Header


  • الصفحة الرئيسية

من نحن في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • معنى الشيعة (13)
  • نشأة الشيعة (24)
  • الشيعة من الصحابة (10)
  • الشيعة في العهد الاموي (10)
  • الشيعة في العهد العباسي (4)
  • الشيعة في عهد المماليك (1)
  • الشيعة في العهد العثماني (2)
  • الشيعة في العصر الحديث (1)

من نحن في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الشيعة في أحاديث النبي(ص) (1)
  • الشيعة في احاديث الائمة (ع) (0)
  • غدير خم (0)
  • فدك (3)
  • واقعة الطف ( كربلاء) (0)

سيرة اهل البيت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

عقائدنا (الشيعة الامامية) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في اصول الدين (0)
  • في توحيد الله (8)
  • في صفات الله (32)
  • في النبوة (9)
  • في الانبياء (4)
  • في الامامة الالهية (11)
  • في الائمة المعصومين (14)
  • في المعاد يوم القيامة (16)
  • معالم الايمان والكفر (30)
  • حول القرآن الكريم (22)

صفاتنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الخلقية (2)
  • العبادية (5)
  • الاجتماعية (1)

أهدافنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في تنشئة الفرد (0)
  • في تنشئة المجتمع (0)
  • في تطبيق احكام الله (1)

إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في توحيد الله (41)
  • في صفات الله (17)
  • في التجسيم (34)
  • في النبوة (1)
  • في عصمة الانبياء (7)
  • في عصمة النبي محمد (ص) (9)
  • في الامامة (68)
  • في السقيفة (7)
  • في شورى الخليفة الثاني (1)
  • طاعة الحكام الظلمة (6)
  • المعاد يوم القيامة (22)
  • التقمص (3)

إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد النبي (ص) (14)
  • في عهد الخلفاء (20)
  • في العهد الاموي (14)
  • في العهد العباسي (3)
  • في عهد المماليك (5)
  • في العهود المتأخرة (18)

إشكالاتنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • كيفية الوضوء (4)
  • كيفية الصلاة (5)
  • اوقات الصلاة (0)
  • مفطرات الصوم (0)
  • احكام الزكاة (0)
  • في الخمس (0)
  • في الحج (2)
  • في القضاء (0)
  • في النكاح (7)
  • مواضيع مختلفة (64)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عقيدة التثليث (32)
  • على التناقض بين الاناجيل (41)
  • صلب المسيح (17)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • عدم تصديقهم الانبياء (6)
  • تشويههم صورة الانبياء (8)
  • نظرية شعب الله المختار (1)
  • تحريف التوراة (0)

إشكالاتنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التفسير المادي للكون (1)
  • نظرية الصدفة وبناء الكون (0)
  • النشوء والارتقاء (0)
  • اصل الانسان (0)

ردودنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد الرسول(ص) (9)
  • في عهد الخلفاء (12)

ردودنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول توحيد الله (2)
  • حول صفات الله (7)
  • حول عصمة الانبياء (3)
  • حول الامامة (34)
  • حول اهل البيت (ع) (45)
  • حول المعاد (1)

ردودنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول النكاح (2)
  • حول الطهارة (0)
  • حول الصلاة (3)
  • حول الصوم (0)
  • حول الزكاة (0)
  • حول الخمس (0)
  • حول القضاء (0)
  • مواضيع مختلفة (6)

ردودنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • اثبات وجود الله (0)
  • العلم يؤيد الدين (2)

كتابات القراء في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في العقائد :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في التربية والأخلاق :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء العامة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

  • القسم الرئيسي : إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين .

        • القسم الفرعي : في الامامة .

              • الموضوع : الإمامة والشورى .

الإمامة والشورى

بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏

 أنّ الإمامة نيابة عن النبوة، والإمام نائب عن النبي (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم)، وكما أنّ النبوّة والرسالة تثبت للنبي والرسول من قبل اللَّه سبحانه وتعالى‏، كذلك الإمامة، فإنّها خلافة ونيابة عن النبوّة والرسالة، فنحن- إذن- بحاجة إلى جعل إلهي وتعريفٍ من اللَّه سبحانه وتعالى‏ وتعيين من قبله بالنص؛ ليكون الشخص نبيّاً و رسولا، أو ليكون إماماً بعد الرسول . والنص إمّا من الكتاب وإمّا من السنّة القطعيّة. ولو رجعنا إلى العقل، فالعقل يعطينا الملاك، ويقبّح تقديم المفضول على الفاضل، وعن هذا الطريق أيضاً يستدلّ للإمامة والولاية والخلافة بعد رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم).

ولدينا نظرية ربّما تطرح في بعض الكتب وفي بعض الأوساط العلميّة والفكريّة، وهي نظرية الشورى‏، بأن تثبت الإمامة لشخص عن طريق الشورى‏. لنرى‏ ما إذا كان لهذه النظرية مستند ودليل من الكتاب والسنّة وسيرة رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه وآله)، أو أنّها نظرية لا سند لها من ذلك.

فموضوع بحثنا: الشورى‏ في الإمامة أو الإمامة بالشورى.

