• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين .
              • القسم الفرعي : طاعة الحكام الظلمة .
                    • الموضوع : تكفير السلفية للدولة العثمانية!! .

تكفير السلفية للدولة العثمانية!!

بسم الله الرحمن الرحيم

ان ظاهرة التكفير هي افة تنخر في جسد الامة الاسلامية منذ القدم الى ان وصلت الامة لمرحلة من النضوج التفتت الى خطورة هذا الامر فانحسر التكفير الى ان وصلت النوبة الى اتباع محمد بن عبد الوهاب فاعادوا هذا الامر بشدة فراحوا يكفرون المسلمين عند ادنى اختلاف معهم وكانهم لم يقرأوا قوله تعالى: (وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)(1). وفي الأحاديث الصحيحة النهي الشديد والوعيد لمن يرمي غيره بالكفر، فقد روى البخاري وأحمد: «من رمي مؤمنًا بكفر فهو كقتله». «إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما».
والأحاديث بمثل هذا المعنى كثيرة، وما ذلك إلا لما يستلزمه الكفر من النتائج الخطيرة التي من جملتها إباحة الدم، والمال، وفسخ عصمة الزوجية، وامتناع التوارث، وعدم الصلاة عليه، ومنع دفنه في مقابر المسلمين، وغيرها من البلايا والرزايا نعوذ بالله تعالى منها.
و بسبب ما ورد فيه من الوعيد حذّر أشد التحذير من التكفير جماعة من العلماء حتى قال الإمام السبكي: «ما دام الإنسان يعتقد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتكفيره صعب».
وقال أبو إسحاق الإسفرائيني: «لا أكفر إلا من كفرني».
وقد فسر البعض كلام الاسفراييني: وربما خفي لسبب ما هذا القول على بعض الناس وحمله على غير محمله الصحيح، والذي ينبغي أن يحمل عليه أنه لمح هذا الحديث الذي يقتضي أن من دعا رجلاً بالكفر وليس كذلك، رجع عليه الكفر، وكذلك قوله (صلى الله عليه وسلم): «من قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما»، وكأن هذا المتكلّم يقول: الحديث دلّ على أنه يحصل الكفر لأحد الشخصين إما المكفِّر أو المكفَّر، فإذا كفرني بعض الناس فالكفر واقع بأحدنا، وأنا قاطع بأني لست بكافر فالكفر راجع إليه.
وقد بالغ الإمام أبو حامد الغزالي حتى نفى الكفر عن كل الطوائف فقال: هؤلاء أمرهم في محل الاجتهاد، والذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيلاً، فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة المصرحين بالتوحيد خطأ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم مسلم.
وكلام الغزالي الذي لا يسلمه له بعض من العلماء هو نموذج من التشديد على من يستسهل إطلاق الكفر على الناس.
«وفي جامع الفصوليين روي الطحاوي: لا يخرج الرجل من الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه، ثم ما تيقن أنه ردة يحكم بها، وما يشك أنه ردة لا يحكم بها؛ إذا الإسلام الثابت لا يزول بالشك، مع أن الإسلام يعلو وينبغي للعالم إذا رُفع إليه هذا أن لا يبادر بتكفير أهل الإسلام مع أنه يقضي بصحة إسلام المُكره».
وفي الفتاوى الصغرى: «الكفر شيء عظيم فلا أجعل المؤمن كافرًا متى وجدت رواية أنه لا يكفر».
وفي الخلاصة وغيرها: إذا كان في المسألة وجوه توجب الكفر ووجه واحد يمنعه، فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير تحسينًا للظن بالمسلم، زاد في البزازية: «إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر فلا ينفعه التأويل، وفي التتار خانية: لا يكفر بالمحتمل؛ لأن الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في الجناية والاحتمال لا نهاية معه».
«والذي تحرر أنه لا يفتي بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة، فعلى هذا فأكثر ألفاظ التكفير المذكور لا يفتى بالتكفير فيها، ولقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشيء منها». أ.هـ كلام البحر ـ باختصار ـ ومثله نص عليه في تنوير الأبصار مع شرحه رد المحتار، وعلق ابن عابدين على قوله: ولو رواية ضعيفة بقوله: قال الخير الرملي: أقول: ولو كانت الرواية في غير أهل مذهبنا، ويدل على ذلك اشتراط كون ما يوجب الكفر مجمعًا عليه». وقال ابن تيمية في الفتاوى: وأجمع الصحابة وسائر أئمة المسلمين على أن ليس كل من قال قولاً أخطأ فيه أنه يكفر بذلك وإن كان قوله مخالفًا للسنة، فتكفير كل مخطئ خلاف الإجماع، لكن للناس نزاعا في مسائل التكفير قد بسطت في غير هذا الموضع ـ والمقصود هنا ـ أن ليس لكل من الطوائف المنتسبين إلى شيخ من الشيوخ أو لإمام من الأئمة أن يكفروا من عداهم، بل في الصحيح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما». ومع هذا نجد ان هذه الظاهرة عادت بعودة ظهور المتشددين من اتباع ابن عبد الوهاب فهذا نص يكفرون به الدولة العثمانية كلها فقد ورد ورد في كتاب الدرر السنية في الاجوبة النجدية :سئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف؛ عمن لم يكفّر الدولة؛ ومن جرأهم على المسلمين؛ واختيار ولايتهم؛ وانه يلزمه الجهاد معه؛ والاخر لا يرى ذلك كله؛ بل الدولة ومن جرهم بغاة؛ ولا يحل منهم الا ما يحل من البغاة؛ وان ما يغنم من الاعراب حرام؟
فاجاب: من لم يعرف كفر الدولة؛ ولم يفرق بينهم وبين البغاة من المسلمين؛ لم يعرف معنى لا اله الا الله؛ فان اعتقد مع ذلك: ان الدولة مسلمون؛ فهو اشد واعظم؛ وهذا هو الشك في كفر من كفر بالله؛ واشرك به؛ ومن جرأهم واعانهم على المسلمين؛ باي اعانة؛ فهي ردة صريحة(2).
ملاحظة: المقصود من الدولة هو الدولة العثمانية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  النساء: 94.

(2) من كتاب: الدرر السنية في الاجوبة النجدية - مجموعة رسائل ومسائل علماء نجد الاعلام من عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب الى عصرنا هذا - جمع الفقير الى الله تعالى عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي - الجزء العاشر - القسم الاخير من: كتاب حكم المرتد - صفحة 429.

 

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=315
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12