• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : إشكالاتنا التاريخية على فرق المسلمين .
              • القسم الفرعي : في عهد النبي (ص) .
                    • الموضوع : رد استدلال ابن حجر باية (يا أيُّها النَّبيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنينَ) على عدالة الصحابة .

رد استدلال ابن حجر باية (يا أيُّها النَّبيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنينَ) على عدالة الصحابة

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى: (يا أيُّها النَّبيُّ حَسْبُكَ الله ُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنينَ) (1).

في هذه الآية تطييب لخاطر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّ الله حسبه أي كافيه وناصره ومؤيده على عدوه، واختلف في بيان المقصود من ذيل الآية، فقال مجاهد: (حسبك الله والمؤمنون) (2)، فجعل المؤمنين معطوفين على الله تعالى، فالله تعالى والمؤمنون هم الذين ينصرون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويؤيدوه.وذهب ابن كثير إلى جعل المؤمنين معطوفين على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنّ الله تعالى ناصرهم ومؤيدهم فقال: (يخبرهم أنّه حسبهم، أي كافيهم وناصرهم ومؤيدهم على عدوهم) (3).وذكر العلاّمة الطباطبائي كلا الرأيين ورجَّحَ الرأي الاَول (4).وهنالك قرينة تدل على ترجيح الرأي الاَول، وهي قوله تعالى: (...فإنَّ حَسْبَكَ الله ُ هو الذي أيَّدَكَ بنصرِهِ وبالمؤمنين) (5). والآية تسمّي من كان مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمؤمنين سواء كان الله تعالى ناصره وناصرهم، أو كان الله والمؤمنون ناصرين له صلى الله عليه وآله وسلم، ولا دلالة على أكثر من ذلك. وقد ذهب الخطيب البغدادي وابن حجر العسقلاني إلى أنّ الآية تدل على ثبوت عدالة الصحابة أجمعين وطهارتهم (6). وجعلوا الآية شاملة لجميع الصحابة حتى الذين لم يشتركوا في أي غزوة من الغزوات، وهذا التعميم بحاجة إلى دليل، ولا يكفي أن نقول: إنَّ العبرة بعموم اللفظ لابخصوص المورد، فالآية قد نزلت في مورد خاص وفي معركة بدر بالخصوص، فكيف نعمّمها على جميع الصحابة حتى الذين كانوا يقاتلون في صف المشركين ثم أسلموا فيما بعد؟ وتسالم المفسرون على نزول الآية في مورد خاص وهو غزوة بدر، وفي جماعة خاصة من الصحابة، وهم الصحابة الاَوائل الذين اشتركوا في الغزوة ولم يتخلّفوا، لا في مطلق الصحابة. فقيل: أنّها نزلت في الاَنصار (7). وقيل: أنّها نزلت في الاَربعين الذين أسلموا في بداية البعثة (8). وعن الاِمام محمد الباقر (عليه السلام): «أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب» (9). والجامع المشترك لهذه الآراء أنّها نزلت في الصحابة الذين شاركوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في القتال. وبهذا يتضح عدم صحة ما ذهب إليه الخطيب البغدادي وابن حجر العسقلاني من شمولها لجميع الصحابة فرداً فرداً، فالمتسالم عليه أنّ عدد الصحابة الذين اشتركوا في غزوة بدر كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر، أمّا بقية الصحابة الذين أسلموا فيما بعد وخصوصاً بعد فتح مكة، فقد كان بعضهم في صفوف المشركين الذين قاتلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكيف تشملهم الآية التي نزلت لتطييب خاطر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإبلاغه بأنّ الله تعالى كافيه وناصره على أعدائه الذين جمعوا له للقضاء عليه وعلى رسالته، وجميعهم من الصحابة الذين أسلموا فيما بعد، كمعاوية، وعمرو بن العاص، وخالد بن الوليد وغيرهم ! ومع نزول الآية في الصحابة الاَوائل، إلاّ أنّها مشروطة بحسن العاقبة، وهذا كلّه بحسب الاَقوال والآراء في معنى الآية ونزولها. أمّا بالنظر إلى ما قدّمناه فإنّ الآية المباركة تقول للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (حَسْبُكَ الله ُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنينَ) وهل يعمّ هذا اللسان غير «الذين آمنوا» من «الذين في قلوبهم مرض» ومن «المنافقين» ؟!

 

 (1) سورة الانفال 8: 64.

(2) الدر المنثور 4: 101.

(3) تفسير القرآن العظيم 2: 337.

(4) الميزان في تفسير القرآن 9: 121.

(5) سورة الانفال 8: 62.

(6) الكفاية في علم الرواية: 46. والاِصابة في تمييز الصحابة 1: 6.

(7) التفسير الكبير 15: 191. والدر المنثور 4: 101.

(8) أسباب النزول، للسيوطي: 183. والدر المنثور 4: 101.

(9) شواهد التنزيل، للحسكاني 1: 230.

 

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=1681
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 07 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12