• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : إشكالاتنا الفقهية على فرق المسلمين .
              • القسم الفرعي : مواضيع مختلفة .
                    • الموضوع : ابن عمر: قد ذهب من قرانكم قرآن كثير .

ابن عمر: قد ذهب من قرانكم قرآن كثير

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يكثر تهجم  السلفية من رمي الشيعة بتحريف القرآن، ويحاولون من خلال ذلك أن يبعدوا أهل السنة من الصوت الشيعي حتى لا ينتبهوا ويعرفوا الحقيقة, الذي بدأ يؤثر بشكل ملحوظ  في الوسط السني، حتى أصبح القياديون من أهل السنة يستشعرون خطر التشيع والاستبصار.. إلاَّ أن من الغريب أن المتون الدالة على تحريف القرآن، هي أكثر وأوفر في كتب أهل السنة.. نذكر منها لكم رواية صحيحة السند من كتب أهل السنة تدل على أن كثيراً من آيات القرآن الكريم قد فُقدت: في كتاب "فضائل القرآن" لأبي عبيد القاسم بن سلام، قال: حد ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله، وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر(1).
أقول: السند صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، وأيوب يدور بين رجلين، كلاهما ثقة.
وعنه السيوطي في الإتقان في علوم القرآن(2).
تفصيل الإسناد: ابن عمر: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، صحابي، من رجال الستة.
نافع: هو نافع أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من رجال الستة.
أيوب: يصلح أن يكون أحد رجلين كلاهما ثقة:
الأول: أيوب بن أبى تميمة، كيسان السختيانى، أبو بكر البصرى، ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد، من رجال الستة.
والثاني: أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشى الأموى، فقيه ثقة، من رجال الستة. إسماعيل بن إبرهيم: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدى مولاهم أبو بشر البصرى، المعروف بابن علية، ثقة حافظ إمام حجة، من رجال الستة. أبو عبيد القاسم بن سلام (المصنِّف): ترجم له الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ، فقال: كان حافظاً للحديث وعلله، ومعرفته متوسطة، عارفاً بالفقه والاختلاف، رأساً في اللغة، إماماً في القراءات، له فيها مصنف.. هذه رواية واحدة ضمن كثير من الروايات التي في كتب أهل السنة، والتي تدل على تحريف القرآن الكريم.. علماً أن كاتب هذا الموضوع يعتقد بسلامة القرآن من التحريف بدليل الاية الكريمة, قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(3), فالرب جلا وعلا متكفل بحفظه من التحريف وصيانته من كل نقص وزيادة وتاتي هذه الرويات الواردة عن المصادر السنية ورجالها كلهم يعدون من الثقات وفيهم من هو حافظ للقران الكريم ويقول بالتحريف في قبال النص القرآني, فالقاعدة عندنا كل ماخالف القران الكريم مضمونا او نصا يضرب بعرض الجدار, هكذا ورد عن الائمة من اهل البيت (عليهم السلام)، وأن هذه الخزعبلات التي توجد في كتب السنة، لا نصيب لها من الصحة.. واذا سلمنا بهذه الروايات القائلة بالتحريف. فان مدى اعتبارية هذه الرويات تدور مدار القران الكريم حدوثا و بقاءاً فتعتمد عليه إذ إنّ القرآن نفسه أرشد إلى السنة في تبيينه وتفسيره وهذا يعني أنّ حجية أيّ رواية تدور مدار إمضاء القرآن لها وعدمه فان أمضى صارت الرواية حجة وإلاّ فلا، وبناءً على هذا فاذا كان نصُّ الرّوايات ـ بعد الفراغ من صحة السند ـ موافقاً للقرآن فبها; وإلاّ وجب طرحه كما هو حال السيرة المتلقاة عن المعصومين (عليهم السلام). وهنا عندنا طائفتان من الرّوايات: الاولى تثبت التّحريف في القرآن والاخرى تنفيه فاذا عرضناهما على القرآن رأينا بوضوح ان القرآن ينفي الاولى ويثبت الثانية، فاسقاط روايات التّحريف أمر لابد منه. بل ان روايات التّحريف مخالفة للسنة القطعية أيضاً اذ كيف يمكن للعترة التي هي مبيّنة للوحي ووارثة للكتاب وعدل القرآن ـ بدليل حديث الثقلين(4) ـ أن تكون على خلاف الهدف الذي نزل من أجله القرآن وتخالف تعاليمه صراحةً، ونظراً للأهمية الكبرى لهذه المسألة (أي إثبات التّحريف في القرآن) فقد لزم أن تكون الرّوايات في هذا الموضوع نصوصاً صريحة واضحة الدلالة على المراد، وإلاّ صارت مُضِلّةً ومضيّعة للإنسان ومبعدة له عن القرآن وعن السنّة الصحيحة; إذ كيف يمكن لنا الهداية إذا كان القرآن محرّفاً والسنة غير صحيحة؟ ذلك لأنّ القرآن إذا كان محرّفاً فلا يمكن اعتباره معياراً لمعرفة صحيح الأحاديث من سقيمها كي يتمّ الاعتماد على الصحيح منها. وبهذه المقدّمة اتّضح أنّ ذلك العدد القليل من المحدّثين الذين يصرفون همهم إلى زيادة عدد الرّوايات دون التحرّي عن صحتها وسقمها، قد اعتمدوا على تلك الرّوايات ـ التي تشعر بظاهرها على التحريف ـ نتيجة غفلتهم عن النكتة آنفة الذكر، وبالتالي صارت الرّوايات عندهم حاكمة على القرآن في حال كونها مقابلة للنصوص الصريحة الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) في حاكمية القرآن، ومخالفة صراحة لظاهر القرآن الذي أوكل الى السنّة الشريفة تبيين الوحي وتفسيره، ومعنى هذا الإيكال هو أنّ الرّوايات في مدار تبيين الوحي صارت حجة فقط لا غير. فاتضح ان رواياتهم المنقولة في التحريف تحدث ارباكا في هدي بن البشر الى الدين الاسلامي من خلال هذا الكم الهائل من الرويات القائلة بالتحريف بحيث لو اطلع عليها مستبصر يريد الدخول الى الاسلام من طوع نفسه وليس ماجورا بأموال, اي الانسان الباحث عن حقيقة المذهب والدين الحق فعندما يجد عراقيل من هذه المحبطات الصاده عن الاسلام الحنيف, لأُحتُمل بقاءه على دينه المضل ومذهبه الضال فنكون قد خسرنا عنصرا محب للإسلام ولأحتمل ان نكون نخسر امة كاملة بسبب جهل الجاهلين والمنافقين الحاقدين على الاسلام واهله المُنصبين بنص القران الكريم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)(5). دلالة على التنصيب الالهي للعترة الطاهرة في رد المعاند الحاقد, وإنما صار واضحا وجلياً من الموضوع هذا: أن نعرف أن خصوم الشيعة انتقائيون إلى حد مفرط ومريب، فهم ينتقدون شيعة أهل البيت (عليهم السلام) لأن فيهم من قال بالتحريف، بينما يغضون الطرف عن هذا الكم الهائل من الروايات في كتب أهل السنة التي لا يُعقل أن علماءهم رووها بصحيح الإسناد من غير أن يعتقدوا بمضمونها.. وختام القول اننا نقول بترك هذه الخلافات المفرقة والتي ليس لها الا دليل ضعيف ونسعى في خدمة القران الكريم بتحفيض اطفالنا آياته ونعلمهم أحكامه وطريق لفظه الصحيح ونترك التباغض الذي لا يجلب نفعنا سوى توسيع دائرة الفرقة والتناحر.
____________

(1) فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام: رقم 699، ص115.

(2) الإتقان في علوم القرآن: 2 - 66، برقم 4117.

(3) سورة الحجر: آية 9.

(4) قال رسول الله (صلى الله عليه واله): اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا.

(5) سورة المائدة: آية 67.

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=564
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12