صفة الحد لم ترد في كتاب ولا سنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحد لغة: هو ان الشيء له نهاية؛ وهذا المعنى وارد في كتاب النهاية في غريب الحديث والاثر ص193 ؛مادة (حدد)، لابن الاثير محمد بن الجزري يقول: [ومنه الحديث في وصف القران لكل حرف حد اي نهاية ومنتهى كل شئ حده] هذا اولاً.
الثاني: ما ورد في معجم المقاييس في اللغة مادة (حد)، لابن فارس ابو زكريا يقول: [الحاء والدال اصلان الاول المنع والثاني طرف الشيء].
الثالث: ما ورد في تاج العروس ج8 ص6 للزبيري يقول: [والحد منتهى الشيء] وفي ص8: [وحد كل شيء منتهاه، لانه يرده ويمنعه عن التمادي] اي الامتداد.
واما اصطلاحاً:
1- فقد بينه الشيخ ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية ج1 ص287 يقول: [واما وصفه بالحد والنهاية ] ففسر الحد بالنهاية اي منتهى الشيء.
2- وكذا ما ذكره الزاغوني في الايضاح في اصول الدين ص325 تحقيق عصام السيد محمود يقول: [وهذا بعينه الحد والنهاية]وفي عبارة اخرى يقول [واضافة الحد والغاية والنهاية اليه تعالى ] وفي عبارة اخرى يقول: [وهذا بعينه يعطي الحد والنهاية لما ينتهي اليه].
3- وكذا ما ذكره صاحب حاشية بيان تلبيس الجهمية في تعليقته على عبارة بن تيمية المتقدمة في ج1 ص287 عندما قال: [واما وصفه بالحد والنهاية] يقول المحقق يحيى بن محمد الهنيدي في الحاشية [حد الشيء منتهى الشئ].
الاقوال في المسالة:
1- وهو القول الذي يعتقد باصرار بان لله حد ولو لم يكن له حد لم يكن موجودا وهو قول الشيخ بن تيمية ومجموعة من السلفية.
2- وهو القول الذي يعتقد باصرار ايضا بان الله ليس له حد وينفي كل لوازم المحدودية وهو قول جمهور المسلمين بمختلف مذاهبهم.
3- وهو قول بالتوقف فلا نقول بان لله حد او ليس له حد.
وممن ذكر الاقوال السابقة في المسالة:
1- الشيخ بن تيمية في بيان تلبيس الجهمية ج1ص287 بتحقيق الدكتور يحيى بن محمد الهنيدي قال: [واما وصفه بالحد والنهاية الذي تقول انت معنى الجسم فهم فيه كسائر اهل الاثبات على ثلاثة اقوال منهم من يثبت ذلك كما هو المنقول عن السلف والائمة ومنهم من نفى ذلك ومنهم من لا يتعرض بنفي ولا اثبات].
2- وممن ذكر الاقوال والتزم بالقول الثالث وهو التوقف الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرح العقيدة السفارينية ؛سلسلة مؤلفات فضيلة الشيخ رقم 17 ص237 طبع باشراف مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية؛ المدار الوطني للنشر يقول: [ولذلك اختلف كلام من تكلم به من السلف فيه هل الله يحد او لا يحد فمنهم من انكر الحد وقال انه لا يجوز ان نقول ان الله محدود بل يستحيل ان نقول ان الله محدود ومنهم من قال يجب ان نقول ان الله محدود وان له حداً ولكن يجب ان نعلم ان الخلاف يكون لفظياً فالواجب السكوت عن ذلك فلا يقال انه يحد ولا انه لا يحد وليس هناك ضرورة ان نقول انه يحد او لا يحد].
3- ايضاً ممن ذكر الاقوال من المعاصرين الزاغوني في الايضاح في اصول الدين ص325 دراسة وتحقيق عصام السيد محمود يقول :[اختلف المتكلمون في نسبة الحد لله تعالى فنفاه الاشاعرة والمعتزلة وغيرهم ممن نفوا علو الله تعالى واستوائه على العرش وائمة السلف على اثباته وهو قول احمد واسحاق بن ابراهيم والدارمي وابن المبارك وغيرهم].
في ان مسالة الحد لم ترد في كتاب ولا سنة وان ابن المبارك هو اول قائل بها:
ذكرنا سابقاً كلاماً لابن تيمية يذكر فيه ان مسالة الحد لم ترد في كتاب ولا سنة وهنا نؤكد هذا المعنى نؤكد انها ليست مسالة اصيلة من مسائل العقيدة بل ان الصحابة وغيرهم من العلماء لم يذكرها وان اول من ذكرها هو ابن المبارك:
1- فقد ذكر الدشتي في كتابه {اثبات الحد لله وانه قاعد وجالس على عرشه ص31} قال: [وساذكر في هذا المبحث بعض من وقفت على تصريحه باثبات الحد لله تعالى واولهم عبد الله بن المبارك المتوفي سنة 181ه].
اذن قبل عبد الله بن المبارك لم تذكر هذه المسالة لا في كلام الصحابة ولا في كلام العلماء وان كنا نخالفه في هذا فنحن نعتقد بان امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام صرح كثيراً بنفي الحد عن الله تعالى وسنذكر ذلك لاحقاً:
2- ومن العلماء المعاصرين الذين صرحوا بان هذه المسالة لم تذكر لا في الكتاب والا في السنة الشيخ صالح العثيمين في كتابه شرح العقيدة السفارينية ص236 يقول: [وكلمة الحد من الالفاظ التي لم ترد في الكتاب ولا في السنة فليس في الكتاب ان الله يحد ولا انه لا يحد ولا في السنة ان الله يحد ولا انه لا يحد].
3- ومن اؤلئك الذين صرحوا بهذه المسالة ما ورد في كتاب (رد الامام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد) ص23 في الحاشية تحقيق محمد الفقي يقول : [كلمة الحد لم ترد في الكتاب ولا في السنة ونحن لا ننسب الى الله صفة ولا لفظ الا ما ورد نصا عن الله ورسوله مع انا لا نقول بها بالرأي].
وهنا سؤال: اذا كانت مسالة الحد لم ترد في كتاب ولا في سنة ولم ترد في كلمات كبار الصحابة بل في اعتقادنا ورد ما ينفيها في كلمات امير المؤمنين عليه السلام فلماذا هذا الاصرار من اصحاب هذا الاتجاه وهذه الضرورة ان الله له حد وانهم رتبوا عليه نمتائج خطيرة جدا وصلت الى مرحلة التكفير للقائل بعدم الحد كما اشار الى ذلك الامام الدارمي في رده على بشر المريسي ص24: قال: [فهذا كله وما اشبهه شواهد ودلائل على الحد ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله وجحد ايات الله سبحانه وتعالى].
كذلك ما اشار اليه الدشتي في كتابه اثبات الحد لله ص1221: [ومن خالف شيئا من هذه المذاهب فهو مخالف مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق].
ملاحظة: بناء على ما توصل اليه الدارمي والدشتي يكون اغلب المسلمين كفارا بل حتى بن عثيمين يكون كافراً، لانه توقف في المسالة كما تقدم.