بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرة هي تجاوزات السلفية على مقام النبوة والرسالة والكتب مشحونة باقوالهم في ذكر معيب وذنوب ارتكبها الانبياء واكثرها كبائر مع اتفاق المسلمين على عصمة الانبياء من الكبائر سهوا وعمدا حتى وصلت جرئتهم الى اتهام النبي الخاتم (صلى الله عليه واله) بانه كان ضالا والعياذ بالله فقد قال شيخهم الالباني في فتاويه (1):
((أنا أقول هؤلاء ولاأتورع من أن أسميهم بإسمهم هؤلاء ضالون عن الحق . ولاإشكال في إطلاق هذا التعبير إسلاميا حين أقول أنهم ضالون عن الحق . فإن الله عزوجل أطلق على نبيه (عليه السلام) أنه حينما كان قبل نزول الوحي عليه يقول : ( ووجدك ضالا فهدى ).فإذا هؤلاء الذين يخالفون الكتاب والسنة فهم بلا شك هم ضالون.اقول:اذن كما ان هؤلاء المنحرفين ضالون عن الحق كذلك النبي والعياذ بالله.فهو وبكل وقاحة يتهم النبي (صلى الله عليه واله) بانه ضال ويستدل بقوله تعالى (ووجدك ضالا فهدى )وكانه لم يقرأ قوله تعالى (ماضل صاحبكم وما غوى) وعموما تعلوا لنقرأ تفسير هذه الاية عند بعض المفسرين:
1-السيد الطباطبائي في الميزان (2)
قوله تعالى: "و وجدك ضالا فهدى" المراد بالضلال عدم الهداية و المراد بكونه (صلى الله عليه وآله وسلم) ضالا حالة في نفسه مع قطع النظر عن هدايته تعالى فلا هدى له (صلى الله عليه وآله وسلم) و لا لأحد من الخلق إلا بالله سبحانه فقد كانت نفسه في نفسها ضالة و إن كانت الهداية الإلهية ملازمة لها منذ وجدت فالآية في معنى قوله تعالى: "ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان"(3) و من هذا الباب قول موسى على ما حكى الله عنه: "فعلتها إذا و أنا من الضالين"(4) أي لم أهتد بهدى الرسالة بعد.فكلام السيد الطباطبائي واضح في ان الهداية التي عندك يارسول الله هي من الله جميعها ولولا هدايته لك فانت في ضلال وهذا لا ينافي ملازمة الهداية له منذ ولادته (صلى الله عليه واله) .واما اذا جئنا الى المفسرين السنة فنجدهم يفسرون الاية بوجه بعيد كل البعد عما ذكره ابن باز:
2- اضواء البيان في تفسير القران بالقران(5) وقوله تعالى في نبينا (صلى الله عليه وسلم) : { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فهدى } (6)أي لست عالماً بهذه العلوم التي لا تعرف إلا بالوحي ، فهذاك إليها وعلمكها بما أوحي إليك من هذا القرآن العظيم .
3- البحر المديد(7)
الإشارة : الحب إذا كان على ظاهر القلب ، ولم يخرق شغافه ، كان العبد مع دنياه ، وآخرته ، بين ذكر ، وغفلة . فإذا دخل سويداء القلب ، وخرق شغافه نسي العبد دنياه وأخراه ، وغاب عن نفسه وهواه ، وضل في محبة مولاه . ولذلك قيل لعاشقة يوسف : { إنا لنراها في ضلال مبين } أي : في استغراق في المحبة حتى ضل عنها ما دون محبوبها . ومنه قوله تعالى : { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فهدى } (8) أي : وجدك ضالاً في محبته ، فهداك إلى حضرى مشاهدته ومقام قربه ، فكان قاب قوسين أو أدنى . وعلامة ودخول المحبة شغاف القلب أربعة أشياء : الاستيحاش ، والإيناس ، وذكر الحبيب مع الأنفاس ، وحضوره مع الحواضر والوسواس . وأنشدوا :
تَاللَّهِ مَا طَلَعت شَمسٌ ولا غربت ... إلاَّ وَذكْرُكَ مَقرُونٌ بِأَنفَاسِي
وَلاَ جَلَسْتُ إلى قوْمٍ أُحدّثُهُم ... إلاَّ وأَنتَ حَدِيثِي بَينَ جُلاّسي
ولا شربتُ لَذيذ الماء مِنْ ظَمَإِ ... إلا رَأيتُ خَيَالاً مَنكَ في الكاسِ
إن كَانَ للنَّاسِ وسوَاسٌ يُوسوِسُهُم ... فَأَنتَ واللَّهِ وَسواسِي وخَنَّاسِي
لَولا نَسيمٌ بِذكراكُم أَفيقُ بهِ ... لكُنتُ مُحتَرِقاً من حرِّ أَنفَاسي
وقال آخر :خَيَالُك في وَهمِي ، وذَكرُكَ في فَهمِي ... ومَثواكَ فِي قَلبِي ، فَأَين تَغِيب؟
ويؤيد ذلك ماجاء في السنة كما في الدر المنثور (9)
((أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ووجدك ضالاً فهدى } قال : وجدك بين ضالين فاستنقذك من ضلالتهم .))
ــــــــــــــــــــــ
(1)الالباني في فتاويه الصفحة رقم 432:
(2)السيد الطباطبائي في الميزان ج20ص174
(3) الشورى: 52،
(4)الشعراء: 20
(5) البيان في تفسير القران بالقرانج2ص316
(6) الضحى : 7
(7)البحر المديد ج3ص106
(8) [ الضحى : 7 ]
(9)الدر المنثور ج10ص286 |