Header


  • الصفحة الرئيسية

من نحن في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • معنى الشيعة (13)
  • نشأة الشيعة (24)
  • الشيعة من الصحابة (10)
  • الشيعة في العهد الاموي (10)
  • الشيعة في العهد العباسي (4)
  • الشيعة في عهد المماليك (1)
  • الشيعة في العهد العثماني (2)
  • الشيعة في العصر الحديث (1)

من نحن في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الشيعة في أحاديث النبي(ص) (1)
  • الشيعة في احاديث الائمة (ع) (0)
  • غدير خم (0)
  • فدك (3)
  • واقعة الطف ( كربلاء) (0)

سيرة اهل البيت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

عقائدنا (الشيعة الامامية) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في اصول الدين (0)
  • في توحيد الله (8)
  • في صفات الله (32)
  • في النبوة (9)
  • في الانبياء (4)
  • في الامامة الالهية (11)
  • في الائمة المعصومين (14)
  • في المعاد يوم القيامة (16)
  • معالم الايمان والكفر (30)
  • حول القرآن الكريم (22)

صفاتنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الخلقية (2)
  • العبادية (5)
  • الاجتماعية (1)

أهدافنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في تنشئة الفرد (0)
  • في تنشئة المجتمع (0)
  • في تطبيق احكام الله (1)

إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في توحيد الله (41)
  • في صفات الله (17)
  • في التجسيم (34)
  • في النبوة (1)
  • في عصمة الانبياء (7)
  • في عصمة النبي محمد (ص) (9)
  • في الامامة (68)
  • في السقيفة (7)
  • في شورى الخليفة الثاني (1)
  • طاعة الحكام الظلمة (6)
  • المعاد يوم القيامة (22)
  • التقمص (3)

إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد النبي (ص) (14)
  • في عهد الخلفاء (20)
  • في العهد الاموي (14)
  • في العهد العباسي (3)
  • في عهد المماليك (5)
  • في العهود المتأخرة (18)

إشكالاتنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • كيفية الوضوء (4)
  • كيفية الصلاة (5)
  • اوقات الصلاة (0)
  • مفطرات الصوم (0)
  • احكام الزكاة (0)
  • في الخمس (0)
  • في الحج (2)
  • في القضاء (0)
  • في النكاح (7)
  • مواضيع مختلفة (64)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عقيدة التثليث (32)
  • على التناقض بين الاناجيل (41)
  • صلب المسيح (17)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • عدم تصديقهم الانبياء (6)
  • تشويههم صورة الانبياء (8)
  • نظرية شعب الله المختار (1)
  • تحريف التوراة (0)

إشكالاتنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التفسير المادي للكون (1)
  • نظرية الصدفة وبناء الكون (0)
  • النشوء والارتقاء (0)
  • اصل الانسان (0)

ردودنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد الرسول(ص) (9)
  • في عهد الخلفاء (12)

ردودنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول توحيد الله (2)
  • حول صفات الله (7)
  • حول عصمة الانبياء (3)
  • حول الامامة (34)
  • حول اهل البيت (ع) (45)
  • حول المعاد (1)

ردودنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول النكاح (2)
  • حول الطهارة (0)
  • حول الصلاة (3)
  • حول الصوم (0)
  • حول الزكاة (0)
  • حول الخمس (0)
  • حول القضاء (0)
  • مواضيع مختلفة (6)

ردودنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • اثبات وجود الله (0)
  • العلم يؤيد الدين (2)

كتابات القراء في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في العقائد :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في التربية والأخلاق :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء العامة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

  • القسم الرئيسي : من نحن في التاريخ .

        • القسم الفرعي : الشيعة في العهد الاموي .

              • الموضوع : الشيعة وتدوين الحديث والفقه في عهد التابعين .

