الرد على شبهة وجود الغلو في الاحاديث الشيعية
بسم الله الرحمن الرحيم
الشــــــبهـــة
انتم معاشر الرافضة تغالون في اهل البيت وخصوصا علي رضي الله عنه وتألهونه وتقولون عنه انه عين الله ويد الله ووهذا كفر والدليل مثلا هو ما جاء في اصول الكافي (1)
ففي اهل البيت نقلتم عنهم انهم قالوا :
7 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن محمد بن حمران عن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فأنشأ يقول أبتداء منه من غير أن أسأله: نحن حجة الله ، ونحن باب الله ، ونحن لسان الله ، ونحن وجه الله ، ونحن عين الله في خلقه، ونحن ولاة أمر الله في عباده.
وفي علي رضي الله عنه قلتم :
8 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حسان الجمال قال: حدثني هاشم بن أبي عمارة الجنبي قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: أنا عين الله ، وأنا يد الله ، وأنا جنب الله ، وأنا باب الله .
الجواب عن الشبهة
نجيب عن هذه الاشكالية من وجهين :
وقبل بيان الوجهين نذكر مقدمة :
حاصلها : ان منشأ هذه الاشكالية وامثالها هو العقلية التي يحملها المخالف التي تتعاطى مع هذه النصوص تعاطيا نصيا وحرفيا و لغويا وظاهريا ومن هنا يجد صعوبة في فهمها لأنه عاش في بيئة تفسر النصوص الدينية تفسيرا مقطعيا افراديا تصوريا ساذجا و لا تفسرها تفسيرا مجموعيا تركيبا تصديقيا وهنا يكمن جوهر المشكلة والا فان القرآن وردت فيه ايضا نصوصا تعطي مداليل اقوى محذورا مما جاء في الشبهة اذا ما اردنا التعامل معها تعاملا ساذجا .. وعلى كل حال نقول :
الوجه الأول النقض : جاء في البخاري في باب التواضع الحديث الآتي:
6502 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ "
الوجه الثاني الحل : باختصار ان المشكل لا يكمن في أصل ورود هذه النصوص بل في حملها وآلية التعامل معها فالمشكلة عند من يحمل النصوص على معانيها اللغوية الافرادية الحرفية فكيف يفسر لنا اصحاب المنهج الظاهري ــ السلفية ــ النص الذي ذكرناه من البخاري ؟!!
اما بالنسبة لنا فبكل سهولة ويسر نقول :
معنى عين الله ويد الله
مثلا فيما يتعلق بانهم عين الله ، قال العلامة المجلسي شارحا معنى كونهم " عين الله " في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (2)
أي شاهده على عباده، فكما أن الرجل ينظر بعينه ليطلع على الأمور كذلك خلقهم الله ليكونوا شهداء منه عليهم، ناظرين في أمورهم، و العين يطلق على الجاسوس و على خيار الشي ء أيضا، قال في النهاية في حديث عمر: إن رجلا كان ينظر في الطواف إلى حرم المسلمين فلطمه علي (عليه السلام) فاستعدى عليه فقال: ضربك بحق أصابته عين من عين الله ، أراد خاصة من خواص الله عز و جل، و وليا من أوليائه" انتهى" و إطلاق اليد على النعمة و الرحمة و القدرة شائع، فهم نعم الله التامة و رحمته المبسوطة و مظاهر قدرته الكاملة.. إهــ
معنى جنب الله
وقال ايضا في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول(3) مبينا معنى جنب الله قائلا :
" لعل المراد بالجنب الجانب و الناحية و هو (عليه السلام) التي أمر الله الخلق بالتوجه إليه، و الجنب يجي ء بمعنى الأمير، و هو أمير الله على الخلق أو هو كناية عن أن قرب الله تعالى لا يحصل إلا بالتقرب بهم، كما أن من أراد أن يقرب من الملك يجلس بجنبه، و قد ورد المعنى الأخير عن الباقر (عليه السلام).
قال الكفعمي: قوله: جنب الله ، قال الباقر (عليه السلام): معناه أنه ليس شي ء أقرب إلى الله تعالى من رسوله، و لا أقرب إلى رسوله من وصيه، فهو في القرب كالجنب، و قد بين الله تعالى ذلك في كتابه في قوله:" أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ" يعني في ولاية أوليائه.
و قال الطبرسي في مجمعه: الجنب القرب، أي يا حسرتى على ما فرطت في قرب الله و جواره، و منه قوله تعالى:" وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ" و هو الرفيق في السفر، و هو الذي يصحب الإنسان بأن يحصل بجنبه لكونه رفيقه قريبا منه ملاصقا له، و عن الباقر (عليه السلام): "نحن جنب الله " انتهى". " إهـــ
ــــــــــــــــــــــــــ
(1)اصول الكافي ج 1 ص 145
(2)في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج 2، ص:115
(3)في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج 2، ص: 120