Header


  • الصفحة الرئيسية

من نحن في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • معنى الشيعة (13)
  • نشأة الشيعة (24)
  • الشيعة من الصحابة (10)
  • الشيعة في العهد الاموي (10)
  • الشيعة في العهد العباسي (4)
  • الشيعة في عهد المماليك (1)
  • الشيعة في العهد العثماني (2)
  • الشيعة في العصر الحديث (1)

من نحن في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الشيعة في أحاديث النبي(ص) (1)
  • الشيعة في احاديث الائمة (ع) (0)
  • غدير خم (0)
  • فدك (3)
  • واقعة الطف ( كربلاء) (0)

سيرة اهل البيت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

عقائدنا (الشيعة الامامية) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في اصول الدين (0)
  • في توحيد الله (8)
  • في صفات الله (32)
  • في النبوة (9)
  • في الانبياء (4)
  • في الامامة الالهية (11)
  • في الائمة المعصومين (14)
  • في المعاد يوم القيامة (16)
  • معالم الايمان والكفر (30)
  • حول القرآن الكريم (22)

صفاتنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الخلقية (2)
  • العبادية (5)
  • الاجتماعية (1)

أهدافنا :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في تنشئة الفرد (0)
  • في تنشئة المجتمع (0)
  • في تطبيق احكام الله (1)

إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في توحيد الله (41)
  • في صفات الله (17)
  • في التجسيم (34)
  • في النبوة (1)
  • في عصمة الانبياء (7)
  • في عصمة النبي محمد (ص) (9)
  • في الامامة (68)
  • في السقيفة (7)
  • في شورى الخليفة الثاني (1)
  • طاعة الحكام الظلمة (6)
  • المعاد يوم القيامة (22)
  • التقمص (3)

إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد النبي (ص) (14)
  • في عهد الخلفاء (20)
  • في العهد الاموي (14)
  • في العهد العباسي (3)
  • في عهد المماليك (5)
  • في العهود المتأخرة (18)

إشكالاتنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • كيفية الوضوء (4)
  • كيفية الصلاة (5)
  • اوقات الصلاة (0)
  • مفطرات الصوم (0)
  • احكام الزكاة (0)
  • في الخمس (0)
  • في الحج (2)
  • في القضاء (0)
  • في النكاح (7)
  • مواضيع مختلفة (64)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عقيدة التثليث (32)
  • على التناقض بين الاناجيل (41)
  • صلب المسيح (17)

إشكالاتنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • عدم تصديقهم الانبياء (6)
  • تشويههم صورة الانبياء (8)
  • نظرية شعب الله المختار (1)
  • تحريف التوراة (0)

إشكالاتنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التفسير المادي للكون (1)
  • نظرية الصدفة وبناء الكون (0)
  • النشوء والارتقاء (0)
  • اصل الانسان (0)

ردودنا التاريخية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • في عهد الرسول(ص) (9)
  • في عهد الخلفاء (12)

ردودنا العقائدية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول توحيد الله (2)
  • حول صفات الله (7)
  • حول عصمة الانبياء (3)
  • حول الامامة (34)
  • حول اهل البيت (ع) (45)
  • حول المعاد (1)

ردودنا الفقهية على فرق المسلمين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • حول النكاح (2)
  • حول الطهارة (0)
  • حول الصلاة (3)
  • حول الصوم (0)
  • حول الزكاة (0)
  • حول الخمس (0)
  • حول القضاء (0)
  • مواضيع مختلفة (6)

ردودنا على أهل الكتاب (النصارى) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على أهل الكتاب (اليهود) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

ردودنا على الماديين :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • اثبات وجود الله (0)
  • العلم يؤيد الدين (2)

كتابات القراء في التاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في السيرة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في العقائد :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء في التربية والأخلاق :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

كتابات القراء العامة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

  • القسم الرئيسي : إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين .

        • القسم الفرعي : في الامامة .

              • الموضوع : دلالة اية الولاية على امامة علي بن ابي طالب عليه السلام .

دلالة اية الولاية على امامة علي بن ابي طالب عليه السلام

بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏

الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة اللَّه على‏ أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.قال اللَّه تعالى‏: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ»«1».وهذه الآية المباركة تسمّى‏ في الكتب بـ«آية الولاية».استدلّ بها الإماميّة على‏ إمامة أمير المؤمنين (سلام اللَّه عليه).ولابدّ من الرجوع إلى‏ السنّة لتعيين بمَن نزلت فيه الآية المباركة، وبعبارة أُخرى‏ لمعرفة شأن نزول الآية.ثمّ بعد معرفة شأن نزول الآية المباركة، لابدّ من بيان وجه الإستدلال بها على‏ إمامة أمير المؤمنين، ثمّ يأتي دور الإشكالات والإعتراضات والمناقشات التي نجدها في كتب الكلام والعقائد من قبل علماء السنّة في الإستدلال.

