• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين .
              • القسم الفرعي : في العهد الاموي .
                    • الموضوع : معاوية يحنث العهد ولا يلتزم ببنود وثيقة الصلح .

معاوية يحنث العهد ولا يلتزم ببنود وثيقة الصلح

بسم الله الرحمن الرحيم

 لقد كان من أهمّ بنود المعاهدة بين الإمام الحسن (عليه السلام) ومعاوية: أنْ لا يغتال الحسن والحسين، وأنْ يترك سبّ أمير المؤمنين، وأنْ لا يعهد بالأمر لأحدٍ من بعده، بل يرجع الأمر إلى‏ الإمام الحسن (عليه السلام)..
قال ابن حجر: «وذكر محمّد بن قدامة في كتاب الخوارج بسند قوي إلى‏ أبي بصرة، أنّه سمع الحسن بن عليّ يقول في خطبته عند معاوية: إنّي اشترطت على‏ معاوية لنفسي الخلافة بعده.
وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح إلى‏ الزهري، قال: كاتبَ الحسن بن عليّ معاوية واشترط لنفسه، فوصلت الصحيفة لمعاوية وقد أرسل إلى‏ الحسن يسأله الصلح، ومع الرسول صحيفة بيضاء مختوم على‏ أسفلها، وكتب إليه: أن اشترط ما شئت فهو لك؛ فاشترط الحسن أضعاف ما كان سأل أوّلاً، فلمّا التقيا وبايعه الحسن سأله أن يعطيه ما اشترط في‏السجلّ الذي ختم معاوية في أسفله، فتمسّك معاوية إلّا ما كان الحسن سأله أوّلًا، واحتجّ بأنّه أجاب سؤاله أوّل ما وقف عليه، فاختلفا في ذلك، فلم ينفذ للحسن من الشرطين شي‏ء! وأخرج ابن أبي خيثمة من طريق عبد الله بن شوذب، قال: لمّا قُتل عليٌّ سار الحسن بن عليّ في أهل العراق ومعاوية في أهل الشام فالتقوا، فكره الحسن القتال وبايع معاوية على‏ أن يجعل العهد للحسن من بعده»«1».
ونقل ابن عبد البرّ إجماع العلماء على‏ أنّ الصلح كان على‏ شرط ولاية العهد للإمام الحسن (عليه السلام)، حيث قال: «هذا أصحّ ما قيل في تاريخ عام الجماعة، وعليه أكثر أهل هذه الصناعة، من أهل السير والعلم بالخبر، وكلّ من قال: إنّ الجماعة كانت سنة أربعين، فقد وهم، ولم يقل بعلم، والله أعلم.
ولم يختلفوا أنّ المُغِيْرَة حجَّ عام أربعين على‏ ما ذكر أبو معشر، ولو كان الاجتماع على‏ معاوية قبل ذلك، لم يكن كذلك، والله أعلم.
ولا خلاف بين العلماء أنّ الحسن إنّما سلّم الخلافة لمعاوية حياته لا غير، ثمّ تكون له من بعده، وعلى‏ ذلك انعقد بينهما ما انعقد في ذلك، ورأى‏ الحسن ذلك خيراً من إراقة الدماء في طلبها، وإنْ كان عند نفسه‏ أحقَّ بها»«2».
وفي «ذخائر العقبى‏»: «فأجابه معاوية، إلّا أنّه قال: أمّا عشرة أنفس فلا أُؤمّنُهم! فراجعه الحسن فيهم، فكتب إليه يقول: إنّي قد آليت أنّني متى‏ ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده؛ فراجعه الحسن: إنّي لا أُبايعك أبداً وأنت تطلب قيساً أو غيره بتبعة، قلَّتْ أو كثرت؛ فبعث إليه معاوية حينئذ برقٍّ أبيض وقال: اكتب ما شئت فيه، فأنا ألتزمه! فاصطلحا على‏ ذلك.
واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من بعده، فالتزم ذلك كلّه معاوية، واصطلحا على‏ ذلك»«3».
أمّا ابن عنبة في «عمدة الطالب»، فقال: «وشرط عليه شروطاً إن هو أجابه إليها سلّم إليه الأمر، منها: أنّ له ولاية الأمر بعده، فإن حدث به حدث فللحسين»«4».
لكنّ معاوية نقض العهد، ورفض الالتزام بما كتب ووقّع عليه، حتّى‏ إنّه خاطب أهل الكوفة معترفاً بذلك حين قال:
«يا أهل الكوفة! أتروني قاتلتكم على‏ الصلاة والزكاة والحجّ، وقد علمت أنّكم تصلّون وتزكّون وتحجّون؟! ولكنّي قاتلتكم لأتأمّر عليكم وعلى‏ رقابكم، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون.
ألا إنّ كلّ مال أو دمٍ أُصِيب في هذه الفتنة فمطلول، وكلّ شرطٍ شرطته فتحت قدميّ هاتين».
وهذا من الأخبار الثابتة المروية في المصادر المعتبرة كافّة«5».
ومن هنا وغيره يظهر أنّه إنّما خرج على‏ أمير المؤمنين (عليه السلام) من أجل الرئاسة، وأنّ الطلب بدم عثمان وغير ذلك كذب واضح. وممّا يشهد بذلك أيضاً كلامه مع ابنة عثمان:
قالوا: «فتوجّه إلى‏ دار عثمان بن عفّان، فلمّا دنا إلى‏ باب الدار صاحت عائشة بنت عثمان وندبت أباها، فقال معاوية لمن معه: انصرفوا إلى‏ منازلكم فإنّ لي حاجة في هذه الدار؛ فانصرفوا ودخل، فسكَّن عائشة ابنة عثمان وأمرها بالكفّ وقال لها: يا بنت أخي، إنّ الناس أعطونا سلطاننا فأظهرنا لهم حلماً تحته غضب، وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد، فبعناهم هذا بهذا وباعونا هذا بهذا، فإن أعطيناهم غير ما اشتروا منّا شحّوا علينا بحقّنا وغمطناهم بحقّهم، ومع كلّ إنسان منهم شيعته وهو يرى‏ مكان شيعته، فإن نكثناهم نكثوا بنا، ثمّ لا ندري أتكون لنا الدائرة أم علينا؟ ولأن تكوني ابنة عمّ أمير المؤمنين أحبّ إليّ أن تكوني أمَة من إماء المسلمين، ونعم الخلف أنا لك بعد أبيك «6».

_________________

( 1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 13/ 81 ب 20 ح 7109.

وانظر: سير أعلام النبلاء 3/ 264، وتاريخ دمشق 13/ 261، والاستيعاب 1/ 386، وتهذيب التهذيب 2/ 276، والبداية والنهاية 8/ 13، والإصابة 2/ 72، وتاريخ الخلفاء: 227، وغيرها.

( 2) الاستيعاب 1/ 387.

( 3) ذخائر العقبى‏ في مناقب ذوي القربى‏: 240.

( 4) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 67.

( 5) شرح نهج البلاغة 16/ 14- 15، وانظر: مصنّف ابن أبي شيبة 7/ 251 ح 23، سير أعلام النبلاء 3/ 146، تاريخ دمشق 59/ 150، الإرشاد 2/ 14، البداية والنهاية 8/ 105 حوادث سنة 60، مقاتل الطالبيّين: 77.

( 6) تاريخ دمشق 59/ 154- 155، العقد الفريد 3/ 354، البداية والنهاية 8/ 106- 107 حوادث سنة 60.

 

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=834
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12