Header


  • الصفحة الرئيسية

من نحن في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • معنى الشيعة (13)
  • نشأة الشيعة (24)
  • الشيعة من الصحابة (10)
  • الشيعة في العهد الاموي (10)
  • الشيعة في العهد العباسي (4)
  • الشيعة في عهد المماليك (1)
  • الشيعة في العهد العثماني (2)
  • الشيعة في العصر الحديث (1)

من نحن في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الشيعة في أحاديث النبي(ص) (1)
  • الشيعة في احاديث الائمة (ع) (0)
  • غدير خم (0)
  • فدك (3)
  • واقعة الطف ( كربلاء) (0)

سيرة اهل البيت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

عقائدنا (الشيعة الامامية) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في اصول الدين (0)
  • في توحيد الله (8)
  • في صفات الله (32)
  • في النبوة (9)
  • في الانبياء (4)
  • في الامامة الالهية (11)
  • في الائمة المعصومين (14)
  • في المعاد يوم القيامة (16)
  • معالم الايمان والكفر (30)
  • حول القرآن الكريم (22)

صفاتنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الخلقية (2)
  • العبادية (5)
  • الاجتماعية (1)

أهدافنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في تنشئة الفرد (0)
  • في تنشئة المجتمع (0)
  • في تطبيق احكام الله (1)

إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في توحيد الله (41)
  • في صفات الله (17)
  • في التجسيم (34)
  • في النبوة (1)
  • في عصمة الانبياء (7)
  • في عصمة النبي محمد (ص) (9)
  • في الامامة (68)
  • في السقيفة (7)
  • في شورى الخليفة الثاني (1)
  • طاعة الحكام الظلمة (6)
  • المعاد يوم القيامة (22)
  • التقمص (3)

إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد النبي (ص) (14)
  • في عهد الخلفاء (20)
  • في العهد الاموي (14)
  • في العهد العباسي (3)
  • في عهد المماليك (5)
  • في العهود المتأخرة (18)

إشكالاتنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • كيفية الوضوء (4)
  • كيفية الصلاة (5)
  • اوقات الصلاة (0)
  • مفطرات الصوم (0)
  • احكام الزكاة (0)
  • في الخمس (0)
  • في الحج (2)
  • في القضاء (0)
  • في النكاح (7)
  • مواضيع مختلفة (64)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عقيدة التثليث (32)
  • على التناقض بين الاناجيل (41)
  • صلب المسيح (17)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • عدم تصديقهم الانبياء (6)
  • تشويههم صورة الانبياء (8)
  • نظرية شعب الله المختار (1)
  • تحريف التوراة (0)

إشكالاتنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التفسير المادي للكون (1)
  • نظرية الصدفة وبناء الكون (0)
  • النشوء والارتقاء (0)
  • اصل الانسان (0)

ردودنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد الرسول(ص) (9)
  • في عهد الخلفاء (12)

ردودنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول توحيد الله (2)
  • حول صفات الله (7)
  • حول عصمة الانبياء (3)
  • حول الامامة (34)
  • حول اهل البيت (ع) (45)
  • حول المعاد (1)

ردودنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول النكاح (2)
  • حول الطهارة (0)
  • حول الصلاة (3)
  • حول الصوم (0)
  • حول الزكاة (0)
  • حول الخمس (0)
  • حول القضاء (0)
  • مواضيع مختلفة (6)

ردودنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • اثبات وجود الله (0)
  • العلم يؤيد الدين (2)

كتابات القراء في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في العقائد :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في التربية والأخلاق :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء العامة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

  • القسم الرئيسي : من نحن في التاريخ .

        • القسم الفرعي : نشأة الشيعة .

              • الموضوع : فرضيّات وهميّة لمبدأ التشيّع .

