بسم الله الرحمن الرحيم
بعد عَودة الموتى إلى الحَياة، وحَشْرِهمْ ونَشْرِهِمْ، تتحقَّق عدةُ أُمور قبلَ دُخولِ الجنة أو النار، أخبر بها القرآنُ الكريمُ، والأحاديثُ الشريفة:
1. محاسَبة النّاس على أعْمالهم بشكلٍ خاصّ، أو بصورٍ معيّنة إحداها إعطاءُ صحيفةِ عملِ كل أحد بيده«1».
2. مضافاً إلى ما هو مُدرَجٌ في صحيفة كل واحد من الصغائر والكبائر، ثمّتَ شهُودٌ من داخلِ الإنسان وخارجه تشهدُ يومَ القيامة بأعمالهِ التي عَمِلَها في العالمِ الدُّنْيويّ.
والشُهود الّذين من الخارج هم عبارةٌ عن اللَّه«2» ونبي كلّ أُمّة«3» ونبيّ الإسلام«4»، والصَفوة الأخيار من الأُمّة«5»، والملائكة«6»، والأرض«7».
وأمّا الشهودُ من داخل الكيانِ البشريّ فهم عبارة عن الأعضاء والجوارح«8»، وتجسّم الأعمال«9» نفسِها.
3. هناكَ لمحاسبة الإنسان على أعماله - مضافاً إلى ما قلناه - ما يُسمّى بـ«موازين العَدل» التي تُقامُ يومَ القيامة، وتضمِن وصولَ كلّ إنسان إلى ما يستحقه من الجزاء على وجهِ الدِقّة كما يقول تعالى: «وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ القيامة فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شيْئاً وإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِها وَكَفَى بِنَا حاسِبين»«10».
4. ويُستفاد من الأحاديث الشريفة أنّ هناك - يومَ القيامة - ممرّاً يجبُ أن يعبر منه الجميعُ بلا استثناء.
وهذا الممرّ يُعبّر عنهُ في الروايات بالصراط، وقد ذهبَ المفسرون إلى أنّ الآيات 71- 72 من سورة مريم ناظرة إليه«11».
5. هناكَ حائلٌ بين أهل الجنّة وأهل النار أسماه القرآنُ الكريم بـ(الحجاب) كما أنّه يقف شخصياتٌ رفيعةُ المستوى على مكانٍ مرتفعٍ يعرفون كلّاً مِن أهلِ الجنّة وأهلِ النارِ بسيماهُم كما يقولُ سبحانه: «وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعرافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلَّاً بِسِيماهُمْ»«12».
وهؤلاءُ الشخصيّات العالِية المستوى هم - كما تُصرّح رواياتُنا - الأنبياءُ وأوصياؤهم الكرام البرَرَة.
6. عندما تَنْتهِي عمليّةُ الحساب ويَتّضح مصيرُ الأشخاص يومَ القيامة يعطي اللهُ سبحانه لواءً بيد النبيّ الأكرمِ (محمّد صلى الله عليه و آله و سلم) يُدعى «لواء الحمد» فيتحرّكُ أمامَ أهلِ الجنة، إلى الجنّة«13».
7. أخبَرَتِ الرواياتُ العديدةُ بوجود حوضٍ كبير في المحشر يُعرَف بحوض «الكوثر»، يحضر عنده رسولُ اللَّه (صلى الله عليه و آله و سلم) ويسقى الصالحون من الأُمّة من ماء ذلك الحوض بأيدي النبيّ وأهلِ بيته (عليهم السلام).
__________
(1) لاحظ الإسراء/ 13- 14
(2) لاحظ آل عمران/ 98
(3) لاحظ النحل/ 8
(4) لاحظ النساء/ 41
(5) لاحظ البقرة/ 143
(6) لاحظ ق/ 18
(7) لاحظ الزلزلة/ 4- 5
(8) لاحظ النور/ 24، فُصّلت/ 20- 21
(9) لاحظ التوبة/ 34- 35
(10) الأنبياء/ 47
(11) «وَإِن مِنكُمْ إِلَّا وارِدُهَا كَانَ عَلى رَبّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً* ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَواْ وَنَذَرُ الظَّالِمينَ فِيهَا جِثيّاً»( مريم/ 71- 72)
(12) الأعراف/ 46
(13) بحار الأنوار، ج 8، الباب 18، الأحاديث 1- 12؛ ومسند أحمد 1/ 281، 295 و 3/ 144
|