Header


  • الصفحة الرئيسية

من نحن في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • معنى الشيعة (13)
  • نشأة الشيعة (24)
  • الشيعة من الصحابة (10)
  • الشيعة في العهد الاموي (10)
  • الشيعة في العهد العباسي (4)
  • الشيعة في عهد المماليك (1)
  • الشيعة في العهد العثماني (2)
  • الشيعة في العصر الحديث (1)

من نحن في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الشيعة في أحاديث النبي(ص) (1)
  • الشيعة في احاديث الائمة (ع) (0)
  • غدير خم (0)
  • فدك (3)
  • واقعة الطف ( كربلاء) (0)

سيرة اهل البيت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

عقائدنا (الشيعة الامامية) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في اصول الدين (0)
  • في توحيد الله (8)
  • في صفات الله (32)
  • في النبوة (9)
  • في الانبياء (4)
  • في الامامة الالهية (11)
  • في الائمة المعصومين (14)
  • في المعاد يوم القيامة (16)
  • معالم الايمان والكفر (30)
  • حول القرآن الكريم (22)

صفاتنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الخلقية (2)
  • العبادية (5)
  • الاجتماعية (1)

أهدافنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في تنشئة الفرد (0)
  • في تنشئة المجتمع (0)
  • في تطبيق احكام الله (1)

إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في توحيد الله (41)
  • في صفات الله (17)
  • في التجسيم (34)
  • في النبوة (1)
  • في عصمة الانبياء (7)
  • في عصمة النبي محمد (ص) (9)
  • في الامامة (68)
  • في السقيفة (7)
  • في شورى الخليفة الثاني (1)
  • طاعة الحكام الظلمة (6)
  • المعاد يوم القيامة (22)
  • التقمص (3)

إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد النبي (ص) (14)
  • في عهد الخلفاء (20)
  • في العهد الاموي (14)
  • في العهد العباسي (3)
  • في عهد المماليك (5)
  • في العهود المتأخرة (18)

إشكالاتنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • كيفية الوضوء (4)
  • كيفية الصلاة (5)
  • اوقات الصلاة (0)
  • مفطرات الصوم (0)
  • احكام الزكاة (0)
  • في الخمس (0)
  • في الحج (2)
  • في القضاء (0)
  • في النكاح (7)
  • مواضيع مختلفة (64)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عقيدة التثليث (32)
  • على التناقض بين الاناجيل (41)
  • صلب المسيح (17)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • عدم تصديقهم الانبياء (6)
  • تشويههم صورة الانبياء (8)
  • نظرية شعب الله المختار (1)
  • تحريف التوراة (0)

إشكالاتنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التفسير المادي للكون (1)
  • نظرية الصدفة وبناء الكون (0)
  • النشوء والارتقاء (0)
  • اصل الانسان (0)

ردودنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد الرسول(ص) (9)
  • في عهد الخلفاء (12)

ردودنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول توحيد الله (2)
  • حول صفات الله (7)
  • حول عصمة الانبياء (3)
  • حول الامامة (34)
  • حول اهل البيت (ع) (45)
  • حول المعاد (1)

ردودنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول النكاح (2)
  • حول الطهارة (0)
  • حول الصلاة (3)
  • حول الصوم (0)
  • حول الزكاة (0)
  • حول الخمس (0)
  • حول القضاء (0)
  • مواضيع مختلفة (6)

ردودنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • اثبات وجود الله (0)
  • العلم يؤيد الدين (2)

كتابات القراء في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في العقائد :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في التربية والأخلاق :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء العامة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

  • القسم الرئيسي : من نحن في التاريخ .

        • القسم الفرعي : الشيعة من الصحابة .

              • الموضوع : أدلة الأحكام عند الشيعة في عهد الصحابة .

