
وقال الجاحظ : « وقالت الزنج للعرب : من جهلكم أنكم رأيتمونا لكم اكفاء في الجاهلية في نسائكم؛ فلما جاء الاسلام رأيتم ذلك فاسداً» (50). وزعم الاصمعي ، قال : سمعت أعرابياً يقول لآخر :
أترى هذه العجم تنكح نساءنا في الجنة؟! قال : أرى ذلك ـ والله ـ بالاعمال الصالحة.
قال : توطأ ـ والله ـ رقابنا قبل ذلك(51).
9ـ قرار يعجز الخليفة عن تنفيذه : ولما ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر أن يبيع النساء ، ويجعل الرجال عبيداً للعرب ، وعزم على أن يحملوا الضعيف ، والشيخ الكبير في الطواف حول البيت على ظهورهم.
ولكن أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام رفض ذلك ، وأعتق نصيبه ، ونصيب بني هاشم ، فتبعه المهاجرون والانصار ، ففات على عمر ما كان أراده (52).
10ـ محاولة استئصال غير العرب :
وقد أرسل عمر إلى أبي موسى الاشعري ، عامله بالبصرة حسب ما ورد في رسالة معاوية لزياد : « .. أعرض من قبلك من أهل البصرة ؛ فمن وجدت من الموالي ، ومن اسلم من الاعاجم قد بلغ خمسة أشبار ؛ فقدمه ؛ فاضرب عنقه(53). فشاور أبو موسى زياداً ، فنهاه زياد عن ذلك ، وأمره أن يراجع عمر في ذلك ، فكتب إليه ، وأرسل زياداً إليه بالكتاب ، فلم يزل بعمر حتى ردّه عن رأيه ، وخوفه فرقة الناس ، فرجع ..
وقال له : « مايؤمنك ، وقد عاديت أهل هذا البيت : أن يثوروا إلى علي ؛ فينهض بهم ، فيزيل ملكك؟ !» .
فكفّ عن ذلك. ثم تذكر الرسالة سبب اقدام عمر على هذا الإجراء ، وهي امور هامة يجدر بالباحث الاطلاع عليها ، ويقول فيها أيضاً معاوية لزياد « .. فلو كنت يا أخي لم ترد عمر عن ذلك لجرت سنته ، ولا ستأصلهم الله ، وقطع أصلهم. وإذن.. لاستنت به الخلفاء بعده ، حتى لا يبقى منه شعر ، ولا ظفر ، ولا نافخ نار إلخ.. » (54).
11ـ أوامر وقرارات لا تطاق : وقد جاء في رسالة معاوية لزياد بن أبيه ، المشار إليها آنفاً : الاوامر والقرارات التالية: « .. وانظر إلى الموالي ، ومن أسلم من الاعاجم؛ فخذهم بسنة عمر بن الخطاب ؛ فان في ذلك خزيهم وذلّهم: ان تنكح العرب فيهم.ولا تنكحوهم. وأن يرثهم العرب. ولا يرثونهم. ولا تقصر بهم في عطائهم ، وأرزاقهم..وأن يقدموا في المغازي : يصلحون الطريق ، ويقطعون الشجر.ولا يؤم أحد منهم العرب في صلاة.ولا يتقدم أحد منهم في الصف الاُول ، إذا حضرت العرب ، إلا أن يتموا الصف. ولا تولّ أحداً منهم ثغراً من ثغور المسلمين ، ولا مصراً من امصارهم.
ولا يلي أحد منهم قضاء المسلمين. ولا أحكامهم. فان هذه سنة عمر فيهم ، وسيرته.. » .
إلى أن قال : وفي رواية اخرى : يا أخي لولا أن عمر سنّ دية الموالي على النصف من دية العرب ـ وذلك أقرب للتقوى ـ لما كان للعرب فضل على العجم.فاذا جاءك كتابي هذا .. فأذلّ العجم. وأهنهم. واقصهم. ولا تستعن بأحد منهم.ولا تقض له حاجة» (55).
12ـ الإرث : قد أشير في الرسالة السابقة إلى أن عمر بن الخطاب قد قرر : أن العرب يرثون العجم والموالي ، ولا يرث هؤلاء اولئك .. ولا يقتصر نقل ذلك عنه على ذلك النص ، فقد صرحوا بقولهم :
أبى عمر : أن يورِّث أحداً من الاعاجم إلا أحداً ولد في العرب (56). زاد رزين : أو امرأة جاءت حاملاً ؛ فولدت في العرب (57). وهو قول عثمان وعمر بن عبدالعزيز أيضاً(58) .
