بعض الصحابة كانوا يقسمون باللات والعزى
بسم الله الرحمن الرحيم
كانت عادة القسم هي باللات والعزى، وبقيت في أذهان القرشيين وعلى ألسنتهم حتى بعد إسلامهم وهذا ما دلت عليه مصادر الفقه السني على أن! فقد روى البخاري: (عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه واله): من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق)(1).
وروى ابن ماجة بعده عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: حلفت باللات والعزى فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثم انفث عن يسارك ثلاثاً، وتعوَّذ ولا تعد)(2).
وهذا يدلنا على أن الصحابة كانوا حديثي عهد بالإسلام، وأن رواسب الجاهلية حتى في عبادة الأصنام كانت ما تزال في مشاعرهم وعلى ألسنة بعض كبارهم كسعد بن أبي وقاص. ومن يخلف النبي (صلى الله عليه وآله) لابد أن يكون نقياً من هذه الرواسب الجاهلية، مكرمٌ الله وجهه عن السجود للأصنام، فهل تعرفون هذه الصفة في غير علي (عليه السلام)؟!
ونحن نفتي بأن اليمين الشرعي لا ينعقد إلا بالله تعالى، ومن حلف بغيره فلا يمين له ولا شيء عليه. وقد أفتى منكم ابن قدامة(3) في المغني وابن حزم في المحلى: بأن من حلف باللات والعزى فلا شيء عليه إلا الإستغفار، وعلله(4) بقوله: (لأن الحلف بغير الله سيئة والحسنة تمحو السيئة، وقد قال الله تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات، وقال النبي (صلى الله عليه واله): إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها. ولأن من حلف بغير الله فقد عظم غير الله تعظيماً يشبه تعظيم الرب تبارك وتعالى، ولهذا سمي شركاً لكونه أشرك غير الله مع الله تعالى في تعظيمه بالقسم به، فيقول لا إله إلا الله توحيداً لله تعالى وبراءة من الشرك). فهل تفتون بذلك وأن من حلف بصنم لا يخرج عن الملة ولا شيء عليه إلا التهليل، وتقولون إن من حلف بالنبي (صلى الله عليه وآله) أو بأحد من عترته (عليهم السلام) فهو مشرك يخرج من الملة؟!
أنتم تعرفون أن رواسب التعصب القبلي كانت أقوى من رواسب عبادة الأصنام، ولا طريق لنا لمعرفة النقي منها إلا شهادة النبي (صلى الله عليه وآله)، وعندنا شهادته لعلي (صلى الله عليه وآله) في صحاحكم بأنه مع القرآن والحق، ولا يميل مع عشيرته، فهل عندكم شهادة مثلها تبرئ أهل السقيفة من العصبية القرشية والقبلية؟!
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري:6/51، ورواه أيضاً في: 7/97 و144 و222 و223، ومسلم:5/81 و82 ، وابن ماجة: 1/678.
(2) ابن ماجة، ورواه أبو داود في: 2/90، والترمذي: 3/ 46 و51، والنسائي في: 7/7، وأحمد:1/183 و186 و: 2/ 309، والبيهقي: 1/ 149 و: 10/30، ومالك في المدونة: 2/108.
(3) المغني، لابن قدامة: 1/169 و:11/162 وابن حزم في المحلى: 8/51.
(4) راجع: 11/ 163 من المصدر السابق.