بسم الله الرحمن الرحيم

منذ أن أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) المسلمين بأنه سيشفع يوم القيامة لبني عبد المطلب (وأحاديثها صحيحة عندهم)، تحرّك حسّاد بني عبد المطلب وردوا على النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته وأشاعوا عدم شفاعته لهم!

ويكفي أن تلاحظ الغضب النبوي في الحديث التالي الذي رواه في مجمع الزوائد: (وأتاه العباس فقال يا رسول الله إني انتهيت إلى قوم يتحدثون فلما رأوني سكتوا وما ذاك إلا لأنهم يبغضونا! فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): أو قد فعلوها؟! والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدهم حتى يحبكم، أيرجون أن يدخلوا الجنة بشفاعتي، ولا يرجوها بنو عبد المطلب)(1)! وفي مجمع الزوائد: (عن أنس قال خرج رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو غضبان! فخطب الناس فقال: لا تسألوني عن شيء اليوم إلا أخبرتكم به، ونحن نرى أن جبريل معه! قلت فذكر الحديث إلى أن قال فقال عمر: يا رسول الله إنا كنا حديثي عهد بجاهلية فلا تبد علينا سوآتنا فاعف عفا الله عنك)(2) ! وفي مجمع الزوائد: (وجلس على المنبر ساعة وقال: أيها الناس مالي أوذى في أهلي؟! فوالله إن شفاعتي لتنال حي حا، وحكم، وصدا، وسلهب، يوم القيامة)! انتهى(3). وقد صحح الهيثمي الحديث الثاني وقال عنه: ( رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح). وقد بلغ من تفاقم القضية وكثرة أحاديثها أن الهيثمي عقد باباً:8/214 في عدة صفحات بعنوان: باب في كرامة أصله (صلى الله عليه وآله). وأورد فيه أحاديث عن طهارة آباء النبي وأمهاته (صلى الله عليه وآله)، ونقل حوادث خطيرة أهان فيها القرشيون أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)! هذا وهم في حياته، وتحت قيادته في المدينة! وهم مسلمون مهاجرون أو طلقاء استحقوا القتل بالأمس في فتح مكة، فمنَّ عليهم النبي (صلى الله عليه وآله) وعفا عنهم! قال في مجمع الزوائد: (عن عبد الرحمن بن أبي رافع أن أم هاني بنت أبي طالب خرجت متبرجة قد بدا قرطاها، فقال لها عمر بن الخطاب: إعلمي فإن محمداً لا يغني عنك شيئاً، فجاءت إلى النبي (صلى الله عليه واله) فأخبرته به فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): مابال أقوام يزعمون أن شفاعتي لا تنال أهل بيتي؟! وإن شفاعتي تنال حا وحكم! وحا وحكم قبيلتان). انتهى (4). وفي البحار: (أن عمر قال لها: غطي قرطك فإن قرابتك من محمد لا تنفعك شيئاً! فقالت له: هل رأيت لي قرطاً يا ابن اللخناء! ثم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته بذلك وبكت... الخ)(5).

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجمع الزوائد: 9/170.

(2) مجمع الزوائد: 7/188و390.

(3) مجمع الزوائد: 9/258.

(4) مجمع الزوائد: 9/257.

(5) بحار الأنوار، للمجلسي: 93/219.