الشيعة وتدوين الحديث والفقه في عهد التابعين

كما هو معروف عند الكل أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، قد منع من تدوين الحديث لأسباب، أهمها بنظره، انصراف المسلمين عن كتاب الله إلى كتب الحديث كما حدث لأمم قد خلت من قبلهم. وقد ذكرنا أن هذا التدبير، قد أحدث آثارا سيئة على الفقه والحديث وعلى المسلمين بصورة عامة. وقد فتح الباب في وجه جماعة ممن دخلوا الإسلام للكيد له بالدس في تعاليمه وأصوله، وانتشروا في الأقطار الإسلامية يحدثون عن الرسول. بما تمليه عليهم الأهواء ومصالح الساسة من الأمويين، واختلط بسبب ذلك الصحيح بالفاسد.
وكان من أسباب الخلاف بين المسلمين عدم وثوق بعضهم بكل ما ينسب للرسول. ولو أنه نزل عند رغبة جمهور الصحابة، الذين أشاروا عليه بتدوين الحديث وجمعه، كما جمعت آيات الكتاب من الألواح وصدور الحفاظ، لما اتسع المجال لأبي هريرة وأمثاله، ولسمرة بن جندب والكثيرين ممن حذا حذوهما، وباع دينه وضميره بدنانير الأمويين وموائدهم السخية بأنواع الطعام الشهي.
وقد ذكرنا ما كان من هؤلاء بصورة مفصلة في الفصول السابقة، كما أشرنا في فصل خاص، واعتمدنا على مصادر موثوق بها، أن عليّا قد دوّن الفقه في حياة الرسول وبعدها، وكان هو وجماعة من المسلمين، يرون جواز التدوين والكتابة، بينما تمسك أكثر المسلمين برأي عمر بن الخطاب واعتبروه سنة، ولا يجوز بنظر الدين تجاوزها. وانصرفوا إلى الحفظ، معتمدين على ما ينقل إليهم من صدور الحفاظ عن الصحابة وغيرهم. على أن بعض المصادر تؤيد أن شيئا من التدوين قد كان، ولكنه كان من أشخاص كانوا يدونون لأنفسهم، ما عندهم من الأحاديث، مخافة الضياع والنسيان.
أما التدوين الشامل، فلم يحصل إلاّ في زمان متأخر، لأسباب ثلاثة، ذكرها محمّد يوسف وغيره.
أولها: انتقال المسلمين من حال تغلب عليه البداوة، إلى حال كثر فيه العمران وعظمت فيه الحضارة وأخذوا ينعمون بالحياة المترفة، الحافلة بأسباب النعيم والعمران، فانصرفوا إلى العلوم وموادها، يعملون عقولهم في تحصيلها.
قال ابن خلدون في مقدمته: ((ان العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران ونعم الحضارة)). وقد ضرب لذلك أمثلة كثيرة.
ثانيها: انتشار الكتابة بين العرب والاعتماد عليها في تسجيل ما لديهم من المعارف المختلفة، وفي ذلك ما يؤدي إلى الانصراف عن الحفظ وضعف الذاكرة.
وفي مثل طرد هذه الحالات، على الإنسان يضطر إلى تسجيل ما لديه من المعارف، خوفا من ضياعها. هذا بالإضافة إلى أن بعض من دخلوا الإسلام ونبغوا في الفقه وعلوم القرآن والحديث، وهم الكثرة في عهد التابعين كانوا من الموالي، والكفرة الغالبة في هؤلاء كانت تحسن الكتابة، وقد اعتادوا على تدوين ما عندهم من آثار الفرس والرومان والأمم السابقة، قبل أن يغزو الإسلام بلادهم.
وهؤلاء لم يرزقوا قوة الذاكرة وملكة الحفظ اللتين عرف بهما العرب وسكان البادية.
السبب الثالث: ظهور الخطأ والاختلاف في كثير من الأحاديث بسبب اعتماد الرواة، الذين انتشروا في الأقطار الإسلامية، لتعليم الأحكام ونقل الأحاديث، اعتمادا على ما استقر في ذاكرتهم.
والإنسان بطبيعته معرض لعوامل كثيرة: كالنسيان والخطأ وغيرهما. ونتيجة لذلك حصل الاختلاف في نقل الحديث بين الرواة. هذا بالإضافة إلى انتشار ما هو مكذوب على الرسول من بعض من دخلوا الإسلام مكرهين، ولم يخالط الإيمان به قلوبهم، أو طائعين، باعوا ضمائرهم للحكام الذين استباحوا كل شيء في سبيل عروشهم.
قال الأستاذ مصطفى عبد الرزاق: انه مما أكد الحاجة لتدوين السنة، شيوع الحديث المكذوب، وقلة الثقة ببعض الرواة، وظهور الكذب في الحديث عن رسول الله، لأسباب سياسية أو مذهبية.
وقد دخل على الإسلام بسبب ذلك شر، كان المسلمون في غنى عنه، لو أن الخليفة أباح إلى المسلمين أن يجمعوا الحديث ويدونوه، كما جمعوا آيات الكتاب من هنا وهناك ودونوها في كتاب واحد.
هذه هي العوامل، التي من اجلها بدأ المسلمون يشعرون بضرورة تدوين الحديث وتصنيفه على مراحل، كما يرى الباحثون في التشريع الإسلامي والآثار التي تركها السابقون. ولكن المصادر الشيعية تؤكد أن التدوين قد حصل عن طريق أهل البيت وشيعتهم قبل ذلك بقرن تقريبا، وفي غيرها ما يؤيد هذا الرأي. وقد نصت رواية البخاري، التي نقلناها سابقا بأن عليّا كتب صحيفة فيها بعض الأحكام، كما أشرنا إلى ما ذكره مسلم في مقدمة صحيحه أن ابن عباس دعا بقضاء علي (عليه السلام) وكتب منه أشياء، إلى غير ذلك مما ذكرناه في الفصول السابقة.