وأمّا الشورى‏ والمشورة والتشاور في الأُمور، والقضايا الخاصّة أو العامّة، والمسائل الإجتماعيّة، وفي حلّ المشاكل، فذلك أمر مستحسن مندوب شرعاً وعقلًا وعقلاءاً؛ لأنّ من شاور الناس فقد شاركهم في عقولهم، والإنسان إذا احتاج إلى رأي أحد، احتاج إلى مشورة من عاقل، ففي القضايا الشخصية لابدّ وأن يبادر ويشاور، وهذه سيرة جميع العقلاء، وكلامنا في الشورى في الإمامة، أو فقل الإمامة بالشورى:

                        الشورى فى الإمامة

                        الإمامة بيد اللَّه سبحانه وتعالى‏

لقد أخبر النبي (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم) عن ثبوت الإمامة والوصاية والخلافة لأمير المؤمنين (سلام اللَّه عليه) قبل هذا العالَم، كما ثبتت النبوة والرسالة لرسول اللَّه قبل هذا العالم ... أخبرنا رسول اللَّه عن هذا الموضوع في حديث النور، هذا الحديث في بعض ألفاظه: «كنت أنا وعلي نوراً بين يدي اللَّه تعالى‏ قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق اللَّه آدم، قسّم ذلك النور جزئين، فجزءٌ أنا وجزء علي».

هذا الحديث من رواته:

1- أحمد بن حنبل، في كتاب المناقب.

2- أبو حاتم الرازي.

3- ابن مردويه الإصفهاني.

4- أبو نعيم الإصفهاني.

5- ابن عبد البر القرطبي.

6- الخطيب البغدادي.

7- ابن عساكر الدمشقي.

8- عبد الكريم الرافعي القزويني، الإمام الكبير عندهم.

9- شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني.

وجماعة غير هؤلاء، يروون هذا الحديث عن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم)، بواسطة عدّة من الصحابة، وبأسانيد بعضها صحيح «1».

وقد اشتمل بعض ألفاظ هذا الحديث على‏ قوله: «فجعل فيّ النبوّة وفي علي الخلافة» «2»، وفي بعضها: «فجعل فيّ الرسالة وفي علي الوصاية» «3».

لكن كلامنا في هذا العالم، وأنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم) أخبر عن أنّ الإمامة إنّما هي بيد اللَّه سبحانه وتعالى‏، الإمامة حكمها حكم الرسالة والنبوّة كما ذكرنا، ففي أصعب الظروف وأشدّ الأحوال التي كان عليها رسول اللَّه في بدء الدعوة الإسلاميّة، عندما خوطب من قبل اللَّه سبحانه وتعالى بقوله: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ» «4»

 جعل رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم) يعرض نفسه على القبائل العربية، ففي أحد المواقف حيث عرض نفسه على بعض القبائل ودعاهم إلى الإسلام، طلبوا منه واشترطوا عليه أنّهم إنْ بايعوه وعاونوه وتابعوه أن يكون الأمر من بعده لهم، و رسول اللَّه بأشدّ الحاجة حتى إلى المعين الواحد، حتّى إلى المساعد الواحد، فكيف وقبيلة عربيّة فيها رجال، أبطال، عدد وعُدّة، في مثل تلك الظروف لمّا قيل له ذلك قال: «الأمر إلى اللَّه ...» ولقد كان بإمكانه أن يعطيهم شبه وعد، ويساومهم بشكل من الأشكال، لاحظوا هذا الخبر:

يقول ابن إسحاق صاحب السيرة- وهذا الخبر موجود في [سيرة ابن هشام‏]، هذا الكتاب الذي هو تهذيب أو تلخيص لسيرة ابن إسحاق-: إنّه- أي‏ النبي (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم) أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى اللَّه عزّوجلّ، وعرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم ويقال له بحيرة بن فراس قال: واللَّه لو أنّي أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثمّ قال: أرأيت إنْ نحن بايعناك على أمرك، ثمّ أظهرك اللَّه على‏ من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: «الأمرُ إلى اللَّه يضعه حيث يشاء»، فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك اللَّه كان الأمر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه «5».

وفي [السيرة الحلبية]: وعرض على بني حنيفة وبني عامر بن صعصعة فقال له رجل منهم: أرأيت إنْ نحن بايعناك على أمرك ثمّ أظفرك اللَّه على‏ من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ فقال: «الأمر إلى اللَّه يضعه حيث شاء»، فقال له: أنقاتل العرب دونك، وفي رواية: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، أي‏نجعل نحورنا هدفاً لنبالهم، فإذا أظهرك اللَّه كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك وأبوا عليه «6».

هذا، وال رسول - كما أشرت- في أصعب الأحوال وأشدّ الظروف، وكلّ العرب وعلى رأسهم قريش يحاربونه ويؤذونه بشتّى أنواع الأذى، يقول: «الأمر إلى اللَّه يضعه حيث يشاء»، وهذا معنى قوله تعالى: «اللهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ» «7».

ولو راجعتم الآيات الكريمة الواردة في نصب الأنبياء، غالباً ما تكون بعنوان «الجعل» وما يشابه هذه الكلمة، لاحظوا قوله تعالى: «إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً» «8»

هذا في خطاب لإبراهيم (عليه السّلام)، وفي خطاب لداود: «إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ» «9».

ومن هذه الآية يستفاد أنّ الحكم بين الناس حكم من أحكام النبوّة والرسالة «إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ» الحكم من أحكام الخلافة، وليست الخلافة هي الحكومة، وإنّما الحكومة شأن من شؤون الخليفة، فتثبت الخلافة لشخص ولا يتمكّن من الحكومة على الناس ولا يكون مبسوط اليد ولا يكون نافذ الكلمة، إلّا أنّ خلافته محفوظة.