فرضيّات وهميّة لمبدأ التشيّع

بسم الله الرحمن الرحيم

هناك جماعة من المؤرّخين وكتّاب المقالات ممّن قادهم الوهم وسوء الفهم إلى اعتبار التشيّع أمراً حادثاً وطارئ على المجتمع الاِسلامي، فأخذوا يفتّشون عن مبدئه ومصدره، وأشدّ تلك الظنون عدوانية فيه ما تلوكه أشداق بعض المتقدّمين والمتأخّرين، هو كونه وليد عبد الله ابن سبأ ذلك الرجل اليهودي، الذي ـ بزعمهم ـ طاف الشرق والغرب، وأفسد الاُمور على الخلفاء والمسلمين، وألّب الصحابة والتابعين على عثمان فقتل في عقر داره، ثمّ دعا إلى عليّ بالاِمامة والوصاية، وإلى النبيّ بالرجعة، وكوَّن مذهباً باسم الشيعة، فهو كما يتصوّر هؤلاء وصوّروه لغيرهم صنيع ذلك الرجل اليهودي المتظاهر بالاِسلام. وبما أنّ لهذا الموضوع أهمية خاصة لما احتلّه من المساحة الواسعة في أذهان العديد من السذج والسطحيّين، فإنّا لا نكتفي ببيان توهّم واحد بل نأتي على ذكر كلّ تلك الادّعاءات واحدة بعد الاخرى، مع رعاية التسلسل الزمني. ليس بخاف على أحد مدى الانعطافة الخطيرة التي حدثت في تأريخ الاِسلام عقب انتهاء مؤتمر سقيفة بني ساعدة، وما ترتّب عليه من نتائج وقرارات خطيرة. والحقّ يقال إنّ هذا المؤتمر الذي ضمّ بين صفوفه ثلّة كبيرة من وجوه الصحابة ـ من المهاجرين والاَنصار ـ قد أغفل عند انعقاده الواجب الاَعظم في إكرام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الفضل الاَكبر فيما وصل إليه الجميع ـ عندما تُرك مُسجّى بين يدي أهل بيته وانشغلوا بما كان من غير الاِنصاف أن ينسب إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) من قصور لا عذر فيه في ترك الاُمّة حائرة به بعد موته. أقول: ونتيجة لانشغالهم ذاك فقد حرموا من واجب إكرام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جلّه، ففاتهم أعظمه، وقصروا في تأديته، وكان لاَهل بيته وحدهم ذلك الدور كلّه، فأوفوه، ولم يألوا في ذلك جهداً. وإذا كان المؤتمرون في السقيفة قد خرجوا إلى الملاَ بقرار كان ثمرة مخاض عسير واعتراك صعب؛ فإنّه أوضح وبلا أدنى ريب تبعثر الآراء واختلافها، بل وظروف خطرة كان من الممكن أن تودي بالجهد العظيم الذي بذله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن معه من المؤمنين في إرساء دعائم هذا الدين وتثبيت أركانه، وأنّ من غير المنطقي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يرحل ـ مع أنّه لم يفاجئه الموت ـ دون أن يدرك هذه الحقيقة التي ليس هو ببعيد عنها، ولا يمكن أن يتغاضى عنها، وهو الذي ما خرج في أمر جسيم إلاّ وخلّف عنه من ينوبه في إدارة شؤون الاُمّة في فترة غيابه التي لا يلبث أن يعود منها بعد أيّام معدودات، فكيف بالرحيل الاَبدي؟!
نعم إنّ هذا الاَمر لابدّ وإن يستوقف كلّ ذي لب وعقل مستنير. كما أنّ الاستقراء المتأنّي لاَحداث السقيفة قد أوضح وبقوّة في أثناء المؤتمر وبعده وجود تيار قوي ومتماسك تبنّته جملة من وجوه الصحابة ومتقدّميها، وعمدت إلى التذكير بوجوده والاِجهار به، ولو قادهم هذا الاَمر إلى الاِقتتال دون تنفيذه، وذاك الاَمر هو الاِصرار على إيكال أمر الخلافة إلى عليّ بن أبي طالب دون غيره، رغم ابتعاده عن ساحة الاعتراك وميدان التنازع في تلك السقيفة.
ولعلّ تمسّك هذه الثلّة من الصحابة بموقفها من بيعة الاِمام دون غيره هو ما دفع بعض المؤرّخين إلى الذهاب بأنّ التشيّع كان وليد هذا المؤتمر ونتاج مخاضه، وأن يليهم آخرون يتعبّدون بهذا الرأي ويرتّبون من خلاله تصوّراتهم وأفكارهم، فيتشعّب ذلك إلى جملة واسعة من المتبنّيات غير الواقعية والقائمة على أرض واسعة من الاَوهام والاسترسال غير المنطقي. ولعلّ هذا التصوّرات تعتمد في فهمها أساساً لمبدأ نشأة التشيّع على ما رواه الطبري وغيره عن مجريات هذا المؤتمر وما ترتّب عليه من نتائج، دون أن تمد بصرها إلى أبعد من هذه النقطة اللامعة التي أعمتهم عن التأمّل في أبعادها. قال الطبري: اجتمع الاَنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة، فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح، فقال: ما هذا؟ فقالوا: منّا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: منّا الاُمراء ومنكم الوزراء ـ إلى أن قال: ـ فبايعه عمر وبايعه الناس، فقالت الاَنصار ـ أو بعض الاَنصارـ: لا نبايع إلاّ عليّاً. ثمّ قال (أي الطبري): أتى عمر بن الخطّاب منزل عليّ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين، فقال: والله لاَحرّقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة: فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف فعثر، فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه. وقال أيضاً: وتخلّف عليّ والزبير، واخترط الزبير سيفه وقال: لا أغمده حتى يبايع عليّ. فبلغ ذلك أبا بكر وعمر فقالا: خذوا سيف الزبير(1). وقال اليعقوبي في تأريخه: ومالوا مع عليّ بن أبي طالب، منهم: العبّاس بن عبد المطّلب، والفضل بن العبّاس، والزبير بن العوّام، وخالد بن سعيد بن العاص، والمقداد بن عمرو، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعمّار بن ياسر، والبراء ابن عازب، وأُبيّ بن كعب(2).
وروى الزبير بن بكار في الموفّقيات: انّ عامّة المهاجرين وجلّ الاَنصار كانوا لا يشكّون أنّ عليّاً هو صاحب الاَمر.
وروى الجوهري في كتاب السقيفة: أنّ سلمان والزبير وبعض الاَنصار كان هواهم أن يبايعوا علياً.
وروى أيضاً: أنّه لما بويع أبو بكر واستقر أمره، ندم قوم كثير من الاَنصار على بيعته، ولام بعضهم بعضاً، وهتفوا باسم الاِمام عليّ، ولكنّه لم يوافقهم(3).  وروى ابن قتيبة في الاِمامة والسياسة: كان أبو ذر وقت أخذ البيعة غائباً عن هذه الاَحداث، فلمّا جاء قال: أصبتم قناعة، وتركتم قرابة، لو جعلتم الاَمر في أهل بيت نبيّكم لما اختلف عليكم الاثنان. وقال سلمان: أصبتم ذا السن، وأخطأتم المعدن، أمّا لو جعلتموه فيهم ما اختلف منكم اثنان، ولاَكلتموها رغداً. وهكذا فمن خلال هذه النصوص المتقدّمة وغيرها اعتقد ذاك البعض ـ الذي أشرنا إليه سابقاً ـ أنّ مبتدأ التشيّع ونشأته كان في تلك اللحظات الحرجة في تأريخ الاِسلام، متناسين أنّ ما اعتمدوه في بناء تصوّراتهم هو ما ينقضها ويثبت بطلانها، فإنّ المتأمل في هذه النصوص يظهر له وبوضوح أنّ فكرة التشيّع لعليّ ليست وليدة هذا الظرف المعقّد، وثمرة اعتلاجه، ونقيض تصوّره، بقدر ما تؤكّد على أنّ هذه الفكرة كانت مختمرة في أذهانهم ومركوزة في عقولهم ولسنين طوال، فلمّا رأت هذه الجماعة انصراف الاَمر إلى جهة لم تكن في حساباتهم ولا في حدود تصوّراتهم، وانحساره عمّا كان معهوداً به إليهم، عمدوا إلى التمسّك به بالاجتماع في بيت عليّ والاِعلان صراحة عن موقفهم ومعتقدهم. نعم إنّ من غير المتوقع والمعهود أن يجتمع رأي هذه الجماعة ـ التي تؤلف خلاصة غنيّة من متقدّمي الصحابة ـ على هذا الاَمر في تلك اللحظات المضطربة والمليئة بالمفاجئات، وأن يترتّب عليه موقف موحّد ثابت، فهذا الاَمر يدلّ بوضوح على أنّه ما كان وليد يومه ونتاج مخاضه.
وممّا يؤكد ذلك ويقوي أركانه ما نقلته جميع مصادر الحديث المختلفة من نداءات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتوصياته بحقّ عليّ وعترته وشيعته في أكثر من مناسبة ومكان، وما كان يشير إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) من فضل شيعة عليّ ومكانتهم، والتأكيد على وجوب ملازمتهم، وفي هذا دلالة لا تقبل النقض على أنّ التشيّع ما كان وليد السقيفة أو ردّة رافضة آنية لمجريات أحداثها، بل إنّ هذا الوجود يمتد عمقاً مع نشأة الاِسلام واشتداد عوده في زمن النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وحياته المباركة المقدّسة.
الفرضيّة الثانية: التشيّع صنيع عبد الله بن سبأ لنقرأ ما كتبه الطبري حول هذا الوهم المصطنع: قال: «إنّ يهودياً باسم عبد الله بن سبأ المكنّى بابن السوداء في صنعاء أظهر الاِسلام في عصر عثمان، واندسّ بين المسلمين، وأخذ يتنقّل في حواضرهم وعواصم بلادهم: الشام، والكوفة، والبصرة، ومصر، مبشّراً بأنّ للنبيّ الاَكرم رجعة كما أنّ لعيسى بن مريم رجعة، وأنّ عليّاً هو وصي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) كما كان لكل نبيّ وصي، وأنّ عليّاً خاتم الاَوصياء كما أنّ محمّداً خاتم الاَنبياء، وأنّ عثمان غاصب حقّ هذا الوصيّ وظالمه، فيجب مناهضته