ومهما يكن الحال، فقد ذكر المحدثون والرواة، أن عمر بن عبد العزيز هو أول من دعا إلى كتابة العلم وتصفيته من الدخيل. فقد كتب إلى أبي بكر محمّد بن عمر بن حزم (قاضي المدينة) يأمره أن ينظر ما كان من حديث الرسول أو سنّته، وأن يكتبه له. وقال في كتابه إلى ابن حزم، أني خفت دروس العلم وذهاب العلماء.
وفي موطأ مالك، من رواية محمّد بن الحسين، أنه أوصاه أن يكتب له ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، تلميذة عائشة، والقاسم بن محمّد.
وفي تاريخ أصفهان لأبي نعيم: قال: كتب عمر إلى الأفاق، انظروا حديث رسول الله (صلى الله عليه واله) فاجمعوه. وفي الرواية المذكورة أن ابن حزم قد كتب كتبا في الحديث، وتوفي عمر بن عبد العزيز، قبل أن ترسل إليه.
وهذه الفكرة من عمر بن عبد العزيز، تعتبر حدثا هاما في تاريخ العلم والحديث. فهي بالإضافة إلى أنها تدل على بعد نظره، وحرصه على مخلفات الرسول وآثار الإسلام، لقد غير اتجاه العلماء وحفاظ الأحاديث، الذين كانوا يعتمدون على الحفظ والأخذ ممن تقدمهم. وراجت فكرة التدوين بينهم، فقام بعض العلماء بجمع السنّة وتدوينها ونشطوا إلى ذلك في مختلف الأمصار.
وفي مختصر جامع بيان العلم أن أول من دون العلم وكتبه ابن شهاب الزهري وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: كنا نكتب الحلال والحرام وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع.
وذكر الأستاذ أبو ريّة، عن الزهري، انه قال: كما نكره كتابة العلم، حتّى اكرهنا عليه. وان هشاما الذي تولى الخلافة سنة 105 هـ واصل مساعيه لتنفيذ فكرة التدوين، التي اتفق المؤرخون بأن أول من دعا إليها من الحكام عمر بن عبد العزيز، وأكره الزهري عليها حتّى ألف الناس ذلك وأصبح سنة عندهم. ووضع العلماء في هذا الموضوع المجلدات الضخمة، على مراحل، كانت أولاها غير مرتبة على أبواب الفقه وفصوله، والذي كان أولا على نمط ما كان يجري في مجالس العلماء، تلك المجالس التي لم تكن مخصصة لعلم من العلوم. فكان المجلس الواحد يشتمل على علوم متعددة. وقد ورد عن عطاء، في وصفه لمجلس ابن عباس، انه لم ير مجلسا أكرم منه، ولا أكثر فقها وأعظم هيبة في مجلسه؛ أصحاب القرآن وأصحاب الشعر وأصحاب العربية يسألونه، وكلهم يصدر من واد فسيح.
وقال محمّد بن دينار في وصفه: ما رأيت مجلسا اجمع لكل خير من مجلسه.
وبقي التدوين يتطور ويتقدم، كما هو الحال في كل عمل يبرز إلى الوجود، ثمّ ينموا على مرور الزمن، حتّى جاء دور العباسيين، فقام العلماء بجمعه مرتبا على أبواب الفقه وفصوله. وكثر المؤلفون في ذلك الدور، واتخذ التأليف شكلا لم يكن معروفا قبل ذلك العصر.
وقد ذهب العلماء في العصر العباسي، إلى تهذيب ما كتب في عصر التدوين الأول، وتدوين ما بقي محفوظا في الصدور، فرتبوه وبوّبوه، وصنفوه كتبا. وقد بذل المنصور في هذا السبيل، الأموال الطائلة، وحث العلماء على بذل الجهد في ذلك، وأشار على مالك أن يضع كتابه (الموطأ)، فألفه (سنة 147 هـ).
لقد بلغ المنصور في عنايته بتدوين الفقه والحديث وجميع السنن، حدا لم يعرف عن احد ممن سبقه أو جاء بعده. ولقد قيل له: هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله؟ قال: بقيت خصلة واحدة، أتمنى أن اصل إليها، هي أن اقعد في مصطبة، وحولي أصحاب الحديث.
وتلك ظاهرة غريبة من أبي جعفر المنصور، لا تنسجم مع سيرته وسياسته، سياسة البطش وقتل الأبرياء وإراقة الدماء، من العلويين والمتشيعين لهم، تلك السياسة التي أنْست الناس ظلم الأمويين واستهتارهم بالمقدسات الإسلامية.
لقد أراد المنصور أن يصرف أنظار العلماء ورجال الفكر عن سياسته الجائرة، ويشغلهم عن التفكير بالشؤون العامة بجمع الأحاديث وتدوينها وكتابة الفقه وممارسته، حتّى لا ترتفع أصواته بين ملايين البائسين والمحرومين والمشردين من جوره وتعذيبه، أراد أن يحدد لهم صلاحياتهم ويحد من نشاطهم وتفكيرهم بشؤون الخلافة الإسلامية، التي انتقلت إليهم من الأمويين، بعد مجازر دامية، باسم الحفاظ على المقدسات الإسلامية وإنصاف المظلومين والثأر للعلويين.
ولم يقتصر التدوين في تلك المراحل التي مر بها، منذ أن دعا إليه عمر بن عبد العزيز، على تدوين الحديث، بل هب العلماء إلى تدوين الفقه وتبويبه، مرتبا على أبواب الفقه، من عبادات ومعاملات وغيرهما.