فالبحث إذن يكون في جهات:

الجهة الأُولى‏: في شأن نزول هذه الآية المباركة

أجمعت الطائفة الإماميّة، ورواياتهم بهذا الأمر متواترة، بأنّ الآية المباركة نزلت عندما تصدّق أمير المؤمنين (سلام اللَّه عليه) بخاتمه على السائل، وهو في أثناء الصلاة وفي حال الركوع.فالأمر مفروغ منه من جهة الشيعة الإماميّة. إلّا أنّ هذا المقدار لا يكفي للإستدلال على‏ الطرف المقابل، فله أن يطالب برواة هذا الخبر من أهل السنّة، من المحدثين والمفسّرين، وله أيضاً أن يطالب بصحّة سند هذا الخبر في كتب السنّة، ليكون حجّة عليه.ونحن على طبق هذه القاعدة المقرّرة في أُصول البحث والمناظرة، نذكر في هذه الجهة، أسماء بعض من روى‏ هذه القضيّة، ونزول هذه الآية المباركة في أمير المؤمنين، وفي خصوص تصدّقه في حال الركوع بخاتمه على‏ السائل، لتتمّ الحجّة حينئذ على‏ من يرى‏ حجيّة كتبه واعتبار رواياته، ومن يلتزم بلوازم مذهبه، فحينئذ تتمّ الجهة الأُولى‏، ويتعيّن مَن نزلت فيه الآية المباركة، ويكون الخبر متّفقاً عليه بين الطرفين، ومقبولًا بين المتخاصمين.

قول المفسّرين:

1- يعترف القاضي الإيجي المتوفى سنة 756 في كتابه [المواقف في علم الكلام‏] وهو من أهم متون أهل السنّة في علم الكلام وأصول الدين، يعترف بإجماع المفسرين على‏ نزول الآية المباركة في هذه القضيّة الخاصّة المتعلّقة بأمير المؤمنين (عليه السلام)«2».

2- وأيضاً يعترف بهذا الإجماع: الشريف الجرجاني المتوفّى‏ سنة 816 في كتابه [شرح المواقف في علم الكلام‏]، وهذا الكتاب متناً وشرحاً مطبوع وموجود الآن بين أيدينا«3».

3- وممّن يعترف بإجماع المفسّرين على‏ نزول الآية المباركة في شأن علي (عليه السلام) : سعد الدين التفتازاني المتوفّى‏ سنة 739، في كتابه [شرح المقاصد]«4»، وهذا الكتاب أيضاً من أهم كتب القوم في علم الكلام، ومن شاء فليرجع إلى‏ كتاب [كشف الظنون‏]«5» ليجد أهميّة هذا الكتاب بين القوم، وفي أوساطهم العلميّة، حيث كان من جملة كتبهم التي يتدارسونها في حوزاتهم العلميّة، لذلك كثر منهم الشرح والتعليق عليه.

4- وممّن يعترف بإجماع المفسّرين من أهل السنّة على‏ نزول الآية المباركة في أميرالمؤمنين، في هذه القضيّة الخاصّة: علاء الدين القوشجي السمرقندي في كتابه [شرح التجريد]، وهذا الكتاب أيضاً مطبوع وموجود بين أيدينا«6».فعلماء الكلام الذين يبحثون عن أدلّة الإمامة، وعمّا يقول الطرفان في مقام الإستدلال، وعمّا يحتجّ به كلّ من الطرفين على‏ مدّعاه، يذعنون بنزول الآية المباركة في هذه القضيّة الخاصّة.إذن، فالمفسّرون من أهل السنّة مجمعون على‏ نزول الآية المباركة في هذه القضيّة، والمعترِف بهذا الإجماع كبار علماء القوم في علم الكلام، الذين يُرجع إليهم ويُعتمد على‏ أقوالهم ويُستند إلى‏ كتبهم.

قول المحدّثين:

فقد رأيت من رواة هذا الحديث في كتبهم:

1- الحافظ عبدالرزّاق الصنعاني، صاحب كتاب المصنّف، وهو شيخ البخاري صاحب الصحيح.

2- الحافظ عبد بن حميد، صاحب كتاب المسند.

3- الحافظ رزين بن معاوية العبدري الأندلسي، صاحب الجمع بين الصحاح الستّة.

4- الحافظ النسائي، صاحب الصحيح، روى‏ هذا الحديث في صحيحه.

5- الحافظ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ المعروف والتفسير المعروف المشهور.

6- ابن أبي حاتم الرازي المحدّث المفسّر المشهور، الذي التزم فيه بالصحّة، ويعتقد ابن تيميّة في [منهاج السنّة] بأنّ تفسير ابن أبي حاتم خال من الموضوعات«7».

7- الحافظ أبو الشيخ الإصفهاني.

8- الحافظ ابن عساكر الدمشقي.

9- الحافظ أبو بكر ابن مردويه الإصفهاني.

10- الحافظ أبو القاسم الطبراني.

11- الحافظ الخطيب البغدادي.

12- الحافظ أبو بكر الهيثمي.

13- الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي.

14- الحافظ المحبّ الطبري شيخ الحرم المكّي.

15- الحافظ جلال الدين السيوطي، المجدّد في القرن العاشر عند أهل السنّة.

16- الحافظ الشيخ علي المتّقي الهندي، صاحب كتاب كنز العمّال.

هؤلاء جماعة من أعلام الأئمّة في القرون المختلفة، يروون هذا الحديث في كتبهم.

