بسم الله الرحمن الرحيم
يَدَّعِي بعضهم أن المشكلة في قضية أهل البيت (عليهم السلام) هي الغلو، مع أن الغلو محصورٌ في حفنة من الناس غَلَوْا في بعض أهل البيت (عليهم السلام) فألَّهُوهُمْ مع الله تعالى والعياذ بالله! وقد حسم المسلمون موقفهم منهم، وأجمعوا على كفر كل من ألَّهَ مخلوقاً، أو أشركه مع الله تعالى. والصحيح أن المشكلة هي تقصير المسلمين في أداء ما فرض الله عليهم لأهل البيت (عليهم السلام)، من وجوب ولايتهم ومحبتهم ومعرفتهم والتلقي منهم والإهتداء بهديهم! فقد أعرض أكثر المسلمين عن عمد أو عادة عن أهل بيت نبيهم (صلى الله عليه واله) وابتعدوا عنهم، وأحبوا مخالفيهم وظالميهم وأعداءهم وقاتليهم! ثم تراهم يصفون المسلمين الذين يؤدون فريضة ربهم في حق أهل بيت نبيه (عليهم السلام) بالضلال والغلو، ويحكمون عليهم بالكفر، ويضطهدونهم! لقد اتهموا الشيعة بالغلو وأنهم يُخرجون أهل البيت (عليهم السلام) عن البشرية التي أكد عليها الله تعالى بقوله: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ). وكان الأولى بهم أن يتهموا فهمهم وسطحيتهم، حيث أخذوا الجزء الأدنى من الآية، وتركوا جزءَها الأعلى! أخذوا: بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وتركوا: يُوحَى إِلَيَّ ! فالنبي (صلى الله عليه واله)، وبعده أهل بيته (عليهم السلام)، بشرٌ مثلنا تجري عليه القوانين البشرية إلا ما شاء الله، لكن ذلك جَنْبَةٌ من شخصيته فقط. والجَنبة الأخرى أن له قدرةً على تلقي الوحي من رب العالمين سبحانه! وأنَّى لجميع أهل الأرض أن تكون لهم نافذة على خالق الكون عز وجل، يتلقون بها العلم والتوجيه؟! ومن الملفت أن هذه التهم بدأت من زمن النبي (صلى الله عليه واله) من قبل أشخاص مشركين أو مسلمين تعاملوا مع النبي (صلى اله عليه واله) تعاملاً سياسياً مادياً، فكانوا ينتقدون المسلمين لتقيدهم بنص النبي (صلى الله عليه واله) ويسمونهم «عُبَّاد محمد»! وقد استمرت هذه التهمة بعد النبي (صلى الله عليه واله) الى شيعة أهل بيته (عليهم السلام)! ووصف الشاعر الكميت (رحمه الله) اتهامهم بقوله:
وطائفةٌ قد كفرتْني بحُبَكُمْ **** وطائفةٌ قالوا مسيءٌ ومذنبُ
فما ساءني تكفيرُ هاتيكَ منهمُ**** ولا عيبُ هاتيكَ التي هي أعْيَبُ
يَعيبونني من خِبِّهم وضلالهمْ**** على حبكم، بل يسخرون وأعجبُ
وقالوا تُرَابيِّ هواهُ ورأيُهُ**** بذلك أدعى فيهم وألَقَّبُ
فلا زلتُ منهم حيث يتهمونني**** ولا زلت في أشياعكم أتقلب
وأحمل أحقادَ الأقارب فيكم**** ويُنصب لي في الأبعدين فأنصب
بخاتمكم غصباً تجوز أمورهم**** فلم أر غصباً مثله حين يغصب
فقل للذي في ظل عمياءَ جونةٍ**** ترى الجور عدلاً أين لا أينَ تذهب
بأي كتاب أم بأية سنة**** ترى حبهم عاراً عليَّ وتحسب
فما ليَ إلا آلَ أحمد شيعةٌ**** وما ليَ إلا مذهبَ الحق مذهب
فهل طبقت الأمة وصية نبيها (صلى الله عليه واله) في قوله: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي أم قصرت في حقهم؟!وهل قرأتم شيئاً عن كربلاء وقتل الإمام الحسين وآل الرسول (صلى الله عليه واله)؟ وهل قرأتم شيئاً عن ظلامة الحكومات لأهل البيت النبوي (عليهم السلام) في التاريخ؟ هل قرأتم شعر شيعة أهل البيت (عليهم السلام) في ظلامتهم ومأساتهم، منذ وفاة النبي (صلى الله عليه واله) وما تلاها من عصور؟.
|