سياسة الغلو وإجبار الناس على إمامة الشيخين
تستطيع أن تكتب ثلاث مجلدات كاملة: أولها في أنواع غلوهم في أبي بكر وعمر بأحاديث غير معقولة، وبعضها يوجب تفضيلهما على الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام)!
والثاني، في سياسة السلطة وصرفها الأموال لوضع الأحاديث في فضائلهما، وتصريح نقاد الحديث ورواة السلطة، بأنهم وضعوا أحاديث كثيرة في ذلك!
والثالث، في سياسة حكومات الخلافة من وفاة النبي (صلى الله عليه واله) إلى يومنا هذا، في إجبار الناس على ولاية أبي بكر وعمر، واضطهاد من لا يحبهما، أو ينتقدهما، أو يتبرأ منهما، وتكفيرهم وتشريدهم وتقتيلهم!.
س1: قال الله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ. فهل أن أبا بكر وعمر أعظم من الدين حتى تكرهوا الناس عليهم وتجبروهم على موالاتهم؟!
نماذج من الأحاديث التي اعترفوا بأنها موضوعة!
1- قال أبو بكر للأعمى: إقبض على لحيتي وتوسل بها!
«فنهض أبو بكر ووضع لحيته في يد الأعمى وقال: أمسك لحيتي في حب محمد (صلى الله عليه واله) وقل: يا رب أسألك بحرمة شيبة أبي بكر إلا رددت عليَّ بصري.!
قال فرد الله عليه بصره لوقته! فنزل جبرائيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه واله) وقال: يا محمد، السلام يقرؤك السلام ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: وعزته وجلاله لو أقسم عليَّ كل أعمى بحرمة شيبة أبي بكر الصديق لرددت عليه بصره، وما تركت على وجه الأرض أعمى». (الغدير:7/239).
2- شهادة أبي بكر مقدمة على شهادة جبرائيل (عليه السلام)!
« ذكر النسفي أن رجلاً مات بالمدينة فأراد النبي (صلى الله عليه واله) أن يصلي عليه فنزل جبريل وقال: يا محمد لا تصل عليه فامتنع، فجاء أبو بكر فقال: يا نبي الله صل عليه فما علمت منه إلا خيراً، فنزل جبرائيل وقال: يا محمد صلِّ عليه، فإن شهادة أبي بكر مقدمة على شهادتي»! مصباح الظلام للجرداني:2/25 نزهة المجالس: 2/184».(الغدير:7/244).
3. جبرائيل يسجد لآدم مهابة لأبي بكر!
«حدث عالم الأمة الشيخ يوسف الفيشي المالكي قال: كان جبرائيل إذا قدم أبو بكر على النبي (صلى الله عليه واله) وهو يحادثه يقوم إجلالاً للصديق دون غيره! فسأله النبي عن ذلك؟ فقال جبرائيل: أبو بكر له علي مشيخة في الأزل وما ذاك إلا أن الله تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم حدثتني نفسي بما طرد به إبليس، فحين قال الله تعال: أسجدوا، رأيت قبة عظيمة عليها مكتوب أبو بكر أبو بكر مراراً وهو يقول: أسجد، فسجدت من هيبة أبي بكر» ! (الغدير:7/251).
4- كلبة من الجن تعضُّ من يسب أبا بكر:
زعموا أن أنس بن مالك قال: كنا جلوساً عند رسول الله (صلى الله عليه واله) إذ أقبل إليه رجل من أصحابه وساقاه تشخبان دماً، فقال النبي (صلى الله عليه واله) : ما هذا؟ قال: مررت بكلبة فلان المنافق فنهشتني! ثم أقبل إليه رجل آخر من أصحابه وساقاه تشخبان دماً، فقال النبي (صلى الله عليه واله) : ما هذا؟ فقال: إني مررت بكلبة فلان المنافق فنهشتني! فنهض النبي (صلى الله عليه واله) وقال لأصحابه: هلموا بنا إلى هذه الكلبة نقتلها، فقاموا وأرادوا أن يضربوها فقالت الكلبة بلسان طلق ذلق: لا تقتلني يا رسول الله، إني كلبة من الجن مأمورة أن أنهش من سب أبا بكر وعمر! (الغدير:7/219، عن عمدة التحقيق للعبيدي/105).