يقول الآلوسي صاحب التفسير الشهير [روح المعاني‏]: غالب الأخباريين على‏ أنّ هذه الآية نزلت في علي (كرّم اللَّه وجهه)«8».فالقضيّة بين المفسّرين مجمع عليها، وغالب المحدّثين والأخباريين ينصّون على‏ هذا، ويقولون بنزول الآية في علي، ويروون فيه الحديث. وقد ذكرت أسماء جماعة من أعلامهم، منذ زمن البخاري إلى‏ القرن الحادي عشر.ولو أنّك تراجع [تفسير ابن كثير] في ذيل هذه الآية المباركة«9»، تجده يعترف بصحّة بعض أسانيد هذه الأخبار، واعترافه بذلك يمكن أن يكون لنا حجة على الخصوم، لأنّ اعتراف مثل ابن كثير بصحة هذه الروايات - وهو ممّن‏ لا نرتضيه نحن ونراه رجلًا متعصّباً في تفسيره وتاريخه تبعاً لشيخه - له قيمته العلميّة في مقام البحث.منها: هذا الحديث الذي أخرجه ابن أبي حاتم في [تفسيره‏]«10»، فإنّه يرويه عن أبي سعيد الأشج، عن الفضل بن دكين، عن موسى‏ بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل قال: تصدّق علي بخاتمه وهو راكع فنزلت الآية: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ....وقد اشتهر هذا الخبر وثبت، بحيث يُروى‏ أنّ حسّان بن ثابت الشاعر الأنصاري الصحابي، قد نظم هذه المنقبة وهذه القضيّة في شعرٍ له - ومن الناقلين لهذا الشعر هو الآلوسي البغدادي صاحب [روح المعاني‏]«11» - يقول فيه:فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً زكاةً فدتك النفس يا خيرَ راكعِ ‏فأنزل فيك اللَّه خيرَ ولايةٍ وأثبتها أثنى‏ كتاب الشرايع‏ .إذن، هذه القضيّة لا يمكن المناقشة في سندها بشكل من الأشكال، ولا مجال لأن تكذّب أو تضعّف الروايات الواردة فيها.

مع ابن تيمية:

وإذا بلغ الأمر إلى‏ هذه المرحلة، فلا بأس بأن ننظر في عبارة ابن تيميّة حول هذا الحديث وهذا الإستدلال، نصّ عبارته هكذا:قد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى‏ أنّ هذه الآية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل، وكذبه بيّن.ويضيف هذا الرجل: وأجمع أهل العلم بالنقل على‏ أنّها لم تنزل في علي بخصوصه، وأنّ عليّاً لم يتصدّق بخاتمه في الصلاة.وأجمع أهل العلم بالحديث على‏ أنّ القصّة المرويّة في ذلك من الكذب الموضوع، وأنّ جمهور الأُمّة لم تسمع هذا الخبر«12».فليسمع المقلّدون لابن تيميّة في بحوثهم العلميّة، ولينتبه أُولئك الذين يأخذون من مثل هذا الرجل عقائدهم وأحكامهم وسننهم وآدابهم.فالقاضي الإيجي والشريف الجرجاني وكبار علماء الكلام - وهذه كتبهم موجودة - ينصّون على‏ إجماع المفسّرين بنزول الآية المباركة في علي في القصّة الخاصّة هذه، ويقول هذا الرجل: إنّ بعض الكذّابين قد وضع هذا الخبر المفترى‏، وعلي لم يتصدّق بخاتمه، وأجمع أهل العلم في الحديث!!أتصوّر أنّه يقصد من أهل العلم - حيث يدّعي إجماعهم - نفسه فقط أو مع بعض الملتفّين حوله، فإذا رأى‏ نفسه على هذا الرأي‏، ورأي اثنين أو ثلاثة من الأشخاص يقولون برأيه، يدّعي إجماع أهل الحديث وأهل النقل، بل وإجماع الأُمّة كلّهم على‏ ما يراه هو، وكأنّ الإجماع في كيسه، متى‏ ما أراد أن يخرجه من كيسه أخرجه وصرفه إلى الناس، وعلى‏ الناس أن يقبلوا منه ما يدّعي!وعلى‏ كلّ حال، فهذه القضيّة واردة في كتبهم وكتبنا، في تفاسيرهم وتفاسيرنا، في كتبهم في الحديث وكتبنا.مثلًا: لو أنّكم تراجعون من التفاسير: تفسير الثعلبي، تفسير الطبري، وأسباب‏ النزول للواحدي، وتفسير الفخر الرازي، وتفسير البغوي، وتفسير النسفي، وتفسير القرطبي، وتفسير أبي السعود، وتفسير الشوكاني، وتفسير ابن كثير، وتفسير الآلوسي، والدر المنثور للسيوطي ....لرأيتم أنهم كلّهم ينقلون هذا الخبر، بعضهم يروي بالسند، وبعضهم يرسل الخبر إرسال المسلّم«13»، وكأنّ هؤلاء كلّهم ليسوا من هذه الأُمّة!!وعلى‏ كلّ حال، فالقضيّة لا تقبل أيّ شك وأيّ مناقشة من جهة السند، ومن ناحية شأن النزول، وبهذا ينتهي بحثنا عن الجهة الأُولى‏.

الجهة الثانية: وجه الإستدلال بالآية المباركة على‏ الإمامة

ووجه الإستدلال يتوقّف على‏ بيان مفردات الآية المباركة: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ».فكلمة «إِنَّما» تدلّ على‏ الحصر، لم ينكر أحد منهم دلالة إنّما على‏ الحصر.«وَلِيُّكُمُ» هذه الولاية بأيّ معنى‏؟

معنى‏ الولاية:

الولاية: مشترك، إمّا مشترك معنوي، وإمّا مشترك لفظي، نحن نعتقد بالدرجة الأُولى‏ أن تكون «الولاية» مشتركاً معنويّاً، فمعنى‏ الولاية إذا قيل: فلان وليّ فلان، أي فلان هو القائم بأمر فلان، فلان ولي هذه الصغيرة، أي‏ القائم بشؤون هذه الصغيرة، فلان وليّ الأمر أي‏ القائم بشؤون هذا الأمر، ولذا يقال للسّلطان: ولي.هذا المعنى‏ هو واقع معنى‏ الولاية.ونجد هذا المعنى‏ في جميع موارد استعمال لفظ الولاية ومشتقّاته، مثلًا:الصديق وليّ، الجار وليّ، الحليف وليّ، الأب وليّ، اللَّه وليّ، ورسوله وليّ، وهكذا في الموارد الأُخرى‏ من الأولياء. فإنّ المعنى الذي ذكرناهموجود في جميع الموارد، وهو القيام بالأمر.هذا هو معنى‏ الولاية على‏ ضوء كلمات علماء اللغة، فلو تراجعون كتب اللغة«14» تجدون أنّ هذه الكلمة يذكرون لها هذا المعنى‏ الأساسي، وهذا المعنى‏ موجود في جميع تلك الموارد المتعددة مثلًا: الجار له الولاية أي‏ الجار له الأولويّة في أن يقوم بأمور جاره، يعني لو أنّ مشكلة حدثت لشخص، فأقرب الناس في مساعدته في تلك المشكلة والقيام بشؤون ذلك الشخص هو جاره، هذا حقّ الجوار، مثلًا الحليف كذلك، مثلًا الناصر أو الأخ، هذه كلّها، لكن المعنى‏ الوحداني الموجود في جميع هذه الموارد هو القيام بالأمر.هذا بناء على‏ أن تكون الولاية مشتركاً معنويّاً.وأمّا إذا جعلنا الولاية مشتركاً لفظيّاً، فمعنى‏ ذلك أن يكون هناك مصاديق متعدّدة ومعاني متعدّدة للّفظ الواحد، مثل كلمة العين، فهي مشترك لفظي، ويشترك في هذا: العين الجارية،والعين الباصرة، وعين الشمس، وغير ذلك.فالإشتراك ينقسم إلى‏ إشتراك معنوي وإشتراك لفظي، وفي الدرجة الأُولى‏ نستظهر أن تكون الولاية مشتركاً معنوياً، وعلى‏ فرض كون المراد من الولاية هو المعنى‏ المشترك بالاشتراك اللفظي، فيكون من معاني لفظ الولاية: الأحقيّة بالأمر، الأولويّة بالأمر، فهذا يكون من جملة معاني لفظ الولاية، وحينئذ، فلتعيين هذا المعنى‏ نحتاج إلى‏ قرينة معيّنة، كسائر الألفاظ المشتركة بالإشتراك اللفظي.وحينئذ لو رجعنا إلى‏ القرائن الموجودة في مثل هذا المورد، لرأينا أنّ القرائن الحاليّة والقرائن اللفظيّة، وبعبارة أُخرى‏ القرائن المقاميّة والقرائن اللفظيّة، كلّها تدلّ على‏ أنّ المراد من الولاية في هذه الآية هو المعنى‏ الذي تقصده الإماميّة، وهو الأولويّة والأحقيّة بالأمر.ومن جملة القرائن اللّفظيّة نفس الروايات الواردة في هذا المورد.يقول الفضل ابن روزبهان في ردّه«15» على‏ العلّامة الحلّي رحمة اللَّه عليه: إنّ القرائن تدلّ على‏ أنّ المراد من الولاية هنا النصرة، فـ«إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا»، أي‏ إنّما ناصركم اللَّه ورسوله والذين يقيمون الصلاة. إلى‏ آخر الآية المباركة.فابن روزبهان يجعل الولاية بمعنى‏ النصرة، والنصرة أحد معاني لفظ الولاية كما في الكتب اللغويّة«16»، لكن الروايات الواردة في القضيّة تنفي أن يكون المراد من الولاية هنا النصرة.مثلًا: هذه الرواية - وهي موجودة في [تفسير] الفخر الرازي«17»، وتفسير الثعلبي«18»، وفي كتب أُخرى‏«19»-: أنّ النبيّ (صلّى اللَّه عليه وآله) لمّا علم بأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه للسائل، تضرّع إلى اللَّه وقال: «اللهمّ إنّ أخي موسى‏ سألك قال: «رَبِّ اشْرَحْ لي صَدْري* وَيَسِّرْ لي أَمْري* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِساني* يَفْقَهُوا قَوْلي وَاجْعَلْ لي وَزيرًا مِنْ أَهْلي* هارُونَ أَخي* اشْدُدْ بِهِ أَزْري* وَأَشْرِكْهُ في أَمْري* كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثيرًا* وَنَذْكُرَكَ كَثيرًا* إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصيرًا» فأوحيت إليه: «قَدْ أُوتيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى‏»«20»، اللهمّ وإنّي عبدك ونبيّك فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً أُشدد به ظهري ...» قال أبو ذر: فواللَّه ما استتمّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه وآله) الكلمة حتّى‏ هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآية: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» إلى‏ آخر الآية.فهل يرتضي عاقل فاهم له أدنى‏ إلمام بالقضايا، وباللّغة، وبأُسلوب القرآن، وبالقضايا الواردة عن رسول اللَّه، هل يعقل حمل الولاية في هذه الآية مع هذه القرائن على النصرة؟ بأن يكون رسول اللَّه يطلب من اللَّه سبحانه وتعالى‏ أن يعلن إلى‏ الملأ، إلى‏ الناس، بأنّ عليّاً ناصركم، فيتضرّع رسول اللَّه بهذا التضرّع إلى‏ اللَّه سبحانه وتعالى‏ في هذا المورد، فيطلب من اللَّه نزول آية تفيد بأنّ عليّاً ناصر المؤمنين؟ وهل كان من شك في كون عليّاً ناصراً للمؤمنين حتّى‏ يتضرّع رسول اللَّه في هذا المورد، مع هذه القرائن، وبهذا الشكل من التضرّع إلى‏ اللَّه سبحانه وتعالى‏، وقبل أن يستتمّ رسول اللَّه كلامه تنزل الآية من قبل اللَّه «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا» أي‏ إنّما ناصركم اللَّه ورسوله والذين آمنوا إلى‏ آخر الآية؟ هل يعقل أن يكون المراد من «وَلِيُّكُمُ» أي ‏ناصركم في هذه الآية مع هذه القرائن؟إذن، لو أصبحت «الولاية» مشتركاً لفظيّاً، وكنّا نحتاج إلى‏ القرائن المعيّنة للمعنى‏ المراد، فالقرائن الحاليّة والقرائن اللفظيّة كلّها تعيّن معنى‏ واحداً وهو:الأولويّة، فالأولويّة الثابتة للَّه وللرسول ثابتة للذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة يؤتون الزكاة وهم راكعون.إذن، عرفنا معنى‏ «إنّما» ومعنى‏ «الولاية» في هذه الآية.ثمّ الواو في «وَالَّذينَ آمَنُوا» هذه الواو عاطفة، وأمّا الواو التي في «وَهُمْ راكِعُونَ» هذه الواو حاليّة أي‏ في حال الركوع.حينئذ، يتّم الإستدلال، إنّما وليّكم أي‏ إنّما الأولى‏ بكم: اللَّه ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.وإذن، فقد تمّ بيان شأن نزول الآية المباركة، وتمّ بيان وجه الإستدلال بالآية المباركة بالنظر إلى‏ مفرداتها واحدة واحدة.