أدلة الأحكام عند الشيعة في عهد الصحابة

اعتمد المسلمون أصلين آخرين بالإضافة إلى الكتاب والسنة، وهما الإجماع والقياس، فأصبحت بذلك أدلة الأحكام أربعة. أما الكتاب والسنة فإليهما يرجع جميع المسلمين في الفقه الإسلامي منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) حتّى العصور المتأخرة. ولم تدعُ الحاجة إلى غير الكتاب وأحاديث الرسول في عهده، لأنه كان يتلقى مواد التشريع: أما بواسطة الآيات القرآنية، أو بما يوحى إليه من سنن وأحكام، لم يأت القرآن على بيانها، والطريق إلى معرفة الأحكام كان ميسوراً للجميع.
وكان المسلمون يرجعون إليه وإلى نصوص الكتاب فيما يتعلق بتكليفهم، عبادة كان أو غيرها، مما تدعوهم الحاجة إلى معرفته. أما سكان القرى والبوادي ممن دخلوا الإسلام فكان يرسل إليهم من يعلمهم الأحكام، كما نص عليها القرآن. وما وعته صدورهم من أقوال الرسول وفتاويه. وأحيانا كان الرسول يكتب قسماً من أحكام الإسلام ويرسلها إلى الأقطار والقرى وسكان البادية، مع الأمراء والولاة والجباة. وقد اشتملت كتبه إلى اليمن وهمدان وهجر على أحكام الزكاة والصدقات وبعض أحكام النكاح، على أن المؤلفين في التشريع يدعون بأن النبي كان يجتهد في الأحكام إذا عرضت عليه واقعة لم يوحَ إليه بحكمها.
قال الدكتور محمّد يوسف: أن الرسول كان يجتهد في الحكم ثمّ يصدر رأيه، وهنا لا يقره اللّه على هذا الرأي إلاّ إذا كان صواباً.
أما بعد وفاته فقد وقعت حوادث لم تكن في حياته، واتسعت حياة المسلمين بسبب الغزوات واتصال المسلمين بالبلاد التي غزاها الإسلام، فكان ولا بد من تضاعف الحاجة إلى الفقه. وما تجددت الحاجة إلى معرفة حكمه، لم يكن باستطاعتهم أن يستخرجوا حكمه من نصوص الكتاب والسنة، فكان الإجماع والقياس مرجعهما في مثل ذلك.
يرى ابن خلدون في مقدماته وغيره حدوث هذين الأصلين: الإجماع والقياس في عهد الصحابة.
وكانت الطريقة المتبعة في تحصيل الإجماع، هي أن الخليفة إذا استشار جماعة من المسلمين في حكم وأشاروا فيه برأي أفتى به. وسمي هذا النوع من الاتفاق إجماعاً، وان لم يذكر المجمعون نصاً عليه من كتاب أو سنة. وفي كتاب عمر بن الخطاب إلى شريح القاضي، ما يدل على أن الإجماع كان أصلاً من أصول الأحكام، بعد كتاب اللّه وسنّة نبيه، كما يرويه عامر الشعبي عن شريح نفسه، أن عمر كتب إليه: إذا أتاك أمر فاقض فيه بما في كتاب اللّه، فإن أتاك ما ليس في كتاب اللّه ولم يسنّه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ولم يتكلم فيه احد، فإن شئت أن تجتهد رأيك فتقدم.
والإجماع الذي وضع نواته الشيخان، كما يقول الخضري وابن خلدون وغيرهما، عرض عليه بعض التطور، فيما بعد زمن الصحابة، ووقع خلاف شديد بين مالك وجماعته من جهة، وبين الليث بن سعد، فقيه مصر، كما جاء في تعابير أهل السنة عنه، ومعه جماعة من جهة أخرى مع اتفاقهما على اعتباره دليلا على الحكم. فبينما يرى مالك وجماعته، أن الإجماع الذي هو دليل في الأحكام، هو إجماع أهل المدينة، يرى الطرف الأخر أن أهل المدينة وغيرهم سببان في ذلك ومهما يكن الحال، فقد استدل من يرى أن الإجماع دليل لا يجوز مخالفته، بالآية (114) من سورة النساء: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصلّه جنهم وساءت مصيراً).
وبالآية (134) من سورة البقرة: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).
وبما رواه ابن مسعود عن الرسول انه قال: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل للّه تعالى، ونصيحة المسلمين، ولزوم جماعتهم).
وبما رواه عمر بن الخطاب عنه وهو يخطب الناس: (ألا من سره بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، الشيطان مع الفرد، وهو من الاثنين ابعد).