لقد تكلم الدكتور محمّد يوسف في تاريخ الفقه الإسلامي والأستاذ محمّد عجاج الخطيب وغيرهما عن تدوين الفقه، ونقلوا عن بعض المصادر أنّ كل شيء من التدوين كان قد حصل في العهد المبكر من تاريخ الإسلام، وأن الرسول أمر بكتابة بعض أحكام الزكاة وبعث بها إلى أمراء البلاد والولاة، وأعطى عمرو بن حزم، لما ولاه على اليمن، أحكاما مكتوبة من الفرائض والصدقات والديات؛ كما أعطى عبد الله بن حكيم ووائل بن حجر كتبا فيها أحكام الحيوانات الميتة، وأحكام الصلاة والصوم والربا والخمر. نقل ذلك عن كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال (ج 3 ص 168) والمعجم الصغير للطبراني (ج 3 ص 117). كما ذكر أن أبا بكر كتب كتابا لأنس بن مالك، حيث بعثه على البحرين، فيه أحكام السائمة من الإبل والغنم ومقدار النصاب في كل واحد من هذين النوعين. وكتب عمر بن الخطاب، في الموضوع نفسه كتبا وأعطاها إلى عماله، لجباية الزكاة، ولم يبد أية ملاحظة حول أنباء هذه الكتب؛ مع أن عمر بن الخطاب نفسه هو الذي حارب فكرة التدوين، كما أجمع على ذلك المحدثون.
الصحيفة الصادقة
لقد استطرد الدكتور محمّد يوسف في حديثه عن التدوين بصورة افرادية، منذ فجر الإسلام، حتّى انتهى إلى نبأ الصحيفة الصادقة، المنسوبة إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: عن عبد الله هذا قد استأذن النبي (صلى الله عليه واله) أن يكتب عنه في حال الرضا والغضب، فأذن له. وأن مجاهدا دخل على عبد الله، فتناول هذه الصحيفة فتمنع عليه، فقال: أتمنعني عن كتبك؟ فقال: إن هذه الصحيفة الصادقة، التي سمعتها من الرسول، ليس بيني وبينه أحد؛ فإذا سلم لي كتاب الله وسلمت لي هذه الصحيفة (والوهط)، لا أبالي ما صنعت الدنيا.
وبعد أن نقل نبأ هذه الصحيفة التي كتبها عبد الله بإذن من النبي في حالتي الرضا والغضب، انتهى إلى أن هذه الصحيفة لا تختص بالفقه، لان صاحبها لا يبالي ما صنعت الدنيا، إذا سلمت له الصحيفة وأرض كان يستغلها. فلا بد وأن يكون فيها كل ما يحتاجه من أمور الدين والدنيا. كما انتهى إلى نتيجة أخرى، هي أن هذه الصحيفة قد جمعت من الحلال والحرام مسائل كثيرة، تكفيه مع كتاب الله في معرفة الحلال والحرام. وأن عبد الله كان يرى أن الفقه من خير ما يُعطاه الإنسان. ومن جميع ذلك ينتهي إلى القول انه كان في عصر الرسول شيء، وربما كان كثيرا، من مسائل الفقه وأحكامه، قد كتب فعلا في فجر الإسلام.
وإذا أردنا أن نقارن بين ما ذكره هنا وما ذكره سابقا في حديثه عن عدم تدوين الحديث والفقه في عصر الصحابة، والأسباب التي من أجلها امتنع المسلمون في فجر الإسلام من تدوين الحديث، نرى أنه قد تراجع عن رأيه السابق.
ومهما كان الحال، فنحن لا نمنع من أن التدوين كان منذ فجر الإسلام. ولدينا من المصادر الموثوق بها، ما يؤيد هذا الرأي، وإن كانت مصادر إخواننا أهل السنة لم تذكر للشيعة شيئا يذكر، بالنسبة لما ذكرته المصادر الشيعية. وفيما سبق، قد ذكرنا عند الكلام على تدوين السنة، الأسباب التي منعت من ظهور آثار علي وشيعته، وما كتبوه في الفقه والحديث وما صدر عنهم من أحكام وفتاوى، منذ الأيام الأولى لوفاة الرسول.
ونعود هنا لنؤكد ما ذكرناه سابقا، بما قاله الأستاذ (محمّد أبو زهرة) في كتابه الامام الصادق (عليه السلام) قال: وانه يجب علينا أن نقرر هنا أن فقه علي وفتاويه وأقضيته لم ترد في كتب السنة، وبالقدر الذي يتفق مع مدة خلافته، ولا مع المدة التي كان منصرفا فيها إلى الدرس والإفتاء في مدة الراشدين قبله.
وقد كانت حياته كلها للفقه وعلم الدين وكان أكثر الصحابة اتصالا برسول الله (صلى الله عليه واله)، فقد رافق الرسول وهو صبي قبل أن يبعث، واستمر معه إلى أن قبض الله تعالى رسوله إليه. ولذا كان يجب أن يذكر له في كتب السنة أضعاف ما هو مذكور له فيها.
وإذا كان لنا أن نتعرف السبب الذي من أجله اختفى عن جمهور المسلمين بعض مرويات علي وفقهه، فإننا نقول إنه لا بد أن يكون للحكم الأموي أثر في اختفاء كثير من آثار علي (عليه السلام) في القضاء والإفتاء، لأنه ليس من المعقول أن يلعنوا عليّا فوق المنابر وأن يتركوا العلماء يتحدثون بعلمه وينقلون فتاويه وأقواله للناس، وخصوصا ما كان يتصل منها بأساس الحكم الإسلامي.