لاِرجاع الحقّ إلى أهله». «إنّ عبد الله بن سبأ بثّ في البلاد الاِسلامية دعاته، وأشار عليهم أن يظهروا الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والطعن في الاُمراء، فمال إليه وتبعه على ذلك جماعات من المسلمين، فيهم الصحابي الكبير والتابعي الصالح من أمثال أبي ذر، وعمّار بن ياسر، ومحمّد بن حذيفة، وعبد الرحمن بن عديس، ومحمّد بن أبي بكر، وصعصعة بن صوحان العبدي، ومالك الاَشتر، إلى غيرهم من أبرار المسلمين وأخيارهم، فكانت السبئية تثير الناس على ولاتهم، تنفيذاً لخطّة زعيمها، وتضع كتباً في عيوب الاُمراء وترسل إلى غير مصرهم من الاَمصار. فنتج عن ذلك قيام جماعات من المسلمين ـ بتحريض السبئيين ـ وقدومهم إلى المدينة وحصرهم عثمان في داره، حتّى قتل فيها، كلّ ذلك كان بقيادة السبئيّين ومباشرتهم». «إنّ المسلمين بعد ما بايعوا عليّاً، ونكث طلحة والزبير بيعته وخرجا إلى البصرة، رأى السبئيّون أنّ رؤساء الجيشين أخذوا يتفاهمون، وأنّه إنّ تمّ ذلك سيؤخذون بدم عثمان، فاجتمعوا ليلاً وقرّروا أنّ يندسّوا بين الجيشين ويثيروا الحرب بكرة دون علم غيرهم، وأنّهم استطاعوا أنّ ينفّذوا هذا القرار الخطير في غلس الليل قبل أن ينتبه الجيشان المتقاتلان، فناوش المندسّون من السياسيين في جيش عليّ من كان بأزائهم من جيش البصرة، ففزع الجيشان وفزع رؤساؤهما، وظنّ كلّ بخصمه شرّاً، ثمّ إنّ حرب البصرة وقعت بهذا الطريق، دون أن يكون لرؤساء الجيشين رأي أو علم».
روى الطبري عن هذا الوهم في موضع آخر من كتابه: «فيما كتب به إليّ السريّ، عن شعيب، عن سيف، عن عطيّة، عن يزيد الفقعسي، قال: كان عبد الله بن سبأ يهوديّاً من أهل صنعاء أُمّه سوداء، فأسلم زمان عثمان، ثمّ تنقّل في بلدان المسلمين يحاول إضلالهم، فبدأ بالحجاز، ثمّ البصرة، ثمّ الكوفة، ثمّ الشام، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام، فأخرجوه حتّى أتى مصر فاعتمر فيهم، فقال لهم فيما يقول: العجب فيمن يزعم أنّ عيسى يرجع ويكذب بأنّ محمداً يرجع، وقد قال الله عزّ وجلّ: إنّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك القُرآنَ لرَادُّك إلى مَعادٍ(4)، فمحمّد أحقّ بالرجوع من عيسى. قال: فَقُبِل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة فتكلّموا فيها، ثمّ قال لهم بعد ذلك: إنّه كان ألف نبيّ، ولكلّ نبيّ وصيّ، وكان عليّ وصي محمّد. ثمّ قال: محمّد خاتم الاَنبياء وعليّ خاتم الاَوصياء. ثمّ قال بعد ذلك: من أظلم ممّن لم يجز وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووثب على وصيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتناول أمر الاُمّة. ثمّ قال لهم بعد ذلك: إنّ عثمان أخذها بغير حق وهذا وصيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فانهضوا في هذا الاَمر فحرّكوه، وابدأوا بالطعن على أُمرائكم، وأظهروا الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا الناس، وادعوهم إلى هذا الاَمر. فبثّ دعاته، وكاتب من كان استفسد في الاَمصار وكاتبوه، ودعوا في السرّ إلى ما عليه رأيهم، وأظهروا الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعلوا يكتبون إلى الاَمصار بكتب يضعونها في عيوب ولاتهم، ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذلك، ويكتب أهل كل مصر منهم إلى مصر آخر بما يصنعون، فيقرأه أُولئك في أمصارهم، وهؤلاء في أمصارهم، حتّى تناولوا بذلك المدينة وأوسعوا الاَرض إذاعة، وهم يريدون غير ما يظهرون، ويسرّون غير ما يبدون... إلى آخر ما يذكره الطبري في المقام» حتّى يتوقّف عن إيراد هذه الاَحداث بعد حرب الجمل ولا يأتي بعد ذلك بشيء عن السبئية(5).
وهكذا فقد تبيّن لك ممّا أوردناه عن الطبري إنّ جلّة من فضلاء الصحابة قد عُدّوا من كبار السبئية وقادتها، وهم الذين كانوا يعرفون بالزهد والتقى والصدق والصفاء:
فأمّا عبد الرحمن بن عديس البلوي فهو ممّن بايع النبي تحت الشجرة وشهد فتح مصر، وكان رئيساً على من سار إلى عثمان من مصر(6).
