• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : إشكالاتنا الفقهية على فرق المسلمين .
              • القسم الفرعي : مواضيع مختلفة .
                    • الموضوع : محمد بن عبد الوهاب يجيز التوسل وذكر ادلة جوازه .

محمد بن عبد الوهاب يجيز التوسل وذكر ادلة جوازه

بسم الله الرحمن الرحيم


قلتم أن التوسل شرك اكبر وكفرتم المسلمين ومزقتم الأمة واليوم نرى التكفير عندكم بالمجان وأعطيتم لأعداء الإسلام هدية مجانية للنيل منها وكما نرى أئمتكم وسلفكم كانوا يرون جواز التوسل والتبرك والاستغاثة بل نرى أنها كانت سيرة الصحابة على الجواز بل ان رسول الله (صلى اله عليه وآله وسلم) يعلم الناس الاستغاثة والتوسل وقلتم ان نداء الغائب شرك.
بيد إننا لم نرى أي عالم من علماء السنة كان يحرمه قبل ابن تيميـة.
لا بأس أن اذكر أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كفر الناس بالتوسل بيد انه هو يرى التوسل جائز وهي مسألة فقهية مما يترك الأثر في النفس ويضع علامات استفهام حول هذا الرجل بان هذا الرجل تحوم عليه الشبهات وسفك الكثير من الدماء في العراق وغير العراق أبان فترة الهيمنة البريطانية والحروب بينها وبين الدولة العثمانية.
يقول في كتابه فتاوى ومسائل:
العاشرة - قولهم في الاستسقاء: لا بأس بالتوسل بالصالحين: وقول أحمد: يتوسل بالنبي (صلى الله عليه وسلم) خاصة, مع قولهم إنه لا يستغاث بمخلوق, فالفرق ظاهر جداً, وليس الكلام مما نحن فيه, فكون بعض يرخص بالتوسل بالصالحين وبعضهم يخصه بالنبي (صلى الله عليه وسلم), وأكثرالعلماء ينهي عن ذلك ويكرهه, فهذه المسألة من مسائل الفقه, ولو كان الصواب عندنا قول الجمهور إنه مكروه فلا ننكر على من فعله, ولا إنكار في مسائل الاجتهاد, لكن إنكارنا على من دعا لمخلوق أعظم مما يدعو الله تعالى, ويقصد القبر يتضرع عند ضريح الشيخ عبد القادر أو غيره يطلب فيه تفريج الكربات, وإغاثة اللهفات, وإعطاء الرغبات فأين هذا ممن يدعو الله مخلصاً له الدين لا يدعو مع الله أحداً, ولكن يقول في دعائه: أسألك بنبيك, أو بالمرسلين, أو بعبادك الصالحين, أو يقصد قبر معروف أو غيره يدعو عنده, لكن لا يدعو (إلا) الله مخلصاً له الدين, فأين هذا مما نحن فيه؟(1)

فنرى ان الله عز وجل يرخص لنا باتخاذ الوسيلة إليه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(2).
وهناك أحاديث كثيرة جدا تدل على جواز التوسل وان الرسول الأعظم أمرنا به فكيف تكفرون الناس على أمر كان رسول الله (صلى الله عليه وآله و سلم) يعلم الناس, وهل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلم الناس الشرك والعياذ بالله وتريدون أن تلزموا الآخرين بفهمكم وان كان يخالف صريح قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وبهذا الفهم تكفرون الناس وتستبيحون دمائهم ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهانا عن فعل ذلك فقد اخرج عدة من الحفاظ من الترمذي قال: حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا عثمان بن عمر أخبرنا شعبة عن أبى جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف: أن رجلا ضرير البصر أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : ادع الله أن يعافيني قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك. قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوه بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلى ربى في حاجتي هذه لتقضى لي اللهم فشفعه في.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(3)
واخرج الحاكم في المستدرك على الصحيحين قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا العباس بن محمد الدورى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن أبى جعفر المدينى قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف: إن رجلا ضريرا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ادع الله أن يعافيني فقال: ان شئت أخرت ذلك وهو خير وان شئت دعوت قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء فيقول: اللهم أنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد أنى توجهت بك إلى ربى في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه في وشفعني فيه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص.(4)
وأخرجه في عدة مواضع بالمستدرك بأسانيد أخرى قال في أحدها: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه, وقال في آخر: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي في الموضعين.(5)

وقد صرح ابن تيمية بصحة الحديث وقال: وقد روى الترمذي حديثا صحيحاً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه علّم رجلاً أن يدعوا فيقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، يا رسول الله، إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي، اللهم شفعه فيّ.(6)