والعراق الذي عاش فيه علي، وفيه انبثق علمه، كان يحكمه في صدر الدولة الأموية ووسطها، حكام غلاظ شداد، لا يمكن أن يتركوا آراء علي تتسرب في وسط الجماهير الإسلامية، وهم الذين يخلقون الريب والشكوك حوله.
حول الصحيفة الصادقة
ويبدو مما ذكره محمّد يوسف في المقام، أن التدوين الذي لم يكن بعد وفاة الرسول، هو تدوين السنة والحديث، أما الفقه، فقد دون من مسائله وأحكامه الشيء الكثير؛ ولكن هذه التفرقة لا تستند على أساس، لان جميع ما دون في العصور الأولى لم يكن غير نقل الأحاديث عن الرسول والصحابة، المشتملة على أحكام العناوين الفقهية وأبوابها. وكتاب الموطأ، أول مؤلف في الفقه، على حد زعم المحدثين من أهل السنة، هو عبارة عن مجموعة من أحاديث الرسول والصحابة في أحكام المسائل المختلفة، بلغت عشرة آلاف حديث.
وسواء كان التدوين الذي تحدث عنه المؤلف، السنة أو الفقه، فهو يرى أن الصحيفة الصادقة حقيقة واقعة، لأنه لم يبد حول نبأها أية ملاحظة. مع ا نه ذكر من جملة الأسباب لعدم تدوين الحديث والفقه أن الرسول نفسه قال: لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ومن كتب عني شيئا فليمحه. ونقل عن زيد ابن ثابت انه قال: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه واله) أن لا نكتب شيئا من حديثه، بينما ذكر في نبأ هذه الصحيفة، أن الرسول أذن لعبد الله بن عمرو بن العاص، أن يكتب عنه في حال الرضا والغضب؛ وان الصحيفة فيها من الفقه ما يكفي كاتبها في معرفة الشريعة كلها في جميع أبواب الفقه. فكيف يتفق منع الرسول عن التدوين منعا باتا لأي كان منهم، كما يستفاد من الحديث المنسوب إليه، مع إذنه لعبد الله في الكتابة عنه في حال الرضا والغضب؟ على انه لم يكن من أهل السابقة في الإسلام حتّى يختصه الرسول بتلك المنزلة الرفيعة، ولا من المقربين إليه، لتكون له هذه الحظوة عند الرسول ولقد كان أبوه ممن يكيدون للإسلام طيلة حياته. وقد اسلم عبد الله هذا وأبوه في السنة الثامنة للهجرة، قبل وفاة الرسول بسنتين، وكان له من العمر حين إسلامه خمس عشرة سنة، إذا لاحظنا انه توفي سنة خمس وستين من الهجرة، وله من العمر اثنان وسبعون سنة، كما في رواية ابن سعد في الطبقات، يكون له من العمر سبع عشرة سنة حين وفاة الرسول، ادرك منها سنتين مع الرسول وحين اتصاله بالرسول لم يكن له من العمر أكثر من خمس عشرة سنة؛ وفي هاتين السنتين، لم يخرج عن دور الطفولة ولم يكن من أصحابه الأقربين، حتّى يختصه من بينهم، ويقدمه حتّى على أهل بيته، ليكتب عنه كل شيء، في حال الرضا والغضب، وفي خلواته، كما يزعم هو في حديثه عن صحيفته كما جاء في رواية مجاهد. وهل يتفق قوله: إذا سلمت له الصحيفة (والوهط) لا يبالي بالدنيا وما فيها، مع موقفه بجانب معاوية في صفين وغيرها، واستعمال معاوية له مكان أبيه واليا على مصر، وعلى الكوفة أيضا؟ فما كان له من صحيفته ما يردعه عن الوقوف بجانب ابن هند ومناصرته على إمام المسلمين وسيدهم علي بن أبي طالب (عليه السلام).
على أن الأستاذ أبو ريّة ينقل عن بعض المحدثين، أن الصحيفة التي يسميها عبد الله بالصادقة، كانت أدعية وصلوات، وليس فيها شيء من الفقه.
وما أشبه عبد الله هذا الذي أدرك من حياة الرسول مسلما سنتين وفيهما دون الفقه كله، بأبي هريرة الذي أدرك من حياة الرسول نحوا من ذلك، ونقل عنه أكثر من ستة آلاف حديث، ولم يصحب الرسول إلاّ ليشبع بطنه، كما حدّث عن نفسه.
والذي يبعث على الأسف الشديد، هو موقف الدكتور محمّد يوسف وغيره من أنباء هذه الصحيفة المزعومة. لقد تحدث عنها من غير أن يبدي أية ملاحظة حولها، وفي ذلك ما يؤكد إيمانه بصحة أنبائها، ولم يحاكم بين نصوصها وبين الظرف الذي عاش فيه عبد الله ومقدار صحبته للرسول، والنصوص التي تفيد أن الرسول قد منع المسلمين أن يكتبوا عنه شيئا من الحديث والفقه. بينما نراه يقف موقف من يحتاط للواقع ويتحفظ في إعطاء النتائج في بعض أبحاثه، وعلى الأخص حينما يتحدث عن دور التشيع في تدوين الفقه والحديث بعد وفاة الرسول.
لقد استعرض في حديثه عن دور الشيعة في التدوين، جماعة ممن عدهم المرحوم الصدر في كتابه (تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام) كعلي بن رافع وسعيد بن المسيب وغيرهما من المؤلفين في الفقه والحديث، من عهد الصحابة إلى العصر الذي شاع فيه التدوين وكثر بين الفقهاء وأصحاب الحديث؛ كما استعرض بعض من ذكرهم ابن النديم من فقهاء الشيعة ومؤلفيهم. ولكنه خرج من الموضوع بدون نتيجة إيجابية، لان المحدثين والمؤلفين الثقاة من أهل السنة، الذين عنوا بالتراجم وأحوال الرجال، اغفلوا الكثير من رجال الشيعة؛ ولان الكثير من هؤلاء الذين يذكرونهم، يصفونهم بالكذب والوضع أو محو ذلك مما يوحي بعدم الثقة بهم.