وأمّا محمّد بن أبي بكر: فأُمّه أسماء بنت عميس الخثعمية، تزوّجها أبو بكر بعد استشهاد جعفر بن أبي طالب، فولدت له محمّداً في حجّة الوداع بطريق مكّة، ثم نشأ في حجر عليّ بعد أبيه، وشهد معه حرب الجمل، كما شهد صفّين، ثمّ ولي مصر عن عليّ إلى أن قتل فيها بهجوم عمرو بن العاص عليها(7).
وأمّا صعصعة بن صوحان العبدي: فقد أسلم على عهد رسول الله وكان خطيباً مفوّهاً، شهد صفّين مع علي. ولما استشهد عليّ واستولى معاوية على العراق نفاه إلى البحرين ومات فيها(8).
وأمّا الاَشتر: فهو مالك بن الحرث النخعي، وهو من ثقات التابعين، شهد وقعة اليرموك، وصحب عليّاً في الجمل وصفّين، ولاّه على مصر سنة (38هـ) ولمّا وصل إلى القلزم دسّ إليه معاوية السمّ بواسطة أحد عملائه فتوفّي مسموماً»(9). هذا هو الذي ذكره الطبري، وقد أخذه من جاء بعده من المؤرّخين وكتّاب المقالات حقيقة راهنة، وبنوا عليه ما بنوا من الاَفكار والآراء، فصارت الشيعة وليدة السبئية في زعم هؤلاء عبر القرون والاَجيال.
ومن الذين وقعوا في هذا الخطأ الفاحش دون فحص وتأمل في حقائق الاُمور:
1 ـ ابن الاَثير (ت 630هـ)، فقد أورد القصّة منبثّة بين حوادث (30 ـ 36هـ) وهو وإن لم يذكر المصدر في المقام، لكنّه يصدر عن تاريخ الطبري في حوادث القرون الثلاثة الاُول(10).
2 ـ ابن كثير الشامي (ت 774هـ) فقد ذكر القصّة في تأريخه «البداية والنهاية» وأسندها عندما انتهى من سرد واقعة الجمل إلى تاريخ الطبري، وقال: هذا ملخّص ما ذكره أبو جعفر بن جرير(11).
3 ـ ابن خلدون (ت 808هـ)، في تأريخه «المبتدأ والخبر» أورد القصّة في حادثة الدار والجمل وقال: هذا أمر الجمل ملخّصاً من كتاب أبي جعفر الطبرى(12).
وأمّا من جاء بعد أُولئك المؤرّخين وأخذوا ما أورده السابقون مأخذ التسليم فنذكر منهم:
4 ـ محمّد رشيد رضا، مؤسس مجلة المنار (ت 1354هـ)، ذكره في كتابه «السنّة والشيعة» وقال: وكان مبتدع أُصوله (أي التشيّع) يهودي اسمه عبد الله بن سبأ، أظهر الاِسلام خداعاً، ودعا إلى الغلو في عليّ كرم الله وجهه، لاَجل تفريق هذه الاُمّة، وإفساد دينها ودنياها عليها، ثمّ سرد القصّة وقال: ومن راجع أخبار واقعة الجمل في تاريخ ابن الاَثير مثلاً يرى مبلغ تأثير إفساد السبئيين دون ما كاد يقع من الصلح(13).
5 ـ أحمد أمين (ت 1372هـ)، وهو الذي استبطل عبد الله بن سبأ في كتابه «فجر الاِسلام» وقال: إنّ ابن السوداء كان يهوديّاً من صنعاء، أظهر الاِسلام في عهد عثمان، وحاول أن يفسد على المسلمين دينهم، وبثّ في البلاد عقائد كثيرة ضارّة، وقد طاف في بلاد كثيرة، في الحجاز، والبصرة، والكوفة، والشام، ومصر. ثمّ ذكر أنّ أبا ذر تلقّى فكرة الاشتراكية من ذلك اليهودي، وهو تلقّى هذه الفكرة من مزدكيّي العراق أو اليمن.
وقد كان لكتاب «فجر الاِسلام» عام انتشاره (1952 م) دويّ واسع النطاق في الاَوساط الاِسلامية؛ فإنّه أوّل من ألقى الحجر في المياه الراكدة بشكل واسع، وقد ردّ عليه أعلام العصر بأنواع الردود، فألّف الشيخ المصلح كاشف الغطاء «أصل الشيعة وأُصولها» ردّاً عليه، كما ردّ عليه العلامة الشيخ عبد الله السبيتي بكتاب أسماه «تحت راية الحق».
6 ـ فريد وجدي مؤلّف دائرة المعارف (ت 1370هـ) فقد أشار إلى ذلك في كتابه عند ذكره لحرب الجمل ضمن ترجمة الاِمام عليّ بن أبي طالب(14).
7 ـ حسن إبراهيم حسن، وذكره في كتابه «تاريخ الاِسلام السياسي» في أُخريات خلافة عثمان بقوله: «فكان هذا الجوّ ملائماً تمام الملاءمة ومهيّأً لقبول دعوة (عبد الله بن سبأ) ومن لفّ لفّه والتأثّر بها إلى أبعد حدّ ـ وأضاف ـ وقد أذكى نيران هذه الثورة صحابي قديم اشتهر بالورع والتقوى ـ وكان من كبار أئمّة الحديث ـ وهو أبو ذر الغفاري الذي تحدّى سياسة عثمان ومعاوية واليه على الشام بتحريض رجل من أهل صنعاء وهو عبد الله بن سبأ، وكان يهوديّاً فأسلم، ثمّ أخذ ينتقل في البلاد الاِسلامية، فبدأ بالحجاز، ثمّ البصرة فالكوفة والشام ومصر... الخ(15).
هذا حال من كتب عن الشيعة من المسلمين، وأمّا المستشرقون المتطفّلون على موائد المسلمين فحدّث عنهم ولا حرج، فقد ابتغوا تلك الفكرة الخاطئة في كتبهم الاستشراقية التي تؤلّف لغايات خاصّة، فمن أراد الوقوف على كلماتهم فليرجع إلى ما ألّفه الباحث الكبير السيّد مرتضى العسكري في ذلك المجال، فإنّه حقّق المقال ولم يبق في القوس منزعاً(16).

