• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : من نحن في التاريخ .
              • القسم الفرعي : نشأة الشيعة .
                    • الموضوع : الشيعة ويوم الجمل .

الشيعة ويوم الجمل

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يفترض البعض أن الشيعة تكوّنت يوم الجمل، حيث ذكر ابن النديم في الفهرست: أنّ عليّاً قصد طلحة والزبير ليقاتلهما حتّى يفيئا إلى أمر الله ـ جلّ اسمه ـ وتسمّى من اتّبعه على ذلك الشيعة، وكان يقول: شيعتي، وسمّاهم: الاَصفياء، الاَولياء، شرطة الخميس، الاَصحاب(1).
وعلى ذلك جرى المستشرق «فلهوزن» حيث يقول: بمقتل عثمان انقسم الاِسلام إلى فئتين: حزب عليّ، وحزب معاوية، والحزب يطلق عليه في العربية اسم «الشيعة» فكانت شيعة عليّ في مقابل شيعة معاوية، لكن لمّا تولّى معاوية الملك في دولة الاِسلام كلّها... أصبح استعمال لفظة «شيعة» مقصوراً على أتباع عليّ(2).
الملفت للنظر أن ما ذكره ابن النديم من تقسيمه لشيعة عليّ (عليه السلام) إلى الاَصفياء والاَولياء و... هو عين التقسيم الذي أورده البرقي(3) لاَصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال:
أصحاب أمير المؤمنين: من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم): الاَصحاب، ثمّ الاَصفياء، ثمّ الاَولياء، ثمّ شرطة الخميس:
من الاَصفياء من أصحاب أمير المؤمنين: سلمان الفارسي، المقداد، أبو ذر، عمّار، أبو ليلى، شبير، أبو سنان، أبو عمرة، أبو سعيد الخدري (عربي أنصارى) أبو برزة، جابر بن عبد الله، البراء بن عازب (أنصاري)، عرفة الاَزدي، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا له فقال: «اللّهمّ بارك له في صفقته».
وأصحاب أمير المؤمنين، الذين كانوا شرطة الخميس كانوا ستّة آلاف رجل، وقال عليّ بن الحكم: (أصحاب) أمير المؤمنين الذين قال لهم: «تشرّطوا إنّما أُشارطكم على الجنّة، ولست أُشارطكم على ذهب أو فضّة، إنّ نبيّنا (عليه السلام) قال لاَصحابه فيما مضى: تشرّطوا فانّي لست أُشارطكم، إلاّ على الجنّة»(4), وممّا تقدّم يظهر أنّ من عدّه ابن النديم من أصحاب الاِمام رجالاً ماتوا قبل أيام خلافته كسلمان و أبو ذر والمقداد، وكلّهم كانوا شيعة للاِمام، فكيف يكون التشيّع وليد يوم الجمل؟ والظاهر وجود التحريف في عبارة ابن النديم.
على كل تقدير فما تلونا عليك من النصوص الدالّة على وجود التشيّع في عصر الرسول وظهوره بشكل جليّ بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم وهذا قبل أن تشبّ نار الحرب في البصرة، دليل على وهن هذا الرأي ـ على تسليم دلالة كلام ابن النديم ـ فإنّ الاِمام وشيعته بعد خروج الحقّ عن محوره، واستتباب الاَمر لاَبي بكر، رأوا أنّ مصالح الاِسلام والمسلمين تكمن في السكوت ومماشاة القوم، بينما كان نداء التشيّع يعلو بين آن وآخر من جانب المجاهرين بالحقيقة، كأبي ذر الغفاري وغيره، ولكن كانت القاعدة الغالبة هي المحافظة قدر الاِمكان على بقاء الاِسلام وعدم جرّ المسلمين إلى صدام كبير ونار متأجّجة لا تبقي ولا تذر، والعمل قدر الاِمكان لدعم الواجهة السياسية للخلافة الاِسلامية ورفدها بالجهد المخلص والنصح المتواصل. إلاّ أنّ الاَمر عندما آل إلى الاِمام عليّ وجدت شيعته متنفساً واسعاً للتعبير عن وجودها والاِفصاح عن حقيقتها، فظهرت بأوضح وأجلى صورها، فمن هنا وقع أصحاب هذه الفرضية وغيرها في هذه الاشتباهات الواضحة البطلان.
____________
(1) ابن النديم، الفهرست: 263، ط القاهرة.
(2) الخوارج والشيعة: 146 (ترجمة عبد الرحمن بدوي، ط القاهرة).
(3) توفّي البرقي عام (274) أو (280) وألّف ابن النديم كتابه عام (377) وتوفّي عام (378).
(4) البرقي: الرجال 3.


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=515
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 22