بسم الله الرحمن الرحيم
اختلف علماء الكلام في صحة قاعدة قبح تقديم المفضول على الفاضل والامامية مجمعون على اعتبار هذه القاعدة, اما علماء اهل السنة فمنهم من اقرها كابن تيمية وغيره وبالتالي اضطر لاثبات افضلية ابي بكر وعمر وعثمان على الامام علي (عليه السلام) ومنهم من انكر هذه القاعدة اصلا فلم يحتج لاثبات افضليتهم اما ثبوت هذه القاعدة فليس هنا محل بحثها ولتطلب في مظانها واما ثبوت افضلية الامام علي واعلميته على الاخرين فهنا نذكر بعض ما ورد في بيانهما: اعلمية الامام علي بالقرآن: ففي الاستيعاب في معرفة الأصحاب: وروى الحكم بن عتيبة عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: ما رأيت أحداً أقرأ من علي(1).
وأما السنة: فممن شهد بذلك أم المؤمنين عائشة:
1- ففي السنة لأبي بكر بن الخلال: بسنده عن عطاء، قال: سمعت عائشة، تقول: علي أعلم الناس بالسنة(2).
2- وفي تهذيب الآثار للطبري: بسنده عن جسرة بنت دجاجة، قالت: قيل لعائشة: إن علياً أمر بصيام يوم عاشوراء، قالت: هو أعلم من بقي بالسنة(3).
وأما الفقه: فممن شهد بذلك: - عطاء: وفي مقتل علي لابن أبي الدنيا (109) بسنده عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: قلت لعطاء: أكان أحد من أصحاب رسول الله (صلى لله عليه وسلم) أفقه من علي؟ قال: لا والله ما علمته(4).
وأما القضاء: فقد عد من خصائصه أنه أقضى الأمة، ففي الرياض النضرة في مناقب العشرة عقد باباً بعنوان: (ذكر اختصاصه بأنه أقضى الأمة)(5). وذكر تحته شهادة: - (النبي صلى الله عليه واله) له بذلك، وكفى بها. - وشهادة عمر - وابن مسعود
وقد رواهن مسندات غير واحد منهم الإمام القاضي وكيع في كتابه أخبار القضاة(6).وأما الفرائض: ففي الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1: 340) - عن سعيد بن وهب قال: قال عبد الله: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب(7).
- وعن مغيرة قال: ليس أحد منهم أقوى قولاً في الفرائض من علي، قال: وكان المغيرة صاحب الفرائض. بل كان مفزعاً لهم عند المعضلات: ومما جاء في ذلك: - ما رواه الحافظ ابن أبي الدنيا في كتابه مقتل علي بسنده عن سماك بن حرب قال: كان عمر بن الخطاب يقول لعلي بن أبي طالب عندما يسأله من الأمر فيفرجه عنه: لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن(8).
- وفي الاستيعاب لابن عبد البر (1: 339): عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن، وقال في المجنونة التي أمر برجمها وفي التي وضعت لستة أشهر، فأراد عمر رجمها فقال له علي: إن الله تعالى يقول: «وحمله وفصاله ثلاثون شهراً»... فكان عمر يقول: لولا علي لهلك عمر(9).
وكونه مرجعاً عند المشكلات: واستقراء موارد دلالة الصحابة السائلين عليه، وإرشادهم إليه، تسفر عن عدد ضخم جداً لا مجال لذكره، لكني أشير لضيق المقام إلى أن المحب الطبري قد ذكر نبذاً من ذلك، وجعل هذا من خصائصه، فقال في كتابه الرياض النضرة في مناقب العشرة: ذكر اختصاصه بإحالة جمع من الصحابة عند سؤالهم عليه، وعد منهم: أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة ومعاوية(10). وما اشتهر عن أحد من الصحابة أنه قال على الملأ: سلوني غيره:
ففي تاريخ دمشق بسنده إلى:
- ابن شبرمة يقول: ما كان أحد يقول على المنبر سلوني عن ما بين اللوحين إلا علي بن أبي طالب(11).