الجهة الثالثة: الاعتراضات والمناقشات‏

وحينئذ، يأتي دور الاعتراضات، أمّا اعتراض ابن تيميّة، فقد عرفتم أنّه ليس باعتراض وإنّما هو افتراء، لا على‏ الإماميّة فقط، وإنّما افتراء على‏ عموم المفسّرين والمحدّثين من أهل السنّة أيضاً، هو افتراء على‏ المتكلّمين من كبار علماء طائفته، وهذا ديدن هذا الرجل في كتابه، وقد تتبّعت كتابه من أوّله إلى‏ آخره، واستخرجت منه النقاط التي لو اطّلعتم عليها لأيّدتم من قال بكفر هذا الرجل، لا بكفره فقط بل بكفر من سمّاه بشيخ الإسلام«21».وتبقى‏ الاعتراضات الأُخرى‏:

الاعتراض الأوّل: هو الاعتراض في معنى‏ الولاية، وقد ذكرناه.وذكرنا أنّ قائله هو الفضل ابن روزبهان الذي ردّ على العلّامة الحلّي بكتابه [إبطال الباطل‏]، والذي ردّ عليه السيّد القاضي نور اللَّه التستري بكتاب [إحقاق الحق‏]«22»، وأيضاً ردّ عليه الشيخ المظفر في كتاب [دلائل الصدق‏]«23».الاعتراض الثاني: احتمال أن تكون الواو في «وَهُمْ راكِعُونَ» عاطفة 3333لا حاليّة، وحينئذ يسقط الاستدلال، لأنّا نقول: إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، والاستدلال يتوقّف على‏ أن تكون الواو هذه حاليّة، فالذي أعطى‏ الخاتم، إعطاؤه كان حال كونه راكعاً، وهو علي (عليه السّلام)، أمّا لو كانت الواو عاطفة يكون معنى‏ «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ» أي ‏هم يركعون، يؤتون الزكاة ويصلّون ويركعون، إذن، لا علاقة للآية المباركة بالقضيّة، فهذا الإحتمال إنْ تمّ سقط الإستدلال.لكنّ هذا الاحتمال يندفع بمجرّد نظرة سريعة إلى‏ الروايات الواردة في القضيّة، كالروايات الواردة في كتاب [الدر المنثور]، فهيصريحة في كون الواو هذه حالّية ....ففي هذا الكتاب - وغيره من المصادر- عدّة روايات رويت بلفظ: «تصدّق علي وهو راكع»«24».فالرسول (صلّى اللَّه عليه وآله) يسأل السائل: على‏ أيّ حال أعطاكه؟ يقول:أعطاني وهو راكع، فالواو حاليّة، ولا مجال لهذا الإشكال.

الاعتراض الثالث:هذا الاعتراض فيه أُمور:

الأمر الأوّل: من أين كان لعلي ذلك الخاتم؟ من أين حصل عليه؟

الأمر الثاني: ما قيمة هذا الخاتم، وبأيّ ثمن كان يسوى‏ في ذلك الوقت؟

ولا يستحقّ شي‏ء من هذا القبيل من الاعتراض أن ينظر إليه ويبحث عنه.

