• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : عقائدنا (الشيعة الامامية) .
              • القسم الفرعي : في الائمة المعصومين .
                    • الموضوع : تعيين الإمام والخليفة في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم‏ .

تعيين الإمام والخليفة في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

لما كانت حِكمة النبيّ وعلمهُ قد اقتضيا أن يتخذ موقفاً مناسِباً في مجالِ الِقيادة الإسلاميّة مِن بَعدِهِ، فإن في موقف الذي اتخذه (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) نظريَّتان في هذا المَجال:
النظرية الأُولى: انّ النبي (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) اختار بأمرِ اللَّه تعالى شخصاً مُمتازاً صالِحاً لقيادةِ الأُمّة الإسلامِيّة، ونَصَبَهُ لِخلافَتهِ وأخبرَ النّاسَ بذلك.
النظرية الثانية: أنّ النبي (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) أوكَلَ اختيار القائد والخليفة من بعده إلى النّاس، انفسِهِم، لينتَخِبوا - هم بأنفسِهِم - شخصاً لهذا المنصب.
فيا ترى أيّ من النظريتين تُستفاد من الكِتابِ والسُّنة والتاريخِ؟
إنَّ الإمعانَ في حياة النبيّ (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) مُنذ أن كُلّف بتبليغِ شرِيعتهِ إلى أقربائِهِ وعَشيرته، ثم الإعلان عن دعوتهِ إلى النّاس كافّة، يفيد أن النبيّ (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) سلك طريق «التنصيص» في مسألة القيادة، والخلافة، مراراً، دون طريق «الإنتخاب الشعبيّ» وهذا الموضوع نثبتهُ من خلال الأُمور التالية:
1. حديث يوم الدار.
بعد أن مضت ثلاثُ سَنَوات على اليوم الذي بُعِثَ فيه رسول اللَّه (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم)، كَلّفهُ الله تعالى بأن يبلّغَ رسالَتَه لأبناءِ قَبيلتِهِ، وذلك عندما نَزَل قولهُ عز وجلّ: «وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ» «1».
فَجَمَع النبيُّ (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) رؤوسَ بني هاشم وقال: «يا بني عبد المطّلب إنّي واللَّهِ ما أعلمُ شابّاً في العَرَبِ جاء قومَه بأفضل ممّا قد جئتكم به إنيّ قد جئتكُم بخَيِر الدُنيا والآخِرة وقد أمَرَنيَ اللَّهُ تعالى أنْ أدعوكم إليه فأيُّكم يؤازرني على هذا الأمر يكون أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم».
ولقد كرّر النبي (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) العبارة الأخيرة ثلاثَ مرّات، ولم يقمْ في كلّ تلك المرّات إلّا الإمامُ علي (عليه السلام)، الّذي أعلَنَ عن استعدادِهِ في كلّ مرّة لمؤازرةِ النَبيّ (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) ونُصْرته، وفي المرّة الثالِثة قال النبيُّ (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم): «إنَّ هذا أخِي وَوَصيِّي وخَلِيفَتِي فِيكُمْ فَاْسمَعوا لَه وأطيعُوا» «2».
2. حَديِثُ المَنْزِلَةِ.
لَقد اعتبر النبيُّ (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) منزلةَ «عليّ عليه السلام» منه على غرارِ منزلةِ هارون من موسى (عليهما السلام)، ولم يستثنِ من منازِلِ ومراتبِ هارون من موسى إلّا النبوّة حيث قال: «يا عليّ أما ترضى أن تكونَ مِنّي بمنزلةِ هارونَ من مُوسى إلّاأنّه لا نبيَّ بعدي» «3» وهذا النفي والسَلب هو في الحقيقة من بابِ «السالبة بإنتفاءِ الموضوعِ». اذ لم تكن بعد رسولِ اللَّه الخاتم (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) نبوّةٌ حتى يكونَ عليٌ نبيّاً من بعده إذ بنُبُوّة رسولِ الإسلام خُتمت النبوّات، وبِشريعتِهِ خُتِمت الشّرائِع.
ولقد كانَ لِهارون - بنَصّ القرآنِ الكريمِ - مقامُ «النبوّة» «4» و«الخلافة» «5» و «الوزارة» «6» في زمانِ مُوسى. وقد أثبتَ حديثُ «المنزلة» جميعَ هذه المناصب الثابتة لهارون للإمام عليّ (عليه السلام) ما عدا النُبُوَّة، على أنّه إذا لم يكن المقصودُ مِن هذا الحَديث هو إثباتُ جميعِ المناصبِ والمقاماتِ لعليّ إلّا النبوَّة، لم يكنْ أيّة حاجة إلى استثناء النُبوّة.
3. حَدِيثُ السَّفِينَةِ.
لقد شَبَّه النبيُّ الأكرمُ (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) أهلَ بيته بِسَفينةِ نوح الّتي من رَكبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق في الطوفانِ كما قال: «ألا إنّ مَثَل أهلِ بيتي فِيكم مَثلُ سَفينة نُوح في قومه مَن رَكبها نَجا، ومَن تَخلَّفَ عَنها غرِق» «7».
