بسم الله الرحمن الرحيم
من افتراءات مصادرهم على النبي (صلى الله عليه وآله) أنه كان قبل بعثته يحب أصنام قريش اللات والعزى ومناة وهبل، وكان يأكل من لحم القرابين التي تذبح لها وأن زيداً بن عمرو بن نفيل الذي هو ابن عم عمر، كان ينهاه عن ذلك! ففي مجمع الزوائد(1): (باب ما جاء في زيد بن عمرو بن نفيل... قال فمر زيد بن عمرو بالنبي (صلى الله عليه واله) وزيد بن حارثة، وهما يأكلان من سفرة فدعياه، فقال: يا ابن أخي لا آكل ما ذبح على النصب! قال فما رؤي النبي (صلى الله عليه واله) يأكل ما ذبح على النصب من يومه ذلك حتى بعث)!!
وعلى هذه الروايات الصحاح والحسان عندهم يكون زيد بن عمرو بن نفيل أتقى من نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) وأولى بالنبوة منه، لأنه الوحيد الذي كان على ملة ابراهيم (عليه السلام) وليس نبينا (صلى الله عليه وآله)، ولا أباه وجده عبد المطلب (عليهما السلام)!! ويكون ابن عمه عمر أيضاً أهلاً للنبوة حيث رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر. وأنه قال: لو كان نبي بعدي لكان عمر. وأنه قال: قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر. وأنه قال: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه! وأنه كلما تأخر عنه الوحي خشي أن ينزل على عمر! ورووا على لسان علي (عليه السلام) أنه قال: كنا نتحدث إن ملكاً ينطق على لسان عمر! ووضعوا على لسان ابن مسعود أنه قال: لو وضع علم عمر في كفة وعلم أهل الأرض في كفة لرجح علم عمر)(2)!!
فالنبوة في الأصل من حق بني عدي ولكن الحظ جعلها لبني هاشم! وقد تفضلت بعض رواياتهم فاعترفت بشيء للنبي (صلى الله عليه وآله) قبل البعثة وقالت إن خديجة هي التي كانت تعبد اللات والعزى وتحث النبي (صلى الله عليه وآله) على عبادتهما، فكان يمتنع من ذلك!
قال أحمد في مسنده: (عن عروة بن الزبير (ابن أخت عائشة) قال: حدثني جار لخديجة بنت خويلد أنه سمع النبي (صلى الله عليه واله) وهو يقول لخديجة: أي خديجة والله لا أعبد اللات والعزى والله لا أعبد أبداً! قال فتقول خديجة: خل اللات خل العزى. قال: كانت صنمهم التي كانوا يعبدون ثم يضطجعون)!! انتهى.
وكل ذلك عملٌ يقصد منه المساس بشخصية النبي وأجداده (صلى الله عليه وآله) من أجل تكبير شخصية الحاكم وأقاربه!!
أما مصادرنا فقد روت الحقيقة، وهي أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يكره الأصنام من صغره، قال الصدوق قدس سره في قصة الراهب بحيرى إنه قال للنبي (صلى الله عليه وآله): (يا غلام أسألك عن ثلاث خصال بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتنيها. فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند ذكر اللات والعزى وقال: لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئاً كبغضهما، وإنما هما صنمان من حجارة لقومي! فقال بحيرى: هذه واحدة، ثم قال: فبالله إلا ما أخبرتني. فقال: سل عما بدا لك فإنك قد سألتني بإلهي وإلهك الذي ليس كمثله شيء. فقال: أسألك عن نومك ويقظتك، فأخبره عن نومه ويقظته وأموره وجميع شأنه، فوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته التي عنده، فانكب عليه بحيرى فقبل رجليه وقال: يا بني ما أطيبك وأطيب ريحك، يا أكثر النبيين أتباعاً...الخ.)(4).
وعليه فيمكن أن نتسائل عن أمور ننتظر من أهل السنة الجواب عليها بإنصاف، وهي كالتالي:
1 ـ هل تعتقدون أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعبد الأصنام ويأكل من لحم قرابينها قبل بعثته؟
2 ـ ما دمتم تعتقدون أن زيد بن عمرو بن نفيل الذي هو ابن عم عمر، كان أوعى من النبي (صلى الله عليه وآله) وأتقى، فلماذا لم يبعثه الله نبياً وبعث الأقل منه درجة؟!
3 ـ عندما بعث النبي (صلى الله عليه وآله) كان زيد بن نفيل موجوداً فلماذا لم يسلم؟ أم تعتقدون أنه يوجد أشخاص لا يحتاجون إلى نبوة نبينا (صلى الله عليه وآله) ومنهم زيد، ومنهم عمر الذي كان يعترض على النبي (صلى الله عليه وآله) ويوجهه فينزل الوحي موافقاً لرأي عمر؟!
4 ـ هل تقبلون أحاديث عائشة في حق خديجة (عليها السلام)، مع أن عائشة تصرح بأنها كان تغار منها غيرة عمياء وتكرهها! وهل تقبلون من ذلك أن جبرئيل جاء الى النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبره أن يبشر خديجة من الله تعالى ببيت في الجنة لا لغوٌ فيه ولا صخب، فجعلته عائشة بيتاً من قصب؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجمع الزوائد: 9/417، ورواه البخاري: 4/232 ونحوه في: 6/225 وأحمد: 1/ 189 و: 2/ 68 و89 و127.
(2) راجع الغدير: 6/331.
(3) مسند أحمد: 4/222 و 5/362.
(4) كمال الدين: 1/184.
|