• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : عقائدنا (الشيعة الامامية) .
              • القسم الفرعي : في توحيد الله .
                    • الموضوع : التوحيد في العبادة .

التوحيد في العبادة

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ التوحيدَ في العبادة هو الأصل المشترك والقاعدة المتفق عليها بين جميع الشرائع السماوية. وبكلمة واحدة: إنّ الهدف الأسمى‏ من بَعث الأنبياء والرُسُل الإلهيّين هو التذكير بهذا الأصل كما يقول: «وَلَقَدْ بَعَثْنا في كلّ أُمَّةٍ رَسُولًا أنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واجْتَنِبُوا الطاغوتَ» «1». إِنّ جميع المسلمين يعترفون في صلواتهم اليومية بهذا الأصل ويقولون: «إيّاكَ نَعْبُدُ» «2». وعلى هذا الأساس فإنّ وجوبَ عبادة اللَّه وحده، والاجتناب عن عبادة غيره أَمرٌ مسلَّمٌ لا كلامَ فيه، ولا يخالف أحد في هذه القاعدة الكلية أبداً، وإنّما الكلام هو في أنّ بعض الأعمال والممارَسات هل هي مصداق لعبادة غير اللَّه أم لا؟ وللوصُول إلى القولِ الفصلِ في هذا المجال يجب تحديد مفهوم العبادة تحديداً دقيقاً، وتعريفها تعريفاً منطقياً، بغية تمييز ما يدخل تحت هذا العنوان ويكون عبادة، ممّا لا يكون كذلك، بل يُؤتى به من باب التعظيم والتكريم. لاشك ولا ريبَ في أنّ عِبادةَ الوالدين والأنبياء والأولياء حرامٌ وشركٌ، ولكن مع ذلك يكون احترامهم واجباً وعينَ التوحيد: «وَقضى رَبُّكَ‏ أنْ لا تَعْبُدوا إلّاإيّاه وبالوالدين إحْساناً» «3». والآن يجب أن نرى ما هو العنصر الذي يميّز «العبادةَ» عن «التكريم»؟ وكيف يكون العملُ الواحدُ في بعض الموارد (مثل سجود الملائكة لآدم، وَسُجود يعقوب وأولاده ليوسف) عينَ التوحيد، ولكن نفسَ العمل يكونُ في مواردَ أُخرى عينَ الشرك والوثنية. إنّ العبادَة (التي نُفيت عَنْ غير اللَّه ونُهي عنها) عبارة عن خضوع إنسانٍ أمام شي‏ء أو شخصٍ باعتقاد أنّ بيده مصير العالم كلّهِ أو بعضه، أو بيده إختيار الإنسان ومصيره، وانّه مالك أمره، وبتعبير آخر: ربّه. أمّا إذا كان الخضوع أمام كائن مّا لا بهذا الاعتقاد، إنّما من جهة كونه عَبداً صالحاً للَّه، وصاحبَ فضيلةٍ وكرامة، أو لكونه منشأَ إحسان، وصاحب يدٍ على الإنسان، فإنّ مثل هذا العمل يكون مجردَ تكريم وتعظيم لا عبادةً له. ولهذا السبب بالذات لا يوصف سجود الملائكة لآدم، أو سجود يعقوب وأَبنائه ليوسف بصفة الشرك والعبادة فهذا السجود كان ينبع من الإعتقاد بعبوديّة آدم ويوسف إلى جانب كرامتهما ومنزلتهما عند اللَّه، وليس نابعاً من الإعتقاد بربوبيّتهما أو أُلوهيّتهما. بالنظر إلى هذه الضابطة يمكن الحكم في ما يقوم به المسلمون في المشاهد المشرَّفة من احترام وتكريم لأولياء اللَّه المقرَّبين، فإنَّ من الواضح أنّ تقبيل الضرائح المقدسة، أو إظهار الفَرَح والسُرور يوم ميلادِ النبي وبعثته (صلى الله عليه و آله) و سلم لا ينطوي إلّا على تكريم النبي الكريم ولا يُقصَد منه إلّاإِظهار مودّته ومحبته ولا تكون ناشئةً من أُمورٍ مثل الاعتقاد بربوبيته قَطْ. وهكذا الحال في الممارسات الأُخرى مثل إنشاء القصائد والأشعار في مدح أولياء اللَّه أو مراثيهم، وكذا حفظ آثار الرسالة، وإقامة البناء على قبور عظماء الدين، فانها ليست بشركٍ ولا بدعة. وأَمّا كونها ليست بشركٍ فلأنّها تنبع من مودَّة أَولياء اللَّه (لا الإعتقاد بربوبيتهم). وأمّا كونها ليست ببدعَة أيضاً فلأَنّ جميع هذه الأعمال تقومُ على أساسٍ قرآنيّ ورِوائيٍ، وينطلق من أصل وجوب محبة النبي وآله. فأَعمال التكريم هذه مَظْهَرٌ من مظاهِر إبراز هذه المودة والمحبة التي حثّ عليها الكتاب والسنّة . وفي المقابل يكون سجودُ المشركين لأصنامهم مرفوضاً ومردوداً لكونه نابعاً من الإعتقاد بربوبيتها ومدبريَّتها وأنّ بيدها قسماً من شؤون الناس ... أو على الأقل لأنّ المشركين كانوا يعتقدون بأنّ العزة والذِلّة، والمغفرة والشفاعة بأَيدي تلك الأَصنام!!

---------------------------------------

((1))النحل36

((2))الفاتحة5

((3))الاسراء23                         

 

 

 

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=6
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12