وإذا كانت الآيات دالّة على أنّ النبوّة والإمامة إنّما تكون بجعل من اللَّه سبحانه وتعالى‏، فهناك بعض الآيات تنفي أن تكون النبوّة والإمامة بيد الناس، كقوله تعالى: «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» «10»

، وذيل الآية ربّما يؤيّد هذا المعنى‏، إنّ القول باشتراك الناس وبمساهمتهم وبدخلهم في تعيين النبوّة لأحدٍ أو تعيين الإمامة لشخص، هذا نوع من الشرك.

وإلى الآن نرى أنّ النبيّ (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم) يصرّح بأنّ الأمر بيد اللَّه، أي ليس بيد النبي، فضلًا عن أن يكون بيد أحدٍ أو طائفة من الناس.

حتّى إذا أُمر بإنذار عشيرته بقوله تعالى: «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ» «11»

 فجمع‏ أقطابهم، فهناك أبلغ الناس بأن الجعل بيد اللَّه، وأخبرهم بالذي حصل الجعل له من اللَّه من بعده «12».

وهكذا كان (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم) ينصّ على‏ علي، وإلى آخر لحظة من حياته المباركة.

ولم نجد لا في الكتاب ولا في سنّة رسول اللَّه دليلًا ولا تلميحاً وإشارةً إلى كون الإمامة بيد الناس، بأن ينصبوا أحداً عن طريق الشورى‏ مثلًا، أو عن طريق البيعة والإختيار، ولا يوجد أيّ دليل على ثبوت الإمامة بغير النصّ.

                      

 

                        متى طرحت فكرة الشورى‏

إذن، متى جاء ذكر الشورى؟ ومتى طرحت هذه الفكرة؟ في أيّ تاريخ؟

ولماذا؟ وحتّى عمر أيضاً لم تكن عنده هذه الفكرة، وكان مخالفاً لها، وكان قائلًا بالنص:

منها: قوله: لو كان أبو عبيدة حيّاً لولّيته «13».

ومنها: قوله: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً لولّيته «14».

ومنها: قوله: لو كان معاذ بن جبل حيّاً لولّيته «15».

إذن، ما الذي حدث؟ ولماذا طرحت فكرة الشورى؟

هذه الفكرة طرحت وحدثت بسبب، سأذكره لكم من صحيح البخاري، وهو أيضاً في: سيرة ابن هشام، وفي تاريخ الطبري، وفي مصادر أخرى، وهناك فوارق بين العبارات، حيث أنهم تلاعبوا بالنص، ولا أتعرّض لتلك الناحية، ولا أبحث عن التلاعب الذي حدث منهم في نقل القصة، وإنّما أذكر لكم النص في [صحيح البخاري‏]، لتروا كيف طرحت فكرة الشورى من قبل عمر في سنة 23، وأرجوكم أن تنتظروا إلى آخر النص، لأنه طويل، وتأمّلوا في ألفاظه :

 «حدّثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه، حدّثني إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب [وهو الزهري‏] عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس قال: كنت  أُقرى‏ء رجالًا من المهاجرين  منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب  في آخر حجّة حجّها، إذ رجع إليّ عبد الرحمن فقال: لو رأيت رجلًا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً، فواللَّه ما كانت بيعة أبي بكر إلّافلته فتمّت، فغضب عمر ثمّ قال:

إنّي إنْ شاء اللَّه لقائم العشيّة في الناس، فمحذّرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أُمورهم.

 [لاحظوا القضيّة: عبد الرحمن كان عند عمر بن الخطاب في منى، فجاء رجل وأخبر عمر أنّ بعض الناس كانوا مجتمعين وتحدّثوا، فقال أحدهم: لو قد مات عمر لبايعنا فلاناً فواللَّه ما كانت بيعة أبي بكر إلّافلتة. في البخاري فلان، وسأذكر لكم الإسم، وهذا، دأبهم، يضعون كلمة فلان في مكان الأسماء الصريحة، فقال قائل من القوم: واللَّه لو قد مات عمر لبايعت فلاناً. القائل من؟ وفلان الذي سيبايعه من؟ يقول هذا القائل: إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمّت، لكن سننتظر موت عمر، لنبايع فلاناً. لمّا سمع عمر هذا المعنى غضب، وأراد أن يقوم ويخطب‏].

قال عبد الرحمن فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإنّ الموسم يجمع رعاء الناس وغوغائهم، فإنّهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيّرها عنك كلّ مطيّر، وأن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتّى تقدم المدينة، فإنّها دار الهجرة والسنّة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكّناً، فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها، فقال عمر: أما واللَّه إنْ شاء اللَّه لأقومنّ بذلك أوّل مقام أقومه بالمدينة.

قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجّة، فلمّا كان يوم الجمعة عجّلنا الرواح حين زاغت الشمس، حتّى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالساً إلى ركن المنبر، فجلست حوله تمسّ ركبتي ركبته، فلم أنشب أنْ خرج عمر بن الخطّاب، فلمّا رأيته مقبلًا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو نفيل: ليقولنّ العشيّة مقالة لم يقلها منذ استخلف، فأنكر عَلَيّ- سعيد بن زيد- وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله؟ فجلس عمر على المنبر، فلمّا سكت المؤذّنون قام فأثنى على اللَّه بما هو أهله ثمّ قال:

أمّا بعد، فإنّي قائل لكم مقالة، قد قدّر لي أن أقولها، لا أدري لعلّها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدّث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أُحلّ لأحدٍ أنْ يكذب عَلَيّ، إنّ اللَّه بعث محمّداً (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم) بالحقّ، وأنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل آية الرّجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول اللَّه ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل واللَّه ما نجد آية الرجم في كتاب اللَّه، فيضل بترك فريضة أنزلها اللَّه، والرجم في كتاب اللَّه حقّ على من زنى‏ إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البيّنة، أو كان الحبل أو الاعتراف. ثمّ إنّا كنّا نقرأ في ما نقرأ من كتاب اللَّه: أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم أنْ ترغبوا عن آبائكم  ثمّ إنّ رسول اللَّه قال:لا تطروني كما أُطري عيسى بن مريم، وقولوا عبد اللَّه و رسوله.

ثمّ إنّه بلغني أنّ قائلًا منكم يقول: واللَّه لو مات عمر بايعت فلاناً، فلا يغترنّ امرؤ أن يقول: إنّما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمّت، ألا وأنّها قد كانت كذلك ولكنّ اللَّه وقى‏ شرّها وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر. من بايع رجلًا من غير مشورة من المسلمين، فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرّة أنْ يقتلا.

وإنّه قد كان من خبرنا حين توفّى اللَّه نبيّه (صلّى اللَّه عليه وآله وسلم) أنّ الأنصار خالفونا، واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة، وخالف علينا علي والزبير ومن معهما، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر، يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، فانطلقنا نريدهم، فلمّا دنونا منهم، لقينا منهم رجلان صالحان، فذكرا ما تمالأ عليه القوم، فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم أخذوا أمركم، فقلت: واللَّه لنأتينّهم، فانطلقنا حتّى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا رجل مزمّل بين ظهرانيهم، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة، فقلت:

ما له؟ قالوا: يوعك، فلمّا جلسنا قليلًا تشهد خطيبهم، فاثنى على اللَّه بما هو أهله، ثمّ قال:

أمّا بعد، فنحن أنصار اللَّه، وكتيبة الإسلام، وأنتم معشر المهاجرين رهط، وقد دفّت دافّة من قومكم، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلها، وأن يحضوننا من الأمر.

فلمّا سكت، أردت أن أتكلّم، وكنت زوّرت مقالة أعجبتني أُريد أنْ أُقدّمها بين يدي أبي بكر، وكنت أُداري منه بعض الحد، فلمّا أردت أن أتكلّم قال أبو بكر:

على‏ رسلك، فكرهت أن أُغضبه، فتكلّم أبو بكر، فكان هو أحلم منّي وأوقر، واللَّه ما ترك من كلمة أعجبتني في تزوير إلّاقال في بديهته مثلها أو أفضل منها، حتّى سكت، فقال:

ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف هذا الأمر إلّالهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين  فبايعوا أيّهما شئتم، فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا، فلم أكره ممّا قال غيرها، كان واللَّه لأن أُقدم فتضرب عنقي لا يقرّبني ذلك من إثم أحب إليّ من أن أتأمرّ على قوم فيهم أبو بكر، اللهمّ إلّاأن تسوّل إليّ نفسي عند الموت شيئاً لا أجده الآن.

فقال قائل من الأنصار: أنا جذيله المحكك وعذيقها المرجّب، منّا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، فكثر اللّغط وارتفعت الأصوات، حتّى فرقت من الاختلاف.

فقلت: أُبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرون، ثمّ بايعته الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، فقلت:

قتل اللَّه سعد بن عبادة.

قال عمر: وإنّا واللَّه ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى‏ من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلًا منهم بعدنا، فإمّا بايعناهم على ما لا نرضى، وإمّا نخالفهم فيكون فساد.

فمن بايع رجلًا عن غير مشورة من المسلمين، فلا يبايع هو ولا الذي بايعه؛ تغرة أن يقتلا».

هذه خطبة عمر بن الخطاب التي أراد أن يخطب بها في منى‏، فمنعه عبد الرحمن بن عوف، فوصل إلى المدينة، وفي أوّل جمعة خطبها، ولماذا في أوائل الخطبة تعرّض إلى قضيّة الرجم؟ هذا غير واضحٍ عندي الآن، أمّا فيما يتعلّق ببحثنا، فالتهديد بالقتل للمبايع والمبايع له مكرّر، فقد جاء في أوّل الخطبة وفي آخرها بكلّ صراحةٍ ووضوح: من بايع بغير مشورة من المسلمين هو والذي بايعه يقتلان كلاهما.

أمّا من فلان المبايع؟ وفلان المبايع له؟ وما الذي دعا عمر بن الخطّاب أن يطرح فكرة الشورى، وقد كان قد قرّر أن يكون من بعده عثمان كما قرأنا؟

الحقيقة: إنّ أمير المؤمنين وطلحة والزبير وعمّاراً وجماعة معهم كانوا في منى‏، وكانوا مجتمعين فيما بينهم يتداولون الحديث، وهناك طرحت هذه الفكرة أن لو مات عمر لبايعنا فلاناً. ينتظرون موت عمر حتّى يبايعوا فلاناً ثمّ أضافوا أنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة، فأولئك الجالسون هناك، الذين كانوا يتداولون الحديث فيما بينهم، فهنالك قالوا: إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتةً، يريدون أنّ تلك الفرصة مضت، وإنّا قد ضيّعنا تلك الفرصة، وخرج الأمر من أيدينا، لكن ننتظر فرصة موت عمر فنبايع فلاناً. قالوا هذا الكلام وفي المجلس من يسمعه، فأبلغ الكلام إلى عمر، وغضب عمر وأراد أن يقوم هناك ويخطب، فمنعه عبد الرحمن بن عوف.

