بسم الله الرحمن الرحيم
يورد البعض شبهة على كلام الإمام علي (عليه السلام) ويحاول أن يشوش عقيدة محبيه وشيعته من هنا وهناك. ولكن هيهات فعلي الذي شهدت السماء وشهد القرآن بعصمته ونزاهته أجلّ من هذه الشبهات ومن قائليها.
تقول الشبهة: قال الامام امير المؤمنين علي (عليه السلام): " إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والانصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على أتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى، ولعمري يا معاوية لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان، ولتعلمن أني كنت في عزلة عنه إلا ان تتجنى فتجن ما بدا لك والسلام." فها هو علي (عليه السلام) يقر بالشورى فلماذا تخالفوه؟!!(1)
أما الجواب على هذه الشبهة فيقع من وجوه:
الوجه الأول: في مقام الاحتجاج والالزام ليس من الصحيح إلزام الخصم بكلام لا سند له ولا مستند ولا تصحيح فان إلزامنا بالنص المذكور في النهج فرع اقرارنا بما في النهج جميعاً وهو ما لم يصرح به العوام من الشيعة فضلاً عن الخواص.. وانتهت المسألة برمتها. ولكن مع ذلك نقول:
الوجه الثاني: إن عنوان الكتاب في النهج كاف في الرد على هذه الشبهة فقد جاء العنوان كما يلي: (ومن كتاب له (عليه السلام) إلى معاوية) فالمخاطب به والملزم به اذن معاوية ومن يلتزم بمسلكه ونهجه واما من لا يعترف لا بمعاوية ولا بأبيه ولا نهجه فلا.. فهو الزام لمعاوية لا اكثر ولهذا جاء في بعض المصادر الناقلة للخطبة التعبير بــ " لزمتك بيعتي بالمدينة وانت بالشام " كما ورد مثلاً في المناقب للخوارزمي حيث قال ما هذا نصه: " قال رضي الله عنه: " كتب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل نهضته إلى صفين إلى معاوية لأخذ الحجة عليه. أما بعد: انه لزمتك بيعتى بالمدينة وأنت بالشام... "(2)
فانظر جيدا الى العبارتين:
اولاً: " لأخذ الحجة عليه "
وثانياً: " لزمتك بيعتي بالمدينة وانت بالشام "
الوجه الثالث: التعبير بــ " فإن اجتمعوا على رجل... " مشعر بعدة امور:
أـ التعريض بالاجماع المدّعى بمن تقدم على أمير المؤمنين (عليه السلام) اذ كما هو معلوم انهم لم يحصل لهم اجماع ولا اجتماع وهذا من ابجديات التاريخ..
ب ـ التعبير بـ إن الشرطية دون اذا والفرق بينهما واضح لمن له ادنى المام بالبلاغة، لان الاولى لا تفيد التحقق بخلاف الثانية..
د ـ التعبير بــ "اجتمعوا " يعني لنا اجماع المهاجرين والانصار وهو حجة لدخول المعصوم فيه فلو كان المعصوم قد دخل في تلك الفلتة ـ وفرض المحال ليس بمحال ـ لكان دخوله حجة.. هذا إن ــ ان اجتمعوا لكن هل اجتمعوا؟!! كيف والمشيرون من بني هاشم غيّب؟!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة: ج3 الكتاب رقم 6.
(2) المناقب، للخوارزمي: ج 1 ص 118.
|