__________
(1) تاريخ الطبري 2: 443 ـ 444.
(2) تاريخ اليعقوبي 2: 103 ط النجف.
(3) انظر ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 6: 43 ـ 44.
(4) القصص: 85.
( 5) الطبري 3: 378.
(6) أُسد الغابة 3: 309 قال: وشهد بيعة الرضوان وبايع فيها وكان أمير الجيش القادم من مصر لحصر عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ لمّا قتلوه، روى عنه جماعة من التابعين بمصر....
(7) كان أحد من توثّب على عثمان حتّى قتل ثمّ انضمّ إلى عليّ. أُسد الغابة 4: 324، الاستيعاب 3: 328، الجرح والتعديل 7: 301.
(8) أُسد الغابة 3: 320 قال: تقدّم نسبه في أخيه زيد، وكان صعصعة مسلماً على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يره، وصغر عن ذلك وكان سيّداً من سادات قومه عبد القيس وكان فصيحاً بليغاً لسناً ديّناً فاضلاً يعد في أصحاب علي (رضي الله عنه) وشهد معه حروبه.
(9) ملك العرب، أحد الاَشراف والاَبطال. الطبقات الكبرى 6: 213، الاِصابة 3: 459، سيرأعلام النبلاء 4: 34.
(10) لاحظ مقدّمة تاريخ الكامل يقول فيه: فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنّفه الاِمام أبو جعفر الطبري؛ إذ هو الكتاب المعوّل عند الكافّة عليه، والمرجوع عند الاختلاف إليه فأخذت ما فيه جميع تراجمه، لم أخل بترجمة واحدة منها. لاحظ 1: 3 ط دار صادر.
(11) البداية والنهاية 7: 246 ط دار الفكر ـ بيروت.
(12) تاريخ ابن خلدون يقول: «و بعث (عثمان) إلى الاَمصار من يأتيه بصحيح الخبر: محمد بن مسلمة إلى الكوفة، وأُسامة بن زيد إلى البصرة، وعبد الله بن عمر إلى الشام وعمار بن ياسر إلى مصر وغيرهم إلى سوى هذه، فرجعوا إليه فقالوا: ما أنكرنا شيئاً ولا أنكره أعيان المسلمين ولا عوامّهم إلاّ عماراً فإنّه استماله قوم من الاَشرار انقطعوا إليه، منهم عبد الله بن سبأ ويعرف بابن السوداء كان يهوديّاً وهاجر أيّام عثمان فلم يحسن إسلامه وأُخرج من البصرة... تاريخ ابن خلدون أو كتاب العبر 2: 139، وقال: 166: هذا أمر الجمل ملخّص من كتاب أبي جعفر الطبري اعتمدناه للوثوق به ولسلامته من الاَهواء.
(13) السنّة والشيعة: 4، 6، 45، 49 و 103.
(14) دائرة المعارف 6: 637.
(15) تاريخ الاِسلام السياسي: 347.
(16) عبد الله بن سبأ 1: 46 ـ 50.