- و سعيد بن المسيب، قال: لم يكن أحد من أصحاب النبي يقول سلوني إلا علي وبسنده عن عمير بن عبد الله قال: خطبنا علي على منبر الكوفة فقال: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فبين الجبلين مني علم جم.
- وسماك عن خالد بن عرعرة قال: أتيت الرحبة فإذا أنا بنفر جلوس قريب من ثلاثين أو أربعين رجلاً فقعدت فيهم، فخرج علينا علي فما رأيته أنكر أحداً من القوم غيري، فقال: ألا رجل يسألني فينتفع وينفع نفسه.
ومن هنا كان منهم من لا يعدو رأيه:
ومن أولئك:
1-حبر الأمة: ابن عباس: ففي تاريخ دمشق: بسنده عنه أنه قال:
- إنا إذا ثبت لنا الشيء عن علي لم نعدل به إلى غيره.
- إذا بلغنا شيء تكلم به علي من فتيا أو قضاء، وثبت لم نجاوزه إلى غيره.
- إذا حدثنا ثقة عن علي بقينا لا نعدوها(12).
2- وعمر بن الخطاب: فقد روى القاضي وكيع في أخبار القضاة (1: 89) بسنده عن أنس قال: قال عمر لرجل: اجعل بيني وبينك من كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه؛ يعني علياً(13).
ولم يقتصر ذلك التقديم على محبيه، حتى اعترف به محاربوه:
كما كان شأن معاوية: ومما جاء عنه في هذا، ما يلي:
- في الاستيعاب: وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي بن أبي طالب عن ذلك فلما بلغه قتله قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب...(14).
- وروى ابن أبي الدنيا في كتابه مقتل علي بسنده عن مغيرة قال: لما جيء معاوية بنعي علي بن أبي طالب وهو قائل مع امرأته ابنة قرظة في يوم صائف، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون ماذا فقدوا من العلم والخير والفضل والفقه، قالت امرأته: بالأمس تطعن في عينيه وتسترجع اليوم عليه! قال: ويلك لا تدرين ما فقدنا من علمه وفضله وسوابقه(15).و بسنده عن حجار بن أبجر قال: جاء رجل إلى معاوية فقال سرق ثوبي هذا فوجدته مع هذا فقال: لو كان لهذا علي بن أبي طالب.حتى ردت العلوم بأنواعها إليه، واعتمد واضعوها عليه:
وفي ذلك يقول الإمام ابن الجزري في كتابه مناقب الأسد الغالب (74): (فانتهت إليه رضوان الله تعالى عليه جميع الفضائل من أنواع العلوم، وجميع المحاسن، وكرم الشمائل من الحديث والقرآن والفقه والقضاء، والتصوف والشجاعة والولاية والكرم والزهد والورع وحسن الخلق، والعقل والتقوى وإصابة الرأي؛ فلذلك أجمعت القلوب السليمة على محبته، والفطرة السليمة على سلوك طريقته، فكان حبه علامة السعادة والإيمان، وبغضه محصن الشقاء والنفاق والخذلان، كما تقدم في الأحاديث الصحيحة وظهر بالأدلة الصريحة.
وأما كلام من بعد القرون المفضلة في علو شأوه وتقدمه في العلم، فتحتاج لسفر ضخم.
ولا غرو: فهو باب مدينة علم الرسول (صلى الله عليه واله).....ورأس العترة، وزوج البتول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1: 341).
(2) السنة لأبي بكر بن الخلال رقم (459).
(3) تهذيب الآثار للطبري رقم (1104).
(4) مقتل علي لابن أبي الدنيا (109).
(5) الرياض النضرة في مناقب العشرة ص 267.
(6) أخبار القضاة (1: 89).
(7) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1: 340).
(8) مقتل علي رقم (108).
(9) الاستيعاب لابن عبد البر (1: 339).
(10) الرياض النضرة في مناقب العشرة (ص 265).
(11) تاريخ دمشق (42: 399).
(12) تاريخ دمشق (42: 407).
(13) أخبار القضاة (1: 89).
(14) الاستيعاب (1: 341).
(15) مقتل علي رقم (106) - ورقم (107).
(16) مناقب الأسد الغالب (74).
|