5- كان لا يصلي في الليل ولكن يفكر فيشوي كبده حتى يحترق!
«روى المحب الطبري في الرياض النضرة (1/133) أن عمر بن الخطاب أتى إلى زوجة أبي بكر بعد موته فسألها عن أعمال أبي بكر في بيته ما كانت؟ فأخبرته بقيامه في الليل وأعمال كان يعملها. ثم قالت: ألا إنه كان في كل ليلة جمعة يتوضأ و يصلي ثم يجلس مستقبل القبلة رأسه على ركبتيه، فإذا كان وقت السحر رفع رأسه وتنفس الصعداء فيشم في البيت روائح كبد مشوي! فبكا عمر وقال: أنى لأبن الخطاب بكبد مشوي»! (الغدير:7/219).
ثم ذكر صاحب الغدير (رحمه الله) مصادر أخرى لحديث الكبد المشوي، ونقل تعليل علمائهم له بأن النبي (صلى الله عليه واله) قال: «ما صُبَّ في صدري شيء إلا صببته في صدر أبي بكر! ولو صبه جبريل في صدر أبي بكر ما أطاقه لعدم مجراه من المماثل، لكن لما صب في صدر النبي (صلى الله عليه واله) وهو من جنس البشرية فجرى في قناة مماثلة للصديق، فبواسطتها أطاق حمله، ومع ذلك احترق قلبه»! وقد وضعوا هذا الحديث تعويضاً لأبي بكر عن قلة صلاته بالليل! ومثله حديث: «ما سبقكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة، بل بشيء وقر في صدره»(فيض القدير:4/190)!
كما وضعوا حديث العريش في بدر، تعويضاً له عن فراره من القتال!
6- الملائكة تلبس على زيِّ أبي بكر!
زعموا أن ابن عباس قال: «قال النبي (صلى الله عليه واله) : هبط جبرائيل وعليه طنفسه وهو متخلل بها، فقلت يا جبرائيل ما نزلت إلي في مثل هذا الز؟! قال: إن الله أمر الملائكة أن تخلل في السماء كتخلل أبي بكر في الأرض»! (تاريخ بغداد:5/442).
7- أبو بكر خير أهل السماوات والأرض!
في الصواعق المحرقة لأبن حجر/251: «عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه واله) : أبو بكر وعمر خير أهل السماء وخير أهل الأرض وخير الأولين وخير الآخرين».
وفي تاريخ دمشق (30/395)عن أبي بكر بن عياش قال: «إني أريد أن أتكلم اليوم بكلام لا يخالفني فيه أحد إلا هجرته ثلاثاً، قالوا قل يا أبا بكر! قال: ما ولد لآدم مولود بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر الصديق. قالوا: صدقت يا أبا بكر ولا يوشع بن نون وصي موسى؟ قال: ولا يوشع بن نون».
8 - أبو بكر أفضل من النبي (صلى الله عليه واله) ولا يحاسب يوم القيامة!
«عن عائشة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه واله) الناس كلهم يحاسبون إلا أبا بكر»! (الصواعق المحرقة/74) .
وفي تاريخ بغداد (2/118): «عن أنس قال, قال رسول الله (صلى الله عليه واله) قلت لجبرائيل حين أسرى بي إلى السماء يا جبرائيل أعلى أمتي حساب؟ قال كل أمتك عليها حساب، ما خلا أبا بكر الصديق فإذا كان يوم القيامة قيل يا أبا بكر أدخل الجنة، قال: ما أدخل حتى أدخل معي من كان يحبني في الدنيا.».
9- أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى!
زعموا أن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : «ما نفعني في الإسلام مال أحد ما نفعني مال أبي بكر، منه أعتق بلالاً، ومنه هاجر نبيه، ولو كنت متخذاً خليلاً لأتخذت أبا بكر خليلاً، ولكنه أخي وصاحبي، وأخوة الإسلام أفضل. أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي». (تاريخ دمشق:30/60و206، وتاريخ بغداد:11/383) .
وقد وضعوه ليقابلوا به الحديث المتواتر: علي مني بمنزلة هارون من موسى! لكن بعض أئمتهم استحى فشهد بأنه موضوع!
