هدم الوهابيين لقبور الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) والصحابة
بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في كتاب (الف سؤال واشكال) للشيخ علي الكوراني العاملي:
فقد أقدموا على هدم الكثير من قبور الصحابة والأولياء ومنها قبور أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في البقيع وقبابهم، وأشهرها قبر الإمام الحسن السبط، والإمام زين العابدين، والإمام محمد الباقر، والإمام جعفر الصادق (عليهم السلام). هدموها بـ(فتوى) مشؤومة من القاضي النجدي سليمان بن بليهيل، أصدرها في يوم 8 شوال 1344 هـ، وما زال مشهدهم المقدس الى اليوم بدون بناء!
بل تمادوا في غيهم وطغيانهم فحاولوا هدم قبر النبي (صلى الله عليه وآله)، بحجة أن وجود القبر في المسجد حرام، والصلاة عنده حرام، وبناء القبة عليه حرام، والتوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله حرام)!! لكنهم خافوا من نقمة المسلمين!
وما زالوا مصرين على هذا الإنحراف، فقد أفتى شيخهم ابن باز عدة فتاوى بوجوب هدمها، لكنه استعمل فيها التقية من المسلمين، فجعلها عامة لكل القباب والبناء على القبور!
قال في جوابه على سؤال رقم116من فتاويه: (يقول السائل: ما حكم البناء على القبر؟ وما الحكم لو كان البناء مسجداً؟
الجواب: أما البناء على القبور فهو محرم، سواء كان مسجداً أو قبة أو أي بناء، فإنه لا يجوز ذلك؟......والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور، لا مسجد ولا غير مسجد ولا قبة، وأن هذا من المحرمات العظيمة، ومن وسائل الشرك فلا يجوز فعل ذلك، وإذا وقع فالواجب على ولاة الأمور إزالته وهدمه وألا يبقى على القبور مساجد ولا قباب..الخ.!(موقع ابن باز:http:// ibnbaz.org )
أما شيخهم مقبل الوادعي ومرجعهم في اليمن، فكتب رسالة صريحة بعنوان: (حكم القبة المبنية على قبر الرسول (صلى الله عليه واله)، وأفتى فيها بوجوب هدم القبة الشريفة وهدم المسجد، وجعل القبر الشريف خارج المسجد!! وقد جرت مناقشات حول كتابه في شبكات الأنترنت.
وقال السيد يوسف الرفاعي في كتابه (نصيحتي إلى علماء نجد) في مقابلة مع مجلة المنبر:
(عندما هدموا بقية القبب لم تبق سوى قبة الحبيب المصطفى فحاولوا هدمها، ومن كان حاضراً من المسلمين من أهل مكة والمدينة نصحوا الملك عبد العزيز وأعلموه بالأمر، فحال بينهم وبين هدم القبة. كذلك أشرت إلى هذا الموضوع في كتابي.
وهناك أحد علماء السلفيين يدعى مقبل الوادعي وهو من اليمن، كتب رسالة يطالب فيها بإخراج قبر النبي الشريف!
والمصيبة أنها أُقرّت ومنح عليها الماجستير!
كما قرأت في كتاب (الجنائز) أن الألباني قال: ( أنا لا أصلي في الحرم النبوي لوجود القبر فيه ويجب إخراجه)! والحمد لله أن الحكومة السعودية لا تستمع للأصوات التي تطالب إخراج قبر النبي (صلى الله عليه واله) من الحرم النبوي، لأنها تدرك قدسية هذه الأمور عند المسلمين ولا تشجع الأفكار المتطرفة، ونسأل الله تعالى أن يهدي المسؤولين الكرام لإعادة بناء أضرحة أهل البيت قريباً). انتهى كلام الرفاعي، وهو عالم سني.
وقد أخذوا فتاويهم هذه من شيخهم ابن تيمية، الذي تعرض لوجوب هدم القبة النبوية بشكل غير صريح خوفاً من المسلمين! لكن تلميذه ابن القيم كان أكثر صراحة من شيخه ابن تيمية، فأفتى بوجوب هدم قبة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وإخراج قبره من المسجد!