وبما رواه المحدثون من أهل السنة عنه انه قال: (لا تجتمع أمتي على ضلال، ويد اللّه مع الجماعة).
وبالإضافة إلى هذه الأدلة، يحتج مالك فيما يذهب إليه من أن الإجماع الذي يجب إتباعه هو إجماع أهل المدينة، بأن المدينة دار هجرته، ومهبط الوحي الإلهي، وبها استقر الإسلام وصارت له دولة، وتوحدت فيها شريعته، واجتمع فيه صحابته من المهاجرين والأنصار، ولازموه دهراً طويلاً، فعرفوا أسرار التنزيل الذي شاهدوه وتشربوه وعملوا به، وكانوا أعرف الناس بأحوال الرسول وما كان منه من قضاء وأحكام تشريعية، وما إلى ذلك مما يتعلق بالتشريع وأصوله، وينتهي من ذلك إلى نتيجة حتمية بزعمه، وهي أن الحق لا يخرج عما يذهبون إليه، وان ما يجتمعون عليه يكون حجة شرعية، لها قيمتها التي لا يجوز إنكارها وتجاهلها.
وأما الأصل الرابع الذي جاء التعبير عنه في كلماتهم، بالرأي تارة، وبالقياس أخرى، فأول من وضع نواته عمر بن الخطاب، كما يظهر من الأستاذ الخضري، قال: كانت ترد على الصحابة أقضية لا يرون فيها نصاً من كتاب أو سنة، وإذ ذاك كانوا يلجئون فيها إلى القياس. وأيد دعواه بكتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري الذي يقول فيه: (أعرف الأشياء والأمثال وقس الأمور بعضها على بعض). ويرى هذا الرأي ابن خلدون حيث يقول: أن الإجماع والقياس حدثا أيام الصحابة أنفسهم، و بها صارت أصول الفقه أربعة.
ويذكر الدكتور محمّد يوسف عن الامام أبي بكر السرخسي، أن مذهب الصحابة ومن بعدهم من التابعين والماضين من أئمة الدين، جواز القياس، وهو مدرك من مدارك أحكام الشرع. على أن محمّد يوسف يميل إلى أن الرسول نفسه، هو الذي وضع مبدأ القياس. وذلك حينما بعث معاذاً على قضاء اليمن، وقد قال له يوم ذاك كيف تصنع إذا عرض لك قضاء بين اثنين؟ قال: أقضي بما في كتاب اللّه.
قال: فإن لم يكن في كتاب اللّه؟ قال: فبسنّة رسول اللّه. قال: فإن لم يكن في السنة شيء من ذلك؟ قال: اجتهد رأيي لا أكد. فضرب رسول اللّه بيده في صدر معاذ، وقال: الحمد للّه الذي وفق رسول اللّه لما يرضاه رسول اللّه.
ثمّ نقل عن أعلام الموقعين لابن القيم، أن محرز المدلجي الكناني، قد استعمل القيافة والقياس أيام رسول اللّه، وحكم عن طريق القياس، أن أسامة ولد شرعي لزيد بن حارثة، وان الرسول سر بذلك، حتّى برقت أسارير وجهه، وكانت الشبهة قد وقعت على أسامة، لأنه أسود اللون وزيد ابيض. ولكن تشابه أقدامهما اقتضى إلحاق الفرع بأصله، وعدم تأثير الوصف في ذلك.
ونقل عنه أيضاً، أن حد القذف ورد في القرآن فيمن قذف المحصنات، كما جاء في الآية الرابعة من سورة النور: (والذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً)، فقاس الصحابة من يرمي المحصنين على المحصنات.
وبعد أن ساق الدكتور يوسف هذين وغيرهما عن ابن القيم، نقل عنه ما ارتضاه من كلام المزني، أن الفقهاء من عصر الرسول إلى يومنا هذا استعملوا المقاييس في الفقه وجميع الأحكام في أمر دينهم، وأجمعوا على أن نظير الحق حق، ونظير الباطل باطل.
وذكر ابن حزم في كتابه، ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتعليل والتقليد، أمثلة أخرى من الكتاب الكريم، عمل الصحابة وغيرهم فيها بالقياس.
منها قوله تعالى : (ولا تقل لهما أُفٍّ ) قالوا: فما عدا الـ (أف) من أنواع الأذى مقيس عليه.
ومنها قوله: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) فما عدا خشية إملاق مقيس عليها.
وقالوا: أن اللّه حرم لحم الخنزير في كتابه، فحرم شحمه قياساً على لحمه والأنثى منه قياساً على الذكر.
