معاوية يقول انه احق بالخلافة من عمر!!
بسم الله الرحمن الرحيم
ورد في كتب أهل السنة أن معاوية يدعي أن الخلافة له وأنه أحق بها من غيره.
ففي صحيح البخاري(1): غزوة الخندق: حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن عن سالم عن بن عمر قال: وأخبرني ابن طاووس عن عكرمة عن أبن خالد عن ابن عمر، قال - ابن عمر-: دخلت على حفصة قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء، قالت: إلحق إلى موقع التحكيم، فأنهم ينتظرونك وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه. فلنحن أحق به، أي بهذا الأمر وهو الخلافة، منه، يعني من عبد الله بن عمر، ومن أبيه، يعني عمر بن الخطاب.
قد يقول قائل: لماذا تفسرون الحديث من عند أنفسكم، ما هي الشواهد على أن معاوية ادعى ذلك وكان قصده عمر بن الخطاب في هذا المجال؟
نقول جواباً على ذلك بما ورد في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: قوله: فلم يجعل لي على صيغة المجهول وأراد بالأمر الإمارة والملك، فلم يجعل لي من هذا الأمر شيء، يعني خرجنا من هذا الأمر وليس لنا نصيب. قوله: فلما تفرق الناس، أي بعد أن اختلف الحكمان وهما: أبو موسى الأشعري وكان حكماً من جهة علي وعمر بن العاص وكان حكماً من جهة معاوية وقصة التحكيم المعروفة. والحاصل أن القوم اتفقوا على الحكمين المذكورين ثم قال عمر بن العاص لأبي موسى الأشعري: قم فاعلم الناس بما اتفقنا عليه، فخطب أبو موسى الناس ثم قال: أيها الناس إنا قد نظرنا في هذه الأمة فلم نر أمراً أصلح لها ولا ألمّ لشعثها من رأي اتفقت أنا وعمر عليه وهو أن نخلع عليا ً ومعاوية ونترك الامر شورى ونستقبل للأمة هذا الأمر فيولوا عليهم من أحبوه وإني قد خلعت علياً ومعاوية ثم تنحى وجاء عمر فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: هذا قد قال ما سمعتم وأنه قد خلع صاحبه، وإني قد خلعته كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية فإنه ولي عثمان بن عفان والمطالب بدمه، ثم قال: فلما انفصل الأمر على هذا خطب معاوية عل المنبر، بعد أن ثبتت القضية لمعاوية. قال: قوله: قرنه... إلى أن تقول الرواية: قوله: أحق به، قال: أي بأمر الخلافة، قوله: منه، أي من عبد الله، ومن أبيه، أي من أبي عبد الله وهو عمر بن الخطاب.
فهذا الإمام العيني يقول بأن معاوية صعد المنبر وقال أنا أحق بالخلافة من عبد الله بن عمر ومن أبيه. طبعاً الرواية فيها ذيل يقول: فهلا أجبته، قال: فحللت حبوتي وهممت أن أقول أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام. عبد الله بن عمر يرى علي بن أبي طالب أحق من معاوية في الخلافة لانه الوحيد الذي قاتل معاوية واباه على الاسلام.
المورد الثاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري(3) قال: فلنحن أحق به، أي بأمر الخلافة، منه، أي من عبد الله بن عمر، ومن أبيه عمر.
الآن القسطلاني لابد أن يوجه هذه العبارة وإلا كيف يمكن لأحد أن يدعي أنه أحق بالخلافة من الخليفة الثاني عمر، قال: ولعل معاوية كان رأيه في الخلافة تقديم الفاضل في القوة والمعرفة والرأي على الفاضل في السبق إلى الإسلام ولذا أطلق أنه أحق.
الى هنا تبين مقصود معاوية من كلامه واما من ناحية السند فهو من كتاب البخاري.
وبعد ان تم ما تقدم هنا لدينا اشكالات اضافية:
1- حول قضية التحكيم، فعمر بن العاص وابو موسى الاشعري كلاهما صحابي واحدهما يدعي الاتفاق على خلع علي (عليه السلام) ومعاوية والاخر ينفي فقطعاً احدهما صادق والاخر كاذب فكيف تقولون بعدالة جميع الصحابة؟
2- اذا كان عبد الله بن عمر يرى علي بن أبي طالب أحق من معاوية في الخلافة لانه الوحيد الذي قاتل معاوية واباه على الاسلام. وهنا يوجه السؤال إلى عبد الله بن عمر لماذا لم تبايع علياً وبايعت معاوية ثم بايعت يزيد؟
3- الاشكال الثالث على توجيه القسطلاني لفعل معاوية انكم تروون في مسند احمد وغيره رواية عن علي بن ابي طالب انه من جائني يفضلني على ابي بكر وعمر اقمت عليه حد المفتري وهذا معاوية يفضل نفسه على عمر فهل يجب اقامة الحد عليه؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري: ج3، ص117، الرواية 4108، باب 29، طبعة المكتبة السلفية.
(2) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للإمام العلامة بدر الدين أبي محمد محمود بن أحمد العيني، المتوفى سنة 855هـ, ضبطه وصححه عبد الله محمود محمد عمر، دار الكتب العلمية: ج17، ص248.
(3) إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري: ج9، كتاب المغازي، ص151، تأليف الإمام القسطلاني، المتوفى 923هـ، ضبطه وصححه محمد عبد العزيز الخالدي، دار الكتب العلمية.