وفي المدينة اضطرّ الرجل إلى أنْ يذكر لنا بعض وقائع داخل السقيفة، وإلّا فمن أين كنّا نقف على ما وقع في داخل السقيفة، وهم جماعة من الأنصار وأربعة أو ثلاثة من المهاجرين، ولابدّ أن يحكي لنا ما وقع في داخل السفينة أحد الحاضرين، واللَّه سبحانه وتعالى أجرى على لسان عمر، وجاء في صحيح البخاري بعض ما وقع في قضيّة السقيفة، وإلّا فمن كان يحدّثنا عمّا وقع؟

يقول عمر: إرتفعت الأصوات، كثر اللّغط، حتّى نزونا على سعد بن عبادة.

هذا بمقدار الذي أفصح عنه عمر، أمّا ما كان أكثر من هذا، فاللَّه أعلم به، ما عندنا طريق لمعرفة كلّ ما وقع في داخل السقيفة، والقضية قبل قرون وقرون، ومن يبلّغنا ويحدّثنا؟ لكن الخبر بهذا القدر أيضاً لو لم يكن في صحيح البخاري فلابدّ وأنّهم كانوا يكذّبون القضيّة.

ثمّ إنّ عمر أيّد قول القائلين إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة، لكنّه يريد الأمر لمن؟

يريده لعثمان من بعده، فهل يتركهم أن يبايعوا بمجرّد موته غير عثمان، فلابدّ وأن يهدّد، فهدّدهم وجاءت الكلمة في كتاب البخاري: فلان وفلان، وليس هناك تصريح بالاسم كما في كثير من المواضع.

                        بعض جزئيات طرح فكرة الشورى‏

فلنراجع المصادر- كما هو دأبنا- ونحاول أن نعثر على جزئيات القضايا وخصوصياتها، من الشروح والحواشي، وإلّا فهم لا يذكرون، فبعد قرون يأتي محدّث أو مورّخ، ويفتح لنا بعض الألغاز، ويكشف لنا بعض الحقائق وبعض الأسرار.

كان الخبر المذكور في صحيح البخاري، في كتاب الحدود، كتاب المحاربين من أهل الكفر والردّة، في باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت.

والعجيب أن يوضع هذا الخبر تحت هذا العنوان، صحيح أنّ في مقدّمة الخبر ذكر عمر قضيّة رجم الحبلى‏، ولم أعرف إلى الآن- على اليقين- وجه ذكر هذه القضيّة أو هذا الحكم أو هذه الآية من القرآن التي ليست موجودةً الآن في القرآن الكريم، إلّاأنّ الخبر كان يقتضي أن يعنونه البخاري بعنوان خاص، أن يجعل له عنواناً بارزاً يخصّه ويجلب النظر إلى القضيّة، وأمّا أنّ هذا الخبر يأتي تحت هذا العنوان فمن الذي يطلع عليه؟ وهذا أيضاً من جملة ما يفعله المحدّثون «16».

هذا في الصفحة 585 إلى 588 من الجزء الثامن من طبعة البخاري، هذه الطبعة التي هي بشرح وتحقيق الشيخ قاسم الشمّاعي الرفاعي.

لنرجع إلى الشروح، لنعرف السبب الذي دعا عمر لأنْ يطرح فكرة الشورى- ولا أستبعد أن يكون لعبد الرحمن بن عوف ضلع في أصل الفكرة، كما كان في كيفيّة طرحها كما في صريح الخبر- وهذه الفكرة لم تكن لا في الكتاب، ولا في السنّة، ولا في سيرة رسول اللَّه، ولا في سيرة أبي بكر، وحتّى في سيرة عمر نفسه حتّى سنة 23، إلى قضيّة منى‏، نريد أن نعرف من هؤلاء القائلون؟

لاحظوا كتاب [مقدمة فتح الباري‏]، فابن حجر العسقلاني له مقدمة لشرحه فتح الباري، في مجلَّد ضخم، في هذه المقدّمة أبواب وفصول، أحد فصولها لتعيين المبهمات. يعني الموارد التي فيها كلمة فلان وفلان، يحاول ابن حجر العسقلاني أن يعيّن مَن فلان، فاستمعوا إليه يقول:

لم يُسمّ القائل [فقال قائل منهم‏] ولا الناقل، ثمّ وجدته في الأنساب للبلاذري، بإسناد قوي، من رواية هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري بالإسناد المذكور في الأصل [أي في البخاري نفسه‏] ولفظه: قال عمر: بلغني أنّ الزبير قال: لو قد مات عمر بايعنا عليّاً.

هذا الزبير نفسه الذي كان في قضيّة السقيفة في بيت الزهراء، وخرج مصلتاً سيفه، وأحاطوا به، وأخذوا السيف من يده، إنه ينتظر الفرصة، فهو لم يتمكّن في ذلك الوقت أن يفعل شيئاً لصالح أمير المؤمنين وما يزال ينتظر الفرصة.