قال ابن حجر في لسان الميزان (2/23) : « قال الذهبي هذا كذب، وهو من بشر، قال ثم قال ابن عدي: ورواه مسلم بن إبراهيم عن قزعة. قال الذهبي: وقزعة ليس بشيء».
وبعضهم لم يستح فاحتج به وكابر، وزعم أنه يستوجب تفضيل أبا بكر على علي (عليه السلام)! قال القرطبي في تفسيره (1/268) : «وروي عنه (صلى الله عليه واله) أنه قال: أبو بكر وعمر بمنزلة هارون من موسى! وهذا الخبر ورد ابتداء، وخبر علي ورد على سبب، فوجب أن يكون أبو بكر أولى منه بالإمامة!».
وقال الباقلاني في التمهيد/463: «فإن قالوا هذا من أخبار الآحاد التي لا نعلمها ضرورة ولا بدليل! قيل: إن جازت لكم هذه الدعوى جاز لخصمكم أن يزعم أن جميع ما رويتموه وتعلقتم به في النص والتفضيل من أخبار الآحاد التي لا نعلمها ضرورة ولا بدليل، فلمَ يلزم القول بها، ولا جواب لهم عن ذلك».
أقول: جوابنا على ما ذكره البلائي اعتراف أئمتهم بكذب خبرهم، وصحة أخبارنا، ومعنى كلام القرطبي أن الحديث في حق علي (عليه السلام) له سبب هو أن النبي (صلى الله عليه واله) لم يصحب علياً (عليه السلام) إلى تبوك، وتركه والياً على المدينة، فشكى إليه قول المنافقين، فقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. لكنه قال ذلك لأبي بكر وعمر بدون مناسبة، فيكون في حقهما أقوى. وقد أخطأ القرطبي، لأن مناسبات الحديث توثيقات له تدل على ظرف صدوره وتتضمن فوائد كثيرة في بحثه، بينما ادعاء المدعي أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال كذا، بدون أن يبين متى ولماذا، أمر يضعف الحديث، ولهذا تجد أن أحاديث الفضائل التي ادعوها لا مناسبة لها، أو مناسبتها غير معقولة وقد تضع اليد على كذب الحديث! ثم تحايل بعض أئمتهم فحذفوا من الحديث المكذوب فقرة منزلة هارون، واحتجوا بباقيه!
قال الترمذي:5/297 وأبو يعلى:1/418.:«عن علي قال قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالاً من ماله. رحم الله عمر يقول الحق وإن كان مراً ،تركه الحق وما له صديق ! رحم الله عثمان تستحييه الملائكة. رحم الله علياً: اللهم أدر الحق معه حيث دار»!
ويضحكك قول شارحه المباركفوري في تحفة الأحوذي (10/148): «وحملني إلى دار الهجرة: أي المدينة على بعيره، ولو على قبول ثمنه»!
وزاد عليه في فتح الباري (7/11):«عن عائشة أنها قالت: أنفق أبو بكر على النبي (صلى الله عليه واله) أربعين ألف درهم»! وتقدم ما يثبت فقر أبي بكر!
10- وزنوا أبا بكر وعمر وعثمان، وطار الميزان!
«عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: وفدنا مع زياد على معاوية بن أبي سفيان، وفينا أبو بكرة، فلما قدمنا عليه لم يعجب بوفد ما أعجب بنا، فقال: يا أبا بكرة حدثنا بشيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يعجبه الرؤيا الحسنة ويسأل عنها فقال ذات يوم أيكم رأى رؤيا؟ فقال رجل: أنا، رأيت كأن ميزاناً دُلِّيَ من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت بأبي بكر، ثم وزن أبو بكر وعمر فرجح أبو بكر بعمر، ثم وزن عمر بعثمان فرجح عمر بعثمان، ثم رفع الميزان! فاستاء لها وقد قال حماد أيضاً فساءه ذاك ثم قال (صلى الله عليه واله) : خلافة نبوة ثم يؤتي الله تبارك وتعالى من يشاء». (مسند أحمد :5/50، وأبو داود:2/398، والترمذي:3/369، وصححه، والنسائي في فضائل الصحابة/12، والحاكم:3/71، وصححه بشرط الشيخين، والطيالسي/116، وروى تكملته: فغضب معاوية فزخ في أقفائنا وأخرجنا! فقال زياد لأبي بكرة: أما وجدت من حديث رسول الله حديثاً تحدثه غير هذا؟! قال: والله لا أحدثه إلا به حتى أفارقه! قال: فلم يزل زياد يطلب الإذن حتى أذن لنا فأدخلنا فقال معاوية يا أبا بكرة حدثنا بحديث عن رسول الله لعل الله أن ينفعنا به قال: فحدثه أيضاً بمثل حديثه الأول فقال له معاوية: لا أباً لك تخبرنا أنا ملوك فقد رضينا أن نكون ملوكاً».
