بسم الله الرحمن الرحيم
من المعروف أن بولس الذي نَصَّر النصارى قد اخترع عقيدة الفداء التي تقول: إن الله تعالى أرسل ابنه المسيح (عليه السلام) لكي يقتل ويصلب فيفدي بنفسه البشر، ويتحمل خطاياهم! وأن الشرط الوحيد لشمول الإنسان بشفاعة المسيح هو الإيمان بأنه ابن الله تعالى! ففي العهد القديم والجديد(1): (يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا وإن أخطأ أحدٌ فلنا شفيع عند الأب، يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً)! وفي كتاب مقارنة بين الأديان(2): (فادعى شاؤول (بولس) أن السيد المسيح بعد نهايته على الأرض ظهر له وصاح فيه وهو فى طريقه إلى دمشق: لماذا تضطهدني! فخاف شاؤول وصرخ: من أنت يا سيد؟ قال: أنا يسوع الذي تضطهده! قال شاؤول: ماذا تريد أن أفعل؟ قال يسوع: قم وكرز بالمسيحية! ويقول لوقا في ختام هذه القصة جملة ذات بال غيرت وجه التاريخ هي: وللوقت جعل يكرز فى المجامع بالمسيح أنه ابن الله) (أعمال9: 3ـ30). أما عمر فقد وسع شفاعة نبينا (صلى الله عليه وآله) وعفو الله تعالى حتى شملت كل الناس المطيع منهم والعاصي! المسلم والمنافق والكافر! ففي الدر المنثور(3): (وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ميمون أن كعباً دخل يوماً على عمر بن الخطاب فقال له عمر: حدثني إلى ما تنتهي شفاعة محمد يوم القيامة؟! فقال كعب: قد أخبرك الله في القرآن أن الله يقول: (ما سلككم في سقر.... إلى قوله ...اليقين) قال كعب: فيشفع يومئذ حتى يبلغ من لم يصل صلاة قط ويطعم مسكيناً قط ومن لم يؤمن ببعث قط، فإذا بلغت هؤلاء لم يبق أحد فيه خير!) انتهى. ومعناه شمول الشفاعة حتى للكافر الذي لا يؤمن بيوم الدين! وفي مجمع الزوائد(4): (عن عمر أن رسول الله (صلى الله عليه واله) أمره أن يؤذن في الناس أنه: من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصاً دخل الجنة، فقال عمر: يا رسول الله إذاً يتكلوا فقال: دعهم. رواه أبو يعلى والبزار إلا أن عمر قال يا رسول الله إذاً يتكلوا! قال: دعهم يتكلوا). وفي مجمع الزوائد(5): (عن عقبة بن عامر قال: جئت في اثني عشر راكباً حتى حللنا برسول الله (صلى الله عليه واله) فقال أصحابي: من يرعى إبلنا وننطلق فنقتبس من رسول الله (صلى الله عليه واله) فإذا راح اقتبسناه ما سمعنا من رسول الله (صلى الله عليه واله)؟ فقلت: أنا، ثم قلت في نفسي: لعلي مغبون، يسمع أصحابي ما لا أسمع من نبي الله (صلى الله عليه واله)، فحضرت يوماً فسمعت رجلاً قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): من توضأ وضوء كاملاً ثم قام إلى صلاة كان من خطيئته كيوم ولدته أمه، فتعجبت من ذلك، فقال عمر بن الخطاب: فكيف لو سمعت الكلام الآخر كنت أشد عجباً! فقلت: أردد عليَّ جعلني الله فداءك، فقال عمر بن الخطاب: إن نبي الله (صلى الله عليه واله) قال: من مات لا يشرك بالله شيئاً فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء، ولها ثمانية أبواب! فخرج علينا رسول الله (صلى الله عليه واله) فجلست مستقبله فصرف وجهه عني، فقمت فاستقبلته ففعل ذلك ثلاث مرات، فلما كانت الرابعة قلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي لم تصرف وجهك عني؟! فأقبل عليَّ فقال: أواحدٌ أحب إليك أم اثنا عشر؟ مرتين أو ثلاثاً! فلما رأيت ذلك رجعت إلى أصحابي)! وفي مجمع الزوائد(6): (عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جئت ورسول الله (صلى الله عليه واله) قاعد في أناس من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب وأدركت آخر الحديث ورسول الله (صلى الله عليه واله) يقول: من صلى أربع ركعات قبل العصر لم تمسه النار! فقلت بيدي هكذا يحرك بيده إن هذا حديث جيد، فقال عمر بن الخطاب: لما فاتك من صدر الحديث أجود وأجود! قلت يا ابن الخطاب فهات، فقال عمر بن الخطاب: حدثنا رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة)!! وفي مجمع الزوائد(7): (عن عمر بن الخطاب أنه سمع النبي (صلى الله عليه واله) يقول: من مات يؤمن بالله واليوم الآخر، قيل له أدخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت. رواه أحمد وفي إسناده شهر بن حوشب وقد وثق). انتهى. ومعنى هذه الأحاديث عن عمر: أن مجرد شهادة لا إله إلا الله تكفي لدخول الجنة، ولو بدون الإيمان بأحد من الأنبياء (عليهم السلام)، وبدون عمل صالح!!
فهل تقبلون هذه الأحاديث عن عمر، ويوجد مثلها عن غير عمر؟ وهل يكون عمر هو المقصود بقول النبي الذي رواه معاذ بن جبل قال قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ما بعث الله نبياً قط إلا وفي أمته قدرية ومرجئة يشوشون عليه أمر أمته. ألا وإن الله قد لعن القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبياً)(8).
ثم إذا لم يكن عمر مؤسس مذهب المرجئة وإمامهم، فمن هو مؤسسها؟
وما رأيكم فيما رواه البخاري(9): (عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى! قالوا يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى. انتهى.
فالذين عصوا الرسول (صلى الله عليه وآله) من أمته مستثنوْن ولا يدخلون الجنة، فكيف يدخلها من شهد بالتوحيد فقط ولم يشهد بغيره؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) العهد القديم والجديد: 3/386.
(2) مقارنة بين الأديان للدكتور الشلبي: 2/245.
(3) الدر المنثور: 6/285.
(4) مجمع الزوائد: 1/16.
(5) مجمع الزوائد: 1/23.
(6) مجمع الزوائد: 1/22.
(7) مجمع الزوائد: 1/32 و49.
(8) مجمع الزوائد: 7 /203.
(9) صحيح البخاري: 8/139، ورواه الحاكم: 1/55 بلفظ آخر وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
|