ضحايا الغدر الأُموي
بسم الله الرحمن الرحيم
لعلّ المرء يصاب بالذهول وهو يتأمّل أسماء الصحابة والتابعين ذوي المنازل الرفيعة والمكانة السامية و الدور الجليل في خدمة الإسلام وأهله، كيف سقطوا صرعى بسيف الأُمويّين لا لشيء إلاّ لأنّهم شيعة عليّ (عليه السلام)، ومن هؤلاء:
1ـ حجر بن عديّ: الذي قبض عليه زياد بعد هلاك المغيرة سنة (51هـ ) وبعثه مع أصحابه إلى الشام بشهادة مزوّرة، وفرية ظالمة، كان يراد منها قتله وتوجيه ضربة قوية لشيعة عليّ وتصفيتهم.
يقول المسعودي:«في سنة ثلاث وخمسين قتل معاوية حجر بن عديّ الكندي ـ وهو أوّل من قتل صبراً في الإسلام ـ وحمله زياد من الكوفة ومعه تسعة نفر من أصحابه من أهل الكوفة وأربعة من غيرها، فلمّا صار على أميال من الكوفة يراد به دمشق أنشأت ابنته تقول ـ ولا عقب له من غيرها ـ :
ترفّع أيّها القمر المنير * لعلّك أن ترى حجراً يسير
يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله، كذا زعم الأمير
ويصلبه على بابي دمشق * وتأكل من محاسنه النسور
ثمّ قتله مع أصحابه في مرج عذراء(1) بصورة بشعة يندى لها الجبين، وهي مذكورة في جميع كتب التأريخ، فراجع.
2 ـ عمرو بن الحمق الخزاعي : ذلك الصحابي العظيم الذي وصفه الإمام الحسين سيّد الشهداء بأنّه : «أبلت وجهه العبادة». قتله معاوية بعدما أعطاه الأمان(2).
3 ـ مالك الأشتر: ملك العرب، وأحد أشرف رجالاتها وأبطالها، كان شهماً مطاعاً وكان قائد القوات العلوية. قتله معاوية بالسمّ في مسيره إلى مصر بيد أحد عمّاله(3).
4 ـ رشيد الهجري: كان من تلاميذ الإمام وخواصّه، عرض عليه زياد البراءة واللعن فأبى، فقطع يديه ورجليه ولسانه، وصلبه خنقاً في عنقه(4).
5 ـ جويرية بن مسهر العبديّ: أخذه زياد وقطع يديه ورجليه وصلبه على جذع نخلة(5).
6 ـ قنبر مولى أمير المؤمنين: روي أن الحجّاج قال لبعض جلاوزته: أُحبّ أن أُصيب رجلا من أصحاب أبي تراب فقالوا: ما نعلم أحداً كان أطول صحبة له من مولاه قنبر. فبعث في طلبه، فقال له: أنت قنبر؟ قال: نعم، قال له: ابرأ من دين عليّ، فقال له: هل تدلّني على دين أفضل من دينه؟ قال: إنّي قاتلك فاختر أيّ قتلة أحبّ إليك، قال : أخبرني أمير المؤمنين: أنّ ميتتي تكون ذبحاً بغير حقّ. فأمر به فذبح كما تذبح الشاة(6).
7 ـ كميل بن زياد: وهو من خيار الشيعة وخاصّة أمير المؤمنين، طلبه الحجّاج فهرب منه، فحرم قومه عطاءهم، فلمّا رأى كميل ذلك قال: أنا شيخ كبير وقد نفد عمري ولا ينبغي أن أكون سبباً في حرمان قومي. فاستسلم للحجّاج، فلمّا رآه قال له: كنت أحبُّ أن أجد عليك سبيلا، فقال له كميل: لا تبرق ولا ترعد، فوالله ما بقي من عمري إلاّ مثل الغبار، فاقض فإنّ الموعد الله عزّ وجلّ، وبعد القتل الحساب. وقد أخبرني أمير المؤمنين أنّك قاتلي، فقال الحجّاج: الحجّة عليك إذن، فقال: ذلك إن كان القضاء لك، قال: بلى، اضربوا عنقه(7).
8 ـ سعيد بن جبير: التابعي المعروف بالعفّة والزهد والعبادة، وكان يصلّي خلف الإمام زين العابدين، فلمّا رآه الحجّاج قال له: أنت شقي ابن كسير، فقال: أُمّي أعرف باسمي منك. ثم بعد أخذ وردّ أمر الحجاج بقتله، فقال سعيد: (وجّهتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السمّواتِ وَالأرضَ حنيفاً ـ مسلماً ـ وما أنا مِنَ المشركين)(8). فقال الحجّاج: شدّوه إلى غير القبلة، فقال: (أينما تولّوا فثمَّ وَجهُ الله)(9)، فقال: كبّوه على وجهه، قال: (مِنْها خَلَقناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُم وَمِنْها نُخْرِجُكُم تارَة أُخرى)(10). ثم ضربت عنقه(11). وسيوافيك ما جرى على زيد بن عليّ من الصلب أيّام خلافة هشام بن عبد الملك عام (122هـ ) عند الكلام عن فرقة الزيدية إن شاء الله تعالى. هذا غيض من فيض وقليل من كثير ممّا جناه الأُمويّون في حقّ الشيعة طوال فترة حكمهم وتولّيهم لدفّة الأُمور وزمام الحكم، وتالله إنّ المرء ليصاب بالغثيان وهو يتأمّل هذه الصفحات السوداء التي لا تمحى من ذاكرة التاريخ وكيف لطّخت بالدماء الطاهرة المقدسة والتي أُريقت ظلماً وعدواناً وتجنّياً على الحقّ وأهله.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مروج الذهب 3 : 3ـ4 ، سير أعلام النبلاء 3 : 462ـ466 / 95 .
(2) سير أعلام النبلاء 4 : 34ـ35 / 6 .
(3) شذرات الذهب 1 : 91 .
(4) شرح نهج البلاغة 2 : 294 ـ 295 .
(5) شرح نهج البلاغة 2 : 290 ـ 291 .
(6) رجال الكشي : 68ـ69 / 21 ، الشيعة والحاكمون : 95 .
(7) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 17 : 149 ، الشيعة والحاكمون : 96 .
(8) الأنعام : 79 .
(9) البقرة : 115
(10) طه : 55
(11) سير أعلام النبلاء 4 : 321ـ328 ، الجرح والتعديل 4 : 9 / 29.