• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين .
              • القسم الفرعي : في العهود المتأخرة .
                    • الموضوع : ابن تيمية يطعن في إيمان الإمام علي (عليه السلام) .

ابن تيمية يطعن في إيمان الإمام علي (عليه السلام)

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن للإمام علي (عليه السلام) مكانة خاصة في قلب كل مؤمن؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق)(1).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (من أحبَّ عليًّا فقد أحبَّني، ومن أحبني فقد أحبَّ الله عز وجل، ومن أبغض عليًّا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل)(2).

ولكننا نقرأ في كلام ابن تيمية ما نصه: الله قد أخبر أنه سيجعل للذين آمنوا وعملوا الصالحات وُدًّا، وهذا وعد منه صادق. ومعلوم أنَّ الله قد جعل للصحابة مودة في قلب كل مسلم، لاسيما الخلفاء رضي الله عنهم، لاسيما أبو بكر وعمر فإن عامة الصحابة والتابعين كانوا يودونهما، وكانوا خير القرون، ولم يكن كذلك عليٌّ؛ فإنَّ كثيرًا من الصحابة والتابعين كانوا يبغضونه ويسبونه ويقاتلونه(3).
تتلخص فكرة ابن تيمية في أنَّ المؤمن هو من يجعل الله له في قلوب المسلمين مَودَّة، وسادة المسلمين (كثير من الصحابة والتابعين) لم يكونوا يودون عليّاً (رضي الله عنه)..

والنتيجة لا يصرح بها ابن تيمية لأحد أمرين: إمَّا لكونِها أوضح من أن تحتاج إلى توضيح، وإمَّا لأنه يخاف أن يُتَّهم بالنصب والانحراف عن عليٍّ، لأنَّ هذا سيسقطه من عيون المسلمين، فالجميع يعتقد أن المنحرف عن علي مطعون في دينه وإيمانه.. ونحن نعلق على كلام ابن تيمية بما يلي:
1ـ إنَّ ما ذكره دليل على هناك الكثير من الصحابة كانوا يسبون الإمام عليّاً ويبغضونه ويقاتلونه، وهذا دليل على أن المسألة لم تكن مجرد اجتهاد على قاعدة مسائل سياسية بحتة، بل الموضوع يرتبط بشعورهم العدائي للإمام عليٍّ.
2ـ إننا نعتقد أن المعلومة التي ذكرها ابن تيمية تقتضي منا أن نقف موقفاً مسؤولاً إزاء مجتمع الصحابة، إذ لم يتم بعد تحديد أشخاص الصحابة الذين كانوا يبغضون عليّاً ويسبّونه، وبناء عليه لا يمكن الترضّي عن مجتمع الصحابة بأكمله، ما دام قد ثبت أنه يشتمل على كثير من هذه العيِّنات.
3ـ إنَّ ابن تيمية حاول أن ينتقص من قدر الإمام علي (عليه السلام) من خلال ما ذكره، إلاَّ أنَّ الالتفات إلى الحديثين اللذين افتتحنا بِهما مقالنا، وإلى غيرهما من الأحاديث التي جاءت في فضل الإمام (عليه السلام)؛ الالتفات إلى ذلك يجعلنا نقول لابن تيمية: إن ما ذكرته لا يمثل طعناً في عليٍّ، بل طعناً في المنحرفين عنه..

والسر في ذلك هو أنَّ الأحاديث الإسلامية وضعت عليّاً في موقع الميزان الذي على أساسه يتم معرفة إيمان أو عدم إيمان الآخرين، وقد عُلم بِهذا أنَّ من انحرف عنه فليس بمؤمن، وحينئذ فالآية الكريمة التي تدل على أن الله يجعل المودة للمؤمن في قلوب الآخرين؛ لا تشملهم، لأنَّ من الواضح أنَّ المقصود من جعل المودة هو جعلُها في قلوب المؤمنين خاصة، وليس في قلوب غيرهم.
4ـ إنَّ ما ذكره ابن تيمية يُمثِّل أحدَ الشواهد التي تُبيِّن انحرافه عن الإمام عليٍّ، وهو ما برز في أكثر من موضع من كتابه منهاج السنة.. فنستغرب من المُعجَبين بهذا الرجل، الذين يصفونه بشيخ الإسلام، أفيصلح أن يُطلق هذا الوصف على شخص كلماته تدل على عدم إيمانه؟
والحمد لله رب العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: 4 / 298.

(2) الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: 3 / 288.

(3) منهاج السنة: 7 / 137 مؤسسة قرطبة - 1406، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. محمد رشاد سالم.

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=533
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12