13ـ تقليم أظفار العجم : وكان ثابت بن قرة الحراني الصابي الفيلسوف يقول : « فضلت امة النبيّ العربي على جميع الامم الخالية بثلاثة لا يوجد في من مضى مثلهن :
بعمر بن الخطّاب في سياسته ؛ فانه قلّم أظفار العجم ، ولطف في ايالة العرب ، وتأتى لتدبير الحروب ، وأشبع لبطون العرب» (59).
14ـ الحمراء والتجارة : « .. وفي العتيبة : قال مالك : قال عمر بن الخطاب : عليكم بالتجارة ، لا تفتنكم هذه الحمراء على دنياكم. قال اشهب : كانت قريش تتجر ، وكانت العرب تحقر التجارة. والحمراء يعني : الموالي .
وفي المدخل لابن الحاج : ورد أن عمر بن الخطاب دخل السوق في خلافته ؛ فلم يرفيه في الغالب إلاّ النبط ، فاغتم لذلك ؛ فلما أن اجتمع الناس أخبرهم بذلك ، وعذلهم في ترك السوق ؛ فقالوا : إن ا اغنانا عن السوق ، بما فتح به علينا ، فقال (رض) : والله لئن فعلتم ليحتاج رجالكم إلى رجالهم ، ونساؤكم إلى نسائهم» (60).
هذه نظرة عمر إلى الموالى ، وهذا هو رأيه فيهم . بل لقد منعهم حتى من دخول السوق ! فقدر روي عنه : أنه قال : لا يدخل الاعاجم سوقنا حتى يتفقهوا في الدين (61).
ولا ندري إن كان قد اشترط على العرب أيضاً هذا الشرط أم لا؟
بل ان الظاهر من رواية العتيبة ، وابن الحاج : أنه كان لا يرغب في ان يرى الموالي في السوق ، يتجرون ، ويحصلون على المال دون العرب ؛ فموقفه نابع من حبه الخير للعرب ، دونهم . وقد رأينا فيما سبق كيف فضل العرب عليهم ، في العطاء ، وفي الزواج ، وفي ما سوى ذلك من امور. وخطب عمر في الجابية ، فكان مما قال : « واياكم وأخلاق العجم .. إلى أن قال : واياكم أن تكسبوا من عقد الاعاجم ، بعد نزولكم في أرضهم . إلخ» (62)
وأخيراً .. فان ولده عبدا ، الذي كان معجباً بأبيه ، ومتأثراً به الى حد بعيد ـ قد ورثه في احتقاره لغير العرب ، فقد روي : أنه مرّ على زنجي ؛ فقال له : السلام عليك يا جُعَل (63). وبعد كل ما تقدم يتضح : ان ما روي من أن عمر بن الخطاب قد لام أبا موسى ، لانه حين قدم عليه قوم أعطى العرب منهم وترك الموالي (64). انما هو لان عدم اعطائهم شيئاً اصلاً من شأنه ان يثيرهم عليه ، ويصبح ذلك بداية مشكلات كبيرة قد لا يكون أبو موسى قادراً على مواجهتها ، وعليه .. . فلا يكون ذلك مخالفاً لرايه الذي ذكرنا بعض شواهده وأدلته.
(1) حياة الصحابة ج1 ص154 عن مجمع الزوائد ج6 ص167 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح والبداية والنهاية ج4 ص291 عن البيهقي.
(2) الاموال ص197 و198 و199 والايضاح ص249 وقضاء أمير المؤمنين (علي عليه السلام) ص264 عنه وتاريخ الامم والملوك ج2 ص549 ط الاستقامة وسنن البيهقي ج9 ص73 و74 ونيل الاُوطار ج8 ص150 ، والمسترشد في امامة علي (عليه السلام) ص115 وراجع المصنف للصنعاني ج10 ص103 ـ 105 وج7 ص278 و279 والنظم الاسلامية لصبحي الصالح ص463.
(3) تاريخ اليعقوبي ج2 ص139.
(4) الايضاح ص249.
(5) راجع : المصنف لعبدالرزاق ج8 ص380 و381 وج9 ص168.
(6) راجع المصنف للصنعاني ج8 ص380 و381 وج9 ص168.
(7) راجع في ذلك : المصنف للصنعاني ج10 ص104 و302 و103 وج7 ص278 و279 وتاريخ الامم والملوك ج2 ص549 ط الاستقامة وغير ذلك.
(8) راجع : الغدير ج6.