نعم يبقى‏:الأمر الثالث: وله وجه مّا، وهو أنّه يفترض أن يكون علي (عليه السّلام) في حال الصلاة منشغلًا باللَّه سبحانه وتعالى‏، منصرفاً عن هذا العالم، ولذا عندنا في بعض الروايات أنّه لمّا أُصيب في بعض الحروب بسهم في رجله، وأُريد إخراج ذلك السهم، قيل: انتظروا ليقف إلى‏ الصلاة«25»، وأخرجوا السهم من رجله وهو في حال الصلاة، لأنه حينئذ لا يشعر بالألم، المفترض أن يكون أمير المؤمنين هكذا، ففي أثناء الصلاة وهو مشغول باللَّه سبحانه وتعالى‏ كيف يسمع صوت السائل؟وكيف يلتفت إليه؟ وكيف يشير إليه ويومي بالتقدم نحوه، ثمّ يرسل يده ليخرج الخاتم من أصبعه؟ وهذا كلّه انشغال بأُمور دنيويّة، وعدول عن التكلّم مع اللَّه سبحانه وتعالى‏، والإشتغال بذلك العالم.هذا الإشكال قد يسمّى‏ بالإشكال العرفاني، لأنّ الإشكال السابق مثلًا، حيث أرادوا جعل الواو عاطفة لا حاليّة، إشكال نحوي، فلنسمّ هذا الإشكال بالإشكال العرفاني، فاللَّه سبحانه وتعالى‏ عندما يخاطب أمير المؤمنين في الصلاة وعلي يخاطبه، فهو منشغل باللَّه سبحانه وتعالى‏، كيف يلتفت إلى‏ هذا العالم؟

والجواب:

أوّلًا: لقد عُدّت هذه القضيّة عند اللَّه ورسوله وسائر المؤمنين من مناقب أمير المؤمنين، فلو كان لهذا الإشكال أدنى‏ مجال لمّا عُدّ فعله من مناقبه.

وثانياً: هذا الإلتفات لم يكن من أمير المؤمنين إلى‏ أمر دنيوي، وإنّما كانت عبادة في ضمن عبادة. ولعلّ الأفضل والأولى‏ أنْ نرجع إلى‏ أهل السنّة أنفسهم بل كبار أهل السنة الذين لهم ذوق عرفاني لنرى ماذا يقولون:يقول الآلوسي«26»: قد سُئل ابن الجوزي«27» هذا السؤال، فأجاب بشعرٍ عرفاني في نفس ذلك العالم، يقول فيه:يسقي ويشربُ لا تلهيه سكرتهُ عن النديم ولا يلهو عن الناسِ‏أطاعَهُ سُكرُهُ حتّى‏ تمكّن من فعلِ الصحاةِ فهذا واحدُ الناسِ‏هذا شعر ابن الجوزي الحنبلي، الذي نعتقد بأنّه متعصّب، لأنّه في كثير من الموارد نرى‏ ابن تيميّة والفضل ابن روز بهان وأمثالهما يعتمدون على‏ كتبه في ردّ فضائل أمير المؤمنين ومناقبه، أمّا في مثل هذا المورد، فإنه يجيب عن السؤال بالشعر المذكور.أمير المؤمنين (عليه السّلام) جمعت في صفاته الأضداد، هذا موجود في حال أمير المؤمنين، وإلّا لم يكن واحد الناس، وإلّا لم يكن متفرّداً بفضائله ومناقبه، وإلّا لم يكن وصيّاً لرسول اللَّه، وإلّا لم يكن كفواً للزهراء البتول بضعة رسول اللَّه، وإلى‏ آخره.فحينئذ هذا الإشكال أيضاً ممّا لا يرتضيه أحدٌ في حقّ أمير المؤمنين، بأن يقال: إنّ عليّاً انصرف في أثناء صلاته إلى‏ أمر دنيوي.نعم، وجدت في كتب أصحابنا - ولم أجد حتّى‏ الآن هذه الرواية في كتب غير أصحابنا -: عن عمر بن الخطّاب أنّه قال: تصدّقت بخاتمي أربعين مرّة ولم تنزل‏ في حقّي آية.

