بسم الله الرحمن الرحيم
مازالت الشيعة منذ عصر ائمتهم (عليهم السلام) يسعون لتوحيد صفوف المسلمين بالقول والفعل بينما كان الاخرون يصرون على تكفيرهم والافتاء بوجوب القضاء عليهم حتى صرح البعض بانهم اشر من اليهود والنصارى وهذا التعصب يرتفع تارة وينخفض اخرى نتيجة الظروف السياسية ومواقف السلاطين والملوك من الدول الشيعية ولبيان هذا الامر نذكر ما جاء في كتاب (كيف رد الشيعة غزو المغول) للشيخ علي الكوراني العاملي قال:
نقصد بالتعصب ضد الشيعة: الحالة الأموية المفرطة في العداء لشيعة أهل البيت (عليهم السلام) وتكفيرهم واستباحة دمائهم! وقد سماها أهل البيت رحمهم الله (حالة النّصب) بفتح الباء المشددة، ويلفظها البعض بضمها، ومعناها: نصب العداء والحرب. وقد أفتى فقهاؤنا بأن الناصب هو المعادي المظهر عداوته لأهل البيت المعصومين (عليهم السلام) خاصة ولم يعمموا ذلك لمن عادى شيعتهم، بل حملوا ما روي في شموله لهم على معنى ذمهم، وليس على معنى الحكم بكفرهم. ففي علل الشرائع: عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت، لأنك لا تجد رجلاً يقول أنا أبغض محمداً وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا)(1), انتهى. والتعصب ضد الشيعة حالةٌ نفسيةٌ أكثر منها فكرية عقائدية، ولذلك يظهر منها البغض والعداء والإضطهاد والقتل، أكثر مما يظهر تبريرها الفقهي بأن الشيعة يعبدون أهل البيت (عليهم السلام)، أو يبغضون فلاناً وفلانة من الصحابة!وقد كانت الشام مركز النصب في زمن معاوية، واستمرت عليه قروناً، وقد بقيت منه بقية الى يومنا هذا! ثم تنقَّل مركز النصب تبعاً للسياسة، فكان في بغداد في زمن المنصور والرشيد والمتوكل، وصار له وجود شعبي في مجسمة الحنابلة. ثم زال من بغداد بسقوط الدولة العباسية، حيث اعتدل الحنابلة بعد ذلك، أو اختفى من بقي منهم ناصبياً! ثم أخذ مركز النصب يتحول الى مصر على يد صلاح الدين الأيوبي عندما قضى على الخلافة الفاطمية وتبنى الخلافة العباسية، وأجبر أهل مصر على التسنن، وارتكب هو ونائبه قراقوش الفظائع والمجازر الجماعية لمن رفض. وبعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد وتبني السلاطين المغول مذهب التشيع، تبنى المماليك في مصر في مقابلهم الخلافة العباسية ونصبوا موظفاً عباسياً سموه خليفة ليعطيهم الشرعية، وتبنوا معه التعصب الأموي ضد الشيعة! وبما أن الشام كانت تحت حكم مصر، فقد أحيا فيها المماليك الفكر الناصبي الأموي وفكر التجسيم الحنبلي، واتخذوها قاعدة إعلامية ضد الشيعة والتشيع، وتبنى أحد المماليك حاكم الشام الشيخَ عبد الحليم بن تيمية المعروف بعدائه المفرط للشيعة، ونصبه شيخاً للإسلام في الشام. وفي أواخر العهد المغولي بدأ مماليك مصر يتخلون عن تبني النصب والعداء للشيعة، وذلك بتأثير شعبهم المصرّ على حب أهل البيت (عليهم السلام) وتأثير سياسة السلطان محمد خدابنده وابنه بو سعيد، حيث أقاما مع سلاطين المماليك علاقات وطيدة! وبذلك أخذ مركز النصب ينحسر من مصر. أما في تركيا فلم يتبنَّهُ أحد من حكامها من بني قرمان السلاجقة، ولا من بني عثمان جُق، فقد كانوا كمحيطهم سنة على الطريقة البكتاشية التي هي أقرب الى التشيع منها الى التسنن، حتى جاء السلطان سليم بن با يزيد، فقتل أباه وتبنى النصب الأموي وسحب جيوش أبيه من أوروبا، وجمع العلماء النواصب من الشام وتركيا وجعلهم بطانته، واستصدر منهم فتوى بكفر الشيعة ووجوب إبادتهم، وبكفر الشاه إسماعيل الصفوي ووجوب جهاده، وبكفر السلطان الغوري أيضاً! فقد ذكر النهروالي مؤرخ سليم أن الغوري كان يُتهم بالرفض، مع أن الغوري واصل سياسة السلاطين الذين قبله في تخليهم عن النصب وميلهم الى الشيعة وعلاقاتهم بحكامهم، وقد وصلت علاقته مع الشاه إسماعيل الى التحالف ضد سليم العثماني وخطه المفرط ضد الشيعة! وقد استمرت سياسة العثمانيين في التعصب ضد الشيعة نحو أربعة قرون الى آخر خلافتهم، وإليهم ترجع أكثر مفردات العداء للشيعة التي تجدها في المجتمعات السنية وثقافتهم! من ذلك مثلاً حذف آل النبي (صلى الله عليه وآله) من (الصلاة على النبي) واستبدال كلمة: (وآله) بكلمة: (وسلم) ، حيث لم أجد (وسلم) في مخطوطات العلماء السنيين قبل العثمانيين، وإن وجدتها في مطبوعاتهم! ثم جاء المذهب الوهابي بموجة عداء شديدة للشيعة مع أنه قام على الخروج على الخلافة العثمانية السنية المعادية للشيعة، ولكنه زايد عليها في عداء الشيعة، واختار تعصب السلطان سليم، وتعصب مجسمة الحنابلة الذي أسسه المتوكل العباسي، وألف فيه ابن تيمية، فاتخذوه إماماً! وبذلك صار بلد الوهابية مركز النصب للشيعة، وعندما أنعم الله عليهم بالنفط والثروة من بلاد الشيعة في شرقي السعودية، استعملوا أموال النفط في نشر العداء والنصب للشيعة على أوسع نطاق في العالم، وأفرطوا في ذلك حتى صارت بقية مراكز النصب وبؤره (مُحِبَّةً) للشيعة بالنسبة إليهم!
___________
(1) علل الشرائع: ج2ص601. |