وقالوا: إنما أجمعت الصحابة على تقديم أبي بكر في الخلافة، قياساً على تقديم النبي له في الصلاة، وأن أبا بكر قاتل مانعي الزكاة، قياساً للزكاة على الصلاة.
وقد سرد ابن حزم الأندلسي أمثلة أخرى نسبها أنصار القياس إلى الصحابة وغيرهم ولا يعنينا أن نستقصي جميع ما ذكروه من موارد استعمال القياس في عصري الصحابة والتابعين.
وإن كان هو ممن لا يرون جواز العمل به، في الأحكام وغيرها. ويرى أن الكتاب والسنة فيهما تبيان كل شيء ولا يتصور فقد النص، ليسوغ لنا الرجوع إلى القياس وأمثاله.
وفي تعليقه على هامش الكتاب المذكور أن ذلك مذهب البخاري أيضاً، فقد قال: (لا أعلم شيئاً يحتاج إليه، في التشريع والآداب ونظام المجتمع، ألا وهو في الكتاب والسنة).
ومهما يكن الحال فإن حدوث هذا الأصل في زمن الصحابة أمر لا يقبل الجدل والنقاش. وقد اشتهر بعد ذلك وكثر العمل به عند الأحناف وغيرهم، وأصبح كغيره من أدلة الأحكام. أما اتصال ذلك بزمن الرسول، فليس في الآثار التي وصلت إلينا عنه ما يؤيد هذا الرأي . وحديث إقراره لمعاذ بن جبل على العمل برأيه، فيما إذا لم يجد نصاً من كتاب أو سنة، هذا الحديث ليس فيه ما يشير إلى القياس بمعناه المعروف، من قريب او بعيد. وكل ما في الأمر انه أقرّ معاذاً على بذل جهده، ليصل إلى الواقع في مقام عدم النص وهذا أمر مفروض على القضاة والمفتين، بعد أن يكون فيهم من المؤهلات الكافية للبحث عن الحكم في مظان وجوده، حتّى لا تضيع الحقوق، ولكي يعرف الحلال من الحرام.
وأما ما نقله ابن القيم عن محرز المدلجي، والذي برقت له أسارير وجه النبي كما يزعم الراوي، فليس فيه أكثر من موافقة القيافة أو القياس، كما يسميه ابن القيم، للمبدأ الشرعي العام، الذي وضعه الرسول في مثل ذلك وأصبح أصلاً متبعاً في كل مولود تولد من أبوين، بعد تحقق النكاح بينهما. قال (صلى الله عليه وآله) : (الولد للفراش وللعاهر الحجر), بدون أن يكون لتشابه الألوان والأقدام أي أثر في ذلك.
فاتصال العمل بالقياس بزمن الرسول لا تؤيده الأحاديث الصحيحة، ولا الوقائع التي تمسك بها أنصار هذا الرأي.
على انه لم يتحقق إجماع من الصحابة والتابعين، على اعتباره أصلاً من أصول الأحكام الشرعية فروي عن علي (عليه السلام) انه قال: (لو كان الدين يؤخذ قياساً، لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره).
وعن ابن مسعود انه قال: (إن عملتم في دينكم بالقياس، أحللتم كثيراً مما حرم اللّه، وحرمتم كثيراً مما حل لكم).
وعن الشعبي انه كان يقول: (إذا سئلت عن مسألة، فلا تقس شيئاً بشيء، فربما حللت حراماً وحرمت حلالاً، وإنما هلكتم حيث تركتم الآثار وأخذتم بالمقاييس).
ولم يتحقق إجماع من المسلمين على اعتباره دليلاً على الأحكام في عصر من العصور، حتّى عند أهل السنة، فقد رفض العمل به إبراهيم النظام ومن تبعه من المعتزلة وداود بن علي الأصفهاني الظاهري، (المتوفي سنة 370) وجعفر ابن حرب وجعفر بن ميشة ومحمّد بن عبد اللّه الاسكافي وغيرهم. ولكل واحد من هؤلاء أدلة على عدم جواز العمل به، ووجهات نظر يصدر عنها.
وقد استعرض الشافعي، في كتابه المسمى بالرسالة، أدلة المانعين ووجهات نظرهم. ودافع عنه، وانتهى به القول إلى أنه أداة أمينة لاستنباط الأحكام الشرعية.
ولابدّ لنا من عودة إلى هذا الأصل، عند الكلام على أصول التشريع الجعفري، في عهد الامام الصادق (عليه السلام). أن تاريخ العمل بالقياس، واعتباره دليلاً على الأحكام الشرعية، يتصل بعصر الصحابة وبه تكون أصول الأحكام أربعة، من عصر الصحابة حتّى العصور المتأخرة، التي اشتهر العمل له فيها عند الأحناف بصورة خاصة.