لاحظوا، هنا أقوال أُخرى في المراد من فلان وفلان، لكن السند القوي الذي وافق عليه ابن حجر العسقلاني وأيّده هذا، وأنا لا أنفي الأقوال الأخرى، لأنّ الزبير وعليّاً لم يكونا وحدهما في منى‏، وإنّما كانت هناك جلسة، فكان مع الزبير ومع علي غيرهما من عيون الصحابة وأعيان الأصحاب.

لاحظوا الأقوال الأُخرى أقرأ لكم نصّ العبارة، يقول ابن حجر العسقلاني:

وقد كرّر في هذا الفصل حديث ابن عباس عن عمر في قصّة السقيفة فيه، فقال عبد الرحمن بن عوف: لو رأيت رجلًا أتى أمير المؤمنين [إذن، عندنا كلمة:

رجلًا] فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان [هذا صار اثنين‏] يقول: لو قد مات عمر لبايعت فلاناً.

صار ثلاثة: رجل، فلان، فلان. من هم؟

يقول: في مسند البزّار، والجعديات، بإسناد ضعيف أنّ المراد بالذي يبايع له طلحة بن عبيد اللَّه.

إذن، طلحة أيضاً بحسب هذه الرواية كان ممّن ينتظر فرصة موت عمر لأن يبايع له.

لاحظوا كلام ابن حجر: ولم يسمّ القائل ولا الناقل، ثمّ وجدته بالإسناد المذكور في الأصل ولفظه قال عمر: بلغني أنّ الزبير قال لو قد مات عمر بايعنا عليّاً ... يقول: فهذا أصح.

وفيه: فلمّا دنونا منهم لقينا رجلان صالحان، هما عوين بن ساعدة ومعد بن عدي، سمّاهما المصنّف- أي‏ البخاري- في غزوة بدر، وكذا رواه البزّار في مسند عمر، وفيه ردّ على من زعم كذا.

ثمّ يقول: وأمّا القائل: قتلتم سعداً فقيل أو قال قائل: قتلتم سعداً، فلم أعرفه، لم أعرف من القائل قتلتم سعداً.

هذا في [مقدمة فتح الباري في شرح صحيح البخاري‏] «17».

وفي بعض المصادر: أنّ القائل عمّار بدل الزبير، هذا راجعوا فيه الطبري وابن الأثير.

أمّا ابن حجر نفسه، ففي [فتح الباري بشرح البخاري‏]، الجزء الثاني عشر، حيث يشرح الحديث- تلك كانت المقدمة أمّا حيث يشرح الحديث- لا يصرّح بما ذكره في المقدّمة، ولا أعلم ما السبب؟ لماذا لم يصرّح البخاري في المتن وفي أصل الكتاب، ولا ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري، بما صرّح به في المقدمة.

ثمّ إنّه يشرح جملة: هل لك في فلان، يقول: لم أقف على اسمه أيضاً، ووقع في رواية ابن إسحاق أنّ من قال ذلك كان أكثر من واحد.

وهذا ما ذكرته لكم من أنّ القول ليس قول شخص واحد، بل أكثر من واحد، لأنّهم كانوا جماعة جالسين، وطُرحت هذه النظريّة والفكرة في تلك الجلسة، ولذا غضب عمر.

قوله: لقد بايعت فلاناً، هو طلحة بن عبيد اللَّه أخرجه البزّار من طريق أبي معشر عن زيد بن أسلم عن أبيه. إنتهى.

أمّا خبر البلاذري الذي هو أصحّ وقد روي بسند قوي، فلا يذكره في شرح الحديث، فراجعوا «18».

لكن عندما نراجع القسطلاني في شرح الحديث، في الجزء العاشر من [إرشاد الساري‏]، نجده يذكر ما ذكره ابن حجر في المقدمة في شرح الحديث، فيقول: لو قد مات عمر لبايعت فلاناً: قال في المقدمة- يعني قال ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري-: في مسند البزّار والجعديات بإسناد ضعيف: إنّ المراد ... قال ثمّ وجدته في الأنساب للبلاذري بإسناد قوي من رواية هشام ابن يوسف عن معمَر عن الزهري بالإسناد المذكور في الأصل ولفظه: قال عمر بلغني أنّ الزبير قال: لو قد مات عمر لبايعنا عليّاً ... الحديث، وهذا أصحّ «19».

ويقول القسطلاني: وقال في الشرح قوله: لقد بايعت فلاناً هو طلحة بن عبيد اللَّه، أخرجه البزّار، قرأنا هذا من شرح البخاري لابن حجر، ثمّ ذكر: قال بعض الناس لو قد مات أمير المؤمنين أقمنا فلاناً، يعنون طلحة بن عبيد اللَّه، ونقل ابن بطّال عن المهلّب أنّ الذي عنوا أنّهم يبايعونه رجل من الأنصار، ولم يذكر مستنده.

وهذه إضافة في شرح القسطلاني.

وأمّا إذا راجعتم شرح الكرماني، فلم يتعرّض لشي‏ء من هذه القضايا أصلًا، وإنّما ذكر أنّ كلمة «لو» حرف يجب أن تدخل على فعل، فلماذا دخلت لو على حرف آخر «لو قد مات»، لماذا كلمة «لو» التي هي حرف دخلت على «قد» التي هي حرف؟ «لو» يجب أن تدخل على فعل، فلماذا دخلت على حرفٍ؟

وهذا ما ذكره الكرماني في شرح الحديث، وكأنّه ليس هناك شي‏ء أبداً.