ونحنُ نَعلمُ أنّ سَفينة «نوح» كانت هي الملجأ الوحيد لنجاة الناس من الطوفان في ذلك الوقت.
وعلى هذا الأساس فإنّ أهلَ البيت النبويّ- وفقاً لحديث سفينة نوح- يُعتَبرُون الملجأ الوَحيد للأُمّة للنجاة من الحوادث العصيبة والوقائع الخطيرة التي طالما تُؤدّي إلى انحراف البشرية وضلالها.
4. حديث «أمان الأُمّة».
لقدَ وَصَفَ النبيُّ (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) أهل بيته بكونهم سَبَباً لوحدة المسلمين، وممّا يوجِبُ ابتعادهم عن الإختلاف والتَشتّت وأماناً من الغَرق في بحر الفِتنة، إذ قال:
«النجومُ أمانٌ لأهل الأرض من الغَرَق وأهلُ بَيتي أمانٌ من الإختلاف، فإذا خالَفتها قبيلةٌ مِنَ العَرَب اختَلَفوا فصارُوا حزب إبليس» «8». وبهذا شبّه النبيُّ (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) أهل بيته الكرام بالنجوم التي يقول عنها اللَّهُ سبحانه: «وبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون» «9».
5. حَديثُ الثَقَلَين‏.
إنّ حديثَ الثَقَلينِ مِنَ الأحاديث الإسلاميّة المتواترة، الّتي نَقَلها وَرَواها علماءُ الفريقين في كتبهم الحديثية.
فقد خاطَبَ رسولُ اللَّه (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) الأُمّة الإسلامية قائلا: «إنّي تاركٌ فيكُم الثَقَلَيْن كتابَ اللَّه وَعِتْرَتي أهلَ بَيْتي ما إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بهما لَنْ تَضلُّوا أبَداً وإنّهما لَنْ يَفْتَرِقا حَتى يَرِدا عَلَيَّ الحَوْضَ» «10».
إنّ هذا الحديثَ، يُثبتُ - بوضوح - المرجَعيّة العِلميّة لأهلِ البَيْت‏ النَبَويّ جَنْباً إلى جنب مع القرآن الكريم، وَيُلزِمُ المُسلمين بأن يتمسَّكُوا- في الأُمور الدينيّة - بأهل البيت إلى جانب القرآن الكريم، ويلتمسوا رأيهم.
ولكنّ المؤسفَ جدّاً أن يَلتَمس فريقٌ من النّاس رأيَ كلّ أحد إلّارأيَ أهلِ البيت، ويطرقوا بابَ بَيْت كلّ أحد إلّاباب بيتِ أهل البيت (عليهم السلام).
إنّ «حديث الثقلين» الذي يتفق على روايته الشيعةُ والسنةُ يمكنهُ أن يجمع جميع مسلمي العالم حول محور واحدٍ، لأنّه إذا ما اختلفَ الفريقان في مَسألة تعيين الخليفة والقائد، والزعيم السياسي للأُمّة بعد رسول اللَّه (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) وكان لكلّ فريقٍ نظريّته وآلَ الاستنباطُ التاريخيّ في هذا الصعيد إلى انقسام المسلمين إلى فريقين، فإنّه لا يوجَدُ هناك أيُّ دليلٍ للإختلاف في مرجَعيّة أهلِ البيت العلِميّة، ويجب أن يكونوا- طِبقاً لحديث الثقلين المتَّفَق عليه- متفقين على كلمةٍ واحدةٍ.
وأساساً كانت مرجعيَّة أهلِ البَيت العلميّة في عَصر الخُلَفاء لعليّ عليه السلام أيضاً، فقد كانوا يرجعون إليه عند الإختلاف في المسائل الدينيّة وكانت المشكلة تُحلُّ بواسطته.
وفي الحقيقة منذُ أن عُزل أهلُ بيت النبي (صلى اللَّهِ عليه وآله وسلم) عن ساحة المرجَعيّة العلميّة ظهرَ التفرُّقُ والتشرذُمُ، وبرزت الفِرَقُ الكلامِيّةُ المتعدّدةُ الواحدةُ تلو الأُخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشعراء214.
(2) مسند احمد ج1 ص159وتاريخ الطبريج2 ص406 وتفسير الطبري (جامع البيان) ج19 ص74-75 تفسير سورة الشعراء الاية214.
(3) صحيح البخاري ج6 ص3طبع1312ه باب غزوة تبوك؛ صحيح مسلم ج7 ص120باب فضائل الامام علي ؛سنن ابن ماجة ج1 ص55 باب فضائل أصحاب النبي؛ مسند الامام احمد ج1ص173-175-177-179-182-185-230؛ السيرة النبوية لابن هشامج4 ص163(غزوة تبوك).
(4) (ووهبنا له اخاه هارون نبيا) مريم 53.
(5) وقال موسى لاخيه هارون اخلفني في قومي) الاعراف142.
(6) (واجعل لي وزيرا من اهلي) طه29.
(7) مستدرك الحاكم ج3ص351؛ الصواعق المحرقة ص91؛ميزان الاعتدال ج1ص224؛ تاريخ الخلفاءص573؛ الخصائص الكبرىج2ص266؛ ينابيع المودةص28؛ فتح القديرص113؛ وكتب اخرى.
(8) مستدرك الحاكم ج3ص149.
(9) النحل16.
(10) صحيح مسلم ج7 ص122؛سنن الترمذي ج2 ص307؛ سنن الدارمي ج2 ص432؛ مسند احمد ج3 ص14-1726-59 وج4 ص59-366-371 وج5 ص182-189 والخصائص العلوية للنسائي ص20؛ مستدرك الحاكم ج3 ص109-148-533 وغيرها.

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=70
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12