• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : عقائدنا (الشيعة الامامية) .
              • القسم الفرعي : في النبوة .
                    • الموضوع : الفرق بين المعجزة والكرامة .

الفرق بين المعجزة والكرامة

بسم الله الرحمن الرحيم

من منطلق حكمة الله وعدل الله سبحانه وتعالى، وهو المهتم بهداية عباده فإنّ النبي الذي يدعي النبوة وتثبت معجزته فهو صادق في دعواه.

وإذا كان كاذباً في دعواه النبوة - افتراضاً - لم يكن لائقاً بالله أن يُمكّنَ الكاذبَ في ادّعاء النبوّة من الإتيان بالمعجزة، لأنّ الناس سَيُؤمنون به إذا رأوا قدرته على الإتيان بالعَمَل الخارق للعادة، وسيَعملون بأقوالِهِ فيكونُ ذلِك إضلالًا للناس إذا كان المُدّعي للنبوّة كاذباً، ولا شكّ أنّ هذا يتنافى مع عَدلِ الله وحكمته.
لذا فإن الفرق بين المعجزة والكرامة هو: أن الذي يأتي بالعمل الخارق للعادة وكان مقارناً مع دعوى النبوة فهذا يسمى معجزة. واما إذا كان غير مقارن لدعوة النبوة فهو كرامة.

وما نزول المائدة السماويّة على السيدة مريم أُم النبي السيد المسيح (عليه السلام) وانتقال عرش بلقيس ملكة سبأ في سرعة خاطفة من اليمن إلى فلسطين على يد فردٍ بارزٍ من أنصار النبي سليمان (آصف بن برخيا) إلا أمثلة على الكرامة التي أجريت.

وقد أخبرَ القرآنُ الكريم بكلا الحَدَثين إذ قال في شأن مريم: «كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَريّا الِمحْرابَ وَجَد عِنْدَها رِزْقاً»«1».
وقال حول حادثة عرش بلقيس أيضاً: «وقالَ الّذي عِنْدَهُ علْمٌ مِنَ الِكتابِ أَنا آتِيكَ بِهِ قبْلَ أنْ يرتَدَّ إليْكَ طرفُك»«2».
الفرق بين المعجزة والسِحر
إن الفَرق بين المعجزة وبين غيرها من الأعمال الخارقة يتلخّص في الأُمور التالية:
ألف: عَدَمُ التعلّم في المعجزة: فإنّ الآتي بالمعجزة يقوم بالإتيان بالمعجزة من دون سَبْق تعلّمٍ، في حين يتم الإتيان بالأعمال الخارقة الأُخرى نتيجة سلسلة من التعليمات والتمرينات.
فالنبيّ موسى (عليه السلام) بعد أن انقضت فترةُ شبابه ذَهَب إلى مصر، وفي أثناء الطريق خوطب أن يا موسى ألقِ عصاك فإذا العَصا تتحول إلى ثعبان عظيم، بحيث استوحَشَ موسى لذلك«3».
وخُوطب أن أدخِل يَدَك في جَيبك، ولمّا أخرجها فإذا هي تضيئ إضاءةً قويةً، تخلب الأبصار«4».
باء: عدم إمكان معارضةِ المعجزة: فإنّ المعجزة لكونها تنبُع من قدرة الله المطلقة لا يمكن معارضتها والإِتيان بمثلها قط، على حين يمكن معارضة السِحر والشعوذة، وما شابههما ممّا يفعلُه المرتاضون بمثلها لكونها تنشأ من قدرة البشر المحدودة المتناهية.
جيم: التحدّي: إنّ الآتي بالمعجزة يتحدّى الآخرين بمعجزته أي يدعوهم إلى معارضته ومقابلته بمثله، في حين لا يفعل السَحَرة والمرتاضون ذلك، لإِمكانِ معارضتهم، ومقابلتهم بمثل ما يأتون به.
دال: عدم المحدودية: فإنّ معاجزَ الأَنبياء ليْست محدودة بنوعٍ أو نوعين بل هي متنوّعة بحيث لا يمكن الإشارة إلى جامع مشتَرك بينها.
فمثلًا أينَ إلقاء العصا وانقلابُهُ إلى حَيّةٍ، وإدخال اليد في الجَيب وإِخراجها بيضاءَ تنير؟
وكذا أين هاتَين المعجزتين وأين إنباعُ الماء، واستخراجه من صخرة بضربةٍ من عصا لا غير؟
كما وأين هذه المعاجز الثلاث وأين تجفيف البحر، وفتح ممراتٍ يابسةٍ عظيمةٍ في قاعِهِ بضربةٍ من عصا على الحجر أيضاً؟
إننّا نقرأ: انّ عيسى (عليه السلام) صنع من الطين كهيئة الطير، ثم نَفَخَ فيها الروح فصارت طيوراً حيَّة بإِذنِ الله.
كما نقرأ انّه (عليه السلام) كان بالمسح بيده على وجوه العميان وأجساد المصابين بالبرص يمنحهم الشفاء، بل ويُحيي الموتى، وينبئ عَمّا ادَّخره الناسُ في بيوتهم إلى غير ذلك من المعاجز العديدة.
هاء: وأساساً إنّ الذين يأتون بالمعجزة والكرامة يمتازون عن السَحَرة الذين يأتون بالخوارق من الأعمال من حيث الهَدَف وكذا من حيث النَفْسِيّات.
فالفريقُ الأوَّل يهدفون إلى غايات سامية، وأغراض قيّمة، بينما يهدف الفريق الثاني إلى أهدافٍ دنيويّة.
ومن الطبيعي أن يختلف الفريقان على أساس ذلك في النفسيات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة ال عمران: 37.
(2) سورة النمل: 40.
(3) سورة القصص: 31.
(4) سورة القصص: 32.

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=46
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12