الإمام المهدي وليّ إلهيّ غائب عن الأنظار : موسّع
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ أولياءَ - الله حَسْب نَظَر القرآن - على نوعين: وَليٌّ ظاهرٌ يعرفُه الناسُ. ووَليٌّ غائَبٌ عن أنظارِ الناس لا يعرفُه أحدٌ منهم، وإن كان يعيشُ بينَهم، ويعرفُ هو أحوالَهُمْ وأخبارهم. وقد ذُكر في سورة الكَهف كلا النوعين منَ الأولياء في مكانٍ واحدٍ أحدهما «موسى بن عمران» والآخر مصاحبُهُ ورفيقهُ المؤقّت، الذي صحِبَه في سَفَره البرّي والبَحْري، ويُعْرَف بالخِضر. إنّ هذا الوليّ الإلهيَّ كانَ بِحَيْث لم يعرفُه مصاحِبهُ ومرافِقُه النبيُّ موسى وإنّما صاحَبَه ورافقه بتعليمٍ وأَمرٍ من اللَّه، واستفاد من عِلمه خلال مرافَقَته إيّاه كما يقول تعالى: «فَوَجَدَا عَبْداً مّنْ عِبَادِنَا ءاتَيْناهُ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْناهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً* قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلّمَنِ ممَّا عُلّمْتَ رُشْداً» «1». ثم إنّ القرآنَ الكريم يُقَدّم شرحاً مفصّلاً عمّا فَعَله هذا الوليُّ الإلهيّ من أعمال مفيدة، ذلك الذي لم يكن أحدٌ حتى النبي موسى (عليه السلام) يَعرفهُ، ولكن كانوا يَستفيدون من آثار وجوده المبارك ومن أفعاله المفيدة «2». إنَّ الإمامَ المهديّ (عَجَّل اللَّه فَرَجَه الشَّريفَ) على غرارِ مرافق موسى (عليه السلام)، وليٌّ غيرُ معروف للنّاس مع أنّه في نفس الوقت منشأ لآثار طيبة للأُمّة. أي لا يعرفهُ أحَدٌ منهم مع أنّهم يَستَفيدون مِن بركات وجودهِ الشريف. وبهذا لا تكونُ غيبةُ الإمام المهَديّ (عجّل اللَّه فرجَه الشريفَ) بمعنى الإنفصال عن المجتمع، بل هو - كما جاءَ في روايات المعصومين (عليهم السلام) كذلك مثل «الشَمس خَلفَ السَحاب لا تُرى عينُها، ولكنها تبعَث الدفءَ والنورَ إلى الأرض وساكِنِيها» «3». هذا مضافاً إلى أنّ فريقاً من الأبرار والطيّبين الأتقياء الذين كانوا يَتمتّعون باللياقة والأهليّة للتشرّف بِلقاءِ الإمام المهديّ قد رأوه وَالتَقَوْا به واستفادوا مِن إرشاداته، وعُلُومِه، واسْتفادَ الآخرون من هذا الطريق، من آثارهِ المباركة وبركات وجوده الشريف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكهف/ 65- 66.
(2) راجع سورة الكهف، الآيات 71- 82.
(3) كمال الدين، للشيخ الصدوق، الباب 45، الحديث 4، ص 485.