• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : ردودنا التاريخية على فرق المسلمين .
              • القسم الفرعي : في عهد الرسول(ص) .
                    • الموضوع : الرد على مزعمة شرب امير المؤمنين (عليه السلام) الخمر .

الرد على مزعمة شرب امير المؤمنين (عليه السلام) الخمر

بسم الله الرحمن الرحيم

 

في إحدى المجلات هنالك مقال تحت عنوان: الدين للحياة، ألا لا يقربن الصلاة سكران.
روى الترمذي بسنده عن علي بن أبي طالب... قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً فدعانا وسقانا من الخمر.. فأخذت الخمر منا..وحضرت الصلاة.. فقدموني فقرأت على سبيل الخطأ (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون) ولذلك كان منادي رسول الله ينادي إذا أقيمت الصلاة: ألا لا يقربن الصلاة سكران... إنتهى كلام المعد، وبعد هذه الفقرة يتطرق إلى قضية تحريم الخمر حتى يصل إلى هذه الفقرة.. طلب عمر بن الخطاب الذي حين قرئت عليه آية البقرة تمنى أن ينزل القرآن بتحريم الخمر فتوجه إلى الله قائلاً: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً..فنزلت الآية من سورة النساء: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون...).
والرواية تظهر شرب امير المؤمنين (عليه السلام) الخمر والعياذ بالله؟
الجواب:
في الجواب نضع عدة نقاط ونذكر بعض المطالب:
1- قال الحاكم في كتابه: ... عن أبي عبد الرحمن عن علي (رضي الله عنه) قال : (ثم دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر, فحضرت صلاة المغرب, فتقدم رجل فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فالتبس عليه, فنزلت: (ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه, وفي هذا الحديث فائدة كثيرة, وهي: أن الخوارج تنسب هذا السكر وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب دون غيره, وقد برأه الله منها(1).
2- الروايات المروية حول هذه الواقعة فيها العديد من التنافي والتناقض! ففي بعضها الذي صنع الطعام هو عبد الرحمن بن عوف، وفي بعضها علي! وفي بعضها رجل من الأنصار. وفي بعضها أن الذي صلى بهم إماماً عبد الرحمن بن عوف, وفي بعضها علي! وفي بعضها فلان. وفي بعضها أن الذي قرأ في الصلاة قرأ: (قل يا أيها الكافرون) إلى آخرها، ثم قال: ليس لي دين وليس لكم دين, وفي بعضها أنه قرأ: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون, وفي بعضها: قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون, وفي بعضها: ونحن عابدون ما عبدتم... وفي بعضها أن الحاضرين كانوا ثلاثة أشخاص: علي وعبد الرحمن بن عوف ورجل من الأنصار, وفي بعضها كانوا خمسة أشخاص: أبو بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد.
3- عند المحققين أن الخمر قد حرمت في مكة قبل الهجرة, وقال الحلبي الشافعي: (إن الخمر قد حرّمت ثلاث مرات)(2). وروى أحمد ذلك عن أبي هريرة أيضا(3). والمقصود: إن كان أنها قد حرّمت أولاً في مكة في أول البعثة, فلا تصح الرواية, وإن كان المقصود أنها قد حرمت في سورة البقرة ثمّ في سورة النساء النازلتين في أول الهجرة, فان النحّاس يرى أن سورة النساء مكية, وقال علقمة: إن قوله تعالى: (يا أيها الناس...) حيث وقع إنما هو مكي(4).
4- روى القطان في تفسيره عن الحسن البصري قال: إنّ علياً لم يقبل أن يشرب معهم في دار أبي طلحة, بل خرج من بينهم ساخطاً على ما يفعلون. قال الحسن: والله الذي لا إله إلاّ هو ما شربها قبل تحريمها ولا ساعة قط(5).
5- وأخيراً: فان كل ما ذكرناه هو على مباني أهل السنة, وأما على مباني الشيعة, فانه مرفوض عقلاً ونقلاً. وذلك بالاستدلال بآية التطهير على العصمة وبآيات كثيرة وأحاديث متواترة على الإمامة الالهية, والأحاديث المروية من طرق أهل البيت (عليهم السلام) بأن الإمام معصوم من اليوم الأول الذي يولد فيه وإلى أن يفارق الحياة, وأنّ فطرة الإنسان وعقله يأبيان أن يقبلا إمامة إمام ويقلداه أمر الدين والدنيا وهو في زمان ما كان قد شرب الخمر أو إرتكب من أمثال هذه المعاصي حيث تشمله الآية الكريمة : (لا ينال عهدي الظالمين)(6). فصلوات ربي وسلامه على رسول الله وعلى الأئمة النجباء الميامين المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. ولعنة الله على أعدائهم وغاصبي حقوقهم و المفترين عليهم الذين يعدّون من النواصب بلا شك، (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون)(7).

والشبهة المتقدمة هي مما يراه ابن تيميّة  فانه يرى أن آية (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) نزلت في جماعة منهم علي (عليه السلام)(8).
لقد اعتمد ابن تيميّة في رأيه هذا على رواية رواها الترمذي بإسناده عن أبي عبد الرحمن السلمي, وفيه غير واحد من المجروحين لاسيّما السلمي, فقد نصّوا على كونه عثمانيا(9). هذا ولقد أخرجه إلى الحاكم وصحّحه, ووافقه الذهبي, عن طريق أحمد بن حنبل عن علي (عليه السلام) قال: دعانا رجل من الأنصار- قبل أن تحرم الخمر- فتقّدم الرجل فصلّى بهم المغرب, فقرأ (يا أيها الكافرون) فلتبس عليه فيما نزلت (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى).
قال الحاكم والذهبي: في هذا الحديث فوائد كثيرة, وهي أن الخوارج تنسب هذا السكر وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب دون غيره وقد برّاه الله منها, فاّنه روى هذا الحديث(10) صريح كلامهما أن من نسب هذا إلى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) هم (الخوارج), فما بال ابن تيميّة يحتّج بقول الخوارج ويطعن في الإمام (صلوات الله عليه)؟
وممّا يشهد بالكذب الخبر أيضاً روايتهم جزاً آخر في شأن نزول الآية, وهو شرب جماعة من الصحابة, وليس فيه ذكر لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه), بل روى بعضهم كابن مرديه خبراً - نصّ ابن حجر على نظافة سنده - فيه وجود أبي بكر وعمر فيهم(11). ولعلّ هذا هو السرّ في وضع الخوارج ما قرأت.

_____________

(1) المستدرك على الصحيحين, للحاكم: 2/ 336 حديث 3199.

(2) السيرة الحلبية: 2/261.

(3) فتح القدير: 2/75.

(4) الجامع للقرطبي: 5/1.

(5) تفسير نور الثقلين: 1/400, تفسير البرهان: 1/370, مجمع البيان: 3/52.

(6) البقرة: 124.

(7) التوبة:9.

(8) منهاج السنة7: \237.

(9) تذهيب التهذيب الترجمة3380. عبد الله بن حبيب بن ربيعة: 5\164.

(10) المستدرك على الصحيحين, كتاب التفسير, تفسير سورة النساء: الحديث3199, 2\336.

(11) فتح الباري في شرح البخاري كتاب الأشربة: باب نزول تحريم الخمر من البسر والتمر10\40.

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=983
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 9