• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين .
              • القسم الفرعي : في عهد الخلفاء .
                    • الموضوع : الرد على التفتزاني واثبات كفر من خرج على الامام علي (عليه السلام) .

الرد على التفتزاني واثبات كفر من خرج على الامام علي (عليه السلام)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من المسائل التي حار بها اهل السنة قضية بغي معاوية وجيشه على الامام علي (عليه السلام) فان مشهور المسلمين على ان معاوية هو اول من بغى في الاسلام وهذا ما يذكره التفتزاني في شرح المقاصد قال: ( ولهذا ذهب الأكثرون إلى أن أول من بغى في الإسلام معاوية)(1).

فالامامية على كفر من خرج على الامام المعصوم قال الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي: ( قالت الامامية: من حارب أمير المؤمنين كان كافرا يدل عليه إجماع الفرقة وأن من حاربه كان منكرا لامامته ودافعا لها ودفع الامامة كفر كما أن دفع النبوة كفر لان الجهل بهما على حد واحد)(2).

بينما حاول سعد الدين التفتزاني الدفاع عن معاوية فقال نعم هو باغي لكن البغي لا يوجب فسقا او كفرا فقال: ( ولقول علي (رضي الله تعالى عنه): إخواننا بغوا علينا, وليسوا كفارا ولا فسقة ولا ظلمة لما لهم من التأويل وإن كان باطلا فغاية الأمر أنهم أخطأوا في الاجتهاد وذلك لا يوجب التفسيق فضلا عن التكفير.

ولهذا منع علي (رضي الله تعالى عنه) أصحابه من لعن أهل الشام وقال: إخواننا بغوا علينا, كيف وقد صح ندم طلحة والزبير رضي الله عنهما وانصراف الزبير رضي الله عنه عن الحرب واشتهر ندم عائشة رضي الله عنها.
والمحققون من أصحابنا على أن حرب الجمل كانت فلتة من غير قصد من الفريقين بل كانت تهييجا من قتلة عثمان رضي الله عنه حيث صاروا فرقتين واختلطوا بالعسكرين وأقاموا الحرب خوفا من القصاص وقصد عائشة رضي الله عنها لم يكن إلا إصلاح الطائفتين وتسكين الفتنة فوقعت في الحرب.
وما ذهب إليه الشيعة من أن محاربي علي كفرة ومخالفوه فسقة تمسكا بقوله (صلى الله عليه وسلم): حربك يا علي حربي, وبأن الطاعة واجبة وترك الواجب فسق فمن اجترا آتهم وجهالاتهم حيث لم يفرقوا بين ما يكون بتأويل واجتهاد وبين ما لا يكون, نعم لو قلنا بكفر الخوارج بناء على تكفيرهم عليا (رضي الله عنه) لم يبعد لكنه بحث آخر.)(3)

اذن التفتزاني يعترف بان معاوية باغي لكن بغيه لتأويل واجتهاد.

مناقشة التفتزاني:

ان روايات: (يا علي حربك حربي وسلمك سلمي) مطلقة غير مقيدة بالمجتهد فتقيده به تحكم من غير دليل. هذا اولا.

وثانيا يرد كل ما ذكره صاحب تلخيص الشافي قال:

وقوله ( عليه السلام ): "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " وميتة الجاهلية لا تكون إلا على كفر.
وقوله : "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" ولا تجب عداوة أحد بالاطلاق دون الفساق.
ومن حاربه كان يستحل دمه ويتقرب إلى الله بذلك واستحلال دم المؤمن كفر بالاجماع وهو أعظم من استحلال جرعة من الخمر الذي هو كفر بالاتفاق فكيف استحلال دم الامام.
وروى عنه المخالف والمؤلف: "يا علي حربك حربي وسلمك سلمي" ومعلوم أنه ( عليه السلام ) إنما أراد أن أحكام حربك تماثل أحكام حربي ولم يرد أن أحد الحربين هو الآخر لان المعلوم خلاف ذلك وإذا كان حرب النبي كفرا وجب مثل ذلك في حربه.
[ وروى ] أبو عيسى في جامعه والسمعاني في كتابه وابن ماجة في سننه وأحمد في المسند والفضائل وابن بطة في الابانة وشيرويه في الفردوس والسدي في التفسير والقاضي المحاملي كلهم عن زيد بن أرقم .
وروى الثعلبي في تفسيره عن أبي هريرة وأبو الجحاف عن مسلم بن صبيح كلهم عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم.
تاريخ الطبري وأربعين ابن المؤذن [ قالا : روى ] أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم.

ابن مسعود قال, قال: النبي ( صلى الله عليه وآله ) له: عاديت من عاداك وسالمت من سالمك.
الخركوشي في اللوامع [ قال ] قال النبي ( صلى الله عليه وآله ): من قاتلني في الاولى وقاتل أهل بيتي في الثانية فأولئك شيعة الدجال(4)

واما قول التفتزاني: ولهذا منع علي (رضي الله تعالى عنه) أصحابه من لعن أهل الشام وقال: إخواننا بغوا علينا, الذي يبين فيه اشكال مفاده لو كانوا كفارا لما عاملهم امير المؤمنين (عليه السلام) معاملة المسلمين وقال هذه المقولة؟

يجيب عنه ايضا صاحب تلخيص الشافي بقوله:

فإن قيل لو كانوا كفارا لوجب أن يسير فيهم بسيرة الكفار فيتبع موليهم ويجهز على جريحهم ويسبي ذراريهم فلما لم يفعل ذلك دل على أنهم لم يكونوا كفارا.
قلنا: لا يجب بالتساوي في الكفر التساوي في جميع أحكامه لانه أحكام الكفر مختلفة فحكم الحربي خلاف حكم الذمي وحكم أهل الكتاب خلاف حكم من لا كتاب له من عباد الاصنام فإن أهل الكتاب يؤخذ منهم الجزية ويقرون على أديانهم ولا يفعل ذلك بعباد الاصنام.

وعند من خالفنا من الفقهاء يجوز التزوج بأهل الذمة وإن لم يجز ذلك في غيرهم، وحكم المرتد بخلاف حكم الجميع.
وإذا كان أحكام الكفر مختلفة مع الاتفاق في كونه كفرا لا يمتنع أن يكون من حاربه ( عليه السلام ) كافرا وإن سار فيهم بخلاف أحكام الكفار.
وأما المعتزلة وكثير من المنصفين من غيرهم فيقولون بفسق من حاربه ( عليه السلام ) ونكث بيعته ومرق عن طاعته و [ لكنهم ] إنما يدعون أنهم تابوا بعد ذلك ويرجعون في ادعاء توبتهم إلى أمور غير مقطوع بها ولا معلومة، من أخبار الآحاد.
والمعصية [ منهم ] معلومة مقطوع عليها وليس يجوز الرجوع عن المعلوم إلا بمعلوم مثله(5).

____________

(1) شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني: الجزء 5 صفحة 309تحقيق و تعليق: الدكتور عبد الرحمن عميره  تصدير فضيلة الشيخ: صالح موسى شرف - عضو هيئة كبار العلماء وعضو مجمع البحوث الاسلامية.
(2) نقلا عن بحار الانوارالجزء29صفحة 321.

(3) شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني: الجزء 5 صفحة 309.

(4) نقلا عن بحار الانوار: الجزء29صفحة 321.

(5) نقلا عن بحار الانوار: الجزء29صفحة 322.

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=1704
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 07 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 9