وثالثاً: لقد أخرج أهل السنّة بالأسانيد الصحيحة عندهم: أن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه وآله) خرج إلى الصّلاة وعلى عاتقه امامة ابنة بنته زينب، فكان إذا سجد وضعها على الأرض فإذا قام أخذها ووضعها على عاتقه... وهكذا إلى أن فرغ من الصّلاة«28».فلو كان إعطاء علي (عليه السلام) الخاتم للسائل ينافي الصّلاة، فهذا الفعل من النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) مناف لها بالأولويّة!إذن، هذا الاعتراض أيضاً لا مجال له.الاعتراض الرابع: وهو الاعتراض المهم الذي له وجه علميّ، قالوا: بأنّ عليّاً مفرد، ولماذا جاءت الألفاظ بصيغة الجمع: «وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ»؟هذا الإشكال له وجه، ولا يختصّ هذا الإشكال والاعتراض بهذه الآية، عندنا آيات أخرى‏ أيضاً، من ذلك: آية المباهلة التي فسّرناها من قبل، فإنها أيضاً بصيغة الجمع «وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ»، إلّا أنّ رسول اللَّه جاء بعلي فقط، وجاء بفاطمة والحال أنّ اللفظ لفظ جمع «وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ».هذا الاعتراض يأتي في كثير من الموارد التي تقع مورد الاستدلال، وفي سائر البحوث العلمية المختلفة لا في بحث الإمامة فقط.الزمخشري الذي هو من كبار علماء العامّة، وليس من أصحابنا الإماميّة، صاحب [الكشّاف‏] وغيره من الكتب الكثيرة في العلوم المختلفة، يجيب عن هذا الإشكال، ومن المعلوم أنّ الكشاف هو تفسير للقرآن من الناحيّة الأدبيّة والبلاغيّة، وهذه هي ميزة هذا الكتاب بالنسبة إلى تفاسير القرآن، كما هو معروف عند أهل الخبرة.يجيب الزمخشري عن هذا بما ملخّصه: أنّ الفائدة في مجي‏ء اللّفظ بصيغة الجمع في مثل هذه الموارد هو ترغيب الناس في مثل فعل أمير المؤمنين، لينبّه أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على‏ هذا الحدّ من الحرص على‏ الإحسان إلى‏ الفقراء والمساكين، لابدّ وأن يكونوا حريصين على‏ مساعدة الفقراء وإعانة المساكين، حتّى‏ في أثناء الصلاة، وهذا شي‏ء مطلوب من عموم المؤمنين، ولذا جاءت الآية بصيغة الجمع. هذا جواب الزمخشري«29».فإذن، لا يوافق الزمخشري على‏ هذا الاعتراض، بل يجيب عنه بوجه يرتضيه هو ويرتضيه كثير من علماء الفريقين. ولكن، لو لم نرتض هذا الوجه ولم نوافق عليه، فقد وجدنا في القرآن الكريم وفي السنّة النبويّة الثابتة الصحيحة، وفي الإستعمالات العربيّة الصحيحة الفصيحة: أنّ اللفظ يأتي بصيغة الجمع والمقصود شخص واحد، وكثير من هذا الإستعمال موجود في القرآن وفي السنّة وفي الموارد الأُخرى‏.مضافاً إلى‏ جواب يجيب به غير واحد من العلماء الكبار«30»: أنّه في مثل هذا المورد أراد اللَّه سبحانه وتعالى‏ أن يعظّم هذه الفضيلة أو هذا الفعل من علي، فجاء بلفظ الجمع إكراماً لعلي ولما فعله في هذه القضيّة.وتبقى‏ نظرية أُخرى‏، اختارها السيّد شرف الدين رحمة اللَّه عليه أيضاً وجعلها جواباً للسؤال المذكور، وملخّص كلامه أنه: لو جاءت الآية الكريمة بصيغة المفرد، لبادر أعداء أمير المؤمنين من المنافقين إلى‏ التصرّف في القرآن الكريم وتحريف آياته المباركات عداءً لأمير المؤمنين، لا سيّما وإنّها ليست هذه الآية وحدها بل هناك آيات أُخرى‏ أيضاً جاءت بصيغة الجمع، والمراد فيها علي فقط، فلو جاءت بصيغة المفرد وقع التحريف في القرآن من المعاندين لأمير المؤمنين وسقط عن الحجية، وتلك مفسدة كبيرة جداً.إنّه في مثل هذه الحالة يكون حفظ القرآن من التلاعب أهم، فجاءت الآية على نحو الكناية وهي أبلغ من التصريح، من أن بصيغة الجمع يأتي اللفظ بصيغة المفرد: والذي آمن وصلّى‏ وتصدّق بخاتمه في الصلاة في الركوع أو آتى‏ الزكاة وهو راكع هو علي، لكن اللفظ وإن لم يكن صريحاً باسمه إلّا أنّه أدل على‏ المطلوب من التصريح«31».ويؤيّد هذا الوجه رواية واردة عن إمامنا الصادق (عليه السّلام)«32» بسند معتبر، يقول الراوي للإمام ما معناه: لماذا لم يأت اسم علي في القرآن بصراحة؟ فأجاب الإمام (عليه السّلام): لو جاء اسمه بصراحة وبكلّ وضوح في القرآن الكريم، لحذف المنافقون اسمه ووقع التصرّف في القرآن، وقد شاء اللَّه سبحانه وتعالى‏ أن يحفظ القرآن «وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ»«33».وهذه وجوه تذكر جواباً عن السؤال: لماذا جاءت الكلمة أو الكلمات بصيغة الجمع؟ولعلّ أوفق الوجوه في أنظار عموم الناس وأقربها إلى‏ الفهم: أنّ هذا الإستعمال له نظائر كثيرة في القرآن الكريم، وفي السنّة النبويّة، وفي الإستعمالات الصحيحة الفصيحة، حيث جاءت الألفاظ بصيغة الجمع لكن المراد واحد أو اثنان، ثم إن الروايات المعتبرة المتّفق عليها دلّت على‏ أنّ المراد هنا خصوص علي (عليه السّلام).إذن، فمجئ اللفظ بصيغة الجمع لابدّ وأن يكون لنكتة، تلك النكتة ذكرها الزمخشري بشكل، والطبرسي بنحو آخر، والسيد شرف الدين بنحو ثالث، وهكذا.وإذا راجعتم كتاب [الغدير]«34» لوجدتم الشيخ الأميني رحمة اللَّه عليه يذكر قسماً من الآيات التي جاءت بصيغة الجمع وأُريد منها الشخص الواحد، ويذكر الروايات والمصادر التي يستند إليها في شأن نزول تلك الآيات الواردة بصيغة الجمع والمراد منها المفرد.فإذن، لا غرابة في هذه الجهة.وكانت تلك عمدة الاعتراضات المطروحة حول هذه الآية المباركة.إذن، بيّنّا شأن نزول الآية، وبيّنّا وجه الاستدلال بالآية، وتعرّضنا لعمدة المناقشات في هذا الاستدلال، وحينئذ لا يبقى‏ شي‏ء آخر نحتاج إلى‏ ذكره.نعم، هناك بعض الأحاديث أيضاً - كما أشرت من قبل - هي مؤيّدة لاستدلالنا بهذه الآية المباركة على‏ إمامة أمير المؤمنين، منهاحديث الغدير، ومنها حديث الولاية .فحينئذ، لا أظنّ أنّ الباحث الحر المنصف يبقى‏ متردّداً في قبول استدلال أصحابنا بالآية المباركة على‏ إمامة أمير المؤمنين، فتكون الآية من جملة أدلّة إمامته‏ عن طريق ثبوت الأولويّة له، تلك الأولويّة الثابتة للَّه ولرسوله، فيكون علي وليّاً للمؤمنين، كما أنّ النبي وليّ المؤمنين، و هذه المنقبة والفضيلة لم تثبت لغير علي، وليس لأبي بكر مثل هذه المنقبة والمنزلة عند اللَّه ورسوله.