وأمّا العيني- هذا العيني دائماً يتعقّب ابن حجر العسقلاني، لأنّ العسقلاني شافعي، والعيني حنفي، وبين الشوافع والحنفيّة خاصّةً في المسائل الفقهيّة خلاف شديد ونزاعات كثيرة- يتعقّب العيني دائماً ابن حجر العسقلاني، ولكن ليس هنا أيّ تعقيب، وحتّى أنّه لم يتعرّض للحديث الذي ذكره ابن حجر العسقلاني، وإنّما ذكر رأي غيره فلم يذكر شيئاً عن ابن حجر العسقلاني أصلًا، وإنّما جاء في [شرح العيني‏]: قوله: لو قد مات عمر، كلمة قد مقحمة، لأنّ لو يدخل على الفعل، وقيل قد في تقدير الفعل، ومعناه لو تحقّق موت عمر. قوله لقد بايعت فلاناً، يعني طلحة بن عبيد اللَّه، وقال الكرماني: هو رجل من الأنصار، كذا نقله ابن بطّال عن المهلّب، لكن لم يذكر مستنده في ذلك.

وهذا غاية ما ذكره العيني في شرح البخاري.

فإلى الآن، عرفنا لماذا طرحت فكرة الشورى؟ وكيف طرحت؟ طرحت مع التهديد بالقتل، بقتل المبايع والمبايَع، وللكلام بقيّة.

                تطبيق عمر لفكرة الشورى‏

بعد أن أعلن عمر عن هذه الفكرة، فلابدّ وأنْ يطبّقها، إلّاأنّه يريد عثمان من أوّل الأمر، وقد بنى على أن يكون من بعده عثمان، غير أنّه من أجل التغلّب على الآخرين ومنعهم من تنفيذ مشروعهم، طرح فكرة الشورى وهدّدهم بالقتل لو بايعوا من يريدونه ولا يريد عمر.

إذن، لابدّ في مقام التطبيق من أن يطبّق الشورى، بحيث تنتهي إلى مقصده، وهي مع ذلك شورى!

فجعل الشورى بين ستّة عيّنهم هو، لا يزيدون ولا ينقصون، على أن يكون الخليفة المنتخب واحداً من هؤلاء فقط، ولو اتّفق أكثرهم على واحد منهم وعارضت الأقليّة ضربت أعناقهم، ولو اتّفق ثلاثة منهم على رجل وثلاثة على آخر كانت الكلمة لمن؟ لعبد الرحمن بن عوف، ومن خالف قُتل، ومدّة المشاورة ثلاثة أيّام، فإن مضت ولم يعيّنوا أحداً قتلوهم عن آخرهم، وصهيب الرومي هو الرقيب عليهم، وهناك خمسون رجل واقفون بأسيافهم، ينتظرون أن يخالف أحدهم فيضربوا عنقه بأمر من عبد الرحمن بن عوف.

وفي التواريخ والمصادر كالطبقات وغيره، جعل الأمر بيد عبد الرحمن بن عوف، لكن عبد الرحمن بن عوف لابدّ وأن يدبّر القضيّة بحيث تطبّق كما يريد

عمر بن الخطّاب وكما اتفق معه عليه، وهو يعلم رأي علي في خلافة الشيخين، ويعلم مخالفة علي لسيرة الشيخين، فجاء مع علمه بهذا، واقترح على علي أن يكون خليفة على أن يسير بالناس على الكتاب والسنّة وسيرة الشيخين، فهو يعلم بأنّ عليّاً سوف لا يوافق، أمّا عثمان فسيوافق في أوّل لحظة، فطرح هذا الأمر على علي، فأجاب علي بما كان يتوقّعه عبد الرحمن، من رفض الإلتزام بسيرة الشيخين، وطرح الأمر على عثمان فقبل عثمان، أعادها مرّةً، مرّتين، فأجابا بما أجابا أوّلًا.

فقال علي لعبد الرحمن: أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عنّي.

فبايع عبد الرحمن عثمان.

فقال علي لعبد الرحمن: واللَّه ما ولّيت عثمان إلّاليردّ الأمر إليك.

فقال له: بايع وإلّا ضربت عنقك.

فخرج علي من الدار.

فلحقه القوم وأرجعوه حتّى ألجاؤه على البيعة.

وهكذا تمّت البيعة لعثمان طبق القرار.

ولكن هل بقي عثمان على قراره مع عبد الرحمن؟ إنّه أرادها لبني أميّة، يتلقّفونها تلقّف الكرة.

فثار ضدّ عثمان كلّ أولئك الّذين كانوا في منى‏ وعلى رأسهم طلحة والزبير، اللذين كانت لهما اليد الواسعة الكبيرة العالية في مقتل عثمان، لأنّهما أيضاً كانا يريدان الأمر، وقد قرأنا في بعض المصادر أنّ بعض القائلين قالوا لو مات عمر لبايعنا طلحة، وطلحة يريدها وعائشة أيضاً تريدها لطلحة، ولذا ساهمت في الثورة ضدّ عثمان.