أقول: أبو بكرة بن أبي عبيد هو أخ زياد بن أبيه، وكان يمثل الإتجاه المعادي لعلي (عليه السلام) غير المقتنع بمعاوية، ولذا جعل خلافة النبوة تنتهي بعثمان، وأخرج منها علياً (عليه السلام)! بينما المعتمد عند السنة حديث سفينة مولى النبي (صلى الله عليه واله) بأن خلافة النبوة ثلاثون سنة، وهو برأينا أيضاً موضوع، مفصل على مقاس آخرين.
أما أمر معاوية لشرطته أن يضربوا أدبار الوفد ويطردوهم، فلأنه أراد شهادة من أبي بكرة بأن حكمه خلافة فشهد بعكسه، فطرده وأهانه! وقد لاحظت أن أبا بكرة زعم في حديثه المكذوب أن الميزان لما وصل الى علي (عليه السلام) طار وارتفع!
من ردود الأئمة (عليهم السلام) على أحاديث موضوعة:
الإحتجاج:2/477:«روي: أن المأمون بعدما زوج ابنته أم الفضل أبا جعفر (الإمام محمد الجواد (عليه السلام) كان في مجلس وعنده أبو جعفر (عليه السلام) ويحيى بن أكثم وجماعة كثيرة فقال له يحيى بن أكثم: ما تقول يا ابن رسول الله في الخبر الذي روي أنه نزل جبرائيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه واله) وقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك: سل أبابكر هل هو عني راض فإني عنه راض؟
فقال أبو جعفر (عليه السلام) : لست بمنكر فضل أبي بكر ولكن يجب على صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله (صلى الله عليه واله) في حجة الوداع: قد كثرت عليَّ الكذابة وستكثر بعدي! فمن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث عني فاعرضوه على كتاب الله وسنتي، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به، وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به، وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله، قال الله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الآنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. فالله عز وجل خفي عليه رضاء أبي بكر من سخطه حتى سأل عن مكنون سره! هذا مستحيل في العقول.
ثم قال يحيى بن أكثم: وقد روي أن مَثَل أبي بكر وعمر في الأرض كمثل جبرائيل وميكائيل في السماء ! فقال (عليه السلام) : وهذا أيضاً يجب أن ينظر فيه، لأن جبرئيل وميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا الله قط، ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة، وهما قد أشركا بالله عز وجل وإن أسلما بعد الشرك، فكان أكثر أيامهما الشرك بالله، فمحال أن يشبههما بهما.!
قال يحيى: وقد روي أيضاً أنهما سيدا كهول أهل الجنة، فما تقول فيه؟ فقال (عليه السلام) : وهذا الخبر محال أيضاً لأن أهل الجنة كلهم يكونون شباباً ولا يكون فيهم كهل، وهذا الخبر وضعه بنو أمية لمضادة الخبر الذي قاله رسول الله (صلى الله عليه واله) في الحسن والحسن(عليهما السلام) بأنهما: سيدا شباب أهل الجنة!
فقال يحيى بن أكثم: وروي أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة؟ فقال (عليه السلام) : وهذا أيضاً محال لأن في الجنة ملائكة الله المقربين، وآدم ومحمد، وجميع الأنبياء والمرسلين، لا تضيء الجنة بأنوارهم حتى تضيء بنور عمر! فقال يحيى: وقد روي أن السكينة تنطق على لسان عمر. فقال (عليه السلام) : لست بمنكر فضل عمر، ولكن أبا بكر أفضل من عمر: فقال على رأس المنبر: إن لي شيطاناً يعتريني، فإذا ملت فسددوني!