وصلّى‏ اللَّه على‏ محمّد وآله الطاهرين.

( 1) سورة المائدة( 5): 55.

( 2) المواقف في علم الكلام 3/ 601- 602.

( 3) شرح المواقف في علم الكلام 8/ 360.

( 4) شرح المقاصد 5/ 270.

( 5) كشف الظنون 2/ 1780

( 6) شرح التجريد للقوشجي: 368.

( 7) منهاج السنّة 7/ 13.

( 8) روح المعاني في تفسير القرآن 6/ 167.

( 9) تفسير ابن كثير 2/ 74.

( 10) تفسير ابن أبي حاتم( تفسير القرآن العظيم) 4/ 1162.

( 11) روح المعاني 6/ 168.

( 12) منهاج السنّة 2/ 30

( 13) تفسير الثعلبي( الكشف والبيان) 4/ 80، تفسير ابن أبي حاتم 4/ 1162، تفسير الطبري 6/ 186، تفسير السمعاني 2/ 47، أسباب النزول 147- 148، تفسير العز الدمشقي 1/ 393، تفسير ابن كثير 2/ 73- 74، تفسير الزمخشري 1/ 624، الدرّ المنثور 3/ 105، تفسير الرازي 12/ 26، تفسير النسفي( مدارك التنزيل) 1/ 328، وراجع من كتب الحديث مثلًا: جامع الأصول 9/ 478، المعجم الأوسط 6/ 218، تاريخ مدينة دمشق 42/ 356.

( 14) الصحاح 6/ 2530.، لسان العرب 15/ 406، تاج العروس 10/ 399، في مادة« ولي».

( 15) أنظر: إحقاق الحقّ 2/ 408.

( 16) المصدر.

( 17) تفسير الرازي 12/ 265.

( 18) تفسير الثعلبي 4/ 80.

( 19) شواهد التنزيل 1/ 230، نظم درر السمطين: 87.

( 20) سورة طه( 20): 25- 36.

( 21) أنظر: كشف الظنون 1/ 220 و 338.

( 22) إحقاق الحق 2/ 408.

( 23) دلائل الصدق 4/ 299.

( 24) تفسير ابن أبي حاتم 4/ 1162.

( 25) احقاق الحق 8/ 602.

( 26) روح المعاني 6/ 169.

( 27) ابن الجوزي هذا جدّ سبط ابن الجوزي، وإنّما نبّهنا على‏ هذا، لأنّه قد يقع اشتباه بين ابن الجوزي وسبط ابن الجوزي، فالمراد هنا: أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي الحافظ، صاحب المؤلّفات الكثيرة، المتوفى سنة 597 ه.

( 28) صحيح مسلم 3/ 73، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة.

( 29) تفسير الزمخشري 1/ 624.

( 30) تفسير الفخر الرازي 12/ 28، دلائل الصدق 4/ 312.

( 31) المراجعات: 379، دلائل الصدق 4/ 312.

( 32) الكافي 1/ 386.

( 33) سورة الحجر( 15): 9.

( 34) الغدير 3/ 163.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/07   ||   القرّاء : 3037



البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 كيف تأخذون دينكم عن الصحابة واغلبهم مرتدون ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الامامة في ولد الحسين لا الحسن اقصاء له ؟

 ردّ شبهة ان علي خان الامانة بعد ستة اشهر من رحيل رسول الله ؟؟؟.

 ردّ شبهة ان الحسن بايع معاوية وتنازل له عن الخلافة ؟؟.

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 فضائل مسروقة وحق مغتصب وتناقض واضح

 أعتراف الألباني بصحة حديث الحوأب

 الجزاء الشديد لمن نقض العهد الأكيد ؟؟؟

 حديث الثقلين وبعض الحقائق الكامنة

 حديث الغدير/ وكفر من لا يأخذ بكلام رسول الله بحكم ابن باز؟؟

ملفات عشوائية :



 من هم المتوسل بهم عند المسلمين؟

 لماذا لم يفدي الله البشر في عهد آدم؟

 هل خرجت عائشة للاصلاح؟

 التحريف في انجيل يوحنا

 الى من يقول بنسخ التلاوة:لماذا عمر وعائشة لا يعلمان بنسخ الايات

 مالدليل على استمرار الامامة بعد إبراهيم في عقب الحسين؟

 نقد روايات حادثة الصلب

  حتى العلمانيين المتشددين متعصبون للشيخين !

 الرد على ابن حجر في استغرابه من حديث انا المنذر وعلي الهاد

 تَنَقُّل مركز التعصب الأموي ضد الشيعة

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 24

  • الأقسام الفرعية : 90

  • عدد المواضيع : 841

  • التصفحات : 2343747

  • التاريخ :

Footer