حديث أم الطفيل الذي يزعم أن الله تعالى شاب أجعد الشعر !
بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في كتاب (الف سؤال واشكال) للشيخ علي الكوراني الاشكال التالي:
رووا أن النبي (صلى الله عليه وآله) رأى ربه، وأنه معاذ الله شابٌ وافر الشعر، يلبس نعلين من ذهب، ويقف في أرض خضراء! وقد صححه كل أئمتهم!
قال الذهبي في سيره: فأما خبر أم الطفيل فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره: حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أن مروان بن عثمان حدثه، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا، فهذا خبر منكر جداً، أحسن النسائي حيث يقول: وَمَنْ مروان بن عثمان حتى يُصَدَّقَ على الله؟!(1).
وهذا لم ينفرد به نعيم، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأحمد بن عيسى التستري، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن ابن وهب، قال أبو زرعة النصري: رجاله معروفون.
قال الذهبي: قلت: بلا ريب، قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال وهم معروفون عدول! فأما مروان، وما أدراك ما مروان؟ فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الأنصاري، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الأنصاري، ولئن جوزنا أن النبي (صلى الله عليه واله) قاله، فهو أدرى بما قال، ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره (صلى الله عليه واله)، ولا نحن نحسن أن نعبره، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث أن بعض الفضلاء قال: تصحف الحديث، وإنما هو: رأي رِئِيَّة بياء مشددة. وقد قال علي (رضي الله عنه): حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون.
وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثاً كثيراً مما لا يحتاجه المسلم في دينه، وكان يقول: لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم، وليس هذا من باب كتمان العلم في شيء، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب على الأمة حفظه، والعلم الذي في فضائل الأعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره وينبغي للأمة نقله، والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء!! انتهى كلام الذهبي.
وقصده بالعلم المباح، العلم الممنوع، من تسمية الشيء بضده، وقد نقل كلامه بعينه تقريباً إمام الوهابيين حيث عقد باباً في آخر كتابه التوحيد، تحت عنوان: باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات! ويقصد به أن الإيمان بكل صفات الله تعالى واجب وإنكار شيء منها كفر، وبما أن عدداً من صفات الله تعالى على مذهبه يلزم منها التجسيم، لذا نقل كلام الذهبي عن وجوب كتمان ذلك العلم إلا عن أهله!
وقد صححه الألباني مرجعهم في الحديث تعليقته على سنة ابن أبي عاصم وجاء فيه أنها سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يذكر أنه رأى ربه عز وجل في المنام: ( في أحسن صورة، شاباً، موفراً، رجلاه في خضرة، عليه نعلان من ذهب، على وجهه فراش من ذهب)(2).
الأسئلة:
1 ـ مادام حديث أم الطفيل من المتشابه المختلف في صحته، فلماذا تمسكتم به وتركتم أحاديث التنزيه المحكمة المتفق على صحتها؟ كما فعلتم بآيات التنزيه المحكمة والمتشابهة؟!
2ـ مادمتم توجبون كتمان العلم بالله تعالى، فهل تقولون إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يكتم أهم صفات معبوده عن عامة المسلمين؟! وما حكم الوهابي الذي يقول لا أريد أن أكتم صفات معبودي، بل أريد أن أخبر بها أولادي وأجعل له تمثالاً في بيتي حتى يعرف أولادي معبودهم من صغرهم؟!
3ـ ورد في صفات معبودكم أنه جعد الشعر، وأنه له وفرة أي شعر منسدل فهل رأيتم شخصاً أجعد الشعر وله وفرة؟!
_____________
(1) سير اعلام النبلاء: ج10ص602.
(2) سنن ابن ابي عاصم: رقم (471).