 

 

 

 

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/07   ||   القرّاء : 1984



البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 كيف تأخذون دينكم عن الصحابة واغلبهم مرتدون ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الامامة في ولد الحسين لا الحسن اقصاء له ؟

 ردّ شبهة ان علي خان الامانة بعد ستة اشهر من رحيل رسول الله ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الحسن بايع معاوية وتنازل له عن الخلافة ؟؟.

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 أعتراف الألباني بصحة حديث الحوأب

 الجزاء الشديد لمن نقض العهد الأكيد ؟؟؟

 حديث الثقلين وبعض الحقائق الكامنة

 حديث الغدير/ وكفر من لا يأخذ بكلام رسول الله بحكم ابن باز؟؟

ملفات عشوائية :



 ابن حزم يقول: إن عبد الرحمن ابن ملجم لم يقتل عليا الا متأولاً مجتهداً مقدراً انه على صواب

 المرأة في القرآن الكريم

 الطلب من النبي (صلى الله عليه وآله) ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى

 ابن تيمية يطعن في إيمان الإمام علي (عليه السلام)

 هل من عاقل يفسر كلام البخاري هذا

 مهاجمة أبي بكر وعمر بيت فاطمة وعلي(عليها السلام) !

 رد شبهة جهل الامام ببعض الامور

 هل تصح رؤية علماء السنة لله سبحانه في المنام؟وهل يثبت ذلك تشبيه؟

 طعن علماء العامة باعراض الانبياء والعياذ بالله

 إمام أهل السنة الخطيب البغدادي :من يحمل الصفات على ظاهرها فهو مجسم

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 24

  • الأقسام الفرعية : 90

  • عدد المواضيع : 841

  • التصفحات : 2343600

  • التاريخ :

Footer