أخرج البخاري في صحيحه بالإسناد عن أنس بن مالك: أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا أستسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنّا كنا نتوسل إليك بنبينا (صلى الله عليه وسلم) فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيُسقون.(7)
وقد صرح جمع من علماء السنة منهم الألباني والإرناؤوط والحاكم والذهبي والترمذي وغيرهم من العلماء بصحة هذا الحديث وبهذا الحديث تصريح واضح بان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعلم الصحابة كيفية التوسل وان التوسل مشروعيته ثابتة في القرآن والسنة النبوية.
ولم نر احد من السلف والعلماء قبل ابن تيمية ادعى بحرمة التوسل وقد صرح الإمام احمد بجواز التوسل بذات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). يقول أبو الحسن المرداوي الحنبلي في الإنصاف(8): يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب، وقيل يستحب. قال الإمام أحمد للمروذي: يتوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره، وجعله الشيخ تقي الدين كمسألة اليمين به قال والتوسل بالإيمان به وطاعته ومحبته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحوه مما هو من فعله أو أفعال العباد المأمور بها في حقه مشروع إجماعا وهو من الوسيلة المأمور بها في قوله تعالى: اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة(9).
فهل تستطيعون أن تقولوا إنكم فهمتم الأدلة أكثر من الإمام احمد وان العلماء الذين لم يردوا على الإمام احمد وخصوصا ان في تلك الفترات ان من يأتي بأمر فيه خلاف الشريعة يرد عليه بحزم بحيث يصل الأمر إلى الاستتابة وإلا تضرب عنقه كما قال ابن أبي ذئب عند معارضته لحكم أفتى به الإمام مالك فقال: يستتاب مالك وإلا تضرب عنقه, وعدم الرد على الإمام احمد يكشف عن الإجماع, فهل يقولوا أن الإمام احمد مشرك أو تكفيركم للناس جاء من طريق الجهل وان التوسل ثابتة بالقرآن والسنة وسيرة السلف.
والآلوسي في روح المعاني يقول: ...وبعد هذا كلـه لا أرى بأساً في التوسـل إلى الله بجاه النبي (صلى الله عليه وسلم) عند الله تعالى حياً وميتاً، ويراد معنى يرجع إلى صفة من صفاته تعالى، مثل أنْ يراد به المحبة التامة المستدعية عدم رده وقبول شفاعته، فيكون معنى قول القائل: إلهي أتوسل إليك بجاه نبيك (صلى الله عليه وسلم) أنْ تقضي لي حاجتي، إلهي اجعل محبتك له وسيلة في قضاء حاجتي، ولا فرق بين هذا وقولك: إلهي أتوسل برحمتك أنْ تفعل كذا، إذْ معناه أيضاً: إلهي اجعل رحمتك وسيلة في فعل كذا، بل لا أرى بأساً بالإقسام على الله تعالى بجاهه (صلى الله عليه وسلم) بهذا المعنى، والكلام في الحرمة كالكلام في الجاه، ولا يجري ذلك في التوسل والإقسام بالذات، نعم لم يعهد التوسل بالجاه والحرمة عن أحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
إلى أن يقول: إنّ التوسل بجاه غير النبي (صلى الله عليه وسلم) لا بأس به أيضاً إنْ كان المتوسل بجاهه مما علم أنّ له جاهاً عند الله تعالى كالمقطوع بصلاحه وولايته...(10).
وهل يقولوا أن الآلوسي مشرك شرك اكبر, وهناك كثير من العلماء قد صرحوا بجواز التوسل ولكن نكتفي خوف الإطالة.

____________
(1) فتاوى ومسائل المسألة العاشرة.
(2) المائدة: اية 35.
(3) سنن الترمذي: ج5 ص228، 229 ح3649.
(4) المستدرك على الصحيحين: ج1 ص458 ح1180 من الطبعة الحديثة.
(5) المستدرك على الصحيحين: ج1 ص519 ، وص 526، 527 ط1، وج1 ص707 ، 708 ح1929 ، 1930 من الطبعة الحديثة، وراجع أيضا مسند أحمد بن حنبل ج4 ص138 ط1.
(6) كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية: 171. ط دار الكتاب العربي/ بيروت. 
(7) فتح الباري: ج7 ص96 ح3710.
(8) الإنصاف فيما ترجح من الخلاف: ج2 ص 456 ط. دار إحياء التراث العربي / بيروت.
(9) المائدة: اية 35.
(10) تفسير روح المعاني: ج4 ص 187 , 188 ط. دار الفكر / بيروت.

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=563
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12