بسم الله الرحمن الرحيم
من الظواهر الأساسية التي امتاز بها العهد الأموي هو وضع الحديث،وخصوصا في في فضائل بعض الصحابة، و ذم علي وأهل بيته، ولذا نجد أن جملة من المحققين عندما جاءوا إلى هذه القضية قالوا أن عمر بن عبد العزيز حاول أن يرفع كثيراً من البدع التي وقعت في زمن آبائه وأجداده، يعني في زمن بني أمية، كما يقول أحد المحققين المعاصرين ففي كتاب(شذرات الذهب في أخبار من ذهب) لابن العماد الحنبلي، تحقيق عبد القادر الأرنؤوط ومحمود الأرنؤوط، دمشق، دار ابن كثير، يقول المحقق في الحاشية: (ومن أهم تلك المكارم- مكارم عمر بن عبد العزيز-أنه منع الكثير من البدع التي كانت سائدة في عصور من سبقه من خلفاء بني أمية ولو لم يكن له من المكارم سوى الأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف لكفاه فخراً) (1) وهذا يكشف عن أنه إلى سنة 100هـ الحديث النبوي لم يكن يدون، إذن الباب مفتوح على مصراعيه لوضاعي الحديث لأنه لا يوجد هناك مرجع حتى يرجع إليه وكل يقول سمعت من التابعي، سمعت من الصحابي، ويضع سنداً ويضع رواية كما يشاء.هذه الحقيقة بنحو واضح أشار إليها ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة حاكيا عن امر معاوية الناس في تاليف احاديث تمدح الصحابة وتذم عليا بن ابي طالب (عليه السلام ) فيقول ان الرواية في عثمان كثيرة فيكفي ما الف فيه والان الفوا في الصحابة فقال : (بعد أن أمرهم بأن يفشوا حتى أكثروا من فضائل عثمان ومناقبه ... ثم كتب إلى عماله أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة فإن هذا أحب إلي وأقر لعيني وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضائله.فقرأت كتبه على الناس فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر وألقي إلى معلمي الكتب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن وحتى علموه نساءهم وخدمهم وحشمهم فلبثوا بذلك ما شاء الله فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة) (2) ولنذكر نماذج من الروايات التي وضعت في مدح الصحابة وقد الفت في قبال روايات فضائل علي بن ابي طالب:
1-في (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) للإمام الذهبي ، يقول: (عن محمد علي بن الحسن بن علي الشاعر عن محمد بن جرير الطبري بخبر كذب هو المتهم به ومتنه أبو بكر مني بمنزلة هارون من موسى).(3)
2-المورد الثاني يقول الذهبي في نفس المصدر: (زاد فيه وأبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى، قلت) الذهبي (هذا كذب) (4)
3-المورد الثالث في ترجمة قزعة بن سويد بن حجير الباهلي البصري، قال: (وله حديث منكر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعاً لو كنت متخذا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن الله اتخذ صاحبكم خليلاً أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى، رواه غير واحد عن ابن قزعة) وهو حديث منكر كما يعبر عنه.(5)
4-وشاهد آخر وحديث آخر نحن نعلم أنه من أهم الأحاديث التي وردت في علي (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) يقول الذهبي في (سير أعلام النبلاء) للذهبي قال: (عن جابر مرفوعاً لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن ولا يحبهما منافق، معلى) راوي الخبر (ترك، فخبره متروك) (6).
والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج1، ص70.
(2) شرح نهج البلاغة، ذيل الخطبة 203) دار الكتب العلمية.
(3) ميزان الاعتدال في نقد الرجال، ج3، ص133، رقم الترجمة 5522 للإمام الذهبي، تحقيق محمد بركات، الرسالة العالمية.
(4) نفس المصدر، ص181.
(5) نفس المصدرفي ،ص387.
(6) سير اعلام النبلاء، ج16.
|