فقال يحيى: قد روي أن النبي (صلى الله عليه واله) قال: لو لم أبعث لبعث عمر ! فقال (عليه السلام) : كتاب الله أصدق من هذا الحديث، يقول الله في كتابه: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه؟! وكل الأنبياء(عليهم السلام) لم يشركوا بالله طرفة عين، فكيف يبعث بالنبوة من أشرك وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله! وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : نبئت وآدم بين الروح والجسد!
فقال يحيى بن أكثم: وقد روي أيضاً أن النبي (صلى الله عليه واله) قال: ما احتبس عني الوحي قط إلا ظننته قد نزل على آل الخطاب! فقال (عليه السلام) : وهذا محال أيضاً لأنه لا يجوز أن يشك النبي (صلى الله عليه واله) في نبوته! قال الله تعالى: الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس، فكيف يمكن أن ينتقل النبوة ممن اصطفاه الله تعالى إلى من أشرك به!
قال يحيى: روي أن النبي (صلى الله عليه واله) قال: لو نزل العذاب لما نجى منه إلا عمر! فقال (عليه السلام) : وهذا محال أيضاً لأن الله تعالى يقول: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون، فأخبر سبحانه أنه لا يعذب أحداً ما دام فيهم رسول الله (صلى الله عليه واله) وما داموا يستغفرون».
س1: ما رأيكم بهذا المنطق الذي يكشف عدم معقولية هذه المكذوبات؟!
لم يصح أي حديث فيه فضيلة لأبي بكر وعم !
قال الأميني في الغدير (7/87) :« هل صح عن النبي الأعظم (صلى الله عليه واله) فيه حديث فضيلة؟ وهل صح ما رووه فيه من الثناء الكثير الحافل؟! قال الفيروز آبادي في خاتمة كتابه سفر السعادة المطبوع في خاتمة الكتاب: في الإشارة إلى أبواب روي فيها أحاديث وليس منها شيء صحيح، ولم يثبت منها عند جهابذة علماء الحديث شيء! ثم عد أبواباً إلى أن قال: باب فضائل أبي بكر الصديق: أشهر المشهورات من الموضوعات: أن الله يتجلى للناس عامة، ولأبي بكر خاصة..الخ.».
هذا، وقد اعترف علماؤهم بكثرة المكذوبات في فضائل أبي بكر وعمر حتى المتعصب منهم، فقد قال ابن القيم في المنار المنيف/115: «فصل: ومما وضعه جهلة المنتسبين إلى السنة في فضائل الصديق حديث: إن الله يتجلى للناس عامة يوم القيامة ولأبي بكر خاصة. وحديث: ما صب الله في صدري شيئاً إلا صببته في صدر أبي بكر! وحديث: كان إذا اشتاق إلى الجنة قبل شيبة أبي بكر! وحديث: أنا وأبو بكر كفرسي رهان! وحديث: إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر! وحديث عمر: كان رسول الله وأبو بكر يتحدثان وكنت كالزنجي بينهما! وحديث: لو حدثتكم بفضائل عمر, عمر نوح في قيومه ما فنيت وإن عمر حسنة من حسنات أبي بك ! وحديث: ما سبقكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة إنما سبقكم بشيء وقر في صدره »!
وقال العجلوني في كشف الخفاء (2/419): «وباب فضائل أبي بكر الصديق أشهر المشهورات من الموضوعات كحديث: إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة! وحديث: ما صب الله في صدري شيئاً إلا وصببته في صدر أبو بكر! وحديث: كان (صلى الله عليه واله) إذا اشتاق إلى الجنة قبل شيبة أبي بكر! وحديث: أنا وأبو بكر كفرسي رهان. . وحديث: إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر وأمثال هذا من المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل»!
