أصدر النبي لعنته على الذين سيظلمون عترته!
بسم الله الرحمن الرحيم
إن من عقائدنا أن قول المعصوم وفعله وتقريره حجة. فكل ما يصدر من المعصوم من قول فهو حجة علينا، ويجوز فعله لفعل المعصوم له. ولو تتبعنا الأحاديث النبوية لوجدنا روايات عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يلعن فيها أقواماً، وليس هذا اللعن من عندنا، وإليك بعض الروايات من تاريخ الفريقين:
1- قد روى الجميع هذا الحكم النبوي، كالحاكم(1) وصححه على شرط البخاري، عن عائشة قالت: «قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ستة لعنتهم لعنهم الله وكل نبي مجاب: المكذب بقدر الله، والزائد في كتاب الله، والمتسلط بالجبروت يذل من أعز الله ويعز من أذل الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي».
ورووه بلفظ: سبعة لعنتهم وكل نبي مجاب وفيه: والمستأثر بالفيء (2). وفسر المناوي في فيض القدير(3) من استحل ظلم العترة بقوله: « يعني من فعل بأقاربي ما لا يجوز فعله من إيذائهم أو ترك تعظيمهم، فإن اعتقد حله فكافر، وإلا فمذنب».
وفي تخريج الأحاديث: «حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي. ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازيه عليها إذا لقيني يوم القيامة»(4)
والثعلبي: 8/312 والقرطبي: 16/22 والكشاف: 4/219 وروته مصادرنا، كالكافي (2/293) عن الإمام الباقر (عليه السلام): « قال رسول الله (صلى الله عليه واله): خمسة لعنتهم وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والتارك لسنتي، والمكذب بقدر الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والمستأثر بالفيء المستحل له ». ورواه في المحاسن:1/11، عن الإمام الصادق (عليه السلام) وزاد فيه: «والمتسلط بالجبروت ليعز من أذل الله ويذل من أعز الله، والمحرم ما أحل الله». والخصال/349. وفي كتاب سُليم/485: «لما ثقل رسول الله (صلى الله عليه واله) دخلنا عليه فقال للناس: أخلوا لي عن أهل البيت. فقام الناس وقمت معهم، فقال: أقعد يا سلمان إنك منا أهل البيت. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا بني عبد مناف، أعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً فإنه لو قد أذن لي بالسجود (للشفاعة يوم القيامة) لم أوثر عليكم أحداً. إني رأيت على منبري هذا اثني عشر كلهم من قريش، رجلين من ولد حرب بن أمية وعشرة من ولد العاص بن أمية، كلهم ضال مضل، يردُّون أمتي عن الصراط القهقرى. ثم قال للعباس: أما إن هلكتهم على يدي ولدك. ثم قال: فاتقوا الله في عترتي أهل بيتي، فإن الدنيا لم تدم لأحد قبلنا ولا تبقى لنا ولا تدوم لأحد بعدنا. ثم قال لعلي (عليه السلام): دولة الحق أبرُّ الدول، أما إنكم ستملكون بعدهم باليوم يومين وبالشهر شهرين وبالسنة سنتين! ثم قال (صلى الله عليه واله): ستة لعنهم الله في كتابه: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي، والمستأثر على المسلمين بفيئهم، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله». وكذلك في مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان:2/171. وفي أمالي الطوسي/164: «قال رسول الله (صلى الله عليه واله): حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم وعلى المعترض عليهم والساب لهم، أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ». وفي كمال الدين/520، من أجوبة الإمام المهدي(عجل فرجه): «فقد قال النبي (صلى الله عليه واله): المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي. فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين، وكانت لعنة الله عليه لقوله تعالى: أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ». وفي كامل الزيارات/332، عن الإمام الباقر (عليه السلام) في زيارة عاشوراء: «اللهم خُصَّ أنت أول ظالم ظلم آل نبيك باللعن، ثم العن أعداء آل محمد من الأولين والآخرين». ومصباح المتهجد/774، ومزار الشهيد الأول/180، ومصباح الكفعمي/483 وروته مصادر السنة، ففي المعرفة/96 للحاكم، عن ابن عمر قال: « قال النبي (صلى الله عليه واله): يا عبد الله أتاني ملك فقال: يا محمد وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على مَ بعثوا؟ قال قلت: على مَ بعثوا؟ قال على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب»! وقال الحاكم: ولم نكتبه إلا عن بن مظفر، وهو عندنا حافظ ثقة مأمون». أقول: لعل تفاوت عدد الملعونين، حسب المناسبة. أما لعن الأنبياء السابقين (عليهم السلام) لظالمي عترة النبي (صلى الله عليه واله)، فيدل على أن الله تعالى عرَّفهم ما يجري عليهم، عندما أخذ ميثاقهم على ولاية نبينا (صلى الله عليه واله) وولايتهم (عليهم السلام). وقد روت مصادرهم عن أبي هريرة أن النبي (صلى الله عليه واله) قال: «لما أسري بي ليلة المعراج اجتمع عليَّ الأنبياء في السماء فأوحى الله إلي: سلهم يا محمد بماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله، وعلى الإقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب». وخصائص الوحي المبين/170, عن الإستيعاب وأبي نعيم. والطرائف/101، عن أبي نعيم وينابيع المودة:2/246، عن أبي هريرة. ونهج الحق/183، عن ابن عبد البر. والصراط المستقيم:1/181 عن الثعلبي، والكشاف:4/94 والكنجي في كفاية الطالب/136. ونفحات الأزهار:5/260، و:16/366، وبحث روايته وسنده عندهم، وردَّ في:20/392، و396، على ابن تيمية حيث أنكر وجوده! وبعد هذا يعترض بعضهم على لعن الشيعة لظالمي أهل البيت (عليهم السلام) بأن النبي (صلى الله عليه واله) لم يكن لعاناً وقد نهانا عن اللعن! لكنهم يروون أن النبي (صلى الله عليه واله) لعن كثيرين حتى في صلاته ولعن بشكل خاص من استحل حرمة عترته وأهل بيته (عليهم السلام)! ثم يروون أنه (صلى اله عليه واله) في آخر ساعة من حياته لعن اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد! والصحيح في المسألة: أن اللعن قرار من الله تعالى بطرد الملعون من رحمته، وأنه لا يصدر إلا بالحق لمن يستحقه، فلعننا للملعونين إقرارٌ باللعن، ودعاء على الملعون والذي نهى عنه النبي (صلى اله عليه واله) والأئمة (عليهم السلام) أن يكون المسلم لعاناً كثير اللعن، كالذين يلعنون في كلامهم أي شخص لأدنى سبب. أما الملعونون بحق فيجب اعتقاد اللعن فيهم، وأما لعننا لهم فقد يحرم كلعن المؤمن وقد يكره، أو يباح، وقد يجب ولو في العمر مرة كلعن الشيطان. وأما حديث أن النبي (صلى الله عليه واله) لعن اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فهو مكذوب لعدم وجود ذلك في تاريخهم، وقد مدح الله الذين اتخذوا على قبر أهل الكف مسجداً فقال: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا. وسبب وضعهم الحديث خوفهم من أن يستجير بنو هاشم بقبر النبي (صلى الله عليه واله) ويطالبوا بالخلافة، فبادروا بعد دفن النبي (صلى الله عليه واله) الى السيطرة على القبر بحجة أن النبي (صلى الله عليه واله) نهى عن الصلاة عنده!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) 1/36 و:4/90. وفي:2/525، بلفظ آخر، وابن حبان (13/60) والطبراني في الأوسط (2/186، والكبير:3/127، و:17/578.
(2) السنة لابن أبي عاصم/149، والزوائد:1/176، وصححه.
(3) فيض القدير: 4/121و127.
(4) تخريج الأحاديث:(3/336)
(5)
(6)
(7)
(8)
(9)
(10)
(11)
(12)
(13)
.