لقد خرج من بحثه عن مؤلفي الشيعة آسفا، لان المحدثين من أهل السنة، أهملوا جماعة ممن ذكرهم الصدر وابن النديم، ووصفوا قسما آخر بالوضع والكذب.
لذلك خرج من الموضوع، ولم يتمكن من وزن ما جاء عن ابن النديم وغيره من كتاب علماء الشيعة؛ بينما نراه سريعا في إعطاء النتائج الايجابية في بعض أبحاثه، بدون أية محاكمة بين الروايات التي يعتمد عليها، وبين واقع الأشخاص وحياتهم والملابسات التي كانت تحيط بهم. وليس أدل على ذلك من حديثه عن الصحيفة الصادقة، وإيمانه بأنها حقيقة واقعة. هذا مع العلم بأن المحدثين من أهل السنّة، لا يصفون رواة الشيعة ومحدثيهم بالكذب والوضع إلاّ لمجرد التشيع والولاء لأهل البيت.
قال الخضري في كتابه تاريخ التشريع الإسلامي: أن غلو الشيعة في تأييد علي وأهل بيته، جرهم إلى رواية كثير من الأحاديث، لا يشك الجمهور في أنها مكذوبة على رسول الله، ومن أجل ذلك توقفوا في أن يقبلوا رواية لكل متشيع أو داع إلى التشيّع.
فالتشيع عندهم وصمة لا غفران لها، وكل من رأى النبي صحابي عادل، لا يجوز عليه النقد ولا يتجه إليه لوم أو تجريح. فلذا قالوا في مروان بن الحكم، إذ أثبت صحبته، لم يؤثر الطعن عليه. وروى له البخاري في صحيحه، مع انه لم يحتج بحديث الامام جعفر بن محمّد الصادق. وقد وثق (العجلي) عمر بن سعد قاتل الحسين (عليه السلام) كما وثق عمران بن حطان، وهو خارجي، مدح ابن ملجم لعنه الله لأنه قتل عليّا (عليه السلام) بقوله:
يا ضربة من تقّيٍ ما أراد بها***إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا
وسمرة بن جندب صحابي عادل، مقبول الحديث والرواية، واحتج بحديثه أصحاب الصحاح، مع أنه كان احد القواد الذين أرسلهم ابن زياد لقتل الحسين، ومن المحرضين على قتله. ولما استنابه ابن زياد على البصرة، قتل في ستة أشهر أكثر من ثمانية آلاف من الأبرياء. وقال عنه أبو السواد العدوي: لقد قتل سمرة بن جندب من قومي في غداة واحدة خمسة وأربعين رجلا، كلهم قد جمع القرآن.
والصحابي مهما فعل وارتكب من الجرائم، فهو مجتهد معذور في كل ما يصدر عنه، مهما كان من نوعه. وعلى هذا الأساس يقولون بأن بسر بن أرطأة مجتهد، وقد قتل من شيعة علي ثلاثين ألفا، حينما وجهه معاوية إلى اليمن والحجاز، أمره بأن يقتل كل من كان في طاعة علي (عليه السلام)، وقتل طفلين لعبيد الله بن العباس، وفيهما تقول أمهما عائشة بنت المدان:
انحي علي ودجي ابنّي مرهفة***مشحوذة وكذاك الاثمّ يقترف
وكثير من أمثاله عدول ومجتهدون، بنظر المحدثين من أهل السنة، إلاّ الشيعة فإنهم كذابون وضاعون، لا تقبل لهم رواية ولا يجوز التعويل على أحاديثهم. وفي الأضواء، عن الحافظ بن حجر: ثمّ حدث في أواخر عهد التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار، لما انتشر العلماء في الأمصار وكثر الابتداع من الخوارج و الروافض. وكلمة الروافض لا تعني غير الشيعة، كما يعرف ذلك كل من تتبع كتب أهل السنة وأحاديثهم، والخوارج بنظر الشيخ محمّد الخضري اقل كذبا من الشيعة.
والذي نأسف له أن الباحثين في الآثار الإسلامية في هذا العصر، الذي تحررت فيه العقول من الخرافات والأوهام، وانطلقت إلى أبعد الحدود في التفكير والبحث عن الحقائق، هؤلاء على أنهم أخذوا على أنفسهم أن يتحروا الواقع، ويحاكموا بين ما سطره التاريخ من آثار الماضين، إذا تحدثوا عن الشيعة وآثارهم، نطقوا بألسنة الماضين، وكتبوا بأقلامهم، وأعادوا علينا ما دونه أولئك الذين لم يكتبوا التاريخ للحق والتاريخ، وإنما كتبوه لرجال السياسة وحكام الجور. لقد رأى الدكتور محمّد يوسف نفسه مضطرا أن يقف مكتوف اليدين، جامدا في تفكيره، الذي اعتاد أن يصول به ويجول، في جميع فصول كتابه.
ولكنه حينما تحدث عن الشيعة رجع إلى ما كتبه أولئك كأنه قرآن، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقد نسي أو تناسى سيرة الحكام وموقفهم من الشيعة، ذلك الموقف الذي حمل المحدثين من أهل السنة، بقصد أو بدون قصد، أن يصفوا الشيعة بالرفض والكذب والوضع، وغير ذلك مما يوحي بعدم الثقة بهم على حد قوله.