ولا بدّ لنا، وقد أثبتنا في الفصول السابقة، أن التشيع لم يكن بأقل نصيباً من غيره في التشريع بعد وفاة الرسول، بل إذا أضفنا جهود علي (عليه السلام) في هذه الناحية، إلى ما قام به الصحابة من الشيعة، في نشر الأحكام وبيان الحلال والحرام، لجاز لنا أن نعتبر التشيع أقوى دعامة قام عليها التشريع في عصر الصحابة، من غير أن نكون قد حابيناه أو تحيزنا له في هذه النسبة.
ومن تتبع الموارد التي أفتى بها الشيعة، يتبين أن الكتاب والسنة هما المصدران الوحيدان للفقه الإسلامي من فجر الإسلام حتّى العصور المتأخرة. وان الكتاب الذي تداوله المسلمون بينهم، من عهد الرسول حتّى اليوم، هو المنزل على محمّد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله)، بدون تحريف أو تبديل، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو مصدرهم الأول في كل ما جاء به الإسلام وقد جمعت آياته الواردة في مقام التشريع، سواء ما كان منها وارداً في العبادات أو المعاملات والأحوال الشخصية والجنائية، فبلغت نحواً من خمسمائة آية، جمعها ووزعها على أبواب الفقه، وبين أسباب نزولها وتاريخه، جماعة من أعلام الشيعة، منهم الجزائري والمقدادي وغيرهما.
والذي لا شك فيه أن آيات التشريع لا تفي بكل ما يحتاجه الإنسان من أحكام الوقائع والحوادث، لاسيما وقد تجددت مع الزمن واتساع الحياة أشياء كثيرة. ومن أجل ذلك كانت الحوادث غير متناهية. على أن الآيات قد وضعت المبادئ العامة في الغالب وتركت تحديد الموضوعات وماهياتها، من حيث العموم والخصوص والإطلاق والتقييد، والإجمال والتفصيل، وغير ذلك مما لا بدّ من رعايته في مقام أخذ الحكم من الآيات التي وردت في مقام التشريع إلى السنة.
لهذه الأسباب كانت الحاجة ماسة إلى السنة، لبيان ما أجملته آياته الكريمة، وتوضيح مشكلاته، وتحديد بعض الموضوعات التي تعلق الطلب بإيجادها أو تركها. وفي هذا يقول اللّه سبحانه في سورة النحل الآية 44: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون).
فالسنة متممة للكتاب وكلاهما من مصدر واحد: (لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى). والذي تعنيه هذه الكلمة أي كلمة السنة إذا وردت على لسان الفقهاء والمحدثين، هو ما صدر عن المعصوم، نبياً كان أو إماماً، من قول أو فعل أو تقرير فيما لو كان قوله أو فعله أو تقريره في مقام التشريع وبيان الواقع. ولم يخالف احد من الشيعة، في أن السنة بمعناها المعروف بين الفقهاء والمحدثين، اصل من أصول الأحكام. ووجوب العمل بما تقتضيه، من غير فرق بين ما يؤخذ منها وما يؤخذ من كتاب اللّه. وتدل على ذلك الآية السابعة من سورة الحشر: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، والآية 64 من سورة النساء: (فلا وربك لا يؤمنون حتّى يحكموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
لهذين الأصلين وحدهما كان يرجع الشيعة، في عهد الصحابة وما بعده من العصور. ويتبين ذلك مما ذكرناه سابقاً من آراء علي وبعض الصحابة من الشيعة في الفقه والتشريع.
وعندما يلجأ غيرهم إلى الرأي والإجماع والاستحسان، للأسباب التي يزعمون أنها تبيح لهم ذلك، يقف الشيعة إلى جانب هذين الأصلين وحدهما، معلنين آرائهم في الفقه على أساسهما.
ويدل على ذلك رأيهم في المتعة والمسح على القدمين والعول والتعصيب والطلاق ثلاثا بلفظ واحد، وغير ذلك من موارد الخلاف مع غيرهم من الصحابة، في المسائل التي بدأ الخلاف فيها من عهدهم واستمر حتّى اليوم.
