المعجزات لا تدل - حسب الكتاب المقدس- على النبوة فضلاً عن الألوهية
بسم الله الرحمن الرحيم
والعجب - كل العجب - أن يعتبر النصارى معجزات المسيح دالة على ألوهيته، والكتاب مصرح بقدرة غيره من البشر على صنع مثل هذه المعجزات العظيمة، من غير أن يكون ذلك دالاً على ألوهية هؤلاء، فقد أثبت الكتاب هذه المعجزات وما هو أعظم منها لكل المؤمنين بالمسيح، فقال: "الحق أقول لكم: من يؤمن بي، فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً، ويعمل أعظم منها" (يوحنا 14/12)، أي يستطيع المؤمنون شفاء المرضى بل وإحياء الموتى، بل ويستطيعون صنع أعظم من ذلك، وعليه لا تصلح في الدلالة على الألوهية.
وفعل العجائب - حسب الكتاب المقدس - لا يصح للدلالة على صدق أو صحة إيمان أصحابها، فضلاً عن النبوة أو الألوهية، فإن المسيح ذكر بأن كذبة سيفعلون المعجزات، ويزعمون أنهم يصنعونها باسم المسيح.
فقد ذكر متى أن المسيح قال: "ليس كل من يقول لي : يا رب يا رب، يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة، فحينئذ أصرّح لهم: إني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (متى 7/21-23)، فهؤلاء المنافقون الكذبة قدروا على فعل المعجزات، ولم تدل على صلاحهم وإيمانهم، فضلاً عن نبوتهم وألوهيتهم. وأيضاً إنسان الخطيئة يصنع الكثير من المعجزات والعجائب، من غير أن يعني ذلك صدقه أو ألوهيته، إذ يصنعها بعون الشيطان وقوته، يقول عنه بولس: "الذي مجيئه بعمل الشيطان، بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة" (تسالونيكي (2) 2/9). اشتراك غير المسيح مع المسيح في معجزاته ولاحظ المحققون - من قراء الكتاب المقدس - أن الكثير مما صنعه المسيح من عجائب ومعجزات قد شاركه فيه غيره من الأنبياء، وسواهم، ولم يقل أحد من النصارى بألوهيتهم، فدل ذلك على أن غاية ما تدل عليه المعجزات نبوة أصحابها، وإلا لزم القول ألوهية كل من شارك المسيح في الأعاجيب التي صنعها الله على يديه.