وكان عليه أن يستعرض تاريخ الشيعة، والظروف التي رافقتهم في جميع المراحل التي مروا بها، وتلك السياسة الجائرة التي انتهجها حكام الدولة الأموية بصورة خاصة، ليعرف مدى تأثيرها على الشيعة وعلى الذين كتبوا تاريخهم ووصفوا الكثير من رجالهم بالكذب والوضع والرفض. ووصفوا أبا هريرة وسمرة بن جندب وعمر بن سعد وعمران بن حطان ومعاوية بن هند وأمثالهم بالزهد والورع والصدق والأمانة.
ولم يحتجوا بحديث صادق أهل البيت جعفر بن محمّد، واحتجوا بأحاديث سمرة بن جندب ومروان بن الحكم، طريد رسول الله (صلى الله عليه واله) وعمران بن حطان الخارجي وعمر بن سعد وأمثالهم.
لقد تابع الدكتور محمّد يوسف حديثه عن آثار الشيعة في تدوين الفقه والحديث، حتّى انتهى إلى مجموعة الفقه للإمام زيد بن علي بن الحسين، التي يروي معظمها عن جده الامام علي وقال عنها، ((إن أمورا كثيرة تقوم دون التيقن من صحة هذه النسبة)). معتمدا في ذلك على أمرين:
أولهما: أن أبا خالد الواسطي قد تفرد برواية هذا الأثر عن زيد بن علي، ولم يروه عن أبي خالد الواسطي إلاّ راو واحد، هو إبراهيم بن الزبرقان التميمي الكوفي.
ثانيهما: أن رجال الجرح والتعديل من أهل السنة الثقاة الحفاظ، قد وصفوا الواسطي بالكذب والوضع. هذا بالإضافة إلى دقة ترتيبه وتمحيصه للفقه، في ذلك الزمن المبكر، الذي سبق أقدم أثر من فقه أهل السنة بنصف قرن تقريبا، وهو فقه موطأ مالك. وكان حريا بمالك أن يعرفه ويستفيد منه، لو صدر حقا من الامام زيد. من اجل ذلك خرج (الدكتور محمّد يوسف) من بحثه حول هذا الأثر الشيعي، بالنتيجة التي خرج منها بالنسبة للآثار الشيعية، التي ينقلها كتاب الشيعة ومحدثوهم، قديما وحديثا.
والعنصر الوحيد عنده للوثوق برواة آثار الشيعة أن يكون الراوي موثوقا عند المحدثين من أهل السنة، أو مسكوتا عنه على اقل التقادير. ومن العسير أن يتيسر لنا هذا الشرط، لان المحدثين الموثوقين من أهل السنة، على حد تعبيره، قد سبقونا بمئات الأعوام، ووصفوا الشيعة ودعاة التشيع بالكذب والوضع. وفيما يختص بالسبب الثاني الذي اعتمده للتشكيك بهذا الأثر، فمع أن وحدة الراوي لا تمنع من صحة الرواية، إذا اجتمعت فيه الشروط المطلوبة في صحة الحديث، فلم ينفرد بروايته عن الواسطي إبراهيم بن الزيرقان، بل رواه عنه نصر بن مزاحم المنقري أيضا وغيره.
هذا بالإضافة إلى المغالطات السافرة، التي اعتمدها للتشكيك بهذا الأثر. ونحن لا نريد أن ندافع عن هذا الأثر لنضيف إلى آثار الشيعة أثرا جديدا، لان مصادرها الموثوقة غنية بالشواهد، على أن الشيعة قد دونوا عشرات الكتب، قبل غيرهم بعشرات السنين. والذين كتبوا في الآثار الشيعية لم يضيفوا إليها هذا الأثر. ولعل السبب في ذلك أن الكتاب المذكور لا يمثل فقه الشيعة الأمامية المنسوب إلى الامام جعفر بن محمّد (عليه السلام). ولكن ذلك لا يمنع من صدور المجموعة عن زيد بن علي (عليه السلام) لان الكثير من فقهاء الشيعة في العهد الأموي، كانوا يتقون الحكام حتّى في فتاويهم خوفا من القتل والتعذيب.
وسواء صحت أنباؤنا أو لم تصح، فحديثنا عنها مع الدكتور محمّد يوسف يتعلق بالأسلوب الذي اتبعه بالتشكيك بهذا الأثر المنسوب إلى زيد بن علي، ذلك الأسلوب الذي اتبع فيه المأجورين من كتاب التاريخ وتراجم الرجال مع العلم بأنه لم يقف موقف المشكك من صحيفة ابن العاص، تلك الصحيفة التي تحيط بها الشكوك في جميع جهاتها.
على أن بين الكتّاب المعاصرين، من يرى نفسه مضطرا إلى الاعتراف بما ندعيه، أمام عدد من الشواهد التاريخية، التي تؤيد سبق الشيعة إلى تدوين الفقه، والتي ذكرنا قسما منها، ويبدو أن الأستاذ مصطفى عبد الرزاق من مؤيدي هذه الفكرة.
قال، بعد أن استعرض تلك الشواهد: وعلى كل حال فإن ذلك لا يخلو من دلالة على النزول إلى تدوين الفقه كان أسرع إلى الشيعة من سائر المسلمين. ومن المعقول أن يكون النزوع إلى تدوين الأحكام الشرعية أسرع إلى الشيعة، لان اعتقادهم العصمة في أئمتهم، أو ما يشبه العصمة، كان حريا أن يسوقهم إلى الحرص على تدوين أقضيتهم وفتاواهم. ذلك بالإضافة إلى أن التشيع تأثر منذ بداية أمره بعناصر غير العرب الأميين الذين كانوا مجبولين على الحفظ، نافرين من الكتابة والتدوين.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/03   ||   القرّاء : 1928



البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 كيف تأخذون دينكم عن الصحابة واغلبهم مرتدون ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الامامة في ولد الحسين لا الحسن اقصاء له ؟

 ردّ شبهة ان علي خان الامانة بعد ستة اشهر من رحيل رسول الله ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الحسن بايع معاوية وتنازل له عن الخلافة ؟؟.

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 أعتراف الألباني بصحة حديث الحوأب

 الجزاء الشديد لمن نقض العهد الأكيد ؟؟؟

 حديث الثقلين وبعض الحقائق الكامنة

 حديث الغدير/ وكفر من لا يأخذ بكلام رسول الله بحكم ابن باز؟؟

ملفات عشوائية :



 هل كانت بيعة الشيخين شورى؟

 أهمية البحث عن الإمامة

 دلالة حديث الغدير على امامة امير المؤمنين عليه السلام

 أين الدليل من الكتاب المقدس على تحريم تعدد الزوجات؟

 اختصاص آية المباهلة بأهل البيت عليهم السلام

 سياسة عمر الطائفية

 هل الرب يحتاج إلى جحش ومسروق؟

 ما يصح السجود عليه

 شذوذ الوهابية عن اهل السنة

 هل تعتمد الأقانيم على بعضها ؟

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 24

  • الأقسام الفرعية : 90

  • عدد المواضيع : 841

  • التصفحات : 1817372

  • التاريخ : 29/03/2024 - 08:14

Footer