اختلاف امهات المؤمنين في بيان جهة الحق للمسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
ان موقع ازواج النبي (صلى الله عليه واله) له من الاهمية بحيث يؤهلهن لتحديد الحق من الباطل لكثرة ما سمعن من النبي (صلى الله عليه واله) واهذا تجد من سيرة المسلمين الرجوع اليهن في بيان الحق وهذا لا ينفي خطأ بعضهن واتخاذهن مواقف لا تتناسب مع موقعهن ففي الوقت الذي خرجت به عائشة لقتال امير المؤمنين (عليه السلام) في البصرة نجد باقي ازواجه يرشدن المسلمين الى نصرة امير المؤمنين (عليه السلام) فهذه السيدة ميمونة بنت الحارث (رضي الله عنها) تبين للمسلمين جهة الحق وجهة الضلال في الفتنة فقد روى الحافظ ابن أبي شيبة الكوفي (من شيوخ البخاري ومسلم): حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن جدته ميمونة، قال: لما كانت الفرقة قيل لميمونة ابنة الحارث: يا أم المؤمنين!
فقالت: عليكم بابن أبي طالب فواللهِ ما ضل ولا ضل به(1).
وقال الهيثمي: وعن جرى ابن سمرة قال: لما كان من أهل البصرة الذي كان بينهم وبين علي بن أبي طالب، انطلقت حتى أتيت المدينة، فأتيت ميمونة بنت الحارث وهي من بنى هلال، فسلمت عليها فقالت:
ممن الرجل؟
قلت: من أهل العراق.
قالت: من أي أهل العراق؟
قلت: من أهل الكوفة.
قالت: من أي أهل الكوفة؟
قلت: من بني عامر.
قالت: مرحباً قرباً على قرب ورحباً على رحب فمجي ما جاء بك؟
قلت: كان بين علي وطلحة الذي كان فأقبلتُ فبايعتُ علياً.
قالت: فالحق به فواللهِ ما ضل ولا ضل به... حتى قالتها ثلاثاً.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير حرى بن سمرة وهو ثقة(2). ولأم المؤمنين أم سلمة موقف كموقف أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنهما: فقال الحاكم النيسابوري: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة القناد، الثقة، المأمون، حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه قال: حدثني أبو سعيد التيمي، عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: كنت مع علي (رضي الله تعالى عنه) يوم الجمل، فلما رأيت عائشة واقفة، دخلني بعض ما يدخل الناس، فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر. فقاتلت مع أمير المؤمنين، فلما فرغ، ذهبت إلى المدينة، فأتيت أم سلمة فقلت:
إني والله ما جئت أسأل طعاما ولا شرابا، ولكني مولى لأبي ذر، فقالت:
مرحبا، فقصصت عليها قصتي. فقالت: أين كنت حين طارت القلوب مطائرها؟
قلت: إلى حيث كشف الله ذلك عني، عند زوال الشمس.
قالت: أحسنت، سمعت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول: (علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض). هذا حديث صحيح الإسناد. وأبو سعيد التيمي هو عقيصاء، ثقة، مأمون، ولم يخرجاه(3). وهذه الروايات موجودة ايضا في تراثنا الشيعي فقد روى شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي قدس سره: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي شبح أبو الحسن الرافقي الصوفي بحران، قال: حدثني أبو المعتمر عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن معاذ العامري بالرقة، قال: حدثني أبي، قال: حدثني جدي عبد الله بن معاذ، عن أبيه وعمه معاذ وعبيد الله ابني عبد الله، عن عمهما يزيد بن الاصم، قال: قدم شقير بن شجرة العامري المدينة، فاستأذن على خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي (صلى الله عليه وآله) وكنت عندها، فقالت: ائذن للرجل، فدخل فقالت: من أين أقبل الرجل؟
قال: من الكوفة.
قالت: فمن أي القبائل أنت؟
قال: من بني عامر.
قالت: حييت ازدد قرباً، فما أقدمك؟
قال: يا أم المؤمنين، رهبت أن تكبسني الفتنة لما رأيت من اختلاف الناس فخرجت.
قالت: فهل كنت بايعت علياً (عليه السلام)؟
قال: نعم.
قالت: فارجع فلا تزولن عن صفه، فواللهِ ما ضل ولا ضل به.
قال: يا أماه فهل أنت محدثتي في علي بحديث سمعته من رسول الله (صلي الله عليه وآله)؟
قالت: اللهم نعم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي آية الحق، وراية الهدى، علي سيف الله يسله على الكفار والمنافقين، فمن أحبه فبحبي أحبه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه، ومن أبغضني أو أبغض علياً لقي الله عز وجل ولا حجة له (4). وقال الشيخ الصدوق قدس سره: حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: رحم الله الأخوات من أهل الجنة فسماهن:
أسماء بنت عميس الخثعمية وكانت تحت جعفر بن أبي طالب (عليه السلام).
وسلمى بنت عميس الخثعمية وكانت تحت حمزة.
وخمس من بني هلال:
ميمونة بنت الحارث كانت تحت النبي (صلى الله عليه وآله).
وأم الفضل عند العباس اسمها هند.
والغميصاء أم خالد بن الوليد.
وعزة كانت في ثقيف الحجاج بن غلاظ.
وحميدة ولم يكن لها عقب (5).
وبهذا يتبين أنهما من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، إذن فهما من سلفنا الصالح
اقول: ألا يدل قول ام المؤمنين رضي الله عنها على ان علي كان محق بمطالبته بالخلافة ضد ابي بكر وعمر وعثمان؟
---------------------------------------------------
(1) المصنف ج 7 ص 504.
(2) مجمع الزوائد ج 9 ص 135.
(3) المستدرك للصحيحين حديث 4685.
(4) الأمالي ص 505.
(5) الخصال ص 363.