أما الإجماع سواء كان يرتكز على آراء جماعة من الصحابة، كما يقول الخضري، أو آراء أهل المدينة، لأنها مهبط الوحي، وأهلها عاشوا مع النبي دهراً طويلاً، وعرفوا أسرار ما نزل عليه وعملوا به كما يدعي مالك وأتباعه، أو آراء غيرهم من المسلمين، كما يرى الليث بن سعد، فقيه مصر، هذا الإجماع، لا أثر له عند الشيعة. وآراء الفقهاء عندهم، قلت أو كثرت، لا تكون دليلاً على الحكم، لأنها لا تفيد إلاّ الظن. وفيه يقول اللّه سبحانه: (إن الظن لا يغني عن الحق شيئاً). وليس في الآثار التي رواها أنصار الإجماع عن الرسول، ولا في الكتاب، ما يصلح لان يكون دليلاً على اعتبار الظن، الذي يحصل من أقوال الجماعة في أمر من الأمور، قلت أو كثرت.
وقد ورد الإجماع على لسان الفقهاء والمحدثين من الشيعة، في العصور المتأخرة عن عصر الصحابة وتابعي التابعين بل وحتّى عن عصر الأئمة (عليهم السلام).
ويعنون به اتفاق جميع العلماء على الحكم، بنحو يكون الامام (عليه السلام) معهم، فحيث يعتبرونه من أصول الأحكام، ذلك لان الامام مع المجمعين، قل المجمعون أو كثروا. وفائدته عندهم انه يكون كاشفاً عن رأي الامام، فيما إذا اتفق جميع العلماء على حكم ولم يتعين لهم قول المعصوم (عليه السلام)، فيكون هذا الاتفاق كاشفاً عن وجود رأيه بين آرائهم هذا الإجماع الذي تكرر استعماله والاستدلال به في كتب الفقه، لا يعملون به، إلاّ حيث يكون كاشفاً عن السنة، فيكون تعبيراً آخر عنها بلفظ الإجماع.
ومهما كان الحال، فالشيعة منذ عهدهم الأول، الذي اتصل بتاريخ الإسلام، ومشى معه جنباً إلى جنب، لا يرجعون لغير الكتاب والسنة في أحكام دينهم. ولا يرون الإجماع دليلاً، إلاّ إذا كان كاشفاً عن رأي المعصوم، لأنه موجود في كل زمان. على أن هناك شيء من الخلاف بينهم في طريقة استكشاف رأيه من الإجماع على تقدير وجوده.
أما القياس، الذي يدعي أهل السنة انه من أصول الأحكام في عصر الصحابة، والذي قال عنه الداوليبي في كتابه: (المدخل إلى علم أصول الفقه)، إلحاق أمر بآخر في الحكم الشرعي، لاتحاد بينهما في العلة، سواء كانت مصرحا بها في الدليل الشرعي أو لم تكن. وقال عنه آخرون: (هو الحكم فيما لا نص فيه بمثل الحكم فيما فيه نص أو إجماع، لاتفاقهما في علة الحكم، أو لاتفاقهما في وجه الشبه).
وأيّاً كان معناه، فالشيعة يرونه بدعة في الدين، ولا يعملون به في الأحكام وغيرها، وأصبح ذلك معروفاً من مذهبهم.
وروي عن علي (عليه السلام) انه قال: (لو كان الذي يؤخذ قياسا لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره). وليس فيما نقل عن فقهائهم في عهد الصحابة من الفتاوى والأحكام، ما يشير إلى أنهم يعتمدون عليها، وقد تواترت الأحاديث عن أئمتهم بالمنع عن العمل فيه.
وقال الامام الصادق (عليه السلام) لأبي حنيفة: اتق اللّه ولا تقس برأيك، فسنقف غدا ومن خالفنا بين يدي اللّه، فنقول قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وقال اللّه، (وتقول أنت وأصحابك رأينا وقسنا، فيفعل اللّه بنا وبكم ما يشاء).
واعتبار القياس من أصول الأحكام، يؤدي بالنتيجة إلى أن المشرع قد ساوى في الأحكام بين الأمور المتشابهة وخالف فيها بين غيرها. ومن التتبع فيما شرعه الإسلام يتبين لنا انه قد خالف بين المتماثلات في الحكم وساوى بين المختلفات أحيانا.
أما إذا أشتمل دليل الحكم على علة، ووجدتا تلك العلة في مورد آخر ولم يكن ذلك المورد من مصاديق موضوع الحكم، كما إذا ورد في مقام التشريع مثلاً، حرمة الخمر لإسكارها، أو علمنا أن العلة في تحريمها هي الإسكار ولو لم ينص عليها الدليل بمنطوقه، كانت النتيجة في مثل ذلك وجود الحكم أينما وجدت العلة، لان العلة في مثل ذلك بمنزلة الموضوع للحكم، ومتى وجد الموضوع، لا بدّ من وجود الحكم. فحرمة الشاي مثلاً، إذا كان مسكراً ليس من جهة القياس، بل من جهة انه فرد آخر للموضوع الذي تعلق به التحريم.