(9) راجع : الكامل في التاريخ ج2 ص382 وتاريخ الاُمم والملوك ط الاستقامة ج2 ص549 وقضاء أمير المؤمنين علي (عليه السلام ) ص 263 / 264 .
(10) الاموال ص197.
(11) الاموال ص205 وفتوح البلدان ص 465.
(12) الاموال ص205.
(13) راجع: المصنف للصنعاني ج11 ص325 وتاريخ الامم والملوك ط الاستقامة ج3 ص273 والمسترشد في امامة علي بن أبي طالب ص115 ومستدرك الحاكم ج4 ص439 وحياة الصحابة ج2 ص82 عن كنز العمال ج3 ص148 عن البيهقي عن ابن أبي شيبة والنظم الاسلامية ص310 وعن البيهقي ج9 ص39 وج1 ص279 .
(14) المصنف للصنعاني ج6 ص99.
(15) راجع على سبيل المثال : ذكر أخبار اصبهان ج1 ص99 وكشف الاستار ج1 ص51 ولسان الميزان ج1 ص354 واقتضاء الصراط المستقيم ص148 و149 و158 و157 و156 و155 وتاريخ جرجان ص539 والعقد الفريد ج3 ص324 وميزان الاعتدال ج1 ص185 ومجمع الزوائد ج10 ص27 وج1 ص89 عن البزار والطبراني في الاوسط وحياة الصحابة ج2 ص415 وضحى الاسلام ج1 ص76.
(16) راجع : المصادر المتقدمة ، فان بعضها قد ذكر ذلك.
(17) المصنف للصنعاني ج5 ص476.
(18) تاريخ عمر بن الخطاب ص240 .
(19) أحسن التقاسيم ص18.
(20) مروج الذهب ج2 ص320 والمصنف للصنعاني ج5 ص474. وراجع : مجمع الزوائد ج9 ص75 عن الطبراني ، وطبقات ابن سعد ط صادر ج3 ص349 والمجروحون ج3 ص350 وحياة الصحابة ج2 ص29 وتاريخ عمر بن الخطاب ص238 و241.
(21) تاريخ عمر بنا الخطاب ص243.
(22) عيون الاخبار لابن قتيبة ج1 ص130 وكتاب بغداد لطيفور ص38 | 40 ط سنة 1388 هـ. والمحاسن والمساوي ج2 ص278 والزهد والرقائق ، قسم ما رواه نعيم بن حماد ص52 ومحاضرات الادباء ج1 ص 350 ، وقضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ص264 عن ابن قتيبة ، والحموي ، وراجع : الايضاح لابن شاذان ص486.
(23) تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص446 وتذكرة الحفاظ ج1 ص31 وسنن البيهقي ج8 ص32 وسير اعلام النبلاء ج2 ص440 وكنز العمال ج7 ص303.
(24) السنن الكبرى ج10 ص14 والمصنف للصنعاني ج11 ص86 وحياة الصحابة ج2 ص801 عن كنز العمال ج8 ص58 عن البيهقي ، وعن أبي ذر الهروي في الجامع.
(25) راجع : اقتضاء الصراط المستقيم ص162.
(26) السنن الكبرى ج9 ص234 وراجع : المصنف للصنعاني ج1 ص411 واقتضاء الصراط المستقيم ص205 و199 عن مصنف ابن أبي شيبة ، والتراتيب الادارية ج1 ص205 و206.
(27) المصنف للصنعاني ج5 ص496 | 497 وتاريخ جرجان ص486.
(28) ربيع الابرار ج3 ص545.
(29) ربيع الابرار ج1 ص796 وتاريخ جرجان ص486 واقتضاء الصراط المستقيم ص205 وراجع ص206 عن مصنف ابن أبي شيبة.
(30) التراتيب الادارية ج1 ص205.
(31) راجع : طبقات ابن سعد ط صادر ج4 ص176 وج6 ص41 وط ليدن ج7 ص11 والفائق ج2 ص349 و350 وراجع : جامع البيان ج4 ص40.
(32) لسان الميزان ج1 ص406 وميزان الاعتدال ج1 ص230 والمجروحون ج1 ص129.
وذكر في : اقتضاء الصراط المستقيم ص205 نسبة الرواية التالية إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « من كان يحسن: أن يتكلم بالعربية؛ فلا يتكلم بالفارسية ، فانه يورث النفاق» .
(33) مسند أحمد ج2 ص390 والرصف ج1 ص83 وسنن ابن ماجة ، في الطب ، باب : الصلاة شفاء رقم 3458 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص248 وقد ذكر تكلمه مع جابر بالفارسية أيضاً.
