بسم الله الرحمن الرحيم
روى الجميع أن علياً (عليه السلام) ميزان الإسلام والكفر، والإيمان والنفاق، لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق.. فماذا بقي لغيره من الصحابة؟! روى الحاكم: (عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)(1). وروى الترمذي: عن أبي سعيد الخدري قال: إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب(2). وروى النسائي في: 8/115،(عن أم سلمة قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يحب علياً منافق، ولا يبغضه مؤمن. وقال: هذا حديث حسن)(3). وفي الترمذي: (عن الأعمش: إنه لا يحبك إلا مؤمن. هذا حديثٌ حسنٌ صحيح)(4). وفي الطبراني الكبير: (عن أبي الطفيل قال: سمعت أم سلمة تقول: أشهد أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أحب علياً فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله)(5). وفي فردوس الأخبار: (عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: علي باب حطة، من دخل منه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً. عن أبي ذر أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمانٌ وبغضه نفاق والنظر إليه رأفة ومودته عبادة)(6). وفي صحيح مسلم: عن زر بن حبيش قال قال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي (صلى الله عليه وآله) إلي أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق(7). وفي فتح الباري: (وفي كلام أمير المؤمنين (كرم الله وجهه) يقول: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجمانها على المنافق على أن يحبني ما أحبني! وذلك أنه قُضِيَ فانقضى على لسان النبي الأمي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يا علي لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق)(8). وهو في نهج البلاغة(9): وقال ابن أبي الحديد في شرحه(10): في الخبر الصحيح المتفق عليه أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، وحسبك بهذا الخبر، ففيه وحده كفاية. وقال في موضع آخر: قال شيخنا أبو القاسم البلخي: قد اتفقت الأخبار الصحيحة التي لا ريب عند المحدثين فيها أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال له: لا يبغضك إلا منافق ولا يحبك إلا مؤمن)(11).
تروي الأحاديث عندكم أن علياً (عليه السلام) كان في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ميزاناً من الله تعالى للإسلام والكفر والإيمان والنفاق، فهل انتهى مفعول هذا الميزان الشرعي بمجرد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)؟!
وهل توجد درجة وسط بين حب علي (عليه السلام) وبغضه؟ ولماذا لم يبينها النبي (صلى الله عليه وآله) ويبين حكمها للمسلمين؟
هل الذين استغلوا انشغال علي (عليه السلام) تجهيز جنازة النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يدْعوه إلى السقيفة، ثم هاجموا داره ليجبروه على بيعتهم، كانوا محبين له؟!
هل الذين رفضوا بيعة علي (عليه السلام) بعد عثمان، أو نكثوا بيعته وخرجوا عليه وحاربوه، كانوا محبين له أم مبغضين؟!
هل تختبرون إسلامكم وإيمانكم بحب علي (عليه السلام) أو بغضه؟!
هل يمكنك أن تحب شخصاً وتحب مبغضيه ومحاربيه وقاتليه؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحاكم: 3/129. ورواه أحمد في فضائل الصحابة:2/639، والدارقطني في المؤتلف والمختلف: 13763، والهيثمي في مجمع الزوائد:9/132.
(2) الترمذي: 4/327، و: 5/293و298: باب مناقب علي.
(3) النسائي: 8/115. ورواه النسائي أيضاً:5/137، وابن ماجة:1/42، والترمذي:4/327 و:5/594، وأحمد: 2/579 و639 وفضائل الصحابة:2/264، وعبد الرزاق في مصنفه: 11/55، وابن أبي شيبة في مصنفه: 12/56، والحاكم:3/129وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ! ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك. ورواه الطبراني في الأوسط: 3/89، ومجمع الزوائد: 1299 وقال: رجال أبي يعلى رجال الصحيح. وتاريخ بغداد عن صحابة متعددين في:2/72 و:4/41 و:13/32/153 و:14/426 و:2/ 255، والبيهقي في سننه: 5/47، وابن عبد البر في الإستيعاب:3 /37).
(4) الترمذي:5/601.
(5) الطبراني الكبير:1/319 و:23/380.
(6) فردوس الأخبار:3/64.
(7) صحيح مسلم:1/60، تحت عنوان: باب حب علي من الايمان. ورواه ابن ماجة:1/42، والنسائي في سننه:8/115 و117 وفي خصائص علي: 1375، وأحمد في مسنده:1/84 و95 و128 وفضائل الصحابة:2/ 264، وابن أبي شيبة في المصنف: 12/ 56، وعبد الرزاق في المصنف:11/ 55، وابن أبي عاصم في السنة:5842، وابن حبان في صحيحه:9/40،والخطيب في تاريخ بغداد: 2 ص 255 و: 14 / 426، وابن عبد البر في الاستيعاب: 3 / 37، وأبو نعيم في الحلية: 8/185، وابن حجر في الإصابة:2/503، والحاكم في المستدرك: 3 /139،والبيهقي في سننه: 5/47، وابن حجر في فتح الباري:7/57، ومسند أبي يعلى:1/237.
(8) فتح الباري:7/72.
(9) نهج البلاغة:2/154، شرح محمد عبده.
(10) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد:2/ 485.
(11) البحار:39/294.
|