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/01   ||   القرّاء : 1741



البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 كيف تأخذون دينكم عن الصحابة واغلبهم مرتدون ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الامامة في ولد الحسين لا الحسن اقصاء له ؟

 ردّ شبهة ان علي خان الامانة بعد ستة اشهر من رحيل رسول الله ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الحسن بايع معاوية وتنازل له عن الخلافة ؟؟.

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 أعتراف الألباني بصحة حديث الحوأب

 الجزاء الشديد لمن نقض العهد الأكيد ؟؟؟

 حديث الثقلين وبعض الحقائق الكامنة

 حديث الغدير/ وكفر من لا يأخذ بكلام رسول الله بحكم ابن باز؟؟

ملفات عشوائية :



 هل توجد علاقة منطقية ورابطة عقلية بين المعجزة وبين ما يدّعيه النبي

 الإعجاز القرآني دليل نبوة النبي محمد (صلى الله عليه واله)

  الفرق بين المعجزة والكرامة

 إبطال الصلب بنبوءات التوراة

 أعتراف الألباني بصحة حديث الحوأب

 قانونية العهد الجديد

 مخالفة الوهابيين لجميع المسلمين في التوسل والإستشفاع !

 الشيعة و معرفة النبي (صلى الله عليه واله)

 الشيعة في القرن الثاني عشر وحتى القرن الرابع عشر للهجرة

 مزعمة النصارى أن الله لم يعط اليهود أحكاماً صالحة

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 24

  • الأقسام الفرعية : 90

  • عدد المواضيع : 841

  • التصفحات : 1847270

  • التاريخ : 19/04/2024 - 13:44

Footer