أمّا عبد الرحمن بن عوف، فهجر عثمان وماتا متهاجرين، أي‏ لا يكلّم‏ أحدهما الآخر حتّى الموت، لأنّ عثمان خالف القرار، رغم ما قام به عبد الرحمن لأجله، وراجعوا [المعارف‏] لابن قتيبة، فيه عنوان المتهاجرون، أي‏ الذين انقطعت بينهم الصّلة وحدث بينهم الزَعَل بتعبيرنا، فيذكر أنه مات عبد الرحمن بن عوف وهو مهاجر لعثمان.

وهكذا كانت الشورى، فكرة لحذف علي.

كما أنّ معاوية طالب بالشورى عند خلافة علي ومبايعة المهاجرين والأنصار معه، طالب بالشورى، لماذا؟ لحذف علي، أراد أن يدخل من نفس الباب الذي دخل منه عمر، ولكنّ عليّاً كتب إليه: إنّما الشورى للمهاجرين والأنصار، وأنت لست من الأنصار، وهذا واضح، ولست من المهاجرين، لأنّ الهجرة لمن هاجر قبل الفتح، ومعاوية من الطلقاء ولا هجرة بعد الفتح، فأراد معاوية أن يستفيد من نفس الأسلوب لحذف علي، ولكنّه ما أفلح.

وكلّ من يطرح فكرة الشورى، يريد حذف النص، كلّ من يطرح الشورى في كتابٍ، في بحث، في مقالة، في خطابة، يريد حذف علي، لا أكثر ولا أقل.

وصلّى اللَّه على محمّد وآله الطاهرين.

( 1) فضائل الامام علي (عليه السّلام) لأحمد بن حنبل، وعنه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2/ 217، وسبط ابن الجوزي في التذكرة: 46، ورواه الحافظ الكنجي في كفاية الطالب: 314 عن ابن عساكر والخطيب البغدادي، وأنظر: ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ مدينة دمشق 1/ 135، ونظم درر السمطين: 78- 79، وفرائد السمطين 1/ 39- 44، والمناقب للخوارزمي: 88، ومناقب الامام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) لابن المغازلي: 87- 89.

( 2) رواه الديلمي في فردوس الأخبار 2/ 191، حديث 2952، وابن المغازلي في مناقب الامام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: 89، حديث 132 و 88، حديث 130، وغيرهما من الأعلام.

( 3) رواه جماعة، منهم: ابن المغازلي في مناقب الامام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

( 4) سورة الحجر( 15): 94.

( 5) سيرة ابن هشام 1/ 424.

( 6) السيرة الحلبيّة 2/ 154.

( 7) سورة الأنعام( 6): 124.

( 8) سورة البقرة: 124.

( 9) سورة ص( 38): 26.

( 10) سورة القصص( 28): 68.

( 11) سورة الشعراء( 26): 214.

( 12) تقدّم الكلام على حديث الدار. 

( 13) مسند أحمد 1/ 18، سير أعلام النبلاء: الجزء الأول، وغيرهما.

( 14) طبقات ابن سعد 3/ 343.

( 15) مسند أحمد، الطبقات، سير أعلام النبلاء: بترجمة معاذ.

( 16) نعم، هذا من جملة، ما حاولوا عدم اطلاع الناس وعدم انتشار الخبر، أما لو أرادوا إذاعته، فإنّهم يكرّرون ذكره تحت عناوين مختلفة، وهذا موجود عند البخاري خاصّة في موارد، منها هذا المورد، فقارنوا بين كيفية إيراده في كتابه وبين كيفية إيراده- مثلًا- خبر خطبة أمير المؤمنين بنت أبي جهل الموضوع المكذوب، ليظهر لكم جانب آخر من جوانب ظلمهم لأهل البيت وتصرفاتهم في السنة النبوية وحقائق الدين وتاريخ الإسلام.

( 17) هدى الساري: 337.

( 18) فتح الباري 12/ 121.

( 19) إرشاد الساري 10/ 19.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/18   ||   القرّاء : 1585



البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 كيف تأخذون دينكم عن الصحابة واغلبهم مرتدون ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الامامة في ولد الحسين لا الحسن اقصاء له ؟

 ردّ شبهة ان علي خان الامانة بعد ستة اشهر من رحيل رسول الله ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الحسن بايع معاوية وتنازل له عن الخلافة ؟؟.

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 أعتراف الألباني بصحة حديث الحوأب

 الجزاء الشديد لمن نقض العهد الأكيد ؟؟؟

 حديث الثقلين وبعض الحقائق الكامنة

 حديث الغدير/ وكفر من لا يأخذ بكلام رسول الله بحكم ابن باز؟؟

ملفات عشوائية :



 الكشف عن أن الحواريّين نسخوا أحكام التوراة العلمية

 قانونية العهد الجديد

 كفاءة الخليفة المنتخب قطعت كيد الأعداء

 لماذا يغفر لمن جدف على المسيح ولا يغفر لمن جدف على الروح القدس؟

 افتراؤهم على النبي صلى الله عليه وآله أنه شهد بشفاعة الأصنام وسجد لها!

 اشكال صلح الحسن (عليه السلام)

  اعتقادنا بالمعاد والآخرة

 هل الطبيعة هي من يتحكم بالنمو وبطريقة تركيب الجسم؟

 الشهادة بالولاية لعلي فى الأذان‏

 كشف التلاعب والتحريف في التوراة العبرانية وزيادة لفظتي (أتى) و(أياماً) فيها

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 24

  • الأقسام الفرعية : 90

  • عدد المواضيع : 841

  • التصفحات : 1800437

  • التاريخ : 19/03/2024 - 03:29

Footer