وقال السيد الميلاني في الأحاديث المقلوبة في مناقب الصحابة/69: « يقول ابن الجوزي: وما أزال أسمع العوام يقولون عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال: ما صب الله في صدري شيئاً إلا وصببته في صدر أبي بكر! و إذا اشتقت إلى الجنة قبلت شيبة أبي بكر! وكنت أنا وأبو بكر كفرسي رهان، سبقته فاتبعني ولو سبقني لأتبعته! في أشياء ما رأينا لها أثراً لا في الصحيح ولا في الموضوع! ولا فائدة في الإطالة بمثل هذه الأشياء.. ويقول: المجد الفيروزآبادي: وأشهر الموضوعات في باب فضائل أبي بكر: حديث: إن الله يتجلى يوم القيامة للناس عامة ولأبي بكر خاصة! وحديث: ما صب الله في صدري شيئاً إلا وصببته في صدر أبي بكر. وأمثالها من المفتريات الواضح بطلانها ببداهة العقل»!
وفي نهاية الدراية 315: «قال الملا علي القاري الهروي الحنفي في كتابه المعروف بالموضوعات الكبرى، المطبوع في دهلي، في مطبعة المجتبائي في صفحة مائة وست، فصل: ومما وضعه جهلة المنتسبين إلى السنة»و نقل عبارة ابن القيم المتقدمة!
وفي الصحيح من السيرة (1/238) : «وقال التهانوي: نحن نعلم: أنهم كذبوا في كثير مما يروونه في فضائل أبي بكر، وعمر، وعثمان. كما كذبوا في كثير مما يروونه في فضائل علي، وليس في أهل الأهواء أكثر كذباً من الرافضة»!
أسئلة:
س1: ما قولكم في هذه الفضائل والمناقب المكذوبة لأبي بكر وعمر، ألا توجب عندكم الشك في كل ما رووه من فضائلهما لأنها قد تكون مثلها؟!
س2: ألا تلاحظون أن علماءكم اعترفوا على أنفسهم وجماعتهم، بأنهم وضعوا الأحاديث المكذوبة على رسول الله (صلى الله عليه واله)، ثم اتهموا الشيعة بذلك!
س3: ترون في عصرنا كثرة الكذب في الإعلام الحكومي، فلماذا تبرئون الحكومات التاريخية المعادية لأهل البيت (عليهم السلام)، وتتهمون المعارضة؟!
(م228) كان الوضاعون من قبل معاوية، فوظفهم رسمياً وكثَّرهم!
أوردنا في هذا الكتاب (2/88) مراسيم معاوية التي رواها المؤرخ المدائني السني، في كتابه: الأحداث، قال: «كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً ويبرؤون ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد كل الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة!
وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق ألا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة! وكتب إليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان محبيه وأهل ولايته، والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته، ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعث إليهم معاوية من الصلاة والكساء والحباء والقطائع!
ثم كتب إلى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب، إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب إلي وأقر لعيني وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضله. فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها وجدَّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر، وألقي إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموه بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله.
ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: أنظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه!
وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره! فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة، حتى أن الرجل من شيعة علي ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سره، ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه، حتى يأخذ عليه الإيمان الغليظة ليكتمن عليه! فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة، وكان أعظم الناس في ذلك القراء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم، ويقربوا مجالسهم ويصيبوا بها الأموال والضياع والمنازل!
حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يتسلحون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها. فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي، فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه، أو طريد في الأرض! ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين وولي عبد الملك بن مروان، فاشتد على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف! وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تأريخه ما يناسب هذا الخبر وقال: إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية، تقرباً إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم». انتهى.
أسئلة:
س1: هل تلاحظون أنه اكتمل تأسيس الإسلام الحكومي وترسيخ أركانه في عهد معاوية؟ كالتشبيه والتجسيم، وعدالة الصحابة وتقديسهم، وبغض علي وأهل البيت (عليهم السلام)، والقول بالجبر، وتفسير القرآن بالرأي، والفتوى في الفقه بالرأي والظن، ونشر الغناء وشرب الخمر..الخ.
س2: هل تعرفون مقدار ما رويتم عن الرواة المتعصبين لبني أمية، واعتمدت عليهم صحاحكم ومصادر فقهكم؟! فكيف تقبلون روايتهم وقد ثبت نصبهم لأهل البيت (عليهم السلام) والناصب لهم فاسق ومنافق، بحكم النبي (صلى الله عليه واله)؟!