وفي المعجم الصغير ج1 ص214 ما يدل على أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يعرف الفارسية أيضاً ، فراجعه ، وراجع سواه.
(34) المجروحون ج1 ص232.
(35) حياة الصحابة ج3 ص150 عن كنز العمال ج5 ص216 عن أبي يعلى. والمصنف للصنعاني ج11 ص439 وفي هامشه عن مسلم ، وأبي يعلى ، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص216.
(36) راجع : شرح النهج للمعتزلي الحنفي ج8 ص111 والعثمانية للجاحظ ص211 والمسترشد في امامة علي (عليه السلام) ص115 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص153 | 152 وبهج الصباغة ج12 ص202 وتلخيص الشافي ج4 هامش 14 | 15 عن مصادر عديدة. وراجع : طبقات ابن سعد ج3 ص122 و212 216 والسنن الكبرى ج6 ص350 و349 ومجمع الزوائد ج6 ص3 و4 و6 وكنز العمال ج3 ص309 و315 وحياة الصحابة ج2 ص228 ـ 235 وتاريخ الامم والملوك. وليراجع كل مورد تحدث فيه المؤرخون عن تدوين الدواوين في عهد عمر بن الخطاب.
(37) راجع : اقتضاء الصراط المستقيم ص159.
(38) الايضاح ص252.
(39) العثمانية ص 211.
(40) أنساب الاشراف ، قسم سيرة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ص442 وراجع : تاريخ الامم والملوك ج2 صد614.
(41) الايضاح ص 280 و286 وفي هوامشه عن عدد من المصادر ، وراجع : الاستغاثة ص45 والمسترشد في امامة علي عليه السلام ص114 والسنن الكبرى ج7 ص133 والمصنف للصنعاني ج6 ص152 و154 وراجع : نفس الرحمان ص29 ومحاضرات الادباء ، المجلد الثاني جزء 3 ص208.
(42) العثمانية ص211.
(43) الايضاح ص286.
(44) الاسلام والمشكلة العنصرية ص67 عن الجامع الصغير لمحمد بن الحسن ص32 هامش كتاب الخراج لابي يوسف ط بولاق.
(45) راجع : المصنف للصنعاني ج6 ص154 وكلام أبي حنيفة في ضحى الاسلام ج1 ص77 وكلام الشافعية في كتاب : الاسلام والمشكلة العنصرية ص67 عن كتاب : التنبيه في الفقه الشافعي ص95. وراجع : اقتضاء الصراط المستقيم ص159.
(46) بداية المجتهد : ج2 ص351.
(47) راجع : كشف الاستار ج2 ص161 ومجمع الزوائد ج4 ص275.
(48) مروج الذهب ج2 ص56. ويلاحظ : أن الشطر الثاني غير مستقيم. ولعل الصحيح : وألاّ ينكحوا في الفارسينا.
(49) الفائق ج1 ص353.
(50) رسائل الجاحظ ج1 ص197.
(51) الكامل للمبرد ج4 ص16.
(52) نفس الرحمن ج144 ودلائل الامامة ص81 و82 والبحار ج46 ص15 | 16 وج97 ص56 وج45 ص330 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص48.
(53) سليم بن قيس ص142 وراجع: نفس الرحمن ص144 وسفينة البحار ج2 ص165.
(54) راجع: كتاب سليم بن قيس ص142 ـ 143 ونفس الرحمن ص144.
(55) راجع : كتاب سليم بن قيس ص140 و141 ونفس الرحمن ص144 وسفينة البحار ج2 ص165.
(56) الموطا ج2 ص60 والغدير ج6 ص187 عنه. وبداية المجتهد ج2 ص351 وراجع : المصنف للصنعاني ج10 ص300 و301 وعن كنز العمال ج6 ، وتيسير الوصول ج2 ص188.
(57) تيسير الوصول ج2 ص188.
(58) بداية المجتهد ج2 ص351 وراجع : المصنف للصنعاني ج10 ص300 و301عن عثمان وعمر وراجع : كنز العمال ج6.
(59) البصائر والذخائر ج1 ص195.
(60) التراتيب الادراية ج2 ص20 وذكر في ص 21 نصوصاً اُخرى : فلتراجع.
(61) الترايب الادارية ج2 ص17.
(62) حياة الصحابة ج3 ص488 عن كنز العمال ج8 ص207.
(63) الطبقات الكبرى ، لابن سعد ج4 قسم ص117 ط ليدن .
(64) حياة الصحابة ج2 ص447 عن كنز العمال ج2 ص 319 و172.