قال في كتابه إغاثة اللهفان: ( وأبلغ من ذلك أن رسول الله هدم مسجد الضرار، ففي هذا دليل على هدم ما هو أعظم فساداً منه كالمساجد المبنية على القبور، فإن حكم الإسلام فيها أن تهدم كلها حتى تسوى بالأرض، وهي أولى بالهدم من مسجد الضرار! وكذلك القباب التي على القبور يجب هدمها كلها! لأنها أسست على معصية الرسول لأنه قد نهى عن البناء على القبور)(1).
الأسئلة
1 ـ ماذا تقولون في مدح الله تعالى للمؤمنين لبنائهم مسجداً على قبر أهل الكهف في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً )(2).
والَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ: هم بقول أكثر المفسرين المؤمنون الموحدون غلبوا رأي المشركين الذين خالفوا بناء المسجد فقالوا: ( ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً ) وليس مسجداً. بينما قال المسلمون: لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً، أي على قبرهم، وقد سماه الله مسجداً فبنوه ليعبدوا الله فيه ويتبركوا بهم، ولو كان عملهم منكراً لما أقره الله تعالى وسماه مسجداً(3).
2 ـ كانت القباب والمباني على قبور الأنبياء والأولياء (عليهم السلام) موجودة عند مجيء الإسلام، ولم يتعرض لها المسلمون في الفتح الإسلامي ولم يهدموها، ومنها قبر داود وقبر موسى (عليهما السلام) في القدس وقبور غيرهم، بل أقرها الخلفاء وصلوا عندها، ولم يستنكرها أهل البيت (عليهم السلام). فهل كانوا جميعاً على ضلال؟
3 ـ إن المسجد الحرام والكعبة الشريفة التي نتوجه اليها في صلاتنا ونطوف حولها مليئة بقبور الأنبياء والأولياء (عليهم السلام)! بل إن حجر إسماعيل (عليه السلام) الذي أمرنا النبي (صلى الله عليه وآله) أن ندخله في طوافنا ما هو إلا مُحَوَّطةٌ أقامها إسماعيل (عليه السلام) على قبر أمه هاجر (رضي الله عنها)، حتى لا تدوسَ القبر أقدام الطائفين، ثم أوصى (عليه السلام) أن يدفنوه في نفس المكان. وقد استفاضت مصادر التاريخ والحديث عند الشيعة والسنة، بوجود قبر هاجر واسماعيل وقبور الأنبياء (عليهم السلام) حول الكعبة الشريفة!
ففي تاريخ الطبري: (وعاش إسماعيل فيما ذكر مائةً وسبعاً وثلاثين سنة، ودفن في الحجر عند قبر أمه هاجر)(4).
وفي تفسير القرطبي: ( ما بين الركن والمقام إلى زمزم قبور تسعة وتسعين نبياً، جاءوا حجاجاً فقبروا هنالك (عليهم السلام))(5).
وفي الكافي: عن الإمام الصادق (عليه السلام): (الحجر بيت إسماعيل وفيه قبر هاجر وقبر إسماعيل)(6).
وفي الكافي: عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبي، وإن ما بين الركن والمقام لمشحون من قبور الأنبياء (عليهم السلام) وإن آدم (عليه السلام) لفي حرم الله عز وجل)(7).
وفي علل الشرائع: عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن إسماعيل دفن أمه في الحجر، وجعله عالياً، وجعل عليها حائطاً، لئلا يوطأ قبرها)(8).
فهل تقولون إن كل المسلمين الذين يطوفون حول تلك القبور ويصلون عندها ملعونون لأنهم اتخذوها مساجد؟!
وهل تتركون الحج والصلاة إلى القبلة، لأنها صلاة إلى القبور؟!
4- إذا كانت الصلاة الى جهة فيها قبر حراماً، فكيف أمرنا الله تعالى أن نصلي الى الكعبة الشريفة، وحولها العديد من قبور الأنبياء (عليهم السلام)؟!
__________
(1) إغاثة اللهفان: 1/210.
(2) سورة الكهف: 21.
(3) تفسيرالواحدي: 2/657، وأبي السعود: 5 /215، وفتح القدير: 3/277.
(4) تاريخ الطبري: 1/221.
(5) تفسير القرطبي: 2/130.
(6) الكافي: 4/210.
(7) الكافي:4/214.
(8) علل الشرائع:1/37.